بسم الله الرحمن الرحيـــم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان أول المخلوقات القلم ؛ ليكتب المقادير قبل كونها ، وجعل آدم وآخر المخلوقات ، وفي ذلك حكم :
أحدها : تمهيد الدار قبل الساكن .
الثانية : أنه الغاية التي خلق لأجلها ما سواه من السموات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر .
الثالثة : أن أحذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته ، كما يبدؤه بأساسه ومبادئه .
الرابعة : أن النفوس متطلعة إلى النهايات
والأواخر دائما ، و لهذا قال موسى للسحرة أولا : (( ألقوا ما أنتم ملقون
)) ، فلما رأى الناس فعلهم تطلعوا إلى ما يأتي بعده .
الخامسة : أن الله سبحانه أخر أفضل الكتب
والأنبياء والأمم إلى آخر الزمان ، وجعل الآخرة خيرا من الأولى ، و
النهايات أكمل من البدايات فكم بين قول الملك للرسول (( اقرأ )) فيقول :
ما أنا بقارئ ، وبين قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) .
السادسة : أن سبحانه جمع ما فرقه في العالم في آدم ، فهو العالم الصغير وفيه ما في العالم الكبير .
السابعة : أن خلاصة الوجود وثمرته ، فناسب أن يكون خلقه بعد الموجودات .
الثامنة : أن من كرامته على خالقه أنه هيأ له مصالحه وحوائجه وآلات معيشته وأسباب حياته فما رفع رأسه إلا وذلك كله حاضر عتيد .
التاسعة : أنه سبحانه أراد أن يظهر شرفه
وفضله على سائر المخلوقات فقدمها عليه في الخلق ، ولهذا قالت الملائكة
ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أكرم عليه منا ، فلما خلق آدم وأمرهم
بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم بالعلم والمعرفة ، فلما وقع في الذنب ظنت
الملائكة أن ذلك الفضل قد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنة ، فلما
تاب إلى ربه وأتى بتلك العبودية علمت الملائكة أن لله في خلقه سرا لا
يعلمه سواه .
العاشرة : أنه سبحانه لما افتتح خلق هذا
العالم بالقلم من أحسن المناسبة أن يختمه بخلق الإنسان فان القلم آلة
العلم والإنسان هو العالم ولهذا اظهر سبحانه فضل آدم على الملائكة بالعلم
الذي خص به دونهم .
كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان أول المخلوقات القلم ؛ ليكتب المقادير قبل كونها ، وجعل آدم وآخر المخلوقات ، وفي ذلك حكم :
أحدها : تمهيد الدار قبل الساكن .
الثانية : أنه الغاية التي خلق لأجلها ما سواه من السموات والأرض والشمس والقمر والبر والبحر .
الثالثة : أن أحذق الصناع يختم عمله بأحسنه وغايته ، كما يبدؤه بأساسه ومبادئه .
الرابعة : أن النفوس متطلعة إلى النهايات
والأواخر دائما ، و لهذا قال موسى للسحرة أولا : (( ألقوا ما أنتم ملقون
)) ، فلما رأى الناس فعلهم تطلعوا إلى ما يأتي بعده .
الخامسة : أن الله سبحانه أخر أفضل الكتب
والأنبياء والأمم إلى آخر الزمان ، وجعل الآخرة خيرا من الأولى ، و
النهايات أكمل من البدايات فكم بين قول الملك للرسول (( اقرأ )) فيقول :
ما أنا بقارئ ، وبين قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) .
السادسة : أن سبحانه جمع ما فرقه في العالم في آدم ، فهو العالم الصغير وفيه ما في العالم الكبير .
السابعة : أن خلاصة الوجود وثمرته ، فناسب أن يكون خلقه بعد الموجودات .
الثامنة : أن من كرامته على خالقه أنه هيأ له مصالحه وحوائجه وآلات معيشته وأسباب حياته فما رفع رأسه إلا وذلك كله حاضر عتيد .
التاسعة : أنه سبحانه أراد أن يظهر شرفه
وفضله على سائر المخلوقات فقدمها عليه في الخلق ، ولهذا قالت الملائكة
ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أكرم عليه منا ، فلما خلق آدم وأمرهم
بالسجود له ظهر فضله وشرفه عليهم بالعلم والمعرفة ، فلما وقع في الذنب ظنت
الملائكة أن ذلك الفضل قد نسخ ولم تطلع على عبودية التوبة الكامنة ، فلما
تاب إلى ربه وأتى بتلك العبودية علمت الملائكة أن لله في خلقه سرا لا
يعلمه سواه .
العاشرة : أنه سبحانه لما افتتح خلق هذا
العالم بالقلم من أحسن المناسبة أن يختمه بخلق الإنسان فان القلم آلة
العلم والإنسان هو العالم ولهذا اظهر سبحانه فضل آدم على الملائكة بالعلم
الذي خص به دونهم .
كتاب الفوائد لابن قيم الجوزية