الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أما بعد:
الصَّمَدُ
صفةٌ ذاتيةٌ لله - عز وجل -، وهو اسمٌ له ثابتٌ بالكتاب والسنة.
الدّليل مِنَ الكِتاب:
قال الله - تعالى- في سورة الإخلاص: ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ) ولم يَرِد هذا الاسم إلا في هذه السورة.
أما في السنة فذكر منها:
عن أبي هريرة -رضي الله
عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( قَالَ
اللَّهُ - عز وجل -: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ،
وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ
يَقُولَ إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ
إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ
الَّذِي لَمْ أَلِدْ، وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ، (
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) رواه
أحمد 8409 و البخاري 4620 و النسائي 2078.
وعن مِحْجَنَ بْنَ
الْأَدْرَعِ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-
الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ
يَتَشَهَّدُ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ
الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: فَقَالَ: (( قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ
لَهُ " ثَلَاثًا)). رواه أبي داود 837 و النسائي 1301.
وعن بريدة بن الحصيب
الأسلمي قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو
وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ
أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، قَالَ:
فَقَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ
الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ
أَعْطَى)). رواه أحمد 22439 و رواه الترمذي 3423 و ابن ماجه 3857 بهذا
اللفظ
وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم -، فَقَالَ: (( أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ فَقَرَأَ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ . حَتَّى خَتَمَهَا)) رواه
مسلم 1352
ذكرت هذا الحديث
لإثباته صفات الله - تعالى -. " قال النووي في شرح مسلم: قال القاضي: قال
المارزي: قيل معناه أن القرآن على ثلاثة أنحاء، قصص وأحكام وصفات لله -
تعالى -، و (قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ) متمحضة للصفات فهي ثلث، و جزء من ثلاثة
أجزاء."
معنى الصَّمَدُ:
قال الشيخ العدوي- حفظه الله -: " لأهل العلم أقوال كثيرة؛ منها ما يلي:
الأول: أن المراد
بالصمد هو الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد، كما في قوله -
تعالى -: ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)
[الإخلاص 3-4].
الثاني: أن الصمد هو الذي يصمد إليه (يقصده) الخلق في حوائجهم و مسائلهم، إذ لا يقدر على قضائها لهم غيره - سبحانه -.
الثالث: أن الصمد: المصمت الذي لا جوف له.
الرابع: أن الصمد: هو
السّيد الذي انتهت إليه السيادة في كل شيء فلا سيد فوقه، وهو الذي كمل في
سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم
الذي كمل في حلمه، والغني الذي كمل في غناه، والجبار الذي كمل في جبروته،
والعالم الذي كمل في علمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في
أنواع الشرف والسؤود، وهو الله - سبحانه وتعالى-، وهذه صفته التي لا تنبغي
إلا له.
الخامس: أن الصمد: الذي لا يأكل و لا يشرب.
السادس: أن الصمد: الباقي بعد فناء خلقه.
السابع: أن الصمد: الذي لا تصلح العبادة إلا له.
الثامن: أن الصمد: هو المستغني عن كل أحد و المحتاج إليه كل أحد.
التاسع: أن الصمد: الذي يفعل ما يشاء و يحكم بما يريد.
وثمَّ أقوال أخر والجمع بينها ممكن.
وقال الحافظ ابن كثير -
رحمه الله – تعالى: (بعد إيراده جمله من هذه الأقوال): "وقال الحافظ أبو
القاسم الطبراني في "كتاب السنة" له بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في
تفسير الصمد: " و كل هذه الأقوال صحيحة و هي صفات ربنا - عز وجل-، هو الذي
يُصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤوده، وهو الصمد الذي لا جوف
له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه". وقال البيهقي بنحوه. اهــ
(التَّسهيلُ لتأويلِ التنزيلِ سورة الإخلاص)
[ردّ شُبهه]:
لقد أنكر بعض الناس
القول بأن" الصمد الذي جوف له ولا يأكل ولا يشرب " وظنوا أن الملائكة
ليسوا صمد وأنها تأكل وتشرب وإلا فهذا تشبيه لله - تعالى-.
نقول و بالله التوفيق وبه نستعين:
قال الله - جل وعلا- في
حكاية ضيف إبراهيم - عليه السلام -: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا
تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا
تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) هود/70.
قال الطبري في تفسيره لهذه الآية: " كفوا عن أكله لأنهم لم يكونوا ممن يأكله "اهـ
وقال ابن كثير في تفسيره: " وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى طعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه". اهــ
وقد روى عبد الله بن أحمد في السنة
حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ
بْنُ خَارِجَةَ، نا عُثْمَانُ بْنُ عَلاقٍ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ حِصْنِ
بْنِ عَلاقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ يَقُولُ:
أَخْبَرَنِي الأَنْصَارِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((
أَنَّ الْمَلائِكَةَ قَالُوا: رَبَّنَا خَلَقْتَنَا وَخَلَقْتَ بَنِي
آدَمَ فَجَعَلْتَهُمْ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَشْرَبُونَ الشَّرَابَ
وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ وَيَرْكَبُونَ
الدَّوَابَّ وَيَنَامُونَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لَنَا مِنْ
ذَلِكَ شَيْئًا، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ لَنَا الآخِرَةَ،
فَقَالَ اللَّهُ، - عز وجل -: لا، فَأَعَادُوا الْقَوْلَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ
كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ
بِيَدَيَّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ
فَكَانَ)). 969
والحديث رجاله ثقات وله شواهد والأنصاري هو جابر بن عبد الله.
ورواه عبد الرزاق
موقوفاً في تفسيره عن معمر بن راشد عن زيد بن أسلم في قوله: (وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) قال: (( قالت الملائكة: يا ربنا إنك أعطيت بني
آدم الدنيا يأكلون منها، ويتنعمون، ولم تعطنا ذلك، فأعطناه في الآخرة،
فقال: وعزتي لا أجعل ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له كن فكان)). "(2/305)
ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية عن الحسن بن يحي عن عبد
الرزاق به(16987).
وفي الإسلام سؤال وجواب الآتي:
وقد نقل الفخر الرازي اتفاق العلماء، فقال - رحمه الله -:
" اتفقوا على أن
الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، يسبحون الليل والنهار لا
يفترون، وأما الجن والشياطين فإنهم يأكلون ويشربون " انتهى من " مفاتيح
الغيب " (1/76)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
"...وهم لا يأكلون ولا
يشربون، بل هم صُمْدٌ، ليسوا جُوْفا كالإنسان، وهم يتكلمون ويسمعون
ويبصرون ويصعدون وينزلون - كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة - وهم مع ذلك لا
تماثل صفاتهم وأفعالهم صفات الإنسان وفعله؛ فالخالق - تعالى -أعظم مباينة
لمخلوقاته من مباينة الملائكة للآدميين؛ فإن كليهما مخلوق، والمخلوق
أقرب إلى مشابهة المخلوق من المخلوق إلى الخالق - سبحانه وتعالى - " اهـ "
مجموع الفتاوى " (5/354)
ومن قال أن هذا تشبيه
لله - سبحانه وتعالى- نقول الله -عز وجل- وصف نفسه بأنه (سميع بصير)، ووصف
الإنسانَ أيضا بأنه سميع بصير في قوله - سبحانه -: (إِنَّا خَلَقْنَا
الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا
بَصِيرًا) الإنسان/2، وذلك لا يستلزم تماثل صفتي السمع والبصر ما بين
الخالق والمخلوق، وإنما يعني أن ذهن الإنسان يفهم من معنى السمع قدرا
يتصوره في حق الخالق والمخلوق، وإن كان يجهل حقيقة ما يناسب الخالق من هذا
السمع، كما أنه يجهل ما يناسب كل مخلوق من السمع، حتى يرى هذا المخلوق،
أو يوصف له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
" التشبيه الممتنع إنما هو مشابهة الخالق للمخلوق في:
1- شيء من خصائص المخلوق.
2- أو أن يماثله في شيء من صفات الخالق، فإن الرب - تعالى -منزه عن أن يوصف بشيء من خصائص المخلوق.
3- أو أن يكون له مماثل في شيء من صفات كماله.
4- وكذلك يمتنع أن
يشاركه غيره في شيء من أموره بوجه من الوجوه، بل يمتنع أن يشترك مخلوقان
في شيء موجود في الخارج، بل كل موجود في الخارج فإنه مختص بذاته وصفاته
القائمة به، لا يشاركه غيره فيها ألبتة، وإذا قيل هذان يشتركان في كذا،
كان حقيقته أن هذا يشابه هذا في ذلك المعنى، كما إذا قيل هذا الإنسان
يشارك هذا في الإنسانية، أو يشارك هذا الحيوان في الحيوانية، فمعناه أنهما
يتشابهان في ذلك المعنى، وإلا فنفس الإنسانية التي لزيد لا يشاركه فيها
غيره، وإنما يشتركان في نوع الإنسانية المطلقة، لا في الإنسانية القائمة
به. والإنسانيةُ المشتركةُ المطلقة هي في الأذهان، لا تكون في الأعيان
مشتركة مطلقة، فما هو موجود في الخارج لا اشتراك فيه، وما وقع فيه
الاشتراك هو الكلي المطلق الذي لا يكون كليا مطلقا إلا في الذهن، فإذا كان
المخلوق لا يشاركه غيره فيما له من ذاته وصفاته وأفعاله، فالخالق أولى أن
لا يشاركه غيره في شيء مما هو له - تعالى -. لكن المخلوق قد يماثل
المخلوق ويكافئه ويساميه، والله - سبحانه وتعالى - ليس له كفؤ ولا مثيل ولا
سمي "
وقال أيضاً " ليس مطلق
الموافقة في بعض الأسماء والصفات الموجبة نوعا من المشابهة تكون مقتضية
للتماثل والتكافؤ، بل ذلك لازم لكل موجودين، فإنهما لا بد أن يتفقا في بعض
الأسماء والصفات ويشتبها من هذا الوجه، فمن نفى ما لا بد منه كان معطلا،
ومن جعل شيئا من صفات الله مماثلا لشيء من صفات المخلوقين كان ممثلا.
والحق هو نفي التمثيل
ونفي التعطيل، فلا بد من إثبات صفات الكمال المستلزمة نفى التعطيل، ولا بد
من إثبات اختصاصه بما له على وجه ينفي التمثيل.
ولكن طائفة من الناس
يجعلون التمثيل والتشبيه واحدا ويقولون يمتنع أن يكون الشيء يشبه غيره من
وجه ويخالفه من وجه، بل عندهم كل مختلفين كالسواد والبياض فإنهما لم
يشتبها من وجه، وكل مشتبهين كالأجسام عندهم يقولون بتماثلها فإنها مماثلة
عندهم من كل وجه لا اختلاف بينهما إلا في أمور عارضة لها، وهؤلاء يقولون
كل من أثبت ما يستلزم التجسيم في اصطلاحهم فهو مشبه ممثل، وهذه طريقة كثير
من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية ومن وافقهم كالقاضي أبي يعلى في
المعتمد وغيره، وأما جمهور الناس فيقولون إن الشيء قد يشبه غيره من وجه
دون وجه، وهذا القول هو المنقول عن السلف والأئمة كالإمام أحمد وغيره "
انتهى باختصار يسير من " الصفدية " (1/101-102)(انتهى من الموقع برقم فتوى
160892)[انتهى رّد الشبهه و الحمد لله]
ولقد كان السبب في
كتابة هذه الورقات، أن هناك أناس يتكلمون في صفات الله و أسمائهُ -جل
وعلا- بالرأي، وكان منها اسم الله - تعالى- الصمد، وكلامهم كان عاري من
الدليل، أي كقالَ الله أو قالَ رَسولهُ - صلى الله عليه وسلم - أو أقوال
أهل العلم، و الله المستعان.
قالَ الإمامُ أحمد: "إياك أنْ تتكلم في مسألةٍ ليسَ لكَ فيها إمامٌ. "
عن الإمام الثَّوْرِيَّ أنّهُ قَالَ: "إِنِ اسْتَطَعْتَ، أَلا تَحُكَّ رَأْسَكَ إِلا بِأَثَرٍ فَافْعَلْ"
فكيف القول بالرأي في صفات الله؟!!
قال الله - تعالى -: (
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)
وقد بوب عليه الإمام
البخاري ترجمة باب العلم قبل القول و العمل، وقال الله تبارك اسمه لرسوله -
صلى الله عليه وسلم -: ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ
عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وقال - صلى الله عليه وسلم-: (( َمَنْ كَذَبَ
عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).
فكيف بالكذب على الله الواحد القهار؟!!
وأنصح هؤلاء العامة الذين ينتسبون إلى هذا العلم، في أن لا يخوضوا في دين الله - تعالى -إلا بعلم، وأن يتقوا الله - تعالى -.
قال العلامة بن باز -
رحمه الله - في أخر فتح المجيد: " ختم المصنف - رحمه الله - كتابه بتوحيد
الأسماء و الصفات لأن أكثر العامة ليس لهم التفات إلى هذا العلم الذي خاض
فيه من ينتسب إلى العلم. و أما من ينتسب إلى العلم فهم أخذوا عمن خاض في
هذه العلوم، و أحسنوا الظن بأهل الكلام، و ظنوا أنهم على شئ، فقبلوا ما
وجدوه عنهم، فقرروا مذهب الجهمية، و ألحدوا في توحيد الأسماء و الصفات، و
خالفوا ما دلت عليه نصوص الكتاب و السنة و ما عليه سلف الأمة و أئمة
الحديث و التفسير من المتقدمين و مازال أهل السنة متمسكين بذلك لكنهم
قلّوا.. "اهــ
وللأسف لكنهم قلوا.
والله أسأل أن يقينا فنتة القول والعمل، وأن يجعل ما كتبته خالصاً لوجهه، ولا يجعل لأحدٍ فيه شيئاً، وهو - سبحانه - من وراء القصد
الصَّمَدُ
صفةٌ ذاتيةٌ لله - عز وجل -، وهو اسمٌ له ثابتٌ بالكتاب والسنة.
الدّليل مِنَ الكِتاب:
قال الله - تعالى- في سورة الإخلاص: ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ) ولم يَرِد هذا الاسم إلا في هذه السورة.
أما في السنة فذكر منها:
عن أبي هريرة -رضي الله
عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( قَالَ
اللَّهُ - عز وجل -: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ،
وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ
يَقُولَ إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ
إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ
الَّذِي لَمْ أَلِدْ، وَلَمْ أُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ، (
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) رواه
أحمد 8409 و البخاري 4620 و النسائي 2078.
وعن مِحْجَنَ بْنَ
الْأَدْرَعِ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-
الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ
يَتَشَهَّدُ، وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ
الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ
لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ: فَقَالَ: (( قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ
لَهُ " ثَلَاثًا)). رواه أبي داود 837 و النسائي 1301.
وعن بريدة بن الحصيب
الأسلمي قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو
وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ
أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، قَالَ:
فَقَالَ: (( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ
الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ
أَعْطَى)). رواه أحمد 22439 و رواه الترمذي 3423 و ابن ماجه 3857 بهذا
اللفظ
وعَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم -، فَقَالَ: (( أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ فَقَرَأَ:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ . حَتَّى خَتَمَهَا)) رواه
مسلم 1352
ذكرت هذا الحديث
لإثباته صفات الله - تعالى -. " قال النووي في شرح مسلم: قال القاضي: قال
المارزي: قيل معناه أن القرآن على ثلاثة أنحاء، قصص وأحكام وصفات لله -
تعالى -، و (قُلْ هُوَ اللهُ أحدٌ) متمحضة للصفات فهي ثلث، و جزء من ثلاثة
أجزاء."
معنى الصَّمَدُ:
قال الشيخ العدوي- حفظه الله -: " لأهل العلم أقوال كثيرة؛ منها ما يلي:
الأول: أن المراد
بالصمد هو الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً أحد، كما في قوله -
تعالى -: ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)
[الإخلاص 3-4].
الثاني: أن الصمد هو الذي يصمد إليه (يقصده) الخلق في حوائجهم و مسائلهم، إذ لا يقدر على قضائها لهم غيره - سبحانه -.
الثالث: أن الصمد: المصمت الذي لا جوف له.
الرابع: أن الصمد: هو
السّيد الذي انتهت إليه السيادة في كل شيء فلا سيد فوقه، وهو الذي كمل في
سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم
الذي كمل في حلمه، والغني الذي كمل في غناه، والجبار الذي كمل في جبروته،
والعالم الذي كمل في علمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في
أنواع الشرف والسؤود، وهو الله - سبحانه وتعالى-، وهذه صفته التي لا تنبغي
إلا له.
الخامس: أن الصمد: الذي لا يأكل و لا يشرب.
السادس: أن الصمد: الباقي بعد فناء خلقه.
السابع: أن الصمد: الذي لا تصلح العبادة إلا له.
الثامن: أن الصمد: هو المستغني عن كل أحد و المحتاج إليه كل أحد.
التاسع: أن الصمد: الذي يفعل ما يشاء و يحكم بما يريد.
وثمَّ أقوال أخر والجمع بينها ممكن.
وقال الحافظ ابن كثير -
رحمه الله – تعالى: (بعد إيراده جمله من هذه الأقوال): "وقال الحافظ أبو
القاسم الطبراني في "كتاب السنة" له بعد إيراده كثيراً من هذه الأقوال في
تفسير الصمد: " و كل هذه الأقوال صحيحة و هي صفات ربنا - عز وجل-، هو الذي
يُصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤوده، وهو الصمد الذي لا جوف
له ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه". وقال البيهقي بنحوه. اهــ
(التَّسهيلُ لتأويلِ التنزيلِ سورة الإخلاص)
[ردّ شُبهه]:
لقد أنكر بعض الناس
القول بأن" الصمد الذي جوف له ولا يأكل ولا يشرب " وظنوا أن الملائكة
ليسوا صمد وأنها تأكل وتشرب وإلا فهذا تشبيه لله - تعالى-.
نقول و بالله التوفيق وبه نستعين:
قال الله - جل وعلا- في
حكاية ضيف إبراهيم - عليه السلام -: (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا
تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا
تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ) هود/70.
قال الطبري في تفسيره لهذه الآية: " كفوا عن أكله لأنهم لم يكونوا ممن يأكله "اهـ
وقال ابن كثير في تفسيره: " وذلك أن الملائكة لا همة لهم إلى طعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه". اهــ
وقد روى عبد الله بن أحمد في السنة
حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ
بْنُ خَارِجَةَ، نا عُثْمَانُ بْنُ عَلاقٍ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ حِصْنِ
بْنِ عَلاقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ رُوَيْمٍ يَقُولُ:
أَخْبَرَنِي الأَنْصَارِيُّ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((
أَنَّ الْمَلائِكَةَ قَالُوا: رَبَّنَا خَلَقْتَنَا وَخَلَقْتَ بَنِي
آدَمَ فَجَعَلْتَهُمْ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَشْرَبُونَ الشَّرَابَ
وَيَلْبَسُونَ الثِّيَابَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ وَيَرْكَبُونَ
الدَّوَابَّ وَيَنَامُونَ وَيَسْتَرِيحُونَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لَنَا مِنْ
ذَلِكَ شَيْئًا، فَاجْعَلْ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَاجْعَلْ لَنَا الآخِرَةَ،
فَقَالَ اللَّهُ، - عز وجل -: لا، فَأَعَادُوا الْقَوْلَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ
كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ
بِيَدَيَّ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ كُنْ
فَكَانَ)). 969
والحديث رجاله ثقات وله شواهد والأنصاري هو جابر بن عبد الله.
ورواه عبد الرزاق
موقوفاً في تفسيره عن معمر بن راشد عن زيد بن أسلم في قوله: (وَلَقَدْ
كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) قال: (( قالت الملائكة: يا ربنا إنك أعطيت بني
آدم الدنيا يأكلون منها، ويتنعمون، ولم تعطنا ذلك، فأعطناه في الآخرة،
فقال: وعزتي لا أجعل ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له كن فكان)). "(2/305)
ورواه ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية عن الحسن بن يحي عن عبد
الرزاق به(16987).
وفي الإسلام سؤال وجواب الآتي:
وقد نقل الفخر الرازي اتفاق العلماء، فقال - رحمه الله -:
" اتفقوا على أن
الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، يسبحون الليل والنهار لا
يفترون، وأما الجن والشياطين فإنهم يأكلون ويشربون " انتهى من " مفاتيح
الغيب " (1/76)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
"...وهم لا يأكلون ولا
يشربون، بل هم صُمْدٌ، ليسوا جُوْفا كالإنسان، وهم يتكلمون ويسمعون
ويبصرون ويصعدون وينزلون - كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة - وهم مع ذلك لا
تماثل صفاتهم وأفعالهم صفات الإنسان وفعله؛ فالخالق - تعالى -أعظم مباينة
لمخلوقاته من مباينة الملائكة للآدميين؛ فإن كليهما مخلوق، والمخلوق
أقرب إلى مشابهة المخلوق من المخلوق إلى الخالق - سبحانه وتعالى - " اهـ "
مجموع الفتاوى " (5/354)
ومن قال أن هذا تشبيه
لله - سبحانه وتعالى- نقول الله -عز وجل- وصف نفسه بأنه (سميع بصير)، ووصف
الإنسانَ أيضا بأنه سميع بصير في قوله - سبحانه -: (إِنَّا خَلَقْنَا
الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا
بَصِيرًا) الإنسان/2، وذلك لا يستلزم تماثل صفتي السمع والبصر ما بين
الخالق والمخلوق، وإنما يعني أن ذهن الإنسان يفهم من معنى السمع قدرا
يتصوره في حق الخالق والمخلوق، وإن كان يجهل حقيقة ما يناسب الخالق من هذا
السمع، كما أنه يجهل ما يناسب كل مخلوق من السمع، حتى يرى هذا المخلوق،
أو يوصف له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
" التشبيه الممتنع إنما هو مشابهة الخالق للمخلوق في:
1- شيء من خصائص المخلوق.
2- أو أن يماثله في شيء من صفات الخالق، فإن الرب - تعالى -منزه عن أن يوصف بشيء من خصائص المخلوق.
3- أو أن يكون له مماثل في شيء من صفات كماله.
4- وكذلك يمتنع أن
يشاركه غيره في شيء من أموره بوجه من الوجوه، بل يمتنع أن يشترك مخلوقان
في شيء موجود في الخارج، بل كل موجود في الخارج فإنه مختص بذاته وصفاته
القائمة به، لا يشاركه غيره فيها ألبتة، وإذا قيل هذان يشتركان في كذا،
كان حقيقته أن هذا يشابه هذا في ذلك المعنى، كما إذا قيل هذا الإنسان
يشارك هذا في الإنسانية، أو يشارك هذا الحيوان في الحيوانية، فمعناه أنهما
يتشابهان في ذلك المعنى، وإلا فنفس الإنسانية التي لزيد لا يشاركه فيها
غيره، وإنما يشتركان في نوع الإنسانية المطلقة، لا في الإنسانية القائمة
به. والإنسانيةُ المشتركةُ المطلقة هي في الأذهان، لا تكون في الأعيان
مشتركة مطلقة، فما هو موجود في الخارج لا اشتراك فيه، وما وقع فيه
الاشتراك هو الكلي المطلق الذي لا يكون كليا مطلقا إلا في الذهن، فإذا كان
المخلوق لا يشاركه غيره فيما له من ذاته وصفاته وأفعاله، فالخالق أولى أن
لا يشاركه غيره في شيء مما هو له - تعالى -. لكن المخلوق قد يماثل
المخلوق ويكافئه ويساميه، والله - سبحانه وتعالى - ليس له كفؤ ولا مثيل ولا
سمي "
وقال أيضاً " ليس مطلق
الموافقة في بعض الأسماء والصفات الموجبة نوعا من المشابهة تكون مقتضية
للتماثل والتكافؤ، بل ذلك لازم لكل موجودين، فإنهما لا بد أن يتفقا في بعض
الأسماء والصفات ويشتبها من هذا الوجه، فمن نفى ما لا بد منه كان معطلا،
ومن جعل شيئا من صفات الله مماثلا لشيء من صفات المخلوقين كان ممثلا.
والحق هو نفي التمثيل
ونفي التعطيل، فلا بد من إثبات صفات الكمال المستلزمة نفى التعطيل، ولا بد
من إثبات اختصاصه بما له على وجه ينفي التمثيل.
ولكن طائفة من الناس
يجعلون التمثيل والتشبيه واحدا ويقولون يمتنع أن يكون الشيء يشبه غيره من
وجه ويخالفه من وجه، بل عندهم كل مختلفين كالسواد والبياض فإنهما لم
يشتبها من وجه، وكل مشتبهين كالأجسام عندهم يقولون بتماثلها فإنها مماثلة
عندهم من كل وجه لا اختلاف بينهما إلا في أمور عارضة لها، وهؤلاء يقولون
كل من أثبت ما يستلزم التجسيم في اصطلاحهم فهو مشبه ممثل، وهذه طريقة كثير
من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية ومن وافقهم كالقاضي أبي يعلى في
المعتمد وغيره، وأما جمهور الناس فيقولون إن الشيء قد يشبه غيره من وجه
دون وجه، وهذا القول هو المنقول عن السلف والأئمة كالإمام أحمد وغيره "
انتهى باختصار يسير من " الصفدية " (1/101-102)(انتهى من الموقع برقم فتوى
160892)[انتهى رّد الشبهه و الحمد لله]
ولقد كان السبب في
كتابة هذه الورقات، أن هناك أناس يتكلمون في صفات الله و أسمائهُ -جل
وعلا- بالرأي، وكان منها اسم الله - تعالى- الصمد، وكلامهم كان عاري من
الدليل، أي كقالَ الله أو قالَ رَسولهُ - صلى الله عليه وسلم - أو أقوال
أهل العلم، و الله المستعان.
قالَ الإمامُ أحمد: "إياك أنْ تتكلم في مسألةٍ ليسَ لكَ فيها إمامٌ. "
عن الإمام الثَّوْرِيَّ أنّهُ قَالَ: "إِنِ اسْتَطَعْتَ، أَلا تَحُكَّ رَأْسَكَ إِلا بِأَثَرٍ فَافْعَلْ"
فكيف القول بالرأي في صفات الله؟!!
قال الله - تعالى -: (
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)
وقد بوب عليه الإمام
البخاري ترجمة باب العلم قبل القول و العمل، وقال الله تبارك اسمه لرسوله -
صلى الله عليه وسلم -: ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ
عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وقال - صلى الله عليه وسلم-: (( َمَنْ كَذَبَ
عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).
فكيف بالكذب على الله الواحد القهار؟!!
وأنصح هؤلاء العامة الذين ينتسبون إلى هذا العلم، في أن لا يخوضوا في دين الله - تعالى -إلا بعلم، وأن يتقوا الله - تعالى -.
قال العلامة بن باز -
رحمه الله - في أخر فتح المجيد: " ختم المصنف - رحمه الله - كتابه بتوحيد
الأسماء و الصفات لأن أكثر العامة ليس لهم التفات إلى هذا العلم الذي خاض
فيه من ينتسب إلى العلم. و أما من ينتسب إلى العلم فهم أخذوا عمن خاض في
هذه العلوم، و أحسنوا الظن بأهل الكلام، و ظنوا أنهم على شئ، فقبلوا ما
وجدوه عنهم، فقرروا مذهب الجهمية، و ألحدوا في توحيد الأسماء و الصفات، و
خالفوا ما دلت عليه نصوص الكتاب و السنة و ما عليه سلف الأمة و أئمة
الحديث و التفسير من المتقدمين و مازال أهل السنة متمسكين بذلك لكنهم
قلّوا.. "اهــ
وللأسف لكنهم قلوا.
والله أسأل أن يقينا فنتة القول والعمل، وأن يجعل ما كتبته خالصاً لوجهه، ولا يجعل لأحدٍ فيه شيئاً، وهو - سبحانه - من وراء القصد