إلى تلك الأكباد الحرّة والأحشاء العطشى،
إلى الشفاه الذابلة والأجسام الذاوية،
التي قضت عذابًا تحت سطوة الحرب والفقر واليُتم.
إلى قبر اليراعات، قبر أمُي، وقبري.
إلى الشفاه الذابلة والأجسام الذاوية،
التي قضت عذابًا تحت سطوة الحرب والفقر واليُتم.
إلى قبر اليراعات، قبر أمُي، وقبري.
القِصة مُقتبسة من واقعة حدثت في اليابان في أواخر أيام الحرب العالمية الثانية عام 1945 للكاتب "أكيوكي نوكاسا" حيث خَسر الكاتب عائلته بالكامل في ذلك الوقت، تم نشر روايته بإسم "قبر اليراعات" كإعتذار شخصي لأخته كيكو بِشأن وفاتها عام 1967، وإنتاج الأحداث في فيلم أنمي عام 1988، وإقتباسه في فيلم آخر يحمل مثل الإسم عام 2005، ولهذا السبب فاليراعات هو شي عظيم ومُحزن في آنٍ واحد لدى اليابانيون، تم تغيير إسماء الشخصيات فتم تسميه الكاتب بإسم سيتا وشقيقته سيتسوكو.
- نُبذة عن المؤلف وصاحب القِصة :
ولد نوساكا في مدينة كاماكورا عام 1930 واختبر طفولة صعبة، ذلك أن والدته توفّيت عندما رأى النور، في حين قتل الرجل الذي تبناه في غارة جوّية في مدينة كوبي في نهاية الحرب العالمية الثانية. وأضيفت إلى تلك الحوادث الأليمة وفاة شقيقته الأكبر وشقيقته الأصغر سنًا. والحال أن الكاتب نوساكا واجه الألم الناتج من هذه التجارب في روايته شبه الذاتية "مقبرة اليراعات" التي أَصدرها في سن السابعة والثلاثين ليحصد بفضلها جائزة "ناوكي الأدبية" عام 1967. وأوضح نوساكا ذلك قبر اليراعات هي "قصة انتحار مزدوج" وفي حين لم تحظَ هذه الرواية بإنتشار واسع خارج اليابان، جرى اقتباسها في 1988 في إطار شريط من الرسوم المتحرّكة لتنال من خلاله التهليل العالمي. وتعرّض نوساكا في 2003 لنوبة قلبية أدت إلى ملازمته بيته مذّاك. والحال أن غياب نوساكا حلّ كفاجعة على محبّيه تولت تذكير الجميع، على نسق ما فعلت نصوص الكاتب، بقيمة هذه الحياة. وتوفّي عن سن الخامسة والثمانين تاركًا خلفه مُعاناة إستغرقت سنين.
ولد نوساكا في مدينة كاماكورا عام 1930 واختبر طفولة صعبة، ذلك أن والدته توفّيت عندما رأى النور، في حين قتل الرجل الذي تبناه في غارة جوّية في مدينة كوبي في نهاية الحرب العالمية الثانية. وأضيفت إلى تلك الحوادث الأليمة وفاة شقيقته الأكبر وشقيقته الأصغر سنًا. والحال أن الكاتب نوساكا واجه الألم الناتج من هذه التجارب في روايته شبه الذاتية "مقبرة اليراعات" التي أَصدرها في سن السابعة والثلاثين ليحصد بفضلها جائزة "ناوكي الأدبية" عام 1967. وأوضح نوساكا ذلك قبر اليراعات هي "قصة انتحار مزدوج" وفي حين لم تحظَ هذه الرواية بإنتشار واسع خارج اليابان، جرى اقتباسها في 1988 في إطار شريط من الرسوم المتحرّكة لتنال من خلاله التهليل العالمي. وتعرّض نوساكا في 2003 لنوبة قلبية أدت إلى ملازمته بيته مذّاك. والحال أن غياب نوساكا حلّ كفاجعة على محبّيه تولت تذكير الجميع، على نسق ما فعلت نصوص الكاتب، بقيمة هذه الحياة. وتوفّي عن سن الخامسة والثمانين تاركًا خلفه مُعاناة إستغرقت سنين.
- القصة الحقيقية :
يعيش الكاتب مع عائلته في منزلٍ بسيط في القرية، يمتلك أُختان هو الأوسط بينهم كان عمره آنذاك 14 وأخته الصغرى 4 سنوات، والده بالتبني يعمل في القوات البحرية أما والدته فهي ترعانهم، توفيت أخته الكبرى نتيجة مرضٍ مُعين حينها كانا ببداية الحرب، أصوات الصواريخ والطائرات والإنذار، لا شيء آمن، حين كان يتم طرق جرس الإنذار ويُصبح الوضع مُربك والطائرات تقصف في القرية وسُكان القرية يُصيبهم الذهول والخوف الشديد والهروب، تطلب والدته منه سريعًا أن يأخذ شقيقته الصغرى على ظهره ويذهب بها عند شجرة مُعينة بعيدة عن قريته وبالقرب من منزل عمته، وهي تأتي لاحقًا مع مُستلزماتهم للجلوس في منزل عمته بضعه ساعات إلى أن يهدأ الوضع كالمُعتاد، يقع منزل عمته في قرية هادئة نوعًا ما، أو بالأحرى يوجد بها أمان، حمل أخته الصغرى على ظهره، وهام في الأزقّة وأنتظر ولكن ومع الأسف نجى هو وشقيقته أما والدته فلقت حتفها حينها، تم إطلاق صاروخ على منزلهم ودُمرَ بالكامل وأصبح من الصعب التعرف على جثتها تحت كل هذا الرُكام، لفّوها بضمادٍ أبيض، رموا جسد الأم في حفرة بِجانب جثث كثيرة، هجمها الدود وتم حرقها، كيف يقول لطفلة في الرابعة إنّ أمّها باتت رمادًا في صندوق؟. أصبحت أخته تحت مسؤوليته الآن حتى لو كان ذلك يعني إخراج عدو من العالم، فقرر المكوث عند عمته إلى أن تنتهي الحرب، في وقت من الأوقات تلقى استقبالًا جيدًا من عمته لجعل نفسه مصدرًا لطعام أخته، وعندما تهينه عمته لا يتصرف بطريقة رزينة وبدلاً من ذلك ينسحب من الموقف، كانت شقيقته مدللة إلى حدٍ ما بالنسبة لطفلة في زمن الحرب، تعمل شقيقته كدعم الروحي لأخيها بينما تعتمد عليه للتغذية، بيت الأقارب بارد، وعمته لا تملك ذرة من الرحمة، تتأفف، دائمًا ما تُهينه وتأخذ منه النقود من أجل الطعام، لا تُريدهما، تستثقل إطعام أبناء من ماتوا بالحرب إلى أن طردتهم من المنزل ليُمكث مع شقيقته في كهف مُظلم مليئ بالحشرات، البيوت تحترق، الناس تتشرّد، ومأساة تتوالد منها مآسٍ، لحظة الحريق موتٌ يتمدّد، تمسح النيران المنازل والصور. لا يعرف الناجي إن كان الوقت مناسبًا للبكاء، يُلملم ما تبقّى، كلّ الأشياء لم تعُد نافعة، لا الأواني، ولا الكيمونو، ولا الأحذية، ولا آلات الموسيقى، ولا المدّخرات في المصرف، لا يعرف الناجي إن كان الوقت مناسبًا ليتحسّس رأسه، أو ليشعر بالألم. آخرون ماتوا أيضًا، وغيرهم نجا، ولم يكن ذلك بيد أيّ منهم. النيران تلتهم البيوت، والأمهات، والصور. يصبح الناس رمادًا، ويهبط النسيان، وتعلو فوقه أضواء المدينة. ولحظة الموت تنفجر، وتتشظّى، كولادة الكون، لا شيء يردعها، لا الأحضان، ولا الحلوى المعدنية، ولا اليراعات. يُصبح الموتى عشبًا داشرًا، زمانًا آخر، رمادًا. يُنسَوْن كأنّهم لم يكونوا، نُنسى كأنّنا لم نكن، تباع أثوابهم مقابل أكياس أرزّ، يكنسون غبارهم من الشوارع، يشطفون الدماء بالماء. هو مُذنب، وُلِدَ بل تفكير، لا يكفي أن يحمل أخته على ظهره، ويركض بها هربًا من القذائف، كي يكون أخًا صالحًا. لا يكفي أن يسرق محاصيل غير ناضجة ليُطعمها. لا يكفي أن يُغطّسها بمياه البحر ليردع الحشرات عن نهش جلدها. هو مسكين، عاجز، لا ذنب له في الحرب، لا حلول، لا مفرّ. ينتظر نهايةً تتأخّر، تقسو القلوب، يهزأ بإحتمالات النجاة. هل كان أمامه خيارات أخرى، والإمبراطورية تنهار!. هو وُلِدَ بلا حيلة. يبعث برسائل، ولا ردّ. الطعام لا يكفي، والصغيرة تبكي، صوتها يسبّب الصرع، يحتضن الكاتب أخته، لكنّها جائعة، الحضن لا ينجّي من الموت، تفهمت الطفلة وحدها أن اليراعات تُضيء في المساء، وتنطفئ في الصباح، وأن الليل بينهم قصير، وأن ذلك أمرٌ مُحزن، وأن الموت يستدعي البُكاء، تحفر قبرًا صغيرًا أمام الملجأ، وتدفن فيه اليراعات المنطفئة. تسأله: "لماذا تموت اليراعات باكرًا؟". وقالت أيضًا "إنه قبر، أمي أيضًا مدفونة داخل قبر، العمة أخبرتني بذلك، قالت لي بأن أمي ماتت ووضعوها داخل قبر". وعند نهاية الحَرب توفيت شقيقته بسبب سوء التغذية، وانسحبت القوات البحرية بحيث تم استسلامهم غير المشروط، ولكن تم تفجير جميع السُفن وبما فيهم سفينة والده، توفي أثناء القصف بالقنابل الحارقة، إنتهت الحَرب وهو إنطفأ وحيدًا في محطة القِطار.
يعيش الكاتب مع عائلته في منزلٍ بسيط في القرية، يمتلك أُختان هو الأوسط بينهم كان عمره آنذاك 14 وأخته الصغرى 4 سنوات، والده بالتبني يعمل في القوات البحرية أما والدته فهي ترعانهم، توفيت أخته الكبرى نتيجة مرضٍ مُعين حينها كانا ببداية الحرب، أصوات الصواريخ والطائرات والإنذار، لا شيء آمن، حين كان يتم طرق جرس الإنذار ويُصبح الوضع مُربك والطائرات تقصف في القرية وسُكان القرية يُصيبهم الذهول والخوف الشديد والهروب، تطلب والدته منه سريعًا أن يأخذ شقيقته الصغرى على ظهره ويذهب بها عند شجرة مُعينة بعيدة عن قريته وبالقرب من منزل عمته، وهي تأتي لاحقًا مع مُستلزماتهم للجلوس في منزل عمته بضعه ساعات إلى أن يهدأ الوضع كالمُعتاد، يقع منزل عمته في قرية هادئة نوعًا ما، أو بالأحرى يوجد بها أمان، حمل أخته الصغرى على ظهره، وهام في الأزقّة وأنتظر ولكن ومع الأسف نجى هو وشقيقته أما والدته فلقت حتفها حينها، تم إطلاق صاروخ على منزلهم ودُمرَ بالكامل وأصبح من الصعب التعرف على جثتها تحت كل هذا الرُكام، لفّوها بضمادٍ أبيض، رموا جسد الأم في حفرة بِجانب جثث كثيرة، هجمها الدود وتم حرقها، كيف يقول لطفلة في الرابعة إنّ أمّها باتت رمادًا في صندوق؟. أصبحت أخته تحت مسؤوليته الآن حتى لو كان ذلك يعني إخراج عدو من العالم، فقرر المكوث عند عمته إلى أن تنتهي الحرب، في وقت من الأوقات تلقى استقبالًا جيدًا من عمته لجعل نفسه مصدرًا لطعام أخته، وعندما تهينه عمته لا يتصرف بطريقة رزينة وبدلاً من ذلك ينسحب من الموقف، كانت شقيقته مدللة إلى حدٍ ما بالنسبة لطفلة في زمن الحرب، تعمل شقيقته كدعم الروحي لأخيها بينما تعتمد عليه للتغذية، بيت الأقارب بارد، وعمته لا تملك ذرة من الرحمة، تتأفف، دائمًا ما تُهينه وتأخذ منه النقود من أجل الطعام، لا تُريدهما، تستثقل إطعام أبناء من ماتوا بالحرب إلى أن طردتهم من المنزل ليُمكث مع شقيقته في كهف مُظلم مليئ بالحشرات، البيوت تحترق، الناس تتشرّد، ومأساة تتوالد منها مآسٍ، لحظة الحريق موتٌ يتمدّد، تمسح النيران المنازل والصور. لا يعرف الناجي إن كان الوقت مناسبًا للبكاء، يُلملم ما تبقّى، كلّ الأشياء لم تعُد نافعة، لا الأواني، ولا الكيمونو، ولا الأحذية، ولا آلات الموسيقى، ولا المدّخرات في المصرف، لا يعرف الناجي إن كان الوقت مناسبًا ليتحسّس رأسه، أو ليشعر بالألم. آخرون ماتوا أيضًا، وغيرهم نجا، ولم يكن ذلك بيد أيّ منهم. النيران تلتهم البيوت، والأمهات، والصور. يصبح الناس رمادًا، ويهبط النسيان، وتعلو فوقه أضواء المدينة. ولحظة الموت تنفجر، وتتشظّى، كولادة الكون، لا شيء يردعها، لا الأحضان، ولا الحلوى المعدنية، ولا اليراعات. يُصبح الموتى عشبًا داشرًا، زمانًا آخر، رمادًا. يُنسَوْن كأنّهم لم يكونوا، نُنسى كأنّنا لم نكن، تباع أثوابهم مقابل أكياس أرزّ، يكنسون غبارهم من الشوارع، يشطفون الدماء بالماء. هو مُذنب، وُلِدَ بل تفكير، لا يكفي أن يحمل أخته على ظهره، ويركض بها هربًا من القذائف، كي يكون أخًا صالحًا. لا يكفي أن يسرق محاصيل غير ناضجة ليُطعمها. لا يكفي أن يُغطّسها بمياه البحر ليردع الحشرات عن نهش جلدها. هو مسكين، عاجز، لا ذنب له في الحرب، لا حلول، لا مفرّ. ينتظر نهايةً تتأخّر، تقسو القلوب، يهزأ بإحتمالات النجاة. هل كان أمامه خيارات أخرى، والإمبراطورية تنهار!. هو وُلِدَ بلا حيلة. يبعث برسائل، ولا ردّ. الطعام لا يكفي، والصغيرة تبكي، صوتها يسبّب الصرع، يحتضن الكاتب أخته، لكنّها جائعة، الحضن لا ينجّي من الموت، تفهمت الطفلة وحدها أن اليراعات تُضيء في المساء، وتنطفئ في الصباح، وأن الليل بينهم قصير، وأن ذلك أمرٌ مُحزن، وأن الموت يستدعي البُكاء، تحفر قبرًا صغيرًا أمام الملجأ، وتدفن فيه اليراعات المنطفئة. تسأله: "لماذا تموت اليراعات باكرًا؟". وقالت أيضًا "إنه قبر، أمي أيضًا مدفونة داخل قبر، العمة أخبرتني بذلك، قالت لي بأن أمي ماتت ووضعوها داخل قبر". وعند نهاية الحَرب توفيت شقيقته بسبب سوء التغذية، وانسحبت القوات البحرية بحيث تم استسلامهم غير المشروط، ولكن تم تفجير جميع السُفن وبما فيهم سفينة والده، توفي أثناء القصف بالقنابل الحارقة، إنتهت الحَرب وهو إنطفأ وحيدًا في محطة القِطار.