شكّلت في ما قدّمت من شخصيات على الشاشة حالة يصعب تكرارها أو تقليدها، لكن التمثيل لم يكن هاجسها الوحيد فانطلقت تخوض غمار الدبلجة والإنتاج الدرامي عبر شركة «فردوس للإنتاج الفني»، في سعي منها لوضع بصمة جديدة ومختلفة على خريطة الإنتاج الدرامي ليس في سورية فحسب وإنما في العالم العربي...
إنها الفنانة لورا أبو أسعد التي تعرف ما تريد بدقة وتسير نحو هدفها بكل ثقة. طموحاتها كبيرة والعمل كثير لمن يكمن في داخله هاجس إبداعي يؤرقه باستمرار للارتقاء بما يقدم على مختلف الأصعدة.
عديدة هي المحاور في لقائنا مع الفنانة لورا أبو أسعد، ولتكن البداية مع الفيلم السينمائي «صديقي الأخير» الذي وقفت فيه أمام كاميرا المخرج جود سعيد، وهو إنتاج مشترك بين شركة «فردوس» والمؤسسة العامة للسينما.
- ما المفاصل الأساسية في شخصية سارة التي تؤدينها في فيلم «صديقي الأخير»؟
تملك سارة شخصية قوية وفي الوقت نفسه لديها قلب حنون، فهي أم عطوفة كما أنها حبيبة البطل. تملك مجلة خاصة وتتعاون مع المحقّق لتحاول كشف ملابسات مقتل حبيبها، إلا أنها ستصطدم بأهله لأنهم نموذج من النماذج الفاسدة في المجتمع فصورتهم الخارجية برّاقة ولكنهم يخبئون في داخلهم عفناً كبيراً. والصدام معهم سيعرّض حياتها للخطر.
- كيف يمكن فهم إصرارها على متابعة قضية حبيبها «خالد» رغم انتحاره؟
الدكتور خالد إنسان استثنائي وكل من عرفه تعلّق به وازداد هذا التعلّق بموته الغامض. وبما أن سارة إنسانة عنيدة وتسعى لإظهار الحق بات لديها إصرار أكبر على تفهّم سبب موته.
كما أن التفاصيل التي بدأت تتكشف بعد انتحاره جعلتها تتعلق به بشكل أكبر، أضف إلى ذلك الطفلة التي تركها لها والتي تشعر بها وكأنها ابنتها فباتت تشكّل لها الفسحة الوحيدة التي تجعلها تشعر بعاطفتها وأمومتها، لأنها في المجتمع هي امرأة من حديد.
- قيل إن فترة إقناعك بالدور طالت حتى وافقت على تأديته، لماذا؟ أهي خشيتك من القول إنك شاركت في الإنتاج فمثّلت في الفيلم؟
فعلت ذلك كي أتحاشى السؤال الذي وُجّه إليّ كثيراً حول المشاركة في الإنتاج وفي التمثيل، فشعرت بداية بالحساسية تجاه هذا الموضوع، ولكن الدور الجميل والنص القوي جعلاني أقتنع، وقلت في نفسي فليقولوا ما يشاؤون، سأجسّد الشخصية خاصة أنه مرّت عليّ سنتان دون أن أمثل. وقد شعرت بالسعادة لأن عودتي كانت عبر فيلم سينمائي متميز.
متعة التمثيل
- قال المخرج جود سعيد إن جميع الممثلين الموجودين في الفيلم أدّوا أدوارهم بمتعة شديدة. فأين تتجلّى هذه المتعة عندك؟
عشت حالة استثنائية في الفيلم، فقد مضت عليّ سنتان لم أمثل فيهما، وقبل ذلك شاركت في الكثير من الأعمال التلفزيونية وكنت قد وصلت إلى مرحلة مزعجة من الضغط النفسي، فالعمل في التلفزيون مختلف تماماً وهو سريع ومتعب.
اليوم بعد سنتين من الانتظار وجدت أن السينما هي الطبخة التي تطبخها على نار هادئة، فتأخذ وقتك فيها بكل شيء، حتى أن طريقة تعامل الفنيّين مع الفنانين هنا مختلفة تماماً فهناك تقليد واضح جداً في السينما واحترام للممثلين وللفنيين.
وفي فيلم «صديقي الأخير» كانت المتعة أثناء التصوير تزداد يوماً بعد آخر مع مجموعة الممثّلين المشاركين فيه، فما أن تدخل المشهد وتوضع في جوّه حتى تشعر بأنك تقدّم ما هو مختلف.
أضف إلى ذلك أن نص الفيلم غني ومتنوع يدخل تفاصيل حياتنا التي تشبه تفاصيل حياة كل إنسان عربي.
وعندما انطلق التصوير ازداد تفاؤلي أكثر وشعرت كمن يراقب الجنين على الصورة الصوتية فبدأت تتشكّل الصورة أمامي بشكل أوضح، كما أن المخرج كان يتعامل بإيجابية مع الاقتراحات فما يراه مناسباً ينفّذه بمنتهى الجرأة.
وأرى أن الفيلم سيحقق معادلة الجماهيرية وفي الوقت نفسه سيجد مكانه في المهرجانات.
- يمكن قراءة نص الفيلم على أكثر من مستوى، هناك من يراه أن مجرد قصّة مباشرة لتداعيات انتحار شخص وهناك من يذهب به إلى مستويات أعمق، وبالتالي إلى أي مدى يمكن المغامرة بنص متعدّد مستويات القراءة؟
سبق أن اجتمعت بمنتجة كندية في مهرجان أبو ظبي خلال ندوة عن الإنتاج، وقالت حينها إن المنتج هو من يعرف كيف يقرأ الورق بمعنى أنه يشارك في خلق الفكرة، فمن المؤكد أنك ستقرأ الفيلم على أكثر من مستوى والمشكلة أن تقرأه على مستوى الحكاية فقط، لأن الحكاية قد تكون جميلة ولكن هناك مؤشر بياني للفيلم وهذا ما ينبغي أن تراه من خلال الورق.
واللوحة في ما بعد تكبر وتكبر عندما تعرف من سيؤدي الشخصيات والإيقاع ومدى انعكاسه على الصورة، وهكذا.
الفيلم الجماهيري
- قلت إن الفيلم سيكون جماهيرياً، فما شروط الفيلم الجماهيري ومقوّماته؟
على الفيلم الجماهيري أن يكون قريباً من الناس، يحبونه ويتفاعلون معه، ولكن للأسف لم نعد ننتج إلا أفلام المهرجانات أي تلك الأفلام التي لا يفهمها إلا المخرج ولجنة التحكيم! ونطمح أن يكون «صديقي الأخير» فيلماً جماهيرياً ليس فقط في سورية وإنما أن يُفتح له شبّاك العرض.
فإذا وُضع في امتحان شباك التذاكر سيكون له جمهور لأن نص الفيلم غنيّ ومتنوّع وهو لم يغرق بالخصوصيّة السورية وإنما تناول قضايا يمكن أن يتعرض لها أي مجتمع في العالم. وهناك شخصيات مختلفة ومتنوّعة للممثلين. وفيه كوميديا بقدر ما فيه مواقف تراجيديّة ومؤلمة.
- في لقاء سابق قلت «الرهان على شباك التذاكر»، فهل مقياس نجاح الفيلم جماهيريته؟ وإن كان كذلك فأفلام «اللمبي» في فترة كانت الأكثر جماهيرية؟
نظلم الجمهور عندما نقول ذلك، والدليل أن فيلم «وهلأ لوين» حقق جماهيرية كبيرة، والشباب الصغار الذين يذهبون إلى «سينما سيتي» ليروا الأفلام الأميركية السخيفة هم أنفسهم من شاهدوا هذا الفيلم أكثر من مرّة، وبالتالي المتلقّي مهما قدّمت له سيشاهد، وأفلام «اللمبي» كانت للتنفيس.
مغامرة الانتاج السينمائي
- بعد أن قدّم القطاع الخاص مجموعة من الأفلام فجأة انكفأ ، ولكن نعود لنرى أن هناك شركة في القطاع الخاص تخوض ميدان الشراكة عبر الإنتاج السينمائي... فما رهانك؟
الحصة الكبرى من الإنتاج لمؤسسة السينما ونحن شركاء في العمليات الفنية والتوزيع، وأعتقد أن نص الفيلم يستحق هذه المغامرة، فينبغي أن تعود السينما إلى سورية، خاصة أننا نملك كل الامكانات والمؤهّلات لنكون بلداً رائداً ليس فقط في التلفزيون وإنما في السينما أيضاً، فعندما كنا ننجز أعمالاً سينمائية ومسرحية لم يكن من حولنا أحد يقدّم شيئاً.
وهنا أقول لرأس المال: يكفيك جبن واختباء. فلتظهر على الساحة وتقدم أعمالك، وبالطبع لن تكون الفوائد ماديّة، فالفائدة المعنوية مهمّة جداً لأنه ينبغي أن تعود السينما، فهي واحدة من ثروات البلد شأنها شأن النفط والذهب والزراعة والصناعة...
- عبر شركة فردوس للإنتاج الدرامي تشاركون في إنتاج الفيلم من خلال العمليات الفنية وتوزيعه، ولكن هل استطعتم في الشركة توزيع ما سبق أن أنتجتموه أصلاً؟
ليس كثيراً... ولكن الأمور في السينما أوضح وأرقى وأكثر حرفية بكثير، وموزّع السينما يقرأ النص ويرى المادة التي لديك ليرى مستوى الفيلم ويعرف هل سيجذب الجمهور أم لا، وبالتالي المقاييس هنا أكثر صراحة ووضوحاً من التلفزيون الذي كثيراً ما تحكمه علاقاتك مع مديري محطات غير آبهين لرأي الجمهور.
لا بل هناك كمية من الاسفاف تظهر على التلفزيونات ولا يريدها أحد ولكنها مجرد صفقات هنا وهناك. هذا الكلام غير موجود في السينما وليس هناك أي موزّع يمكن أن يرتكب هذه الحماقة لأن المعيار هنا ليس المحطة ولا مدير الشراء فيها ولا الإعلان. وإنما المعيار هو الناس ومدى قدرة الفيلم على جذبهم، وبالنسبة إلى «صديقي الأخير» فإنني استشعر كل العوامل التي من شأنها أن تجذب الجمهور إليه.
- هل المشاركة في إنتاج فيلم تعتبر مجرد تجربة للشركة أم أنها ستشكّل مقياساً تقوّمون من خلاله موضوع دخول الشركة ميدان الإنتاج السينمائي بشكل أوسع وأكثر جرأة؟
أتوقع أن يجعل هذا الفيلم القطاع الخاص يعود بقوة إلى الحقل السينمائي، إن كان عبر الإنتاج أو الشراكة مع مؤسسة السينما، لكن المسألة تتطلب نصاً جيداً ومخرجاً جيد.
التقاليد والعادات الفنية
- سبق أن عبّرت عن أهمية إدارة الفنان لشركات الإنتاج، فهل استطاع هؤلاء الفنانون تكريس حالة إنتاجية مختلفة عبر عادات وتقاليد مخالفة للسائد في ما قدموا؟
ليس إلى هذه الدرجة، ولكن يبقى تعاملهم أفضل. فحتى الآن لم أر أي فنان أساء معاملة الممثلين أو بخس عليهم بالأجور أو انتقى نصاً سيئاً جداً. قد تجد استثناءات صغيرة ولكن عندما نقرأ تجاربهم تجد أنها جيدة بالعموم. ولكن ترسيخ العادات والتقاليد يحتاج إلى قرار جماعي من كل الشركات الانتاجية.
- لكن ما ترسخ من عادات وتقاليد إنتاجية ألم يكن هو المأمول؟
لا، فحتى الآن غير معروف من هو رأس الهرم في هذه العملية، مرة يكون المخرج وأخرى الممثل أو المنتج ومرة يكون مدير الإنتاج، في حين أنه من المنطقي أن يكون المنتج هو رأس الهرم تحديداً في التلفزيون، لأنه هو من يعرف أين سيبيع، بينما في السينما فغالباً يكون المخرج هو رأس الهرم.
كما أن فكرة حضور نجم المسلسل في ثلاثة أو أربعة مسلسلات هو أمر غير موجود إلا عندنا وقليلاً في الخليج فقط، والأدوار الثانية تخضع للأمر نفسه أيضاً، لا بل المفارقة أن يكون للمخرج مسلسلان أو ثلاثة في العام ومع الممثلين والفنيين ذاتهم من إضاءة وصوت، وكأن المخرج ينافس نفسه! وأرى أن الأمر أصبح أشبه بمعمل جرابات وليس إنتاج دراما وإبداع. قد يقال إن التلفزيون تجاري وسريع أكثر... ولكن ليس إلى هذه الدرجة، وبالتالي أين التقاليد هنا؟
- وماذا عن الأجور التي يتقاضاها الفنانون؟
للأسف نحن نلحق المصريين ونكرر أخطاءهم التي نراها أمامنا ونكرّسها في إنتاجنا، في حين أنهم ندموا عليها، وإلا فضمن أي منطق نجد في عمل أن فناناً يتقاضى عشرة ملايين بينما يأخذ الفنانون الباقون كلهم مهما كان عددهم ثمانية ملايين؟!
العمل الأكثر جرأة
- كيف يمكن التمييز بين الجرأة الحقيقية التي تغوص إلى عمق المجتمع لكشف المسكوت عنه وبين الجرأة التجارية التي تسعى إلى التسويق وجذب الإعلانات ليس إلا؟
هذا من عيوب الدراما لأنه حتى عندما تسجل فيلماً توثيقياً في ملهى من المفروض أن تخضعه لعملية المونتاج كي تُقاربه فنياً، ولكن رأينا خلال السنوات الخمس الأخيرة كمية من المخدرات وسفاح القربى والاغتصاب والدعارة تفوق ما هو موجود في المجتمع حقيقة، أضف إلى ذلك أنه ليس لدينا في تلفزيوناتنا نظام العمر أي وضع إشارة على المسلسل تحدد العمر المسموح له مشاهدته (فوق 16 عاماً على سبيل المثال).
والمفارقة أنه حتى في السينما الأميركية لا تجد من يجلس ويشم المخدرات بهذا التفصيل المملّ الذي يعرض في عدد من أعمالنا، وكأنه يعلّم خطوات حدوث ذلك (أولاً تفعل كذا، ثانياً تقوم بكذا...)، ومثل هذه الأعمال تُعرض في أي وقت من اليوم وغالباً ما تتصّف بمستوى فني رديء.
- هناك من يتهم المسلسلات المدبلجة بأن انتشارها كان وراء ازدياد معدل الجرأة في العمل الدرامي.
الدراما التركية عندنا لم يمضِ عليها ثلاث سنوات، ولكن الجرأة بدأت منذ خمس سنوات وهي في ازدياد دائم. لا بل أقول إن الدراما السورية أجرأ من التركية، كما أن محطات معيّنة تطلبها.
تحدّيات الدبلجة
- كثيراً ما وجّهتِ الانتقادات للدبلجة بأنها تهدد حضور الدراما السورية وأنها بديل تريده محطات معينة للاستعاضة عن العمل السوري... فهل احتلت مكان المسلسل السوري فعلاً؟
أبداً... ولكن صنّاع الدراما لدينا يريدون إنتاج أعمال وبيعها عرض أول في المحطات الخليجية والحصول على أحسن الأسعار رغم أن منها عملين للمخرج نفسه وخمسة أعمال للنجم نفسه، وأكثر من مسلسل للموضوع ذاته. في حين أن المحطات تتنافس لتقدّم الأفضل وهي لا تقف فقط عند الأعمال السورية وإنما تأتي بالمصري والخليجي والمدبلج، والمنافس الأكبر لنا في الفترة الأخيرة كان الخليجي خاصة أنه في رمضان نادرا ما يُعرض مسلسل مدبلج.
والسؤال : لماذا لا يتحمّل المنتجون المسؤولية ويوحّدون صفوفهم ويقررون ألا يبيعوا للمحطات بأقل من سعر معين، وأن يتم التنسيق بينهم فلا يظهر عملان أو أكثر في السنة عن الموضوع نفسه؟ لماذا لا يفكرون بحل هذه المشكلات قبل أن يفكروا بمن أخذ مكان من؟ العمل الجيد ستسعى المحطات كلها لعرضه.
- هناك من يقول إن شركات سورية تعتمد الدبلجة زاداً لها نقلت نشاطها إلى خارج سورية، فما مدى صحة هذا الكلام؟
لا تصدّق هذا الكلام، فهناك صحافي أو اثنان تخيّلا هذه المشكلة ونشرا عنها، ولكن 75 في المئة من الشركات السورية الفنية وغير الفنية لديها رخص عمل في دول أخرى، وهذا أمر تقليدي وروتيني لأنه حتى اليوم ليس لدينا تلك التسهيلات المصرفية وهذا أمر ليس بجديد.
- أين أنت من الدراما المصرية اليوم؟
عُرضت علي أعمال عدة إلا أنني لم أحب المشاركة فيها، ولكن عندما يكون هناك دور جيد ضمن ظروف عمل جيدة ومحترمة فلِم لا، إن كان في مصر أو غير مصر، ففي النتيجة نحن ممثلون ونعمل في أي مكان، ومصر فيها الكثير من الفنانين لذلك ينبغي أن أقتنع بأن الدور مناسب لي ويحتاجني، وعندها يمكنني المشاركة.
إلى أي مدى الفنان معني بالهمّ والشأن العام؟
هناك فنانون متطوعون يعملون بعيداً عن الضوء ولا أحد يعرف ما يقدّمونه خاصة في ميدان العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن الفنان هو الأقدر على المساعدة في مثل هذه الحملات لأن الضوء يسلط عليه، ولكن نبقى أقلّ من غيرنا فلم نعرف بعد كيف نعطي هذا الموضوع حقه كما ينبغي...
إنها الفنانة لورا أبو أسعد التي تعرف ما تريد بدقة وتسير نحو هدفها بكل ثقة. طموحاتها كبيرة والعمل كثير لمن يكمن في داخله هاجس إبداعي يؤرقه باستمرار للارتقاء بما يقدم على مختلف الأصعدة.
عديدة هي المحاور في لقائنا مع الفنانة لورا أبو أسعد، ولتكن البداية مع الفيلم السينمائي «صديقي الأخير» الذي وقفت فيه أمام كاميرا المخرج جود سعيد، وهو إنتاج مشترك بين شركة «فردوس» والمؤسسة العامة للسينما.
- ما المفاصل الأساسية في شخصية سارة التي تؤدينها في فيلم «صديقي الأخير»؟
تملك سارة شخصية قوية وفي الوقت نفسه لديها قلب حنون، فهي أم عطوفة كما أنها حبيبة البطل. تملك مجلة خاصة وتتعاون مع المحقّق لتحاول كشف ملابسات مقتل حبيبها، إلا أنها ستصطدم بأهله لأنهم نموذج من النماذج الفاسدة في المجتمع فصورتهم الخارجية برّاقة ولكنهم يخبئون في داخلهم عفناً كبيراً. والصدام معهم سيعرّض حياتها للخطر.
- كيف يمكن فهم إصرارها على متابعة قضية حبيبها «خالد» رغم انتحاره؟
الدكتور خالد إنسان استثنائي وكل من عرفه تعلّق به وازداد هذا التعلّق بموته الغامض. وبما أن سارة إنسانة عنيدة وتسعى لإظهار الحق بات لديها إصرار أكبر على تفهّم سبب موته.
كما أن التفاصيل التي بدأت تتكشف بعد انتحاره جعلتها تتعلق به بشكل أكبر، أضف إلى ذلك الطفلة التي تركها لها والتي تشعر بها وكأنها ابنتها فباتت تشكّل لها الفسحة الوحيدة التي تجعلها تشعر بعاطفتها وأمومتها، لأنها في المجتمع هي امرأة من حديد.
- قيل إن فترة إقناعك بالدور طالت حتى وافقت على تأديته، لماذا؟ أهي خشيتك من القول إنك شاركت في الإنتاج فمثّلت في الفيلم؟
فعلت ذلك كي أتحاشى السؤال الذي وُجّه إليّ كثيراً حول المشاركة في الإنتاج وفي التمثيل، فشعرت بداية بالحساسية تجاه هذا الموضوع، ولكن الدور الجميل والنص القوي جعلاني أقتنع، وقلت في نفسي فليقولوا ما يشاؤون، سأجسّد الشخصية خاصة أنه مرّت عليّ سنتان دون أن أمثل. وقد شعرت بالسعادة لأن عودتي كانت عبر فيلم سينمائي متميز.
متعة التمثيل
- قال المخرج جود سعيد إن جميع الممثلين الموجودين في الفيلم أدّوا أدوارهم بمتعة شديدة. فأين تتجلّى هذه المتعة عندك؟
عشت حالة استثنائية في الفيلم، فقد مضت عليّ سنتان لم أمثل فيهما، وقبل ذلك شاركت في الكثير من الأعمال التلفزيونية وكنت قد وصلت إلى مرحلة مزعجة من الضغط النفسي، فالعمل في التلفزيون مختلف تماماً وهو سريع ومتعب.
اليوم بعد سنتين من الانتظار وجدت أن السينما هي الطبخة التي تطبخها على نار هادئة، فتأخذ وقتك فيها بكل شيء، حتى أن طريقة تعامل الفنيّين مع الفنانين هنا مختلفة تماماً فهناك تقليد واضح جداً في السينما واحترام للممثلين وللفنيين.
وفي فيلم «صديقي الأخير» كانت المتعة أثناء التصوير تزداد يوماً بعد آخر مع مجموعة الممثّلين المشاركين فيه، فما أن تدخل المشهد وتوضع في جوّه حتى تشعر بأنك تقدّم ما هو مختلف.
أضف إلى ذلك أن نص الفيلم غني ومتنوع يدخل تفاصيل حياتنا التي تشبه تفاصيل حياة كل إنسان عربي.
وعندما انطلق التصوير ازداد تفاؤلي أكثر وشعرت كمن يراقب الجنين على الصورة الصوتية فبدأت تتشكّل الصورة أمامي بشكل أوضح، كما أن المخرج كان يتعامل بإيجابية مع الاقتراحات فما يراه مناسباً ينفّذه بمنتهى الجرأة.
وأرى أن الفيلم سيحقق معادلة الجماهيرية وفي الوقت نفسه سيجد مكانه في المهرجانات.
- يمكن قراءة نص الفيلم على أكثر من مستوى، هناك من يراه أن مجرد قصّة مباشرة لتداعيات انتحار شخص وهناك من يذهب به إلى مستويات أعمق، وبالتالي إلى أي مدى يمكن المغامرة بنص متعدّد مستويات القراءة؟
سبق أن اجتمعت بمنتجة كندية في مهرجان أبو ظبي خلال ندوة عن الإنتاج، وقالت حينها إن المنتج هو من يعرف كيف يقرأ الورق بمعنى أنه يشارك في خلق الفكرة، فمن المؤكد أنك ستقرأ الفيلم على أكثر من مستوى والمشكلة أن تقرأه على مستوى الحكاية فقط، لأن الحكاية قد تكون جميلة ولكن هناك مؤشر بياني للفيلم وهذا ما ينبغي أن تراه من خلال الورق.
واللوحة في ما بعد تكبر وتكبر عندما تعرف من سيؤدي الشخصيات والإيقاع ومدى انعكاسه على الصورة، وهكذا.
الفيلم الجماهيري
- قلت إن الفيلم سيكون جماهيرياً، فما شروط الفيلم الجماهيري ومقوّماته؟
على الفيلم الجماهيري أن يكون قريباً من الناس، يحبونه ويتفاعلون معه، ولكن للأسف لم نعد ننتج إلا أفلام المهرجانات أي تلك الأفلام التي لا يفهمها إلا المخرج ولجنة التحكيم! ونطمح أن يكون «صديقي الأخير» فيلماً جماهيرياً ليس فقط في سورية وإنما أن يُفتح له شبّاك العرض.
فإذا وُضع في امتحان شباك التذاكر سيكون له جمهور لأن نص الفيلم غنيّ ومتنوّع وهو لم يغرق بالخصوصيّة السورية وإنما تناول قضايا يمكن أن يتعرض لها أي مجتمع في العالم. وهناك شخصيات مختلفة ومتنوّعة للممثلين. وفيه كوميديا بقدر ما فيه مواقف تراجيديّة ومؤلمة.
- في لقاء سابق قلت «الرهان على شباك التذاكر»، فهل مقياس نجاح الفيلم جماهيريته؟ وإن كان كذلك فأفلام «اللمبي» في فترة كانت الأكثر جماهيرية؟
نظلم الجمهور عندما نقول ذلك، والدليل أن فيلم «وهلأ لوين» حقق جماهيرية كبيرة، والشباب الصغار الذين يذهبون إلى «سينما سيتي» ليروا الأفلام الأميركية السخيفة هم أنفسهم من شاهدوا هذا الفيلم أكثر من مرّة، وبالتالي المتلقّي مهما قدّمت له سيشاهد، وأفلام «اللمبي» كانت للتنفيس.
مغامرة الانتاج السينمائي
- بعد أن قدّم القطاع الخاص مجموعة من الأفلام فجأة انكفأ ، ولكن نعود لنرى أن هناك شركة في القطاع الخاص تخوض ميدان الشراكة عبر الإنتاج السينمائي... فما رهانك؟
الحصة الكبرى من الإنتاج لمؤسسة السينما ونحن شركاء في العمليات الفنية والتوزيع، وأعتقد أن نص الفيلم يستحق هذه المغامرة، فينبغي أن تعود السينما إلى سورية، خاصة أننا نملك كل الامكانات والمؤهّلات لنكون بلداً رائداً ليس فقط في التلفزيون وإنما في السينما أيضاً، فعندما كنا ننجز أعمالاً سينمائية ومسرحية لم يكن من حولنا أحد يقدّم شيئاً.
وهنا أقول لرأس المال: يكفيك جبن واختباء. فلتظهر على الساحة وتقدم أعمالك، وبالطبع لن تكون الفوائد ماديّة، فالفائدة المعنوية مهمّة جداً لأنه ينبغي أن تعود السينما، فهي واحدة من ثروات البلد شأنها شأن النفط والذهب والزراعة والصناعة...
- عبر شركة فردوس للإنتاج الدرامي تشاركون في إنتاج الفيلم من خلال العمليات الفنية وتوزيعه، ولكن هل استطعتم في الشركة توزيع ما سبق أن أنتجتموه أصلاً؟
ليس كثيراً... ولكن الأمور في السينما أوضح وأرقى وأكثر حرفية بكثير، وموزّع السينما يقرأ النص ويرى المادة التي لديك ليرى مستوى الفيلم ويعرف هل سيجذب الجمهور أم لا، وبالتالي المقاييس هنا أكثر صراحة ووضوحاً من التلفزيون الذي كثيراً ما تحكمه علاقاتك مع مديري محطات غير آبهين لرأي الجمهور.
لا بل هناك كمية من الاسفاف تظهر على التلفزيونات ولا يريدها أحد ولكنها مجرد صفقات هنا وهناك. هذا الكلام غير موجود في السينما وليس هناك أي موزّع يمكن أن يرتكب هذه الحماقة لأن المعيار هنا ليس المحطة ولا مدير الشراء فيها ولا الإعلان. وإنما المعيار هو الناس ومدى قدرة الفيلم على جذبهم، وبالنسبة إلى «صديقي الأخير» فإنني استشعر كل العوامل التي من شأنها أن تجذب الجمهور إليه.
- هل المشاركة في إنتاج فيلم تعتبر مجرد تجربة للشركة أم أنها ستشكّل مقياساً تقوّمون من خلاله موضوع دخول الشركة ميدان الإنتاج السينمائي بشكل أوسع وأكثر جرأة؟
أتوقع أن يجعل هذا الفيلم القطاع الخاص يعود بقوة إلى الحقل السينمائي، إن كان عبر الإنتاج أو الشراكة مع مؤسسة السينما، لكن المسألة تتطلب نصاً جيداً ومخرجاً جيد.
التقاليد والعادات الفنية
- سبق أن عبّرت عن أهمية إدارة الفنان لشركات الإنتاج، فهل استطاع هؤلاء الفنانون تكريس حالة إنتاجية مختلفة عبر عادات وتقاليد مخالفة للسائد في ما قدموا؟
ليس إلى هذه الدرجة، ولكن يبقى تعاملهم أفضل. فحتى الآن لم أر أي فنان أساء معاملة الممثلين أو بخس عليهم بالأجور أو انتقى نصاً سيئاً جداً. قد تجد استثناءات صغيرة ولكن عندما نقرأ تجاربهم تجد أنها جيدة بالعموم. ولكن ترسيخ العادات والتقاليد يحتاج إلى قرار جماعي من كل الشركات الانتاجية.
- لكن ما ترسخ من عادات وتقاليد إنتاجية ألم يكن هو المأمول؟
لا، فحتى الآن غير معروف من هو رأس الهرم في هذه العملية، مرة يكون المخرج وأخرى الممثل أو المنتج ومرة يكون مدير الإنتاج، في حين أنه من المنطقي أن يكون المنتج هو رأس الهرم تحديداً في التلفزيون، لأنه هو من يعرف أين سيبيع، بينما في السينما فغالباً يكون المخرج هو رأس الهرم.
كما أن فكرة حضور نجم المسلسل في ثلاثة أو أربعة مسلسلات هو أمر غير موجود إلا عندنا وقليلاً في الخليج فقط، والأدوار الثانية تخضع للأمر نفسه أيضاً، لا بل المفارقة أن يكون للمخرج مسلسلان أو ثلاثة في العام ومع الممثلين والفنيين ذاتهم من إضاءة وصوت، وكأن المخرج ينافس نفسه! وأرى أن الأمر أصبح أشبه بمعمل جرابات وليس إنتاج دراما وإبداع. قد يقال إن التلفزيون تجاري وسريع أكثر... ولكن ليس إلى هذه الدرجة، وبالتالي أين التقاليد هنا؟
- وماذا عن الأجور التي يتقاضاها الفنانون؟
للأسف نحن نلحق المصريين ونكرر أخطاءهم التي نراها أمامنا ونكرّسها في إنتاجنا، في حين أنهم ندموا عليها، وإلا فضمن أي منطق نجد في عمل أن فناناً يتقاضى عشرة ملايين بينما يأخذ الفنانون الباقون كلهم مهما كان عددهم ثمانية ملايين؟!
العمل الأكثر جرأة
- كيف يمكن التمييز بين الجرأة الحقيقية التي تغوص إلى عمق المجتمع لكشف المسكوت عنه وبين الجرأة التجارية التي تسعى إلى التسويق وجذب الإعلانات ليس إلا؟
هذا من عيوب الدراما لأنه حتى عندما تسجل فيلماً توثيقياً في ملهى من المفروض أن تخضعه لعملية المونتاج كي تُقاربه فنياً، ولكن رأينا خلال السنوات الخمس الأخيرة كمية من المخدرات وسفاح القربى والاغتصاب والدعارة تفوق ما هو موجود في المجتمع حقيقة، أضف إلى ذلك أنه ليس لدينا في تلفزيوناتنا نظام العمر أي وضع إشارة على المسلسل تحدد العمر المسموح له مشاهدته (فوق 16 عاماً على سبيل المثال).
والمفارقة أنه حتى في السينما الأميركية لا تجد من يجلس ويشم المخدرات بهذا التفصيل المملّ الذي يعرض في عدد من أعمالنا، وكأنه يعلّم خطوات حدوث ذلك (أولاً تفعل كذا، ثانياً تقوم بكذا...)، ومثل هذه الأعمال تُعرض في أي وقت من اليوم وغالباً ما تتصّف بمستوى فني رديء.
- هناك من يتهم المسلسلات المدبلجة بأن انتشارها كان وراء ازدياد معدل الجرأة في العمل الدرامي.
الدراما التركية عندنا لم يمضِ عليها ثلاث سنوات، ولكن الجرأة بدأت منذ خمس سنوات وهي في ازدياد دائم. لا بل أقول إن الدراما السورية أجرأ من التركية، كما أن محطات معيّنة تطلبها.
تحدّيات الدبلجة
- كثيراً ما وجّهتِ الانتقادات للدبلجة بأنها تهدد حضور الدراما السورية وأنها بديل تريده محطات معينة للاستعاضة عن العمل السوري... فهل احتلت مكان المسلسل السوري فعلاً؟
أبداً... ولكن صنّاع الدراما لدينا يريدون إنتاج أعمال وبيعها عرض أول في المحطات الخليجية والحصول على أحسن الأسعار رغم أن منها عملين للمخرج نفسه وخمسة أعمال للنجم نفسه، وأكثر من مسلسل للموضوع ذاته. في حين أن المحطات تتنافس لتقدّم الأفضل وهي لا تقف فقط عند الأعمال السورية وإنما تأتي بالمصري والخليجي والمدبلج، والمنافس الأكبر لنا في الفترة الأخيرة كان الخليجي خاصة أنه في رمضان نادرا ما يُعرض مسلسل مدبلج.
والسؤال : لماذا لا يتحمّل المنتجون المسؤولية ويوحّدون صفوفهم ويقررون ألا يبيعوا للمحطات بأقل من سعر معين، وأن يتم التنسيق بينهم فلا يظهر عملان أو أكثر في السنة عن الموضوع نفسه؟ لماذا لا يفكرون بحل هذه المشكلات قبل أن يفكروا بمن أخذ مكان من؟ العمل الجيد ستسعى المحطات كلها لعرضه.
- هناك من يقول إن شركات سورية تعتمد الدبلجة زاداً لها نقلت نشاطها إلى خارج سورية، فما مدى صحة هذا الكلام؟
لا تصدّق هذا الكلام، فهناك صحافي أو اثنان تخيّلا هذه المشكلة ونشرا عنها، ولكن 75 في المئة من الشركات السورية الفنية وغير الفنية لديها رخص عمل في دول أخرى، وهذا أمر تقليدي وروتيني لأنه حتى اليوم ليس لدينا تلك التسهيلات المصرفية وهذا أمر ليس بجديد.
- أين أنت من الدراما المصرية اليوم؟
عُرضت علي أعمال عدة إلا أنني لم أحب المشاركة فيها، ولكن عندما يكون هناك دور جيد ضمن ظروف عمل جيدة ومحترمة فلِم لا، إن كان في مصر أو غير مصر، ففي النتيجة نحن ممثلون ونعمل في أي مكان، ومصر فيها الكثير من الفنانين لذلك ينبغي أن أقتنع بأن الدور مناسب لي ويحتاجني، وعندها يمكنني المشاركة.
إلى أي مدى الفنان معني بالهمّ والشأن العام؟
هناك فنانون متطوعون يعملون بعيداً عن الضوء ولا أحد يعرف ما يقدّمونه خاصة في ميدان العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن الفنان هو الأقدر على المساعدة في مثل هذه الحملات لأن الضوء يسلط عليه، ولكن نبقى أقلّ من غيرنا فلم نعرف بعد كيف نعطي هذا الموضوع حقه كما ينبغي...