السؤال:
تقوم عائلة والدي بعمل بعض التعاويذ والأعمال للإيقاع بينه وبين والدتي ،
وخلق المشاجرات بينهما ، ولكن سؤالي هو عن تلك السبع عشر سنة الماضية ،
قامت والدة أبي بأخذه إلى أحد هذه الأماكن ، وقد قامت بإخبار والدتي بهذا
الأمر بطريق غير مباشرة ، وبطريقة أخرى أحضر والدي تعويذة إلى منزلنا ،
وقال بأنها : سوف تنشر السلام في المنزل .
وأود أن أسأل : أليست هذه الأفعال شركا ؟ ولو كان والدي رجلا
ساذجا ، ويعتقد أنه يقول الشهادتين أثناء الصلاة ، ولا يرى نفسه مذنبا أو
مخطئا على الإطلاق ؛ فهل ما زال النكاح بين والديّ صحيح ، لو كان وقع في
هذا الشرك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذه التعاويذ والأعمال التي يعملها أرباب الفساد لإيقاع الشر بين الناس ، وإحداث
المشاجرات والمشاحنات لا يشك عاقل في تحريمها ، وأنها من الأمور المنكرة التي تقع
بها الفتن ويحصل بها الفساد في الأرض ، وخاصة تلك التي تعمل لإفساد الزوجة على
زوجها أو لقطيعة رحم ونحو ذلك من الكبائر ، وقد قال الله تعالى : ( فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحَامَكُمْ ) محمد/ 22 .
وروى أبو داود (2175) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ
امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ) وصححه الألباني في "صحيح
أبي داود" .
وقوله : "خبب الزوجة على زوجها" أي : أفسد أخلاقها عليه ، وتسبب في نشوزها عنه .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (5/291) :
" مَنْ أَفْسَدَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَيْ : أَغْرَاهَا بِطَلَبِ الطَّلاَقِ أَوِ
التَّسَبُّبِ فِيهِ ، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ "
انتهى .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر؟
فأجاب بقوله : " هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى
بالصرف ، وهو أيضا محرم وقد يكون كفرا وشركا ، قال الله تعالى : ( وما يعلمان من
أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا
لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2
/177) .
ثانيا :
الذهاب إلى هؤلاء الدجالين لعمل ما يسمى بالتعاويذ والأعمال ، لهذه المقاصد الخبيثة
: من كبائر الذنوب والآثام ، ومن ذهب إليهم فصدقهم بما يقولون ، واعتقد فيهم النفع
والضر ، فهو كافر بالله .
قال علماء اللجنة :
" من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ، فإن صدقه ، فقد كفر " انتهى من
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /621) .
ثالثا :
من ذهب إلى من يفك عنه ، أو عن غيره ، سحرا به ، أو عمل تعويذة لصلاح يرجوه : فإن
كان ذلك عن طريق الجن والاستعانة بهم ، وعمل تلك التعاويذ التي يعملهما الدجالون
والمشعوذون : فلا يجوز ، وهو من الكبائر .
وإن كان عن طريق عمل أحجبة وتعاويذ من القرآن والأدعية الشرعية ، فهذا محل خلاف بين
أهل العلم ، ورخص فيه بعض السلف ، وإن كان القول الراجح عدم جوازه أيضا ، لكن ليس
حكمه كحكم ما يصنعه السحرة والدجالون .
راجع جواب السؤال رقم (105850)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" حل السحر يكون بأمرين : الأمر الأول: القراءات والتعوذات الشرعية ، واللجوء إلى
الله سبحانه وتعالى ، وكثرة الدعاء والإلحاح فيه ، وهذا لا شك أنه جائز ، ومن أحسن
ما يستعاذ به سورة الفلق وسورة الناس . فإذا داوم الإنسان على هذا فإنه يشفى بإذن
الله عز وجل.
وأما النوع الثاني من الدواء مما يحل به السحر فهو: أن يحل بسحر مثله ، وهذا فيه
خلاف بين أهل العلم ، فمن أهل العلم من أجازه ومنهم من لم يجزه ، والأقرب أنه لا
يجوز" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (15 /16) .
راجع لمعرفة ذلك ، ولمعرفة الطرق الشرعية لفك السحر ونحو ذلك جواب السؤال رقم : (48967)
، (11290) .
رابعا :
من وقع في شيء من هذه المخالفات ، أو غيرها من البدع والأخطاء ، لكن عن جهل بتحريم
ذلك ؛ فإن هذا يُعَرّف أن هذا الفعل حرام لا يجوز ، وأن الذهاب لهؤلاء مخالف
للعقيدة الصحيحة ، وقد يذهب بدين المرء ، ويبين له ما أتى به الشرع من النهي عن ذلك
والتحذير منه .
سئل الشيخ صالح الفوزان :
" قبل أن أهتدي وأداوم على الصلوات في أوقاتها ، وقراءة القرآن الكريم ذهبت إلى
إحدى الساحرات وطلبت مني أن أخنق دجاجة لكي تعمل لي حجابا تربطني بزوجي ، لأنه كان
يوجد دائما مشكلات بيني وبينه ، وقد خنقت الدجاجة فعلا بيدي فهل علي في فعل هذا إثم
، وماذا أفعل حتى أخلص من هذا الخوف الذي يراودني والقلق ؟
فأجاب : " أولا : الذهاب إلى الساحرات حرام شديد التحريم ، لأن السحر كفر وإضرار
بعباد الله عز وجل ، فالذهاب إليهم جريمة كبيرة وما ذكرت أنك خنقت الدجاجة جريمة
أخرى ، لأن هذا فيه تعذيب للحيوان وقتل للحيوان بغير حق ، وتقرب إلى غير الله بهذا
العمل فيكون شركا . ولكن مادمت قد تبت إلى الله سبحانه وتعالى توبة صحيحة ، فما سبق
منك يغفره الله سبحانه وتعالى ولا تعودي إليه في المستقبل ، والله تعالى يغفر لمن
تاب " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (40 /3) .
وقال علماء اللجنة :
" لا يجوز الذهاب إلى السحرة لحل السحر أو لغيره ، ويجب على من فعل ذلك التوبة إلى
الله سبحانه والتوكل عليه ، وعدم العود لمثل ذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"
(1 /194) .
وعلى ما تقدم : فإن تاب
والدك توبة نصوحا ، وأقلع عن الذهاب إلى هؤلاء الدجالين ، تاب الله عليه ، وغفر له
ما قد سلف إن شاء الله ، ولا يضر ذلك نكاحه بوالدتك .
وينظر جواب السؤال رقم (111362)
.
والله تعالى أعلم .
تقوم عائلة والدي بعمل بعض التعاويذ والأعمال للإيقاع بينه وبين والدتي ،
وخلق المشاجرات بينهما ، ولكن سؤالي هو عن تلك السبع عشر سنة الماضية ،
قامت والدة أبي بأخذه إلى أحد هذه الأماكن ، وقد قامت بإخبار والدتي بهذا
الأمر بطريق غير مباشرة ، وبطريقة أخرى أحضر والدي تعويذة إلى منزلنا ،
وقال بأنها : سوف تنشر السلام في المنزل .
وأود أن أسأل : أليست هذه الأفعال شركا ؟ ولو كان والدي رجلا
ساذجا ، ويعتقد أنه يقول الشهادتين أثناء الصلاة ، ولا يرى نفسه مذنبا أو
مخطئا على الإطلاق ؛ فهل ما زال النكاح بين والديّ صحيح ، لو كان وقع في
هذا الشرك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذه التعاويذ والأعمال التي يعملها أرباب الفساد لإيقاع الشر بين الناس ، وإحداث
المشاجرات والمشاحنات لا يشك عاقل في تحريمها ، وأنها من الأمور المنكرة التي تقع
بها الفتن ويحصل بها الفساد في الأرض ، وخاصة تلك التي تعمل لإفساد الزوجة على
زوجها أو لقطيعة رحم ونحو ذلك من الكبائر ، وقد قال الله تعالى : ( فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحَامَكُمْ ) محمد/ 22 .
وروى أبو داود (2175) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ
امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ ) وصححه الألباني في "صحيح
أبي داود" .
وقوله : "خبب الزوجة على زوجها" أي : أفسد أخلاقها عليه ، وتسبب في نشوزها عنه .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (5/291) :
" مَنْ أَفْسَدَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَيْ : أَغْرَاهَا بِطَلَبِ الطَّلاَقِ أَوِ
التَّسَبُّبِ فِيهِ ، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ "
انتهى .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر؟
فأجاب بقوله : " هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى
بالصرف ، وهو أيضا محرم وقد يكون كفرا وشركا ، قال الله تعالى : ( وما يعلمان من
أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه
وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا
لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2
/177) .
ثانيا :
الذهاب إلى هؤلاء الدجالين لعمل ما يسمى بالتعاويذ والأعمال ، لهذه المقاصد الخبيثة
: من كبائر الذنوب والآثام ، ومن ذهب إليهم فصدقهم بما يقولون ، واعتقد فيهم النفع
والضر ، فهو كافر بالله .
قال علماء اللجنة :
" من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ، فإن صدقه ، فقد كفر " انتهى من
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 /621) .
ثالثا :
من ذهب إلى من يفك عنه ، أو عن غيره ، سحرا به ، أو عمل تعويذة لصلاح يرجوه : فإن
كان ذلك عن طريق الجن والاستعانة بهم ، وعمل تلك التعاويذ التي يعملهما الدجالون
والمشعوذون : فلا يجوز ، وهو من الكبائر .
وإن كان عن طريق عمل أحجبة وتعاويذ من القرآن والأدعية الشرعية ، فهذا محل خلاف بين
أهل العلم ، ورخص فيه بعض السلف ، وإن كان القول الراجح عدم جوازه أيضا ، لكن ليس
حكمه كحكم ما يصنعه السحرة والدجالون .
راجع جواب السؤال رقم (105850)
.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" حل السحر يكون بأمرين : الأمر الأول: القراءات والتعوذات الشرعية ، واللجوء إلى
الله سبحانه وتعالى ، وكثرة الدعاء والإلحاح فيه ، وهذا لا شك أنه جائز ، ومن أحسن
ما يستعاذ به سورة الفلق وسورة الناس . فإذا داوم الإنسان على هذا فإنه يشفى بإذن
الله عز وجل.
وأما النوع الثاني من الدواء مما يحل به السحر فهو: أن يحل بسحر مثله ، وهذا فيه
خلاف بين أهل العلم ، فمن أهل العلم من أجازه ومنهم من لم يجزه ، والأقرب أنه لا
يجوز" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (15 /16) .
راجع لمعرفة ذلك ، ولمعرفة الطرق الشرعية لفك السحر ونحو ذلك جواب السؤال رقم : (48967)
، (11290) .
رابعا :
من وقع في شيء من هذه المخالفات ، أو غيرها من البدع والأخطاء ، لكن عن جهل بتحريم
ذلك ؛ فإن هذا يُعَرّف أن هذا الفعل حرام لا يجوز ، وأن الذهاب لهؤلاء مخالف
للعقيدة الصحيحة ، وقد يذهب بدين المرء ، ويبين له ما أتى به الشرع من النهي عن ذلك
والتحذير منه .
سئل الشيخ صالح الفوزان :
" قبل أن أهتدي وأداوم على الصلوات في أوقاتها ، وقراءة القرآن الكريم ذهبت إلى
إحدى الساحرات وطلبت مني أن أخنق دجاجة لكي تعمل لي حجابا تربطني بزوجي ، لأنه كان
يوجد دائما مشكلات بيني وبينه ، وقد خنقت الدجاجة فعلا بيدي فهل علي في فعل هذا إثم
، وماذا أفعل حتى أخلص من هذا الخوف الذي يراودني والقلق ؟
فأجاب : " أولا : الذهاب إلى الساحرات حرام شديد التحريم ، لأن السحر كفر وإضرار
بعباد الله عز وجل ، فالذهاب إليهم جريمة كبيرة وما ذكرت أنك خنقت الدجاجة جريمة
أخرى ، لأن هذا فيه تعذيب للحيوان وقتل للحيوان بغير حق ، وتقرب إلى غير الله بهذا
العمل فيكون شركا . ولكن مادمت قد تبت إلى الله سبحانه وتعالى توبة صحيحة ، فما سبق
منك يغفره الله سبحانه وتعالى ولا تعودي إليه في المستقبل ، والله تعالى يغفر لمن
تاب " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" (40 /3) .
وقال علماء اللجنة :
" لا يجوز الذهاب إلى السحرة لحل السحر أو لغيره ، ويجب على من فعل ذلك التوبة إلى
الله سبحانه والتوكل عليه ، وعدم العود لمثل ذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"
(1 /194) .
وعلى ما تقدم : فإن تاب
والدك توبة نصوحا ، وأقلع عن الذهاب إلى هؤلاء الدجالين ، تاب الله عليه ، وغفر له
ما قد سلف إن شاء الله ، ولا يضر ذلك نكاحه بوالدتك .
وينظر جواب السؤال رقم (111362)
.
والله تعالى أعلم .