بينما يختلف الفلسطينون فلسطين تتهود !
بقلم: دكتور ناجى صادق شراب
دكتور ناجى صادق شراب \أستاذ العلوم السياسية
قد يبدو مفيدا إسترجاع الذاكرة التاريخية وإستحضارها حتى يمكن
فهم وتفسير مشاهد الحالة الفلسطينية ، وفصولها المتاعقبة وصولا للتنبؤ
بالفصل الأخيرمن رواية الشعب الفلسطينى الوطنية والتاريخية في طريق
الإستقلال السياسى وبناء دولتهم مثل بقية شعوب الأرض ، وتماما مثل إسرائيل
التي نجحت ليس فقط في دولتها ، بل وتثبيت وجودها سياسيا في محيطها العربى
والفلسطينى الذي منحها الإعتراف بهذا الوجود.فصول الرواية الحالية لا تختلف
كثيرا عن الفصول ألأولى ، قد تختلف المسميات ، لكن يبقى جوهر الرواية
واحدا لا يتغير الحيلولة دون أن يصل بطل الرواية لأرضه يعمرها ويبنيها ،
ويؤسس لدولة تكون بحق نموذجا لأرض دول الرسل والأنبياء، أى دولة رسالتها
السلام وألأمن والعدالة الإنسانية . التاريخ بجبروته وجبروت القوى المتحكمة
فيه حالت دون أن يكون للفلسطينيين دولتهم ، في الوقت الذي شجعت فيه علي
قيام إسرائيل كدولة وتحقيق حلم الشعب اليهودى بدولة على فلسطين . وبقراءة
مقارنة لتاريخ الحركة الصهيونية ، وتاريخ حركة النضال الفلسطينى يكمن سبب
التراجع خطوات ، والتقدم خطوة واحدة في نفس المكان ، وسبب التعثر والفشل
الذي واجه مسيرة النضال الفلسطينى . وقبل ألإشارة إلى هذه ألأساب أذكر
بالسؤال لماذا نجحت الحركة الصهيونية ، في الوقت الذي فشلت فيه الحركة
الفلسطينية ؟ ودون الخوض في تفاصيل تاريخية كثيرة أشير فقط إلى عاملين
رئيسيين أو ثلاثة ، وهى عوامل في الوقت ذاته لم تتوفر فى النموذج الفلسطينى
المقابل ، العامل ألأول في النجاح توفر رؤية سياسية واضحة ، وهدف محدد،
وهذا ما أقرته الحركة الصهيونية في أول مؤتمر لها ببال السويسرية عام 1789 ،
والذى حدد هدفا رئيسيا لم نقرأه جيدا وهو قيام دولة يهودية في فلسطين ،
وحددت هذه الرؤية تحقيق هذا الهدف في غضون خمسين عاما ، وهو ما تحقق، وفى
رأى هذا ليس من باب النبؤة السياسية ، بقدر ما هو رؤية عرفت ماذا تريد
بآليات ووسائل واقعية ، وهذا هو العامل الثانى :توفير كل آدوات وعناصر
القوة سواء على مستوى الحركة نفسها ، أو على مستوى الحشد الدولى الداعم
والحاضن لأهداف الحركة الصهيونية التي نجحت في توظيف وتسخير كل قدرات
الدولة المتحكمة في صناعة القرار الدولى بدءا بفرنسا وبريطانيا وحتى الدولة
العثمانية حاولت معها ، وأخيرا بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية ،
وكانت محصلة هذه الرؤية نجاح الحركة الصهيونية في إنتزاع قرار من ألأمم
المتحدة عام 1947 بقرار رقم 181 والذى أيد قيام دولة إسرائيل، والتي لم
تكتفى بهذا الهدف الثانوى ، وعملت على الحصول علي مزيد من الإعتراف فيها
كدولة للشعب اليهودى ، وهذان العاملان ما كانا يمكن أن يتحققا بدون توافر
العامل الثالث وهو ألأهم توافر القيادة المؤثرة والقادرة على تجسيد أهداف
الحركة الصهيونية ، ووهذه القيادة وإن تعددت في إسرائيل إلا أنها كلها
تلتقى حول هدف واحد، وما لفت إنتباهى هنا ليس فقط توفر القيادة السياسية
التي تقود وتتخذ القرار السياسي ، ولكن القيادة الفكرية من أمثال موسى هسس،
وليوبنسكر والتي أسست لفكرة العودة لأرض فلسطين ، والقيادة الدينية التي
منحت المرجعية الدينية ذات الصبغة القدسية لمفهوم العودة .والسؤال هل توفرت
هذه العوامل الثلاث فقط دون غيرها في الحالة الفلسطينية ؟ أعرف أن إجابتى
قد تثير النقد والرفض لما أقوله أنه لم تتوفر هذه العناصر الثلاث ، ولأنه
لو توفرت لنجحنا منذ زمن بعيد في تحقيق هدف قيام الدولة الفلسطينية ، وعلى
أقل درجة لحصرنا إسرائيل كدولة في حدود مساحة لا تزيد عن 55 في المائة كما
جاء في قرار رقم 181 ، ويمكن القول اكثر بأنه لوتوفرت لدينا هذه الرؤية ما
قامت إسرائيل كدولة .وحتى ألأن ما الذي يحدث تنازع وصراع حول الخيارات
الفلسطينية ، هل نريد مفاوضات أو مقاومة وأى مقاومة ؟ وكل فريق يخون الفريق
الآخر ، ويخون رؤيته ، ويرفضها بالمطلق، اما عن التعامل مع المحيط
ألإقليمى والدولى فالفارق كبير بين الرؤيتين الفلسطينية والإسرائيلية ،
فلسطينيا تم رهن القرار الفلسطينى لحسابات إقليمية ودولية ، ووضع القضية
الفسطينية في خدمة مصالح دول اخرى وليس المصلحة الفلسطينية ، على عكس
إسرائيل التي نجحت في توظيف قوة المتغير الدولى لحساب مصلحة إسرائيل
والعلاقة مع الولايات المتحدة دليل على ذلك.أما عن توفر عنصر القيادة ، انا
لا انكر وجود قيادة فلسطينية ، لكنها لم توجد على نفس المستوى ، ففى
البداية كانت القيادة الفلسطينية تتمحور حول القيادات العائلية وألعشائرية
وألأسرية والتي أختزلت القضية الفلسطينية في إطار اسرى عائلى اكثر منه وطنى
، واليوم لدينا قيادات على مستوى الحزب والتنظيم وأيضا أخذت معها القضية
الفلسطينية إلى أطر تنظيمية ضيقة ، وأخضعتها لحسابات شخصية ، وإنجازات
حزبية . والمحصلة النهائية بعد أكثر من ستين عاما حصلنا علي دولة مراقب فى
ألأمم المتحدة ، وإنقسام سياسى بغزة بعيدة عن الجزء الثانى من الدولة
الفلسطينية اى الضفة الغربية . ولدينا نماذج قيادية فكرية وتنظيمية ودينية
مجزأة ، ومنفرة ، ولغتها فقط التهكم والسخرية والرفض والتخوين , وفى ظل هذه
الأجواء لم تفقد إسرائيل رؤيتها فأستمرت في عملية التهويد والإستيطان
للآراضى الفلسطينية مستفيدة من حالة البعثرة السياسية الفلسطينية ، ومن
حالة إنقسام جعلت الفلسطينين يبحثون عن حكم وسلطة فقط ، وأى رؤية ترتبط
بالحكم والسلطة هى رؤية قصيرة ومحكوم عليها بالفشل. وهنا اخيرا الإجابة على
السؤال لماذا نجحوا ولماذا فشلنا؟ ويوم أن تدرك إسرائيل أن للفلسطينيين
رؤية سياسية واقعية ، وقيادة مبدعة ومفكرة وملهمة ، وقدرة على توظيف
المتغيرات والفاعلين الإقليميين والدوليين للصالح الفلسطينى عندها ستراجع
إسرائيل ومعها العالم كيف تتعامل مع الفلسطينيين كقيادة ورؤية واحدة.
فهم وتفسير مشاهد الحالة الفلسطينية ، وفصولها المتاعقبة وصولا للتنبؤ
بالفصل الأخيرمن رواية الشعب الفلسطينى الوطنية والتاريخية في طريق
الإستقلال السياسى وبناء دولتهم مثل بقية شعوب الأرض ، وتماما مثل إسرائيل
التي نجحت ليس فقط في دولتها ، بل وتثبيت وجودها سياسيا في محيطها العربى
والفلسطينى الذي منحها الإعتراف بهذا الوجود.فصول الرواية الحالية لا تختلف
كثيرا عن الفصول ألأولى ، قد تختلف المسميات ، لكن يبقى جوهر الرواية
واحدا لا يتغير الحيلولة دون أن يصل بطل الرواية لأرضه يعمرها ويبنيها ،
ويؤسس لدولة تكون بحق نموذجا لأرض دول الرسل والأنبياء، أى دولة رسالتها
السلام وألأمن والعدالة الإنسانية . التاريخ بجبروته وجبروت القوى المتحكمة
فيه حالت دون أن يكون للفلسطينيين دولتهم ، في الوقت الذي شجعت فيه علي
قيام إسرائيل كدولة وتحقيق حلم الشعب اليهودى بدولة على فلسطين . وبقراءة
مقارنة لتاريخ الحركة الصهيونية ، وتاريخ حركة النضال الفلسطينى يكمن سبب
التراجع خطوات ، والتقدم خطوة واحدة في نفس المكان ، وسبب التعثر والفشل
الذي واجه مسيرة النضال الفلسطينى . وقبل ألإشارة إلى هذه ألأساب أذكر
بالسؤال لماذا نجحت الحركة الصهيونية ، في الوقت الذي فشلت فيه الحركة
الفلسطينية ؟ ودون الخوض في تفاصيل تاريخية كثيرة أشير فقط إلى عاملين
رئيسيين أو ثلاثة ، وهى عوامل في الوقت ذاته لم تتوفر فى النموذج الفلسطينى
المقابل ، العامل ألأول في النجاح توفر رؤية سياسية واضحة ، وهدف محدد،
وهذا ما أقرته الحركة الصهيونية في أول مؤتمر لها ببال السويسرية عام 1789 ،
والذى حدد هدفا رئيسيا لم نقرأه جيدا وهو قيام دولة يهودية في فلسطين ،
وحددت هذه الرؤية تحقيق هذا الهدف في غضون خمسين عاما ، وهو ما تحقق، وفى
رأى هذا ليس من باب النبؤة السياسية ، بقدر ما هو رؤية عرفت ماذا تريد
بآليات ووسائل واقعية ، وهذا هو العامل الثانى :توفير كل آدوات وعناصر
القوة سواء على مستوى الحركة نفسها ، أو على مستوى الحشد الدولى الداعم
والحاضن لأهداف الحركة الصهيونية التي نجحت في توظيف وتسخير كل قدرات
الدولة المتحكمة في صناعة القرار الدولى بدءا بفرنسا وبريطانيا وحتى الدولة
العثمانية حاولت معها ، وأخيرا بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية ،
وكانت محصلة هذه الرؤية نجاح الحركة الصهيونية في إنتزاع قرار من ألأمم
المتحدة عام 1947 بقرار رقم 181 والذى أيد قيام دولة إسرائيل، والتي لم
تكتفى بهذا الهدف الثانوى ، وعملت على الحصول علي مزيد من الإعتراف فيها
كدولة للشعب اليهودى ، وهذان العاملان ما كانا يمكن أن يتحققا بدون توافر
العامل الثالث وهو ألأهم توافر القيادة المؤثرة والقادرة على تجسيد أهداف
الحركة الصهيونية ، ووهذه القيادة وإن تعددت في إسرائيل إلا أنها كلها
تلتقى حول هدف واحد، وما لفت إنتباهى هنا ليس فقط توفر القيادة السياسية
التي تقود وتتخذ القرار السياسي ، ولكن القيادة الفكرية من أمثال موسى هسس،
وليوبنسكر والتي أسست لفكرة العودة لأرض فلسطين ، والقيادة الدينية التي
منحت المرجعية الدينية ذات الصبغة القدسية لمفهوم العودة .والسؤال هل توفرت
هذه العوامل الثلاث فقط دون غيرها في الحالة الفلسطينية ؟ أعرف أن إجابتى
قد تثير النقد والرفض لما أقوله أنه لم تتوفر هذه العناصر الثلاث ، ولأنه
لو توفرت لنجحنا منذ زمن بعيد في تحقيق هدف قيام الدولة الفلسطينية ، وعلى
أقل درجة لحصرنا إسرائيل كدولة في حدود مساحة لا تزيد عن 55 في المائة كما
جاء في قرار رقم 181 ، ويمكن القول اكثر بأنه لوتوفرت لدينا هذه الرؤية ما
قامت إسرائيل كدولة .وحتى ألأن ما الذي يحدث تنازع وصراع حول الخيارات
الفلسطينية ، هل نريد مفاوضات أو مقاومة وأى مقاومة ؟ وكل فريق يخون الفريق
الآخر ، ويخون رؤيته ، ويرفضها بالمطلق، اما عن التعامل مع المحيط
ألإقليمى والدولى فالفارق كبير بين الرؤيتين الفلسطينية والإسرائيلية ،
فلسطينيا تم رهن القرار الفلسطينى لحسابات إقليمية ودولية ، ووضع القضية
الفسطينية في خدمة مصالح دول اخرى وليس المصلحة الفلسطينية ، على عكس
إسرائيل التي نجحت في توظيف قوة المتغير الدولى لحساب مصلحة إسرائيل
والعلاقة مع الولايات المتحدة دليل على ذلك.أما عن توفر عنصر القيادة ، انا
لا انكر وجود قيادة فلسطينية ، لكنها لم توجد على نفس المستوى ، ففى
البداية كانت القيادة الفلسطينية تتمحور حول القيادات العائلية وألعشائرية
وألأسرية والتي أختزلت القضية الفلسطينية في إطار اسرى عائلى اكثر منه وطنى
، واليوم لدينا قيادات على مستوى الحزب والتنظيم وأيضا أخذت معها القضية
الفلسطينية إلى أطر تنظيمية ضيقة ، وأخضعتها لحسابات شخصية ، وإنجازات
حزبية . والمحصلة النهائية بعد أكثر من ستين عاما حصلنا علي دولة مراقب فى
ألأمم المتحدة ، وإنقسام سياسى بغزة بعيدة عن الجزء الثانى من الدولة
الفلسطينية اى الضفة الغربية . ولدينا نماذج قيادية فكرية وتنظيمية ودينية
مجزأة ، ومنفرة ، ولغتها فقط التهكم والسخرية والرفض والتخوين , وفى ظل هذه
الأجواء لم تفقد إسرائيل رؤيتها فأستمرت في عملية التهويد والإستيطان
للآراضى الفلسطينية مستفيدة من حالة البعثرة السياسية الفلسطينية ، ومن
حالة إنقسام جعلت الفلسطينين يبحثون عن حكم وسلطة فقط ، وأى رؤية ترتبط
بالحكم والسلطة هى رؤية قصيرة ومحكوم عليها بالفشل. وهنا اخيرا الإجابة على
السؤال لماذا نجحوا ولماذا فشلنا؟ ويوم أن تدرك إسرائيل أن للفلسطينيين
رؤية سياسية واقعية ، وقيادة مبدعة ومفكرة وملهمة ، وقدرة على توظيف
المتغيرات والفاعلين الإقليميين والدوليين للصالح الفلسطينى عندها ستراجع
إسرائيل ومعها العالم كيف تتعامل مع الفلسطينيين كقيادة ورؤية واحدة.
دكتور ناجى صادق شراب \أستاذ العلوم السياسية