الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الصورة مرسومة باليد فلا يجوز طلب فعلها ولا الاحتفاظ بها للميت ولا لغيره، لدخولها في الصور المحرمة، وإن كانت فوتوغرافية، وهي التي تعمل بالكاميرا الآن، فإنها محل خلاف بين أهل العلم من المعاصرين، فمن منعها نظر إلى عموم الأحاديث المانعة من التصوير مثل قوله عليه الصلاة والسلام: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. متفق عليه من حديث أبي طلحة رضي الله عنه، وقوله: إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون. رواه مسلم، وقوله: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم. متفق عليه. ومثل حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أن لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
وقال أهل هذا القول: إن العلة في تحريم ذلك أنها مضاهاة لخلق الله.
وعليه؛ فيحرم عندهم كل أنواع التصوير باستثناء الضروري كالبطاقة الشخصية ونحوها.
ومن أجازها قال: إن التقاط الصورة بالآلة أو بالفيديو ليس مضاهاة لخلق الله؛ وإنما هو من باب نقل صورة صورها الله عز وجل بواسطة هذه الآلة، فهي انطباع لا فعل للعبد فيه من حيث التصوير.
وقال أيضاً إن الأحاديث الواردة في النهي عن التصوير إنما هي التي تكون بفعل العبد ويضاهي بها خلق الله، وإذا لم تدع الحاجة إلى هذا النوع من التصوير فلا شك أن الأولى تركه بعداً عن الشبهة وخوفاً من أن يكون مما هو داخل تحت عموم الأحاديث الدالة على النهي عن التصوير والتنفير منه.
ثم إن محل الخلاف هو ما إذا لم تكن الصورة قد أخذت مما لا يجوز النظر إليه، فإن أخذت مما لا يجوز النظر إليه، كتصوير النساء لغير ضرورة، وأشد منه تصوير العورات... فإن التصوير حينئذ لا يجوز بحال، بل هو إثم عظيم وباب شر وفتنة، ولا فرق في كل ذلك بين الميت وبين غيره.
ولكن الأولى للميت أن ينشغل أهله بالدعاء له والصدقة عنه، فإن ذلك هو الذي ينفعه، لا الاحتفاظ بصورته، هذا مع أن الاحتفاظ بصورة الميت قد يؤدي في النهاية إلى تعظيم صاحب الصورة ثم إلى عبادته في مراحل لاحقة وإن كانت بعد قرون، فلا ينبغي أن يختلف في منع الاحتفاظ بصورة الموتى سدا لهذه الذريعة.
والله أعلم.