السؤال
إن ناسًا تكلموا في عرضي -أنا وزوجتي- أمام كثير من الناس، وانتشر الخبر بشكل فظيع، وعند المواجهة حلفوا على المصحف أنهم لم يتكلموا، وهذا يمين كاذب بوجود الشهود، فماذا أفعل؛ لأن الوضع سيئ للغاية؟
الإجابــةالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد احتاط الشرع في أمر الأعراض، وجعل الخوض فيها بغير حق من أكبر الكبائر، وحكم على قاذف المحصنات بالجلد، ورد شهادته ووصفه بالفسق، فمن رمى محصنًا معينًا بفعل الفاحشة، ولم يأت بأربعة شهداء على ذلك، فمن حق المقذوف أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليقيم على القاذف الحدّ ثمانين جلدة، وانظر الفتوى رقم: 126407.
فإن كان معكم بينة بقذف هؤلاء الناس لكم، فمن حقكم رفع الأمر إلى القاضي الشرعي ليقيم عليهم حدّ القذف، ولا عبرة حينئذ بحلفهم، ما دام القذف قد ثبت عليهم بالبينة.
أما إذا لم تكن معكم بينة على القذف، فقد اختلف أهل العلم في استحلاف القاضي من أنكر القذف حيث لا بينة، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: وإن ادعى على رجل أنه قذفه، فأنكر، لم يستحلف، وبه قال الشعبي، وحماد، والثوري، وأصحاب الرأي، وعن أحمد ـ رحمه الله ـ أنه يستحلف، حكاها ابن المنذر، وهو قول الزهري، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولكن اليمين على المدعى عليه»، ولأنه حق لآدمي، فيستحلف فيه كالدين، ووجه الأولى: أنه حد، فلا يستحلف فيه، كالزنا والسرقة، فإن نكل عن اليمين، لم يقم عليه الحد؛ لأن الحد يدرأ بالشبهات، فلا يقضى فيه بالنكول، كسائر الحدود.
والذي ننصح به إن لم تكن هناك مصلحة راجحة في رفع الأمر إلى القضاء، أن تعفوا، وتصفحوا عن هؤلاء الناس، حتى إذا ثبت وقوعهم في القذف، فإنّ العفو عن المسيء خلق كريم، يزيد صاحبه عزًّا وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :.وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}.
والله أعلم.