السؤال:
كلمة توجهونها لمن يبغض الصحابي ماعزاً – رضي الله عنه – كونه وقع في فاحشة ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان الواجب على المسلم أن يحفظ
لسانه أن يقع في غيبة أو طعن في أحد من المسلمين؛ فإن الواجب يقوى إذا كان الكلام
في صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا كانت سلامة الصدر مطلوبة
تجاه عامة المسلمين، فإنها تُطلب بشدة تجاه أولئك الصحابة الكرام رضي الله عنهم
جميعاً .
ووقوع الصحابي ماعز بن مالك في الزنا
ثابت من اعترافه به رضي الله عنه ، ونقول لمن يقع من لسانه شيء تجاه ذلك الصحابي ،
أو يقع في قلبه بغض له :
1. إن الصحابي ماعزاً رضي الله عنه قد
أقيم عليه حد الرجم ، والحدود كفارات لأهلها ، فهو سيلقى ربَّه تعالى – إن شاء الله
– وقد طهَّره ذلك الحد .
عن
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا
تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا ، فَمَنْ وَفَى
مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ
فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ
اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ) .
رواه البخاري ( 4612 ) ومسلم ( 1709 ) .
2. إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
الصحابة رضي الله عنه أن يستغفروا لماعز رضي الله عنه ، ففعل ذلك الصحابة رضي الله
عنهم ، كما رواه مسلم ( 1695 ) وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَغْفِرُوا
لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ) فَقَالُوا : " غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ " .
ومن جاء بعد الصحابة فهو أولى منهم
بالاستغفار له ، وهذا لا شك أنه يتنافى مع الطعن فيه ، ومع بُغضه .
3. إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له
خيراً ، كما رواه البخاري ( 6434 ) وفيه :
(
فَقَالَ له النَّبيُّ صلَّى الله عليهِ وَسَلَّمَ خَيْراً ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قوله ( فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم خيراً ) أي : ذَكَره بجميل .
" فتح الباري " ( 12 / 130 ) .
ومن أساء لذلك الصحابي أو أبغضه فهو
مخالف لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم في معاملة التائب من ذنبه عموماً ، ومن معاملة
ماعز رضي الله عنه على وجه الخصوص .
4. أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر
أن توبة ذلك الصحابي توبة عظيمة جليلة ، كما رواه مسلم ( 1695 ) في قضية
ماعزا،وإقراره على نفسه، وإقامة الحد عليه:
(فَأَمَرَ
بِهِ فَرُجِمَ فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ قَائِلٌ يَقُولُ لَقَدْ هَلَكَ
لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ وَقَائِلٌ يَقُولُ مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ
تَوْبَةِ مَاعِزٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَضَعَ
يَدَهُ فِى يَدِهِ ثُمَّ قَالَ اقْتُلْنِى بِالْحِجَارَةِ - قَالَ - فَلَبِثُوا
بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ « اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ
بْنِ مَالِكٍ ». قَالَ فَقَالُوا غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. - قَالَ -
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ
بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ)
.
قال النووي رحمه الله في شرحه: "
هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْحَدّ يُكَفِّر ذَنْب الْمَعْصِيَة الَّتِي حُدَّ لَهَا
، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيث عُبَادَةَ بْن الصَّامِت - رَضِيَ
اللَّه عَنْهُ - ، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ فَعَلَ
شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَته " وَلَا
نَعْلَم فِي هَذَا خِلَافًا . وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط إِثْم
الْمَعَاصِي الْكَبَائِر بِالتَّوْبَةِ ، وَهُوَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا
مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي تَوْبَة الْقَاتِل خَاصَّة . وَاللَّهُ
أَعْلَم . فَإِنْ قِيلَ : فَمَا بَال مَاعِز وَالْغَامِدِيَّة لَمْ يَقْنَعَا
بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُحَصِّلَة لِغَرَضِهِمَا وَهُوَ سُقُوط الْإِثْم ، بَلْ
أَصَرَّا عَلَى الْإِقْرَار وَاخْتَارَا الرَّجْم ؟ فَالْجَوَاب : أَنَّ تَحْصِيل
الْبَرَاءَة بِالْحُدُودِ وَسُقُوط الْإِثْم مُتَيَقَّن عَلَى كُلّ حَال لَا
سِيَّمَا وَإِقَامَة الْحَدّ بِأَمْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وَأَمَّا التَّوْبَة فَيُخَاف أَنْ لَا تَكُون نَصُوحًا ، وَأَنْ يُخِلّ بِشَيْءٍ
مِنْ شُرُوطهَا ، فَتَبْقَى الْمَعْصِيَة وَإِثْمهَا دَائِمًا عَلَيْهِ ،
فَأَرَادَا حُصُول الْبَرَاءَة بِطَرِيقٍ مُتَيَقَّن دُون مَا يَتَطَرَّق إِلَيْهِ
اِحْتِمَال . وَاللَّهُ أَعْلَم .
5. ثم إن ماعزاً رضي الله عنه من الصحابة ، وهم لهم قدرهم ومنزلتهم التي لا يلحق
بهم أحد ممن جاء بعدهم .
قال ابن حزم - رحمه الله - :
وتمرةٌ يتصدق بها أحدُهم – أي : الصحابة - أفضلُ مِن صدقةِ أحدِنا بما يملك ،
وجلسةٌ مِن الواحدِ منهم مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أفضل مِن عبادة أحدنا
دهرَنا كلَّه ، ولو عُمِّر أحدُنا الدهرَ كلَّه في طاعاتٍ متصلةٍ : ما وازى عملَ
امرئٍ صحبَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ساعةً واحدةً فما فوقها ، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( دَعُوا لي أَصْحَابي، فَلَوْ كَانَ لأحَدِكُم مِثْلُ
"أُحُدٍ" ذَهَباً، فَأَنْفَقَهُ في سَبِيلِ اللهِ؛ مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ
وَلاَ نَصِيفَهُ ) ، فمتى يطمع ذو عقل أن يُدرك أحداً مِن الصحابةِ معَ هذا
البَوْنِ الممتنعِ إدراكُه قطعاً ؟! .
" الفِصَل في المِلَل والنِّحَل " ( 5 / 68
) .
فكل ما سبق يدل على عدم جواز الطعن في
ماعز رضي الله عنه ، كما أن بغضه ليس من دين الله تعالى وقد علمتَ أنه تاب توبة
جليلة ، وأن ذنبه قد غفر له بتوبته النصوح التي تابها، وبالحد الشرعي الذي أقيم
عليه .
وعليه : فمن اغتاب الصحابي بكلام سوء
فإن عليه التوبة ، وعليه الدعاء له ، والثناء عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله
- :
فإذا كان الرجل قد سب الصحابة ، أو غير
الصحابة ، وتاب : فإنه يُحسن إليهم بالدعاء لهم ، والثناء عليهم بقَدر ما أساء
إليهم ، والحسنات يُذهبن السيئات
.
" مجموعة الرسائل والمسائل " ( 5 / 207
) .
ومن وقع في قلبه بغض لذلك الصحابي
فلينظر فيما ذكرناه فلعله أن ينتهي عن ذلك ، ويتوب إلى الله مما وقع فيه، ويستصلح
قلبه للصحابة رضوان الله عليهم جميعا .
والله أعلم .
كلمة توجهونها لمن يبغض الصحابي ماعزاً – رضي الله عنه – كونه وقع في فاحشة ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان الواجب على المسلم أن يحفظ
لسانه أن يقع في غيبة أو طعن في أحد من المسلمين؛ فإن الواجب يقوى إذا كان الكلام
في صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا كانت سلامة الصدر مطلوبة
تجاه عامة المسلمين، فإنها تُطلب بشدة تجاه أولئك الصحابة الكرام رضي الله عنهم
جميعاً .
ووقوع الصحابي ماعز بن مالك في الزنا
ثابت من اعترافه به رضي الله عنه ، ونقول لمن يقع من لسانه شيء تجاه ذلك الصحابي ،
أو يقع في قلبه بغض له :
1. إن الصحابي ماعزاً رضي الله عنه قد
أقيم عليه حد الرجم ، والحدود كفارات لأهلها ، فهو سيلقى ربَّه تعالى – إن شاء الله
– وقد طهَّره ذلك الحد .
عن
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا
تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا ، فَمَنْ وَفَى
مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ
فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ
اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ؛ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ ) .
رواه البخاري ( 4612 ) ومسلم ( 1709 ) .
2. إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر
الصحابة رضي الله عنه أن يستغفروا لماعز رضي الله عنه ، ففعل ذلك الصحابة رضي الله
عنهم ، كما رواه مسلم ( 1695 ) وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَغْفِرُوا
لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ) فَقَالُوا : " غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ " .
ومن جاء بعد الصحابة فهو أولى منهم
بالاستغفار له ، وهذا لا شك أنه يتنافى مع الطعن فيه ، ومع بُغضه .
3. إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له
خيراً ، كما رواه البخاري ( 6434 ) وفيه :
(
فَقَالَ له النَّبيُّ صلَّى الله عليهِ وَسَلَّمَ خَيْراً ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قوله ( فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم خيراً ) أي : ذَكَره بجميل .
" فتح الباري " ( 12 / 130 ) .
ومن أساء لذلك الصحابي أو أبغضه فهو
مخالف لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم في معاملة التائب من ذنبه عموماً ، ومن معاملة
ماعز رضي الله عنه على وجه الخصوص .
4. أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر
أن توبة ذلك الصحابي توبة عظيمة جليلة ، كما رواه مسلم ( 1695 ) في قضية
ماعزا،وإقراره على نفسه، وإقامة الحد عليه:
(فَأَمَرَ
بِهِ فَرُجِمَ فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ قَائِلٌ يَقُولُ لَقَدْ هَلَكَ
لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ وَقَائِلٌ يَقُولُ مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ
تَوْبَةِ مَاعِزٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَضَعَ
يَدَهُ فِى يَدِهِ ثُمَّ قَالَ اقْتُلْنِى بِالْحِجَارَةِ - قَالَ - فَلَبِثُوا
بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ « اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ
بْنِ مَالِكٍ ». قَالَ فَقَالُوا غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. - قَالَ -
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ
بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ)
.
قال النووي رحمه الله في شرحه: "
هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْحَدّ يُكَفِّر ذَنْب الْمَعْصِيَة الَّتِي حُدَّ لَهَا
، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي حَدِيث عُبَادَةَ بْن الصَّامِت - رَضِيَ
اللَّه عَنْهُ - ، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ فَعَلَ
شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَته " وَلَا
نَعْلَم فِي هَذَا خِلَافًا . وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى سُقُوط إِثْم
الْمَعَاصِي الْكَبَائِر بِالتَّوْبَةِ ، وَهُوَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا
مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي تَوْبَة الْقَاتِل خَاصَّة . وَاللَّهُ
أَعْلَم . فَإِنْ قِيلَ : فَمَا بَال مَاعِز وَالْغَامِدِيَّة لَمْ يَقْنَعَا
بِالتَّوْبَةِ وَهِيَ مُحَصِّلَة لِغَرَضِهِمَا وَهُوَ سُقُوط الْإِثْم ، بَلْ
أَصَرَّا عَلَى الْإِقْرَار وَاخْتَارَا الرَّجْم ؟ فَالْجَوَاب : أَنَّ تَحْصِيل
الْبَرَاءَة بِالْحُدُودِ وَسُقُوط الْإِثْم مُتَيَقَّن عَلَى كُلّ حَال لَا
سِيَّمَا وَإِقَامَة الْحَدّ بِأَمْرِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، وَأَمَّا التَّوْبَة فَيُخَاف أَنْ لَا تَكُون نَصُوحًا ، وَأَنْ يُخِلّ بِشَيْءٍ
مِنْ شُرُوطهَا ، فَتَبْقَى الْمَعْصِيَة وَإِثْمهَا دَائِمًا عَلَيْهِ ،
فَأَرَادَا حُصُول الْبَرَاءَة بِطَرِيقٍ مُتَيَقَّن دُون مَا يَتَطَرَّق إِلَيْهِ
اِحْتِمَال . وَاللَّهُ أَعْلَم .
5. ثم إن ماعزاً رضي الله عنه من الصحابة ، وهم لهم قدرهم ومنزلتهم التي لا يلحق
بهم أحد ممن جاء بعدهم .
قال ابن حزم - رحمه الله - :
وتمرةٌ يتصدق بها أحدُهم – أي : الصحابة - أفضلُ مِن صدقةِ أحدِنا بما يملك ،
وجلسةٌ مِن الواحدِ منهم مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أفضل مِن عبادة أحدنا
دهرَنا كلَّه ، ولو عُمِّر أحدُنا الدهرَ كلَّه في طاعاتٍ متصلةٍ : ما وازى عملَ
امرئٍ صحبَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ساعةً واحدةً فما فوقها ، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( دَعُوا لي أَصْحَابي، فَلَوْ كَانَ لأحَدِكُم مِثْلُ
"أُحُدٍ" ذَهَباً، فَأَنْفَقَهُ في سَبِيلِ اللهِ؛ مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ
وَلاَ نَصِيفَهُ ) ، فمتى يطمع ذو عقل أن يُدرك أحداً مِن الصحابةِ معَ هذا
البَوْنِ الممتنعِ إدراكُه قطعاً ؟! .
" الفِصَل في المِلَل والنِّحَل " ( 5 / 68
) .
فكل ما سبق يدل على عدم جواز الطعن في
ماعز رضي الله عنه ، كما أن بغضه ليس من دين الله تعالى وقد علمتَ أنه تاب توبة
جليلة ، وأن ذنبه قد غفر له بتوبته النصوح التي تابها، وبالحد الشرعي الذي أقيم
عليه .
وعليه : فمن اغتاب الصحابي بكلام سوء
فإن عليه التوبة ، وعليه الدعاء له ، والثناء عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله
- :
فإذا كان الرجل قد سب الصحابة ، أو غير
الصحابة ، وتاب : فإنه يُحسن إليهم بالدعاء لهم ، والثناء عليهم بقَدر ما أساء
إليهم ، والحسنات يُذهبن السيئات
.
" مجموعة الرسائل والمسائل " ( 5 / 207
) .
ومن وقع في قلبه بغض لذلك الصحابي
فلينظر فيما ذكرناه فلعله أن ينتهي عن ذلك ، ويتوب إلى الله مما وقع فيه، ويستصلح
قلبه للصحابة رضوان الله عليهم جميعا .
والله أعلم .