إما لبيد أو اللجوء للحريديم
!
بقلم: عادل عبد الرحمن
نتنياهو، رئيس الحكومة المكلف، يصارع الزمن في ربع الساعة الاخيرة من الزمن الممنوح له لتشكيل حكومته بعد بروز استعصاء من إصرار يئير
لبيد، رئيس تكتل أو تجمع "يوجد مستقبل" على ضم وزارة المعارف لقائمة
وزرائه. وفي السياق مطالبة البيت اليهودي، برئاسة نفتالي بينت، على رئاسة
اللجنة المالية في الكنيست.
اقترب رئيس تكتل "الليكود بيتنا" خلال المفاوضات مع لبيد
وبينت من اشتراطات ومطالب حلفاء الامس القريب، إن كان بالنسبة لعدد وزراء
الحكومة أو عدد نواب الوزراء بالاضافة الى ملف تجنيد الحريديم (مبدأ
المساواة في تحمل العبء). لكن هذا التقدم الايجابي لم يحقق حتى اللحظة، هدف
بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة. خاصة وان يئير لبيد وضع قدميه في
الارض، ومصمم على ان تكون وزارة المعارف من نصيب تكتله. وبينت يصر على تسلم
رئاسة اللجنة المالية في الكنيست. في الوقت الذي يريد حزب الليكود المعارف
ورئاسة اللجنة. ويبدو ان الليكود ليس اقل إصرارا من "يوجد مستقبل" أو
"البيت اليهودي".
موقف زعيم الليكود حرج لاكثر من اعتبار: اولاً لأنه قدم
تنازلات لصالح لبيد وبينت في أكثر من ملف؛ وثانيا قدم تنازلاً من حيث
المبدأ في اللقاء مع بينت شخصيا، رغم ما بينهما من تناقض؛ ثالثا في حال خضع
لابتزاز يئير ونفتالي، فإنه سيسقط امام اركان حزبه وامام تكتله وامام
الشارع الاسرائيلي، فضلا عن سقوطه امام سارة (زوجته) التي تدير معه
المفاوضات من خلف الستار، وسيكون وضعه حرجا جدا في الحكومة المقبلة.
كما لم يعد امام نتنياهو الكثير من الوقت، أو بالاحرى الوقت
نفد، وهو في الدقائق الاخيرة، وعليه ان يقدم حكومته لرئيس الدولة أو يعلن
إفلاسه عن تشكيلها. وبالتالي إما ان يكلف الرئيس بيرس شخصية ثانية أو
التوجه للانتخابات مجددا. لذا نتنياهو يسابق الدقائق والثواني للوصول الى
اتفاق مع الشركاء المفترضين في الائتلاف الجديد (بينت ولبيد) أو الاستدارة
السريعة جدا نحو الاحزاب الدينية لتأمين تشكيل حكومة تؤمن له ولهم المصالح
المشتركة قبل فوات الوقت.
ولضمان النقلة السريعة في الخيار الآخر التقى نتنياهو يشاي
اول امس، واللقاء له هدفان الاول شكل من ابتزاز لبيد وبينت؛ والثاني ترتيب
الانتقال السريع للحوار مع شاس ويهوديت هاتوراة وغيرهم. لكن من الواضح ان
لبيد لم تثره الخطوة النتنياهوية، لانه يعتقد، ان رئيس الحكومة المكلف أكثر
ميلا لتشكيل حكومة معه ومع بينت والحركة وكاديما، لانها تؤمن له حرية
المناورة مع القوى الداخلية والخارجية، وتعيد بعض الاعتبار له في الساحة
الدولية، ولا يقطع مع قطعان المستوطنين، لا سيما وانه وافق على تسلم
المستوطن اوري ارئيل من البيت اليهودي وزارة الاسكان، وهو ما يحقق له
ولليبرمان هدف تدمير خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967،
كما أشار روبرت سيري، ممثل الامين العام للامم المتحدة في المنطقة.
اللحظات القادمة حرجة وصعبة في مسيرة تشكيل الحكومة
الاسرائيلية الجديدة. وعلى بنيامين نتنياهو التفكير مليا، ويقلبها على كل
الاوجه، ويحسب حسابات الربح والخسارة ثم يختار قبل فوات الاوان.
من المؤكد ان نتنياهو لن يترك رئاسة الحكومة تفلت من يديه
بعدما حقق ما حقق من تقارب مع بينت ولبيد، ولكنه سيحاول الضغط على لبيد
لانتزاع ما يرضي غروره ونزعات زوجته، ويرضي حزبه وتكتله. لكن يبدو ان عملية
عض الاصابع ستكون لصالح لبيد، لأنه أدرك ان رئيس الحكومة المكلف، لا يريد
دفع الثمن للحريديم، ولأن الحكومة مع الثنائي لبيد وبينت تؤمن له استقرارا
اطول، كما انه يستطيع تحقيق كل الاهداف بمكوناتها الحزبية والسياسية، ويقطع
الطريق على التسوية من خلال تقديم تسيبي ليفني كمفاوض مع القيادة
الفلسطينية، وهي في الجوهر، لا تختلف كثيرا عن زعيم الليكود إلا في الجوانب
الشكلية.
الساعات القادمة ستميط اللثام عما تخبئه المفاوضات من نتائج.
الارجح الاتفاق مع لبيد وبينت، والاتفاق على تدوير الزمن على رئاسة وزارة
المعارف واللجنة المالية في الكنيست. وما علينا سوى انتظار الدخان الابيض
أو الاسود لمعرفة واقع الحالة السياسية الداخلية الاسرائيلية.