السؤال:
من هم آل عمران الذين ذكر الله اصطفاءهم في سورة " آل عمران " ، وما هي فضائلهم وخصائصهم ، وهل موسى بن عمران عليه السلام منهم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
آل عمران من المؤمنين الذين أخبر الله عز وجل أنه اصطفاهم وفضلهم على العالمين ،
وذلك في قوله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ
إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ . ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ
بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي
نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا
أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى
وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ . فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا
نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا
الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ ) سورة آل عمران/33-37.
وظاهر من الآيات الكريمات أن " عمران " المقصود فيها هو والد " مريم " عليها السلام
، وليس عمران والد نبي الله موسى عليه السلام – كما ذهب إليه بعض المفسرين -، وقد
قال المفسرون : إن ما بين العمرانين ألفا وثمانمائة سنة .
يقول ابن كثير رحمه الله :
" المراد بعمران هذا : هو والد مريم بنت عمران ، أم عيسى ابن مريم عليهم السلام "
انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (2/33)
ويقول الطاهر بن عاشور رحمه الله :
" وأما آل عمران : فهم مريم ، وعيسى ، فمريم بنت عمران بن ماتان كذا سماه المفسرون
، وكان من أحبار اليهود وصالحيهم ، وأصله بالعبرانية ( عمرام ) بميم في آخره ، فهو
أبو مريم . وفي كتب النصارى : أن اسمه ( يوهاقيم )، فلعله كان له اسمان ، ومثله
كثير .
وليس المراد هنا عمران والد موسى وهارون ؛ إذ المقصود هنا التمهيد لذكر مريم وابنها
عيسى ، بدليل قوله : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَان ) " انتهى.
" التحرير والتنوير " (3/84)
ثانيا :
وأما أوجه اصطفاء " آل عمران " على البشر فهي كثيرة عديدة ، منها :
إكرامهم بإدراج النبوة فيهم ، وذلك في نبي الله عيسى عليه السلام الذي كان من أولي
العزم من الرسل ، وفي نبي الله يحيى عليه السلام ، فهو ابن خالة المسيح عليه السلام
،
ولدته " إيشاع " أخت مريم في قول جمهور المفسرين ، فهو إذن من آل عمران وذريته .
وانظر جواب السؤال رقم : (82569)
اصطفاؤهم بجعلهم بيت صلاح وخير وتقوى ، فقد كان بيت آل عمران مشهورا بالدين
والعبادة ، واشتهر في كتب التاريخ أن عمران كان من صالحي أهل زمانه ، كما ذكر
القرآن الكريم أن امرأة عمران نذرت ما في بطنها لله سبحانه ، كي يكون وقفا على
العبادة ، وذلك في قوله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي
نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي
مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) وكل ذلك
بسبب إكرام الله عز وجل لهم ،
واصطفائه إياهم على أهل زمانهم ببلوغهم كمال الصلاح والديانة .
ثم إن من أوجه اصطفائهم تلك الفضائل الكثيرة الواردة لأفرادهم ، والقرآن الكريم
مليء
بالآيات التي تتحدث عن عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام ، وعن عظيم منزلتهما
وكرامتهما عند الله تعالى ، كقوله عز وجل : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا
مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ
بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) آل
عمران/45، وقوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ
اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ
وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/42 ، وفي القرآن الكريم أيضا
ذكر لبعض ما
خص الله عز وجل به عيسى بن مريم وأمه ، وذلك في قوله سبحانه : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ
يَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ
أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي
الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ
الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ
الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ
الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا
إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ) المائدة/110. كما وردت الآيات أيضا تتحدث عن نبي الله يحيى
عليه السلام ، حتى قال الله عز وجل عنه : ( لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ
سَمِيًّا ) مريم/7.
وهكذا ففضائل آل عمران متواترة في الكتاب والسنة ، وهي دليل ظاهر على أن أهل هذا
البيت الكريم من المصطفين عند الله عز وجل .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن عمران المذكور بالاصطفاء
هنا : هو والد نبي الله موسى ، عليه السلام ، وفي المراد بآل عمران أقوال أخرى .
ينظر : "النكت والعيون" للماوردي (1/386) ، "مفاتيح الغيب للرازي" (8/20-21) .
وما ذكرناه أولا أظهر ، وأقرب لسياق الآيات .
والله أعلم .
من هم آل عمران الذين ذكر الله اصطفاءهم في سورة " آل عمران " ، وما هي فضائلهم وخصائصهم ، وهل موسى بن عمران عليه السلام منهم ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
آل عمران من المؤمنين الذين أخبر الله عز وجل أنه اصطفاهم وفضلهم على العالمين ،
وذلك في قوله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ
إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ . ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ
بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي
نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا
أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى
وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ
الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ . فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا
نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا
الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ
حِسَابٍ ) سورة آل عمران/33-37.
وظاهر من الآيات الكريمات أن " عمران " المقصود فيها هو والد " مريم " عليها السلام
، وليس عمران والد نبي الله موسى عليه السلام – كما ذهب إليه بعض المفسرين -، وقد
قال المفسرون : إن ما بين العمرانين ألفا وثمانمائة سنة .
يقول ابن كثير رحمه الله :
" المراد بعمران هذا : هو والد مريم بنت عمران ، أم عيسى ابن مريم عليهم السلام "
انتهى.
" تفسير القرآن العظيم " (2/33)
ويقول الطاهر بن عاشور رحمه الله :
" وأما آل عمران : فهم مريم ، وعيسى ، فمريم بنت عمران بن ماتان كذا سماه المفسرون
، وكان من أحبار اليهود وصالحيهم ، وأصله بالعبرانية ( عمرام ) بميم في آخره ، فهو
أبو مريم . وفي كتب النصارى : أن اسمه ( يوهاقيم )، فلعله كان له اسمان ، ومثله
كثير .
وليس المراد هنا عمران والد موسى وهارون ؛ إذ المقصود هنا التمهيد لذكر مريم وابنها
عيسى ، بدليل قوله : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَان ) " انتهى.
" التحرير والتنوير " (3/84)
ثانيا :
وأما أوجه اصطفاء " آل عمران " على البشر فهي كثيرة عديدة ، منها :
إكرامهم بإدراج النبوة فيهم ، وذلك في نبي الله عيسى عليه السلام الذي كان من أولي
العزم من الرسل ، وفي نبي الله يحيى عليه السلام ، فهو ابن خالة المسيح عليه السلام
،
ولدته " إيشاع " أخت مريم في قول جمهور المفسرين ، فهو إذن من آل عمران وذريته .
وانظر جواب السؤال رقم : (82569)
اصطفاؤهم بجعلهم بيت صلاح وخير وتقوى ، فقد كان بيت آل عمران مشهورا بالدين
والعبادة ، واشتهر في كتب التاريخ أن عمران كان من صالحي أهل زمانه ، كما ذكر
القرآن الكريم أن امرأة عمران نذرت ما في بطنها لله سبحانه ، كي يكون وقفا على
العبادة ، وذلك في قوله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي
نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي
مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) وكل ذلك
بسبب إكرام الله عز وجل لهم ،
واصطفائه إياهم على أهل زمانهم ببلوغهم كمال الصلاح والديانة .
ثم إن من أوجه اصطفائهم تلك الفضائل الكثيرة الواردة لأفرادهم ، والقرآن الكريم
مليء
بالآيات التي تتحدث عن عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام ، وعن عظيم منزلتهما
وكرامتهما عند الله تعالى ، كقوله عز وجل : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا
مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ
بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) آل
عمران/45، وقوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ
اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ
وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/42 ، وفي القرآن الكريم أيضا
ذكر لبعض ما
خص الله عز وجل به عيسى بن مريم وأمه ، وذلك في قوله سبحانه : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ
يَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ
أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي
الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ
وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ
الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ
الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ
الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا
إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ) المائدة/110. كما وردت الآيات أيضا تتحدث عن نبي الله يحيى
عليه السلام ، حتى قال الله عز وجل عنه : ( لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ
سَمِيًّا ) مريم/7.
وهكذا ففضائل آل عمران متواترة في الكتاب والسنة ، وهي دليل ظاهر على أن أهل هذا
البيت الكريم من المصطفين عند الله عز وجل .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن عمران المذكور بالاصطفاء
هنا : هو والد نبي الله موسى ، عليه السلام ، وفي المراد بآل عمران أقوال أخرى .
ينظر : "النكت والعيون" للماوردي (1/386) ، "مفاتيح الغيب للرازي" (8/20-21) .
وما ذكرناه أولا أظهر ، وأقرب لسياق الآيات .
والله أعلم .