(فروا منه إليه )
إذا اشتدت علينا الدنيا
, وضاقت صدورنا , وأظلمت الخطوب بنا
, فليس لنا إلا هو سبحانه
إذا وقعت بنا المصائب
, وحلت بنا الأزمات , وجثمت علينا النكبات
, فلا كاشف لها إلا الله
إذا أغلقت أمامنا الأبواب
, وانسدت أمامنا الدروب, وانطفأت أنوار الحياة
,,فلا هادي لنا إلا الله
إذا انقطعت بنا السبل
, وذهب الرجاء , وحار الأمل
’ فلا ملجأ ولا منجى إلا إلى الله
قال تعالى في كتابه العزيز::
((وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) التوبة /١١٨.
::وقفات وعبر::
((وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ )) خُلِّفُوا : أي تأخر نزول توبتهم حين تخلفوا عن غزوة تبوك..
وهم كعب بن مالك , و مرارة ابن الربيع, وهلال بن أميه .
الوقفة الأولى:
في الصدق نجاة ,قال كعب رضي الله عنه:
"فو الله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله يومئذ ,أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه".
فحصر عددهم بالثلاثة دل على أن الله تعالى تاب على هؤلاء الثلاثة لصدقهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي ذلك رفعاً لشأنهم دون غيرهم ممن تخلفوا عن الغزوة.
الوقفة الثانية:
((حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ)) الأرض بما رحبت ضاقت عليهم
..
فلماذا ضاقت الأرض على الرغم من رحابتها واتساعها وكثرة خيراتها؟؟
حينما يصبح القلب معلق بالله يصبح هو الذي يشعر لا الجسد,
وذلك حين علموا أن الأرض أرض الله ومع ذلك ضاقت عليهم ,
لأنهم لم يشعروا بلذة الأرض ولم يستمتعوا بها وهم لا يعلمون هل خالق هذه الأرض راضٍ عنهم أم لا, وفي ذكر الأرض لأنها محل المعيشة والاستقرار ,
فلقد أغلقت في وجههم المسالك والطرق فلا يهتدون ما يصنعون , ولم يكن أمامهم إلا الصبر لأمر الله حتى يقضي الله في أمرهم.
الوقفة الثالثة:
: مهما حارت بك السبل ومهما ابتعدت عن الطرق وانحرفت بك الطريق وزل القدم وعمي القلب فلن تجد نورا يعيدك إلى الحق إلا الله ,,, فلا إله إلا الله محمداً رسول الله .
((وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ))
من هنا يعلم المرء أن المعاصي والخطايا سبب في ضيق النفس
..
ففي هذه الآية سبب وعلاج لضيق النفس ,, فمن ضاقت عليه نفسه فليلجأ إلى الله وليعترف بخطئه ..
الوقفة الرابعة:
:: في قصة هؤلاء الثلاثة الذين خُلفوا ..لم يُذكر أنهم اقترفوا ذنباً حرمه الله,
فلقد كانوا من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, لكنهم تكاسلوا عن أداء عمل أمر الله به ..فهل وعيتم الفرق ؟؟
فمثلاً:-
..أنت إنسان صالح لا ترتكب ذنباً ولا تفعل ما يُغضب الله منك فلا تكذب ولا تسرق ولا تمشي بالنميمة بين الناس ,ومع ذلك تشعر بضيقة الصدر وتقول : من أين هذه الضيقة وأنا لا أذنب,,
لكن حين تسمع أمر الله تعالى
((وأقيموا الصلاة ))
وتصلي بلا خشوع فأنت لم تقيمها .. نعم تؤديها لكن لم تقيمها .. فستشعر بضيقة النفس. وحين تسمع قول الله تعالى
((وآتوا الزكاة))
وأنت لم تؤدي حقها ولم تؤتها لأهلها ,فستشعر أيضاً بضيقة في نفسك, وحين تسمع قوله تعالى
(( واركعوا مع الراكعين))
وأنت لا تصلي الصلاة في وقتها ولا مع جماعة المسجد ,, وتتساءل بحثاً عن أسباب انشراح النفس , وأنت تجهل سبب ضيق النفس الذي أنت سببه من عدم إقامتك لما أمرك الله به ..
فلا تستغرب إن ضاقت عليك نفسك يوماً..واعلم أن علاج ضيقة النفس بالإلتجاء إلى الله تعالى.وأداء العبادات كما أمر الله تعالى
..
الوقفة الخامسة:
((وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ))
نعم لا ملجأ من الله إلا إليه ..
قال تعالى:
((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ))
الذاريات 50.
يرشدنا تعالى ذكره إلى الفرار إليه
: فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به، واتباع أمره، والعمل بطاعته .
وهنا فرق بين من يفر من عدو ومن يفر من محب ,, فإن فررت من عدوك سواء الشيطان أو كان إنسان أو حيوان أو أي خطر آخر ,,فإلى أين تفر؟ إن كان الفرار إلى الله ليحميك من الخطر فسيحفظك الله ..فلا شيء أعظم من حفظ الله ورعايته .أما إن كان الفرار إلى غير الله فتذكر ابن نبي الله نوح عليه السلام, حين أراد أن يهرب من الأمواج والبحار إلى الجبل
((قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء)) هود/٤٣.
فهل عصمه الجبل؟؟ فلقد كان يظن أن هذا أمر ماء ,, ولكن نوح عليه السلام يعلم أن هذا أمر الله فحين رد عليه قال
((قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ)) هود/٤٣.
فلم يقل نوح عليه السلام لا عاصم اليوم من الماء وإنما قال من
((أمر الله)) ..
أما إن فررت من محب ..وهو الله ..فمن سيقبلك .. وإلى أين ستذهب؟؟ تفكر في نهايتك إن فررت من الله ؟؟
الوقفة السادسة:
مَنْ صَحَّ فِرارُه إلى الله صَحَّ قرارُه مع الله.
من خاف من شيء هرب وفرَّ منه، ومن خاف من الله هرب وفرَّ إليه... فرَّ إليه من هذه الأثقال والقيود التي تكبِّله وتشدُّه إلى الأرض وتحاصره فيأتي النداء قوياً، فروا إلى الله، إلى الطمأنينة، وهدوء النفس، ونعيم الروح، وجنة عرضها السماوات والأرض. فروا إليه لأنه لا ملجأ من الله إلا إليه..
الفرق بين الفرار من الله والفرار إلى الله
الفرار من الله أي البعد عن الله وهديه وهذا سبيل من ضل الطريق وضل سعيه ..
الفرار إلى الله أي الدخول في حماه والطمأنينة بمعيته , والإلتجاء إليه والاحتماء به سبحانه..
اللهم اجعلني ممن فر من الدنيا إليك والتجأ بك واحتمى بحماك ونال القرب منك و المنزلة عندك وحظي بعفوك وكرمك ورحمتك في الدنيا والآخرة
اللهم آمين
إذا اشتدت علينا الدنيا
, وضاقت صدورنا , وأظلمت الخطوب بنا
, فليس لنا إلا هو سبحانه
إذا وقعت بنا المصائب
, وحلت بنا الأزمات , وجثمت علينا النكبات
, فلا كاشف لها إلا الله
إذا أغلقت أمامنا الأبواب
, وانسدت أمامنا الدروب, وانطفأت أنوار الحياة
,,فلا هادي لنا إلا الله
إذا انقطعت بنا السبل
, وذهب الرجاء , وحار الأمل
’ فلا ملجأ ولا منجى إلا إلى الله
قال تعالى في كتابه العزيز::
((وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)) التوبة /١١٨.
::وقفات وعبر::
((وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ )) خُلِّفُوا : أي تأخر نزول توبتهم حين تخلفوا عن غزوة تبوك..
وهم كعب بن مالك , و مرارة ابن الربيع, وهلال بن أميه .
الوقفة الأولى:
في الصدق نجاة ,قال كعب رضي الله عنه:
"فو الله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله يومئذ ,أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه".
فحصر عددهم بالثلاثة دل على أن الله تعالى تاب على هؤلاء الثلاثة لصدقهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي ذلك رفعاً لشأنهم دون غيرهم ممن تخلفوا عن الغزوة.
الوقفة الثانية:
((حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ)) الأرض بما رحبت ضاقت عليهم
..
فلماذا ضاقت الأرض على الرغم من رحابتها واتساعها وكثرة خيراتها؟؟
حينما يصبح القلب معلق بالله يصبح هو الذي يشعر لا الجسد,
وذلك حين علموا أن الأرض أرض الله ومع ذلك ضاقت عليهم ,
لأنهم لم يشعروا بلذة الأرض ولم يستمتعوا بها وهم لا يعلمون هل خالق هذه الأرض راضٍ عنهم أم لا, وفي ذكر الأرض لأنها محل المعيشة والاستقرار ,
فلقد أغلقت في وجههم المسالك والطرق فلا يهتدون ما يصنعون , ولم يكن أمامهم إلا الصبر لأمر الله حتى يقضي الله في أمرهم.
الوقفة الثالثة:
: مهما حارت بك السبل ومهما ابتعدت عن الطرق وانحرفت بك الطريق وزل القدم وعمي القلب فلن تجد نورا يعيدك إلى الحق إلا الله ,,, فلا إله إلا الله محمداً رسول الله .
((وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ))
من هنا يعلم المرء أن المعاصي والخطايا سبب في ضيق النفس
..
ففي هذه الآية سبب وعلاج لضيق النفس ,, فمن ضاقت عليه نفسه فليلجأ إلى الله وليعترف بخطئه ..
الوقفة الرابعة:
:: في قصة هؤلاء الثلاثة الذين خُلفوا ..لم يُذكر أنهم اقترفوا ذنباً حرمه الله,
فلقد كانوا من خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, لكنهم تكاسلوا عن أداء عمل أمر الله به ..فهل وعيتم الفرق ؟؟
فمثلاً:-
..أنت إنسان صالح لا ترتكب ذنباً ولا تفعل ما يُغضب الله منك فلا تكذب ولا تسرق ولا تمشي بالنميمة بين الناس ,ومع ذلك تشعر بضيقة الصدر وتقول : من أين هذه الضيقة وأنا لا أذنب,,
لكن حين تسمع أمر الله تعالى
((وأقيموا الصلاة ))
وتصلي بلا خشوع فأنت لم تقيمها .. نعم تؤديها لكن لم تقيمها .. فستشعر بضيقة النفس. وحين تسمع قول الله تعالى
((وآتوا الزكاة))
وأنت لم تؤدي حقها ولم تؤتها لأهلها ,فستشعر أيضاً بضيقة في نفسك, وحين تسمع قوله تعالى
(( واركعوا مع الراكعين))
وأنت لا تصلي الصلاة في وقتها ولا مع جماعة المسجد ,, وتتساءل بحثاً عن أسباب انشراح النفس , وأنت تجهل سبب ضيق النفس الذي أنت سببه من عدم إقامتك لما أمرك الله به ..
فلا تستغرب إن ضاقت عليك نفسك يوماً..واعلم أن علاج ضيقة النفس بالإلتجاء إلى الله تعالى.وأداء العبادات كما أمر الله تعالى
..
الوقفة الخامسة:
((وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ))
نعم لا ملجأ من الله إلا إليه ..
قال تعالى:
((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ))
الذاريات 50.
يرشدنا تعالى ذكره إلى الفرار إليه
: فاهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به، واتباع أمره، والعمل بطاعته .
وهنا فرق بين من يفر من عدو ومن يفر من محب ,, فإن فررت من عدوك سواء الشيطان أو كان إنسان أو حيوان أو أي خطر آخر ,,فإلى أين تفر؟ إن كان الفرار إلى الله ليحميك من الخطر فسيحفظك الله ..فلا شيء أعظم من حفظ الله ورعايته .أما إن كان الفرار إلى غير الله فتذكر ابن نبي الله نوح عليه السلام, حين أراد أن يهرب من الأمواج والبحار إلى الجبل
((قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء)) هود/٤٣.
فهل عصمه الجبل؟؟ فلقد كان يظن أن هذا أمر ماء ,, ولكن نوح عليه السلام يعلم أن هذا أمر الله فحين رد عليه قال
((قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ)) هود/٤٣.
فلم يقل نوح عليه السلام لا عاصم اليوم من الماء وإنما قال من
((أمر الله)) ..
أما إن فررت من محب ..وهو الله ..فمن سيقبلك .. وإلى أين ستذهب؟؟ تفكر في نهايتك إن فررت من الله ؟؟
الوقفة السادسة:
مَنْ صَحَّ فِرارُه إلى الله صَحَّ قرارُه مع الله.
من خاف من شيء هرب وفرَّ منه، ومن خاف من الله هرب وفرَّ إليه... فرَّ إليه من هذه الأثقال والقيود التي تكبِّله وتشدُّه إلى الأرض وتحاصره فيأتي النداء قوياً، فروا إلى الله، إلى الطمأنينة، وهدوء النفس، ونعيم الروح، وجنة عرضها السماوات والأرض. فروا إليه لأنه لا ملجأ من الله إلا إليه..
الفرق بين الفرار من الله والفرار إلى الله
الفرار من الله أي البعد عن الله وهديه وهذا سبيل من ضل الطريق وضل سعيه ..
الفرار إلى الله أي الدخول في حماه والطمأنينة بمعيته , والإلتجاء إليه والاحتماء به سبحانه..
اللهم اجعلني ممن فر من الدنيا إليك والتجأ بك واحتمى بحماك ونال القرب منك و المنزلة عندك وحظي بعفوك وكرمك ورحمتك في الدنيا والآخرة
اللهم آمين