بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
فقد كان من عادات الشعب السلتي - وهو شعب كان موطنه وسط أوروبا ومن هناك انتشر في سائرها-أن يجعل لكل شهر قمري شجرة, وكانوا قد اختاروا شجرة وهي المعروفة عندهم بالشجرة السحرية وجعلوها لها يوم 24 من دجنبر، (1) وهو يوم إعادة ولادة الشمس في معتقداتهم.
ولما طرق المسيحية أبواب هذه المجتمعات كان لابد من مراعات مثل هذه الأأمور التي لا يمكن نزعها من قلوب معتقديها بسهولة فآثر الرهبان ودعاة المسيحية موادعة تلك المجتمعات على مخالفتهم بأن صبغت معتقداتهم بصبغة مسيحية, فجعلوا المسيح هو الشمس فتمكنوا من استدراجهم إلى المسيحية. ولذلك يحتفل بمولد عيسى في اليوم نفسه.
ثم تطور شكل الاحتفال بالشجرة على مراحل.
* ففي القرن الحادي عشر كان المسيحيون يحتفلون في ذلك اليوم, ويجعلون شجرة الأرز رمزا لذه ,حيث يعلقون عليها ثمار التفاح إشارة إلى شجرة الجنة التي أكل منها آدم وحوا ء في معتقداتهم
ولأنه في التقويم القديم للقديسين عن النصارى يوافق 24 من دجنبر يوم آدم وحواء وكان أمرا مقننا عند الكنيسة الأرثودوكسية الشرقية.
* وفي القرن الثاني عشر ظهرت طقوس الشجرة بشكل واضح في أوروبا وبالخصوص في ألزاس بحيث كانوا يعمدون إلى قطعها ثلاثة أيام قبل الاحتفال وكانوا يزينونها بالتفاح لما أشرت إليه سابقا.
وترمز الشجرة عند المسيحيين ايضا إلى العذراء مريم ولذلك يزينونها بالورود.
* وفي سنة 1521 اعتبرت الشجرة شجرة نويل أو شجرة المسيح لأول مرة في ألزاس , وتوجد وثائق تدل على وجود عيد عندهم يحتفلون فيه في يوم 24 دجنبر من كل عام.
وتوجد وثائق أيضا تحكي احتفال التجار في ليتوانيا وريجا ورقصهم حول الشجرة في 24 من دجنبر من عام 1510.
* وفي عام 1546 اتخذ الاحتفال بشجرة نويل بجدية حيث رخص للناس في مدينة سيليستات في ألزاس بقطع الاشجار الخضراء للاحتفال بها لنويل خلال ليلة القديس طوماس في 21 من دجنبر
كانت تضاء في القرن السابع بالشموع.
* ثم بالمصابيح في القرن الثامن عشر إلا أن ذلك كان محصورا في العائلات الغنية لغلاء المصابيح حينها وانتقلت طقوس الاحتفال بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في البيت الأبيض ودخلت قصر فرساي على يد الملكة ليزينسكا زوجة لويس الخامس عشر سنة 1738.
ثم وصلت إلى كندا في نهاية القرن الثامن عشر قبل أن تنتشر في بريطانيا بشكل مُوسّع.
* وفي القرن التاسع عشر أخذت الشجرة موقعها النهائي في الطقوس المسيحية في احتفالات عيد الميلاد .من ذلك دخولها إلى قصر (وينسور) على يد الملكين فكتوريا وزوجها المملك ألبير,
ثم عمم الاحتفال بها بعد حرب 1870 في كل بلاد النصارى.
* وظهرت كرة نويل التي تعلق في الشجرة معوضة للتفاح لقلة التفاح أو ندرته أو عدمه في الشتاء في تلك البلدان وكانت فكرة أحد الصناع الحرفيين.
*وكانت الكنيسة قبل تعتبر الاحتفال بالشجرة طقسا وثنيا ماسونيا إلى أن تغير هذا في حدود أواسط القرن العشرين.
* ثم ركبت على الشجرة نجمة إشارة إلى النجمة التي اهتدى بها الملوك السحرة الثلاثة للوصول إلى عيسى عند ولادته.
* ومن ثم بدأت طقوس الشجرة تغزو المجتمعات البروتستانتية في ألمانيا الشمالية وكبار المدن واحتلت مكانا مرموقا عند الكنيسة.
هذا ما استطعت جمعه وتنسيقه، والله الموفق.
كتبه طارق بن عبد الرحمن الحمودي
جزى الله الأخ الفاضل كاتب المقال ونفع بعلمه.