في
معركة القادسية :خرج رجل من أهل فارس ، ينادي : " من يبارز ؟ " ، فبرز له
علباء بن جحش العجلي ، فضربه ضربة أصابته في صدره فشقّت رئته ، وضربه الآخر
ضربة أصابته في بطنه فشقّت أمعاءه ، وسقطا معا إلى الأرض ، فأما الفارسي
فمات من ساعته ، وأما علباء فلم يستطع القيام ، وحاول إعادة أمعاءه إلى
مكانها فلم يقدر ، حتى مرّ به رجل من المسلمين ، فقال له : " يا هذا ،
أعنّي على بطني " ، فأدخل له أمعاءه ، فزحف نحو صف فارس دون أن يلتفت إلى
المسلمين وراءه ، فأدركه الموت على بعد ثلاثين ذراعا من مصرعه ، وهو يقول :
أرجو بها من ربنا ثوابا ... قد كنت ممن أحسن الضرابا
ثم فاضت نفسه رحمه الله .
عن
حاتم الأصم قال : " كنا مع شقيق البلخي ونحن مواجهون للترك في يوم لا أرى
فيه إلا رؤوسا تندر ، وسيوفا تقطع ، ورماحا تقصر ، فقال لي شقيق ونحن بين
الصفين : كيف ترى نفسك يا حاتم ؟ أتراها في مثل الليلة التي زفت إليك
امرأتك ؟ ، قلت : لا والله ، قال : لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثله
في الليلة التي زفت فيها امرأتي . ثم نام بين الصفين ودرعه تحت رأسه ، حتى
سمعتُ غطيطه ، قال حاتم : ورأيت رجلا من أصحابنا في ذلك اليوم يبكي ، فقلت
: مالك ؟ ، قال : قُتل أخي ، قلت : حظ أخيك ، صار إلى الله وإلى رضوانه ،
فقال لي : اسكت !!ما أبكي أسفا عليه ولا على قتله ، ولكني أبكي أسفا أن
أكون دريت كيف كان صبره لله عند وقوع السيف به ، ففي ذاك اليوم أخذني تركي
فأضجعني للذبح ، فلم يكن قلبي به مشغولا ، بل كان قلبي بالله مشغولا ، أنظر
ماذا يأذن الله له فيّ ، فبينا هو يطلب السكين من جفنه إذ جاءه سهم غائر
فذبحه فألقاه عني " .
وعن إبراهيم بن شماس قال : " كنت أكاتب أحمد بن
إسحاق السرماري ، فكتب إليّ : إذا أردت الخروج إلى بلاد الغزية في شراء
الأسرى فاكتب إليّ ، فكتبت إليه لما عزمت على المسير ، فقدم سمرقند فخرجنا
، فلما علم قائد الكفر استقبلنا في عدة من جيوشه ، فأقمنا عنده ، فعرض
يوما جيشه ، فمرّ رجل فعظّمه وبالغ في تفخيمه ، فسألني عنه السرماري ، فقلت
: هذا رجل مبارز يعد بألف فارس ، فقال لي : أنا أبارزه . فسكتُّ ، فقال
قائد الكفر : ما يقول هذا ؟ قلت : يقول كذا وكذا ، فاستخفّ به وقال : لعله
سكران لا يشعر . فلما كان الغد ركبوا ، فركب السرماري معه عمود في كمّه ،
فقام بإزاء المبارز فقصده ، فهرب السرماري حتى باعده من الجيش ، ثم كرّ
وضربه بالعمود وقتله ، وعلم قائد الكفر بذلك فجهز في طلبه خمسين فارسا
فأدركوه ، فثبت تحت تلٍ مختفيا ، حتى مروا كلهم واحدا بعد واحد ، وجعل يضرب
بعموده من ورائهم إلى أن قتل تسعة وأربعين ، وأمسك واحدا ، فقطع أنفه
وأذنيه ، وأطلقه ليخبر قائد الكفر " . ثم بعد عامين توفي أحمد وذهب ابن
شماس في فداء أسارى المسلمين ، فقال له قائد الكفر : " من ذاك الذي قتل
فرساننا ؟ " ، قال : " ذاك أحمد السرماري " ، قال : " فلم لم تحمله معك ؟ "
، قلت : " لقد توفي " ، فصكّ في وجهه وقال : " لو أعلمتني أنه هو لكنت
أعطيه خمسمائة برذون وعشرة آلاف شاة " .
وعن أبي أمية الغفاري قال : "
كنا في غزاة لنا فحضر عدوهم ، والناس مصطفون لملاقاة العدو ، إذا رجل أمامي
: رأس فرسي عند عجز فرسه ، وهو يخاطب نفسه ويقول : أي نفس ألم أشهد مشهد
كذا وكذا ؟ فقلت لي : أهلك وعيالك ، فأطعتك ورجعت ؟ ألم أشهد مشهد كذا وكذا
فقلت لي : أهلك وعيالك ، فأطعتك ورجعت ؟ والله لأعرضنك اليوم على الله ،
أخذك أو تركك . فقلت : لأرمقنه اليوم . فرمقته فحمل الناس على عدوهم فكان
في أوائلهم ، ثم إن العدو حمل على الناس فانكشفوا فكان في حماتهم ، ثم إن
الناس حملوا فكان في أوائلهم ، ثم حمل العدو وانكشف الناس فكان في حماتهم .
قال : فوالله ما زال ذلك دأبه حتى رأيته صريعا . فعددت به وبدابته ستين أو
أكثر من ستين طعنة " .
معركة القادسية :خرج رجل من أهل فارس ، ينادي : " من يبارز ؟ " ، فبرز له
علباء بن جحش العجلي ، فضربه ضربة أصابته في صدره فشقّت رئته ، وضربه الآخر
ضربة أصابته في بطنه فشقّت أمعاءه ، وسقطا معا إلى الأرض ، فأما الفارسي
فمات من ساعته ، وأما علباء فلم يستطع القيام ، وحاول إعادة أمعاءه إلى
مكانها فلم يقدر ، حتى مرّ به رجل من المسلمين ، فقال له : " يا هذا ،
أعنّي على بطني " ، فأدخل له أمعاءه ، فزحف نحو صف فارس دون أن يلتفت إلى
المسلمين وراءه ، فأدركه الموت على بعد ثلاثين ذراعا من مصرعه ، وهو يقول :
أرجو بها من ربنا ثوابا ... قد كنت ممن أحسن الضرابا
ثم فاضت نفسه رحمه الله .
عن
حاتم الأصم قال : " كنا مع شقيق البلخي ونحن مواجهون للترك في يوم لا أرى
فيه إلا رؤوسا تندر ، وسيوفا تقطع ، ورماحا تقصر ، فقال لي شقيق ونحن بين
الصفين : كيف ترى نفسك يا حاتم ؟ أتراها في مثل الليلة التي زفت إليك
امرأتك ؟ ، قلت : لا والله ، قال : لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثله
في الليلة التي زفت فيها امرأتي . ثم نام بين الصفين ودرعه تحت رأسه ، حتى
سمعتُ غطيطه ، قال حاتم : ورأيت رجلا من أصحابنا في ذلك اليوم يبكي ، فقلت
: مالك ؟ ، قال : قُتل أخي ، قلت : حظ أخيك ، صار إلى الله وإلى رضوانه ،
فقال لي : اسكت !!ما أبكي أسفا عليه ولا على قتله ، ولكني أبكي أسفا أن
أكون دريت كيف كان صبره لله عند وقوع السيف به ، ففي ذاك اليوم أخذني تركي
فأضجعني للذبح ، فلم يكن قلبي به مشغولا ، بل كان قلبي بالله مشغولا ، أنظر
ماذا يأذن الله له فيّ ، فبينا هو يطلب السكين من جفنه إذ جاءه سهم غائر
فذبحه فألقاه عني " .
وعن إبراهيم بن شماس قال : " كنت أكاتب أحمد بن
إسحاق السرماري ، فكتب إليّ : إذا أردت الخروج إلى بلاد الغزية في شراء
الأسرى فاكتب إليّ ، فكتبت إليه لما عزمت على المسير ، فقدم سمرقند فخرجنا
، فلما علم قائد الكفر استقبلنا في عدة من جيوشه ، فأقمنا عنده ، فعرض
يوما جيشه ، فمرّ رجل فعظّمه وبالغ في تفخيمه ، فسألني عنه السرماري ، فقلت
: هذا رجل مبارز يعد بألف فارس ، فقال لي : أنا أبارزه . فسكتُّ ، فقال
قائد الكفر : ما يقول هذا ؟ قلت : يقول كذا وكذا ، فاستخفّ به وقال : لعله
سكران لا يشعر . فلما كان الغد ركبوا ، فركب السرماري معه عمود في كمّه ،
فقام بإزاء المبارز فقصده ، فهرب السرماري حتى باعده من الجيش ، ثم كرّ
وضربه بالعمود وقتله ، وعلم قائد الكفر بذلك فجهز في طلبه خمسين فارسا
فأدركوه ، فثبت تحت تلٍ مختفيا ، حتى مروا كلهم واحدا بعد واحد ، وجعل يضرب
بعموده من ورائهم إلى أن قتل تسعة وأربعين ، وأمسك واحدا ، فقطع أنفه
وأذنيه ، وأطلقه ليخبر قائد الكفر " . ثم بعد عامين توفي أحمد وذهب ابن
شماس في فداء أسارى المسلمين ، فقال له قائد الكفر : " من ذاك الذي قتل
فرساننا ؟ " ، قال : " ذاك أحمد السرماري " ، قال : " فلم لم تحمله معك ؟ "
، قلت : " لقد توفي " ، فصكّ في وجهه وقال : " لو أعلمتني أنه هو لكنت
أعطيه خمسمائة برذون وعشرة آلاف شاة " .
وعن أبي أمية الغفاري قال : "
كنا في غزاة لنا فحضر عدوهم ، والناس مصطفون لملاقاة العدو ، إذا رجل أمامي
: رأس فرسي عند عجز فرسه ، وهو يخاطب نفسه ويقول : أي نفس ألم أشهد مشهد
كذا وكذا ؟ فقلت لي : أهلك وعيالك ، فأطعتك ورجعت ؟ ألم أشهد مشهد كذا وكذا
فقلت لي : أهلك وعيالك ، فأطعتك ورجعت ؟ والله لأعرضنك اليوم على الله ،
أخذك أو تركك . فقلت : لأرمقنه اليوم . فرمقته فحمل الناس على عدوهم فكان
في أوائلهم ، ثم إن العدو حمل على الناس فانكشفوا فكان في حماتهم ، ثم إن
الناس حملوا فكان في أوائلهم ، ثم حمل العدو وانكشف الناس فكان في حماتهم .
قال : فوالله ما زال ذلك دأبه حتى رأيته صريعا . فعددت به وبدابته ستين أو
أكثر من ستين طعنة " .