للنيَّة عدة معانٍ يمكن أن ترادَ منها:
1ـ النية اللفظية: وهو ما قد ينطقه الإنسان عند إرادة الدخول في الصلاة أو بعض أفعال الحجّ.
2ـ الإخطار الذهني: بمعنى تذكُّر واستحضار مضمون النية اللفظية بدون نطقِها.
3ـ القصد: هو أن تعرف انك ماذا تفعل، بحيث لو سئلت عنه أمكنك الجواب، وهذا المعنى شاملٌ لكلِّ الأفعال الإختيارية القصدية أو المتعمدة.
وبهذا المعنى قد يفسر ما ورد من [أنَّ الأعمال بالنيات][[1]]. أي بالقصود، وكلُّ عملٍ لا قصد فيه فهو خالٍ من النية.
4 ـ الهدف أو الإستهداف: وهو ما يقصده الفرد في عمله كنتيجةٍ نهائية، فإن كان الهدف صالحاً قيل : إنَّ النية صالحة، وإن كان الهدف سيئاً قيل : إنَّ النية سيئة.
وبهذا المعنى ورد [لكلِّ امرئٍ ما نوى][[2]]، أي ما يستهدفه. فإن استهدف خيراً رأى خيراً، وإن استهدف شراً رأى شراً، وعاد الوبالُ عليه.
5 ـ الباطن أو المحتوى الداخليُّ للإنسان ، أو قل: النفس أو القلب، فمن كانت نفسه صافيةً وقلبه طاهراً فنيته حسنة، ومن كانت نفسه خبيثةً وقلبه غليظاً فنيته سيئة.
وبهذا المعنى ورد: [إنَّ نية المؤمن خيرٌ من عمله، و عموماً، وليس فقط بالشيء المتزايد منها، كما في الوجه السابق.
وبذلك ينبغي الإقتصار على ضروريات الحياة والقناعة بها عن الباقي، لتكون النية خالصة. وكلُّ عملٍ زاد على ذلك فهو عن نيةٍ سيئة.
وهذه القناعة لا يمكن أن تحصل عبثاً، وإنما تحصل لأجل الحصول على الجانب الآخر من الحياة، بمعناها الأوسع والأكبر، وهو الجانب الأخروي.
7ـ أن يقصد الفرد بعمله تحصيلَ غفران الله سبحانه وتعالى لذنوبه وستره لعيوبه.
8ـ أن يقصد الفرد بعمله تحصيل رضوان الله سبحانه وليس الغفران فقط، كما في الوجه السابق. لوضوح أنَّ درجة الرضوان أعلى من درجة الغفران.
وسيأتي عن قريبٍ بعونه سبحانه معاني التقرب إلى الله سبحانه، فيكون كلُّ عملٍ قصد به أيُّ معنى من معاني التقرب ذا نيةٍ خالصة، وبخلافه يكون ذا نيةٍ مشوبةٍ أو سيئة.
الفقرة (3): العبادات بالمعنى الأعمّ
الأعمال الحسنة والنافعة للنفس وللآخرين عموماً، هي من العبادات المرضية لله سبحانه وتعالى. ولكن إذا قصد منها ذلك، أعني رضاء الله سبحانه وتعالى، فستكون أفضل. وأما بعض الأعمال، فهي لا تصحُّ إلا بقصد القربة، وبدونها تكون باطلةً،