المجموعة الأولى 3800 - 3100 ق.م.
تطور تقليد الزراعة الأول المستمر في أفريقيا، العصر الحجري الحديثالسوداني الصحراوي، منذ حوالي ما يقارب عشرة ألف سنة مضت في مكان إلىالغرب من النوبة أضحى صحراء الآن. كان وادي النيل في مصر غير مضياف، لكنهفي القنوات الجافة عند الجندل النيلي الثاني (ما يعرف بشلال دال)، تعلمالفلاحون السيطرة على أجزاء من مياه فيضان النهر. هذه المعرفة أصبح ممكناًتطبيقها لاحقاً في مصر، مفضية إلى تواتر ثقافات مصر العليا المبكرة.
أصبحت مصر العليا ثرية وتمددت ثقافتها مجدداً إلى النوبة، حيث أدت الصلاتالمجددة مع الجنوب إلى نشوء أولى ثقافات النوبة التجارية، والمسماة بـالمجموعة الأولى [لمناقشة أكثر استفاضة]. تم نقل سلع تجارية من النوبة إلىالشمال شملت البخور، والنحاس، والذهب، والحجارة شبه الثمينة، واستوردتالنوبة من مصر موضوعات مصنوعة واحتمالاً منتجات زراعية أيضاً.
الجدير بالملاحظة، أن بعثة المعهد الشرقي العاملة في قسطل كشفت عن بينةتشير إلى أن فراعنة مبكرين حكموا النوبة في فترة المجموعة الأولى علىالحدود السودانية الحالية. احتوت جبانة مؤلفة من مدافن ضخمة على بينة تدلعلى ثروات هائلة وتصوير للحكام وسجلات لانتصارات حققوها. صور وصروح أخرىأمكن التعرف عليها، وخلال تلك العملية، تم الكشف عن مملكة مفقودة، تسمى تاستي (أرض القوس). في الحقيقة تشير جبانة قسطل مباشرة إلى أن الصروحالملكية المصرية الضخمة الأولى قد أخذت في الظهور. ويحتمل أن تكون قسطل فيالنوبة عرشاً لأسرة مصر المؤسسة.
المجموعة الثالثة في النوبة 2300-1500 ق.م.
اختلفت الحياة في النوبة في الفترة الممتدة بين 3100 و2300 ق.م. عن حالةالازدهار التي ميزتها على أيام المجموعة الأولى. نعرف عن وجود أعداد قليلةمن السكان ومدينة كبيرة واحدة صُهر فيها النحاس بهدف التصدير.
حوالي 2300 ق.م.، في عصر الأسرة المصرية السادسة، ظهرت ثقافة جديدة، والتييسميها علماء الآثار بـ المجموعة الثالثة [لمناقشة أكثر استفاضة عن أصلالمجموعة الثالثة]. قامت الأبقار بدور هام في هذه الثقافة، كما هو الحالعند القبائل النيلية في جنوب السودان وفي العديد من المجتمعات الأفريقية.استقر أهل المجموعة الثالثة بصورة دائمة بامتداد النيل من أسوان حتىالجندل الثاني، وتأسست ثقافة مرتبطة بها بشدة في شمال السودان، بخاصة فيكرمة إلى الجنوب من الجندل الثالث (المعروف باسم شلال تمبس). وعندما تفككتمصر سياسياً دخل أهل المجموعة الثالثة إلى مصر، رعاة وجنود. ووصلوا فيحالات إلى مراتب عليا في المجتمع المصري وقاموا بدور هام للغاية فيالصراعات التي أفضت إلى تأسيس المملكة المصرية الوسطى في حوالي 2050 ق.م.
نعرف من السير الذاتية للحكام في أسوان، حوالي 2300 ق.م.، أن السكان إلىالجنوب من أسوان تمركزوا في أربع إمارات. واحدة من تلك الإمارات، وهىالواوات، أعطت اسمها فيما بعد لمجمل النوبة السفلى، المنطقة بين الجندلينالأول والثاني. في حين كانت إمارة ثانية، وهى يام، سلفاً لكوش. في عصرتفكك الوحدة المصرية، حوالي 2250 ق.م. كان للنوبة السفلى فراعنتهاالمحليين.
المجموعة الثالثة معروفة جيداً من جباناتها المحزومة بإحكام بدوائر حجرية.وضعت مسلات بجانب تلك الدوائر، يحمل بعضها صور أبقار منقوشة عليها، وأوانيفخارية، بعضها من روائع الفن الفخاري النوبي.
كرمة ونهوض كوش حوالي 2000- 1550 ق.م.
احتلت مصر النوبة السفلى في حوالي 1950 ق.م.، ودام الاحتلال حتى حوالي1700 ق.م. احتفظت المجموعة الثالثة بهُويَّتها الثقافية تحت الاحتلالالمصري، لكن أرض كوش إلى الجنوب والمدجاى في الصحراء الشرقية ظلوامستقلين. أصبحت كوش المتأثرة كثيراً بالمدجاي، قوة عظمى في الجنوب، وعندماتفككت وحدة مصر مجدداً، حوالي 1700 ق.م. ضمت كوش النوبة السفلى بمن عليهامن السكان من أهل المجموعة الثالثة والحاميات المصرية. تحول ولاء السكانوالجنود إلى الحاكم الجنوبي الذى صور فرعوناً.
معظم آثار ثقافة كرمة أو كوش المبكرة توجد إلى الجنوب من الجندل الثاني،بخاصة في العاصمة الضخمة في كرمة، بمعابدها المركزية، ومعدات الصناعاتوالصهر المتقنة، والمساكن، والمدافن التلية الملكية الهائلة. صدرتمنتجاتها الفخارية الرائعة شمالاً حتى الدلتا المصرية، وحملت في حالات إلىالشمال عن طريق الرسميين والجنود المسافرين.
عصور الاحتلال المصري
المملكة المصرية الوسطى 1950- 1700 ق.م.
المملكة المصرية الحديثة 1550- 1100 ق.م.
اختلفت مرحلتا الاحتلال المصري للنوبة اختلافاً بيناً. في عصر المملكةالوسطى بقيت الحاميات المصرية في داخل الحصون ولم يتغير السكان من أهلالمجموعة الثالثة كثيراً بفعل الاحتلال الاستعماري.
بعد الصراعات المريرة التي أنهت المرحلة الانتقالية الثانية في تاريخ مصر،أصبحت الكثير من الموضوعات والعادات لا تختلف فعلياً عن تلك السائدة فيمصر. الكثير من التأثير المصري الهائل لا بدَّ أنه وجد منذ أزمان طويلة فيالنوبة، ذلك أن فهم الثقافة المصرية وتبنيها السريع في النوبة حدث متفردفي العالم القديم. أنفقت مصر الكثير في سبيل إحداث هذا التغير فشيدتالعديد من المعابد بكامل مركباتها، مثل معبد أبو سمبل، والتي أصبحت بسرعةمراكز دينية، وثقافية، وسياسية، واقتصادية. في القرون اللاحقة، أعطى هذاالاستثمار نتاجه حيث دافعت النوبة عن العقيدة الدينية المصرية ضد قوىالتحريف، وضد الاحتلال الأجنبي في وادي النيل مرات ومرات.
إمبراطورية كوش
بين 1100 و 750 ق.م. القليل معروف عن النوبة، لكن بعد 750 ق.م. ظهرت مملكةكوشية جديدة في نبتة بالقرب من الجندل الرابع ونمت بسرعة وتمددت لتصبحإمبراطورية هائلة. إلى الجنوب، تأسست مروي (كبوشية). وفي الشمال، تفككتمصر إلى أجزاء تحت الحكام الليبيين، ومد الكوشيون سلطتهم ليسيطروا على مصرإلى الشمال من طيبة، مركز عبادة الإله آمون في مصر، والذي كان أيضاً الإلهالمفضل في كوش. وحد بيَّا، أكثر الفراعنة الكوشيين شهرة، وادي النيل منالبحر الأبيض المتوسط حتى مروي (كبوشية)، مؤسساً واحدة من أعظم دول القارةالأفريقية. وأصبح هو وخلفاؤه يشكلون أسرة مصر الخامسة والعشرين. كانواحداً من خلفائه، تهارقا، بانياً عظيماً، وقاد الحكام الكوشيون مصر فيآخر مراحل إبداعاتها الرائعة، والتي وصلت إلى قمتها في القرن السادس ق.م.ولكن عندما حاولت كوش وقف الزحف الآشوري غرباً في آسيا، هُزم تهارقاوخليفته تانوت أماني وتم دحر الكوشيين وإجلائهم من مصر في حوالي 650 ق.م.واستمرت مملكة كوش في السودان دولة عظيمة لألف عام أعقبت التراجع من مصر.
العصر المرًّوي، حوالي 200 ق.م. – 300 ميلادية
تأسست العاصمة الفعلية لكوش في مروي (كبوشية) في زمن مبكر مع أن ملوكهاشيدوا أهرامهم بالقرب من نبتة حتى حوالي 300 ق.م. أصبحت مروي مدينة عظيمةتضم مركبات صناعية ومعابد ضخمة، مع مدينة داخلية تضم قصوراً، وضريحاً بهبركة كبيرة وأعمدة تنبثق منها المياه، وفوق ذلك وجد بها كذلك مرصد.
تأسست العديد من المراكز الهامة في الجزيرة المرَّوية، وكذلك مركبات معابدكرست لآلهة تحمل أسماء مرَّوية ومصرية. المعبود المرَّوي الأكثر أهمية كانهو أبادماك، الذي يصور عادة برأس أسد، والذي أصبح أحد أعظم آلهة الدولةالرسميين. صناعة مروي الأكثر بروزاً هي صناعة الحديد. لا زال موقع مروييحتوي على تلال ضخمة من الخبث، وأماطت أعمال التنقيب الآثاري الأخيرة عنأجزاء من الأفران المستخدمة لصهر معدن الحديد.
كانت سياسة مروي في الشمال موجهة لتقديم الدعم للانتفاضات في مصر العلياضد الحكام الأجانب، مثل الفرس، والبطالسة المقدونيين، والرومان. بعد إبراماتفاقية مع روما مباشرة بعد سنة 23 ق.م.، تمكن المرويون من الاستقراربالقرب من أسوان، ليعلنوا عن بداية عصر ازدهار جديد للنوبة السفلى. مكنتالثروة الناجمة عن التجارة من تحقيق بعض إنجازات النوبة الرائعة في مجالالفن والحرف. كانت الثقافة، مثلها مثل ثقافة مركز كوش الأساسي في مروي،فرعونية الطابع، وكانت الزخارف على الأواني الفخارية والموضوعات الصغيرةالأخرى متماشية مع ما عد مناسباً وفق تلك التقاليد. شيد المرويون القاطنونفي النوبة السفلى بدورهم أهرام صغيرة من الطوب، وزينوا مصلياتها بالتماثيلوالصروح المنقوشة.
عصر ما بعد مروي (المسمى بالمجموعة النوبية المجهولة)
البليميون، حوالي 250- 500 ميلادية
مملكة نوباديا : حوالي 350- 550 ميلادية
في وقت كانت فيه روما في حالة اضطراب، ومروي في حالة تفكك، وصلت جماعات منشرق النيل عرفت بالنسبة للإغريق وللعرب بـ البجة، ونجحوا بسرعة في السيطرةعلى جزء كبير من مصر والنوبة السفلى. ورغم أنهم طردوا من مصر، فإنهماستطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في منطقة النوبة إلى الجنوب مباشرة من أسوان.ومع أنهم استمروا في اعتناق ديانة الفراعنة، فإن حكامهم استخدموا الأشكالالإغريقية للألقاب الإمبراطورية الرومانية المعاصرة.
إلى الجنوب من البليميين، انهار إقليم النوبة السفلى المرَّوي في حوالي300 ميلادية، و بحوالي سنة 375 ميلادية، تأسست مملكة النوباديين،المعروفين حالياً بالنوبيين بحاضرتها بالقرب من الحدود السودانية المصريةالحالية. احتوت المدافن التلية الضخمة لملوك تلك المملكة في بلانا وقسطلعلى ثروات هائلة، تمثلت في التيجان، والمجوهرات، وأسلحة كثيرة، بما في ذلكالرماح - السيوف الأفريقية، الموجودة حالياً في متحف القاهرة. مثلهم مثلالحكام المرَّويين، استخدم النوباديون الرموز المصرية وعبدوا الآلهةالقدماء. وانضموا للبليميين في الهجمات على مصر العليا دفاعاً عن الديانةالقديمة ضد المسيحية الجديدة.
النوبة المسيحية، حوالي 550- 1400 ميلادية
أصبحت النوبة تدين بالمسيحية بداية في عصر الإمبراطور الروماني جستنيان،لكن مباشرة بعد ذلك، جاء الفتح العربي الإسلامي إلى مصر، وانعزل النوبيونعن الصلة المباشرة مع العالم المسيحي إلى الشمال من البحر الأبيض المتوسط.فشلت المحاولات الأولى للعرب المسلمين لفتح النوبة، مما أتاح لممالكالنوبة المسيحية المختلفة البقاء مستقلة على مدى قرون، بل حتى أنهم توصلواإلى اتفاقية مربحة مع الخليفة. في أوقات، أصبحت النوبة المسيحية قويةوتمكنت من التدخل نيابة عن المسيحيين الأقباط في مصر بل حتى أن تمتلكمنطقة في مصر. في القرن الثاني عشر، كُسرت قوة النوبة المسيحية عن طريق شنسلسلة من الحملات والغزوات من قبل القبائل العربية. بحوالي 1400 ميلادية،اختفت النوبة المسيحية وتحول النوبيون كلية إلى الإسلام.
كان التحول إلى المسيحية حافزاً أساسياً لسلسلة من الإنجازات الثقافية.تطلبت المسيحية بناء الكنائس، والنصوص المكتوبة، بالإغريقية، وبالقبطيةالمصرية، وبالنوبية القديمة، بالإضافة إلى الزخارف التعليمية الالهامية.المناظر المسيحية والرموز اشتقت في جانب كبير من التقاليد السائدة في مصروعالم البحر الأبيض المتوسط، لكن الفنانون والمعماريون النوبيون أضافواتفاصيل، ومخططات، وتركيبات، وقياسات خاصة بهم بما مكنهم من إبداع فن رسميمتفرد. إحدى أعظم الرسوم الجدارية في القرون الوسطى صنعت على جدرانكثدرائية فرس التي قامت البعثة البولندية بإنقاذها لتبقى في متحف السودانالقومي للآثار ومتحف وارسو.
تطور تقليد الزراعة الأول المستمر في أفريقيا، العصر الحجري الحديثالسوداني الصحراوي، منذ حوالي ما يقارب عشرة ألف سنة مضت في مكان إلىالغرب من النوبة أضحى صحراء الآن. كان وادي النيل في مصر غير مضياف، لكنهفي القنوات الجافة عند الجندل النيلي الثاني (ما يعرف بشلال دال)، تعلمالفلاحون السيطرة على أجزاء من مياه فيضان النهر. هذه المعرفة أصبح ممكناًتطبيقها لاحقاً في مصر، مفضية إلى تواتر ثقافات مصر العليا المبكرة.
أصبحت مصر العليا ثرية وتمددت ثقافتها مجدداً إلى النوبة، حيث أدت الصلاتالمجددة مع الجنوب إلى نشوء أولى ثقافات النوبة التجارية، والمسماة بـالمجموعة الأولى [لمناقشة أكثر استفاضة]. تم نقل سلع تجارية من النوبة إلىالشمال شملت البخور، والنحاس، والذهب، والحجارة شبه الثمينة، واستوردتالنوبة من مصر موضوعات مصنوعة واحتمالاً منتجات زراعية أيضاً.
الجدير بالملاحظة، أن بعثة المعهد الشرقي العاملة في قسطل كشفت عن بينةتشير إلى أن فراعنة مبكرين حكموا النوبة في فترة المجموعة الأولى علىالحدود السودانية الحالية. احتوت جبانة مؤلفة من مدافن ضخمة على بينة تدلعلى ثروات هائلة وتصوير للحكام وسجلات لانتصارات حققوها. صور وصروح أخرىأمكن التعرف عليها، وخلال تلك العملية، تم الكشف عن مملكة مفقودة، تسمى تاستي (أرض القوس). في الحقيقة تشير جبانة قسطل مباشرة إلى أن الصروحالملكية المصرية الضخمة الأولى قد أخذت في الظهور. ويحتمل أن تكون قسطل فيالنوبة عرشاً لأسرة مصر المؤسسة.
المجموعة الثالثة في النوبة 2300-1500 ق.م.
اختلفت الحياة في النوبة في الفترة الممتدة بين 3100 و2300 ق.م. عن حالةالازدهار التي ميزتها على أيام المجموعة الأولى. نعرف عن وجود أعداد قليلةمن السكان ومدينة كبيرة واحدة صُهر فيها النحاس بهدف التصدير.
حوالي 2300 ق.م.، في عصر الأسرة المصرية السادسة، ظهرت ثقافة جديدة، والتييسميها علماء الآثار بـ المجموعة الثالثة [لمناقشة أكثر استفاضة عن أصلالمجموعة الثالثة]. قامت الأبقار بدور هام في هذه الثقافة، كما هو الحالعند القبائل النيلية في جنوب السودان وفي العديد من المجتمعات الأفريقية.استقر أهل المجموعة الثالثة بصورة دائمة بامتداد النيل من أسوان حتىالجندل الثاني، وتأسست ثقافة مرتبطة بها بشدة في شمال السودان، بخاصة فيكرمة إلى الجنوب من الجندل الثالث (المعروف باسم شلال تمبس). وعندما تفككتمصر سياسياً دخل أهل المجموعة الثالثة إلى مصر، رعاة وجنود. ووصلوا فيحالات إلى مراتب عليا في المجتمع المصري وقاموا بدور هام للغاية فيالصراعات التي أفضت إلى تأسيس المملكة المصرية الوسطى في حوالي 2050 ق.م.
نعرف من السير الذاتية للحكام في أسوان، حوالي 2300 ق.م.، أن السكان إلىالجنوب من أسوان تمركزوا في أربع إمارات. واحدة من تلك الإمارات، وهىالواوات، أعطت اسمها فيما بعد لمجمل النوبة السفلى، المنطقة بين الجندلينالأول والثاني. في حين كانت إمارة ثانية، وهى يام، سلفاً لكوش. في عصرتفكك الوحدة المصرية، حوالي 2250 ق.م. كان للنوبة السفلى فراعنتهاالمحليين.
المجموعة الثالثة معروفة جيداً من جباناتها المحزومة بإحكام بدوائر حجرية.وضعت مسلات بجانب تلك الدوائر، يحمل بعضها صور أبقار منقوشة عليها، وأوانيفخارية، بعضها من روائع الفن الفخاري النوبي.
كرمة ونهوض كوش حوالي 2000- 1550 ق.م.
احتلت مصر النوبة السفلى في حوالي 1950 ق.م.، ودام الاحتلال حتى حوالي1700 ق.م. احتفظت المجموعة الثالثة بهُويَّتها الثقافية تحت الاحتلالالمصري، لكن أرض كوش إلى الجنوب والمدجاى في الصحراء الشرقية ظلوامستقلين. أصبحت كوش المتأثرة كثيراً بالمدجاي، قوة عظمى في الجنوب، وعندماتفككت وحدة مصر مجدداً، حوالي 1700 ق.م. ضمت كوش النوبة السفلى بمن عليهامن السكان من أهل المجموعة الثالثة والحاميات المصرية. تحول ولاء السكانوالجنود إلى الحاكم الجنوبي الذى صور فرعوناً.
معظم آثار ثقافة كرمة أو كوش المبكرة توجد إلى الجنوب من الجندل الثاني،بخاصة في العاصمة الضخمة في كرمة، بمعابدها المركزية، ومعدات الصناعاتوالصهر المتقنة، والمساكن، والمدافن التلية الملكية الهائلة. صدرتمنتجاتها الفخارية الرائعة شمالاً حتى الدلتا المصرية، وحملت في حالات إلىالشمال عن طريق الرسميين والجنود المسافرين.
عصور الاحتلال المصري
المملكة المصرية الوسطى 1950- 1700 ق.م.
المملكة المصرية الحديثة 1550- 1100 ق.م.
اختلفت مرحلتا الاحتلال المصري للنوبة اختلافاً بيناً. في عصر المملكةالوسطى بقيت الحاميات المصرية في داخل الحصون ولم يتغير السكان من أهلالمجموعة الثالثة كثيراً بفعل الاحتلال الاستعماري.
بعد الصراعات المريرة التي أنهت المرحلة الانتقالية الثانية في تاريخ مصر،أصبحت الكثير من الموضوعات والعادات لا تختلف فعلياً عن تلك السائدة فيمصر. الكثير من التأثير المصري الهائل لا بدَّ أنه وجد منذ أزمان طويلة فيالنوبة، ذلك أن فهم الثقافة المصرية وتبنيها السريع في النوبة حدث متفردفي العالم القديم. أنفقت مصر الكثير في سبيل إحداث هذا التغير فشيدتالعديد من المعابد بكامل مركباتها، مثل معبد أبو سمبل، والتي أصبحت بسرعةمراكز دينية، وثقافية، وسياسية، واقتصادية. في القرون اللاحقة، أعطى هذاالاستثمار نتاجه حيث دافعت النوبة عن العقيدة الدينية المصرية ضد قوىالتحريف، وضد الاحتلال الأجنبي في وادي النيل مرات ومرات.
إمبراطورية كوش
بين 1100 و 750 ق.م. القليل معروف عن النوبة، لكن بعد 750 ق.م. ظهرت مملكةكوشية جديدة في نبتة بالقرب من الجندل الرابع ونمت بسرعة وتمددت لتصبحإمبراطورية هائلة. إلى الجنوب، تأسست مروي (كبوشية). وفي الشمال، تفككتمصر إلى أجزاء تحت الحكام الليبيين، ومد الكوشيون سلطتهم ليسيطروا على مصرإلى الشمال من طيبة، مركز عبادة الإله آمون في مصر، والذي كان أيضاً الإلهالمفضل في كوش. وحد بيَّا، أكثر الفراعنة الكوشيين شهرة، وادي النيل منالبحر الأبيض المتوسط حتى مروي (كبوشية)، مؤسساً واحدة من أعظم دول القارةالأفريقية. وأصبح هو وخلفاؤه يشكلون أسرة مصر الخامسة والعشرين. كانواحداً من خلفائه، تهارقا، بانياً عظيماً، وقاد الحكام الكوشيون مصر فيآخر مراحل إبداعاتها الرائعة، والتي وصلت إلى قمتها في القرن السادس ق.م.ولكن عندما حاولت كوش وقف الزحف الآشوري غرباً في آسيا، هُزم تهارقاوخليفته تانوت أماني وتم دحر الكوشيين وإجلائهم من مصر في حوالي 650 ق.م.واستمرت مملكة كوش في السودان دولة عظيمة لألف عام أعقبت التراجع من مصر.
العصر المرًّوي، حوالي 200 ق.م. – 300 ميلادية
تأسست العاصمة الفعلية لكوش في مروي (كبوشية) في زمن مبكر مع أن ملوكهاشيدوا أهرامهم بالقرب من نبتة حتى حوالي 300 ق.م. أصبحت مروي مدينة عظيمةتضم مركبات صناعية ومعابد ضخمة، مع مدينة داخلية تضم قصوراً، وضريحاً بهبركة كبيرة وأعمدة تنبثق منها المياه، وفوق ذلك وجد بها كذلك مرصد.
تأسست العديد من المراكز الهامة في الجزيرة المرَّوية، وكذلك مركبات معابدكرست لآلهة تحمل أسماء مرَّوية ومصرية. المعبود المرَّوي الأكثر أهمية كانهو أبادماك، الذي يصور عادة برأس أسد، والذي أصبح أحد أعظم آلهة الدولةالرسميين. صناعة مروي الأكثر بروزاً هي صناعة الحديد. لا زال موقع مروييحتوي على تلال ضخمة من الخبث، وأماطت أعمال التنقيب الآثاري الأخيرة عنأجزاء من الأفران المستخدمة لصهر معدن الحديد.
كانت سياسة مروي في الشمال موجهة لتقديم الدعم للانتفاضات في مصر العلياضد الحكام الأجانب، مثل الفرس، والبطالسة المقدونيين، والرومان. بعد إبراماتفاقية مع روما مباشرة بعد سنة 23 ق.م.، تمكن المرويون من الاستقراربالقرب من أسوان، ليعلنوا عن بداية عصر ازدهار جديد للنوبة السفلى. مكنتالثروة الناجمة عن التجارة من تحقيق بعض إنجازات النوبة الرائعة في مجالالفن والحرف. كانت الثقافة، مثلها مثل ثقافة مركز كوش الأساسي في مروي،فرعونية الطابع، وكانت الزخارف على الأواني الفخارية والموضوعات الصغيرةالأخرى متماشية مع ما عد مناسباً وفق تلك التقاليد. شيد المرويون القاطنونفي النوبة السفلى بدورهم أهرام صغيرة من الطوب، وزينوا مصلياتها بالتماثيلوالصروح المنقوشة.
عصر ما بعد مروي (المسمى بالمجموعة النوبية المجهولة)
البليميون، حوالي 250- 500 ميلادية
مملكة نوباديا : حوالي 350- 550 ميلادية
في وقت كانت فيه روما في حالة اضطراب، ومروي في حالة تفكك، وصلت جماعات منشرق النيل عرفت بالنسبة للإغريق وللعرب بـ البجة، ونجحوا بسرعة في السيطرةعلى جزء كبير من مصر والنوبة السفلى. ورغم أنهم طردوا من مصر، فإنهماستطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في منطقة النوبة إلى الجنوب مباشرة من أسوان.ومع أنهم استمروا في اعتناق ديانة الفراعنة، فإن حكامهم استخدموا الأشكالالإغريقية للألقاب الإمبراطورية الرومانية المعاصرة.
إلى الجنوب من البليميين، انهار إقليم النوبة السفلى المرَّوي في حوالي300 ميلادية، و بحوالي سنة 375 ميلادية، تأسست مملكة النوباديين،المعروفين حالياً بالنوبيين بحاضرتها بالقرب من الحدود السودانية المصريةالحالية. احتوت المدافن التلية الضخمة لملوك تلك المملكة في بلانا وقسطلعلى ثروات هائلة، تمثلت في التيجان، والمجوهرات، وأسلحة كثيرة، بما في ذلكالرماح - السيوف الأفريقية، الموجودة حالياً في متحف القاهرة. مثلهم مثلالحكام المرَّويين، استخدم النوباديون الرموز المصرية وعبدوا الآلهةالقدماء. وانضموا للبليميين في الهجمات على مصر العليا دفاعاً عن الديانةالقديمة ضد المسيحية الجديدة.
النوبة المسيحية، حوالي 550- 1400 ميلادية
أصبحت النوبة تدين بالمسيحية بداية في عصر الإمبراطور الروماني جستنيان،لكن مباشرة بعد ذلك، جاء الفتح العربي الإسلامي إلى مصر، وانعزل النوبيونعن الصلة المباشرة مع العالم المسيحي إلى الشمال من البحر الأبيض المتوسط.فشلت المحاولات الأولى للعرب المسلمين لفتح النوبة، مما أتاح لممالكالنوبة المسيحية المختلفة البقاء مستقلة على مدى قرون، بل حتى أنهم توصلواإلى اتفاقية مربحة مع الخليفة. في أوقات، أصبحت النوبة المسيحية قويةوتمكنت من التدخل نيابة عن المسيحيين الأقباط في مصر بل حتى أن تمتلكمنطقة في مصر. في القرن الثاني عشر، كُسرت قوة النوبة المسيحية عن طريق شنسلسلة من الحملات والغزوات من قبل القبائل العربية. بحوالي 1400 ميلادية،اختفت النوبة المسيحية وتحول النوبيون كلية إلى الإسلام.
كان التحول إلى المسيحية حافزاً أساسياً لسلسلة من الإنجازات الثقافية.تطلبت المسيحية بناء الكنائس، والنصوص المكتوبة، بالإغريقية، وبالقبطيةالمصرية، وبالنوبية القديمة، بالإضافة إلى الزخارف التعليمية الالهامية.المناظر المسيحية والرموز اشتقت في جانب كبير من التقاليد السائدة في مصروعالم البحر الأبيض المتوسط، لكن الفنانون والمعماريون النوبيون أضافواتفاصيل، ومخططات، وتركيبات، وقياسات خاصة بهم بما مكنهم من إبداع فن رسميمتفرد. إحدى أعظم الرسوم الجدارية في القرون الوسطى صنعت على جدرانكثدرائية فرس التي قامت البعثة البولندية بإنقاذها لتبقى في متحف السودانالقومي للآثار ومتحف وارسو.