كيف كانت تتم إزالة المياه البيضاء في الماضي؟
إزالة المياه البيضاء “الكتاركت” كانت تتم في الماضي بعمل فتحة جراحية في المنطقة ما بين الصلبة والقرنية، وذلك بعد سحب الملتحمة للخلف، وعندما يصل الجراح إلي منطقة العدسة البلورية كان يتم إزالة الحفاظ الأمامي للعدسة واستخراج نواتها من المحفظة ثم من الفتحة الجراحية “حوالي 1 سم ” إلي خارج العين، ويقوم الجراح بغسيل بقية العتامة الموجودة داخل المحفظة عن طريق أنبوب به فتحتين إحداهما تقوم بشفط المياه البيضاء، والأخري تضخ ماء شفافاً داخل العين..
وبعد الانتهاء من هذه الخطوة يتم زرع عدسة صلبة داخل العين، ويقفل الجرح بغرز دقيقة ثم تعاد الملتحمة إلي مكانها بواسطه عمل غرز دقيقة أيضاً.
وكان المريض يمكث في المستشفي عدة أيام.. ولكنه قد يعاني من وجود احمرار “مكان غرز الملتحمة” ودموع وإحساس بوجود غرز في العين.
وكانت هذه الغرز تؤدي إلي حدوث ما يعرف بالاستجماتيزم “وهو عدم تساوي تحدب القرنية في جميع الاتجاهات” مما كان يؤدي إلي احتياج المريض لنظارة تعالج الاستجماتيزم، ناهيك عن قائمة طويلة من المحظورات مثل عدم الانحناء وعدم حمل أشياء ثقيلة وتجنب الحزق والسعال الشديد إلي آخره.
كما كانت تستلزم هذه الطريقة مخدراً عاماً وكلياً أو مخدراً موضعياً عن طريق وخز المريض أمام الأذن لشل حركة الجفن ووخزه حول وخلف العين لشل حركة عضلات العين وتخدير الألم بها.
ولما كان أغلب مرضي المياه البيضاء من كبار السن “وهم يعانون من انتشار أمراض السكر والضغط والقلب والكلي والكبد”، فإن استخدام المخدر العمومي يحمل مخاطر لهم ويحتاج إلي قائمة طويلة من الفحوص للتأكد من خلوهم من هذه الأمراض.
وكان استخدام المخدر الموضعي يحمل كثيراً من القلق النفسي للمريض وانتظاره لاختراق حقنة المخدر خلف عينيه وأمام أذنيه، إلا أن هذه الطريقة كانت هي الشائعة في إزالة المياه البيضاء، وبالرغم من وجود هذه الفتحة الجراحية الكبيرة كان يهدد في بعض الحالات ببروز القزحية خارج العين وحدوث نزيف داخل العين.
- متي يجب إزالة المياه البيضاء؟
في الماضي كان طبيب العيون يطلب من مريض المياه البيضاء أن يؤجل إزالتها حتي تنضج، وعلي حسب التعبير الشائع “تستوي” وذلك عندما كانت تتم إزالتها بالجراحة، ولكنني أؤكد وبشدة علي أن المياه البيضاء يجب أن تزال مبكراً جداً وبمجرد أن يشعر المريض بأعراضها
حيث إن الوقت الذي تستغرقه الموجات الصوتية لإزالة العدسة ذات المياه البيضاء المبكرة أقصر بكثير من الوقت الذي تستغرقه عملية إزالة العدسة ذات المياه البيضاء الناضجة مما يطيل من فترة النقاهة وعدم تحسن النظر مباشرة، وذلك لحدوث بعض الارتشاح في قرنية العين عندما يطول استخدام الموجات فوق الصوتية عن دقيقة أو دقيقة ونصف.
لذا أكرر وأنصح بشدة مرات ومرات بإزالة المياه البيضاء مبكراً، والواقع أنني قابلت في حياتي المهنية أشخاصا كثيرين ممن انتظروا علي إزالة المياه البيضاء لفترات طويلة لاعتقادهم الخاطئ بوجود قطرات توقف نمو المياه البيضاء وتعالجه فيؤجلون وقت إجراء العملية حتي يحين الوقت الذي يأخذون قراراً بإجرائها ويجدون أنها أسهل مما كانوا يتصورون
لذا فإنني أطلب من مريض المياه البيضاء الذي لم يجر العملية بعد أن يتناقش مع مريض آخر أجراها حديثا ليعرف منه كيف أجراها وبما شعر أثناء وبعد العملية.
- هل تعود المياه البيضاء مرة أخري؟
هذا هو السؤال الملح والشائع جدا بين المرضي، وما يؤكده الواقع أنه لا يمكن أن تعود المياه البيضاء مرة أخري بعد إزالتها، لأن نواة العدسة وأنسجتها وأليافها المصابة بالعتامة قد أزيلت ويتم تنقيتها ويتبقي من العدسة المحفظة الشبيهة بقشرة حبة الترمس.
كما أن الجزء الأمامي من المحفظة أو ما يطلق عليه “الحفاظ الأمامي للعدسة” يزال جزء دائري منه قطره من 5-6 ملم، ولا يتبقي من المحفظة إلا الجزء الطرفي من الحفاظ الأمامي وأيضا الحفاظ الخلفي بأكمله، علماً بأن العدسة اللينة المزروعة داخل المحفظة تفصل الحفاظ الأمامي عن الخلفي ثم تزحف بعض الخلايا وتواصل نموها علي الحفاظ الخلفي مما يؤدي إلي بعض التعتيم الذي يؤثر علي حدة الإبصار مما يدعو المريض إلي الاعتقاد خطأً بأن المياه البيضاء قد ارتجعت.
ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن النسبة التي تحدث فيها عتامة الحفاظ الخلفي ضئيلة مقارنة بحالات المياه البيضاء المزالة والتي لا تحدث بها تلك العتامات. وثانيا وهو الأهم .. فإن علاج تلك الحالة من تعتيم الحفاظ الخلفي يتم عن طريق فتحه بشعاع يسمي الياج ليزر “YAG Laser” في أقل من دقيقة واحدة دون الحاجة لغرفة عمليات أو حتي إلي استخدام أي مخدر.
ومن خلال ممارستي لجراحة العيون سمعت الكثير من المصطلحات المبتكرة سواء من المرضي أو الأطباء لوصف هذه الحالة المعروفة بعتامة الحفاظ الخلفي للعدسة البلورية، فهناك قائل بأنها مسح بالليزر، وآخر يقول إنها تلميع السطح الخلفي للعدسة بالليزر، أو عمل شباك بالحفاظ الخلفي إلخ…
وفي بعض الأحيان إذا احتاج المريض لهذا الإجراء فإنه قد يعاني من رؤية “الذبابة الطائرة”، وتفسير ذلك أن بعض أجزاء الحفاظ الخلفي للعدسة تتناثر في الجسم الزجاجي وعند تحركها يتحرك ظلها علي الشبكة فتعطي المريض هذا الإحساس الذى يزول بعد فترة عندما تمتص هذه الأجزاء. طبيبي اون لاين