نسبه
هو: «عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب
بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد
بن عدنان التيمي القرشي»،[1][2] يلتقي مع النبي محمد في الجد السادس مرة بن كعب.[3]
أبوه: أبو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمي القرشي، أمه: آمنه بنت
عبد العزى بن حرثان بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب. أسلم يوم فتح مكة، وعاش بعد ابنه أبي بكر
وورثه، وهو أول من ورث خليفة في الإسلام، إلا أنه رد نصيبه من الميراث على ولد أبي بكر، وتوفي سنة
14هـ، وله سبعه وتسعون سنة.[4]
أمه: أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمية القرشية. أسلمت في مكة
قبل الهجرة مع ابنها أبي بكر، وتوفيت قبل أبي قحافة.[5]
مولده ونشأته
ولد أبو بكر في مكة سنة 573م بعد عام الفيل الذي وُلد فيه النبي محمد، فكان أصغر عُمراً منه، ولم يختلف
العلماء في أن أبا بكر وُلد بعد عام الفيل، وإنما اختلفوا في المدة التي كانت بعد عام الفيل، فبعضهم قال
بثلاث سنين، وبعضهم قال بسنتين وستة أشهر، وآخرون قالوا بسنتين وأشهر ولم يحددوا عدد الأشهر.[6][7]
وقد نشأ أبو بكر وترعرع في مكة، وكان من رؤساء قريش وأشرافها في الجاهلية، محبباً فيهم، مألفاً لهم،
وكان إليه الأشناق في الجاهلية، والأشناق هي الديات، وكان إذا حمل شيئاً صدَّقته قريش وأمضوا حمالته
وحمالة من قام معه، وإن احتملها غيرُه خذلوه ولم يصدقوه.[8] ويُقال أن الشرف في قريش في الجاهلية
كان قد انتهى إلى عشرة رهط من عشرة أبطن، منهم العباس بن عبد المطلب من بني هاشم، وأبو سفيان
بن حرب من بني أمية، وعثمان بن طلحة بن زمعة بن الأسود من بني أسد، وأبو بكر من بني تيم، وخالد
بن الوليد من بني مخزوم، وعمر بن الخطاب من بني عدي، وصفوان بن أمية من بني جمح، وغيرهم.[9]
وقد اشتهر أبو بكر في الجاهلية بصفات عدة، منها العلم بالأنساب، فقد كان عالماً من علماء الأنساب
وأخبار العرب، وله في ذلك باعٌ طويل جعله أستاذ الكثير من النسابين كعقيل بن أبي طالب وغيره،
وكانت له صفة حببته إلى قلوب العرب، وهي أنه لم يكن يعيب الأنساب، ولا يذكر المثالب بخلاف
غيره،[10] وقد كان أبو بكر أنسبَ قريش لقريش وأعلمَ قريش بها وبما فيها من خير وشر،[11][12]
وقد رُوي أن النبي محمداً قال: «إن أبا بكر أعلمُ قريش بأنسابها»».[13][14]
منظر عام لمكة، حيث ولد أبو بكر وترعرع.
وقد كان أبو بكر تاجراً، قال ابن كثير: «وكان رجلاً تاجراً ذا خُلُق ومعروف، وكان
رجالُ قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر: لعلمه وتجارته وحسن مجالسته».[15]
وقد ارتحل أبو بكر للتجارة بين البلدان حتى وصل بصرى من أرض الشام، وكان رأس
ماله أربعين ألف درهم، وكان ينفق من ماله بسخاء وكرم عُرف به في الجاهلية.[16][17]
ويروى أن أبا بكر قد رأى رؤيا عندما كان في الشام، فقصها على بحيرى الراهب،
فقال له: «من أين أنت؟» قال: «من مكة»، قال: «من أيها؟» قال: «من قريش»،
قال: «فأي شيء أنت؟» قال: «تاجر»، قال: «إن صدق الله رؤياك، فإنه يبعث
بنبي من قومك، تكون وزيره في حياته، وخليفته بعد موته»، فأَسرَّ أبو بكر ذلك في نفسه.[18]
دير الراهب بحيرى في بصرى في الشام.
ويقال أن أبا بكر لم يكن يشرب الخمر في الجاهلية، فقد حرمها على نفسه قبل الإسلام،
وكان من أعف الناس في الجاهلية،[19] قالت السيدة عائشة: «حرم أبو بكر الخمر
على نفسه، فلم يشربها في جاهلية ولا في إسلام، وذلك أنه مر برجل سكران يضع يده
في العذرة، ويدنيها من فيه، فإذا وجد ريحها صرفها عنه، فقال أبو بكر: إن هذا لا يدري
ما يصنع، وهو يجد ريحها فحماها».[20] وقد سأل أحدُ الناس أبا بكر: «هل شربت
الخمر في الجاهلية؟»، فقال: «أعوذ بالله»، فقيل: «ولمَ؟» قال: «كنت أصون عرضي،
وأحفظ مروءتي، فإن من شرب الخمر كان مضيعاً لعرضه ومروءته».[21]
كما رُوي أن أبا بكر لم يسجد لصنم قط، فقد قال أبو بكر في مجمع من
الصحابة: «ما سجدت لصنم قط، وذلك أني لما ناهزت الحلم أخذني أبو قحافة
بيدي، فانطلق بي إلى مخدع فيه الأصنام، فقال لي: «هذه آلهتُك الشمُّ العوالي»،
وخلاني وذهب، فدنوت من الصنم وقلت: «إني جائع فأطعمني» فلم يجبني
، فقلت: «إني عار فاكسني» فلم يجبني، فألقيت عليه صخرة فخر لوجهه».[22][23]