كلمة دولة رئيس الوزراء السيد نوري كامل المالكي في مؤتمر الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية
القى دولة رئيس الوزراء السيد نوري كامل المالكي كلمة في مؤتمر الأسرى
والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية الذي افتتح اليوم في
العاصمة بغداد بحضور عربي ودولي كبير ، وجدد السيد رئيس الوزراء موقف
العراق الداعم للقضية الفلسطينية والمدافع عن حقوق اب
ناء
الشعب الفلسطيني وبالأخص منهم الأسرى القابعين في سجون الاحتلال
الاسرائيلي ، ، كما اكد سيادته ان العراق الذي عانى طويلا من الظلم والقهر
والاستبداد ومصادرة الارادة الوطنية مصمم على أن يكون في طليعة المدافعين
عن حقوق الشعوب وحرياتها ، وفيما يأتي نص الكلمة :
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد امين عام الجامعة العربية المحترم
السيد الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين بالجامعة العربية المحترم
السادة ممثلو المنظمات الدولية المحترمون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من واقع اهتمامنا البالغ بالقضية الفلسطينية ومن دواعي سرورنا ان يحتضن
العراق مؤتمرا دوليا داعما للاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون
الاحتلال الاسرائيلي ، وأن تنطلق
الاصوات من بغداد لاستعادة الحرية للفلسطينيين والعرب الذين يقبعون في السجون الاسرائيلية لفترات طويلة .
ولايخفى على حضراتكم ان انعقاد هذا المؤتمر الذي يعد الاول من نوعه ،
ياتي بعد تحقيق الفلسطينيين انجازا تأريخيا تمثل بتصويت منظمة الامم
المتحدة على منح فلسطين صفة مراقب في المنظمة الدولية ، وهو الانجاز الذي
تحقق بعد صبر طويل وصمود منقطع النظير خاضه الشعب الفلسطيني على مدى العقود
الما ضية .
وبهذه المناسبة السعيدة على قلوبنا جميعا فاننا
نجدد التهنئة والتبريك لابناء فلسطين اينما كانوا على طريق نيل حقوقهم
الكاملة والعادلة والمشروعة في اقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس
الشريف.
كما ياتي هذا الانجاز ، اثر الانتصار الكبير الذي
حققه الفلسطينيون في معركة غزة ضد الالة العسكرية الاسرائيلية ، وهو
الانتصار الذي استعاد فيه الفلسطينيون الثقة بانفسهم وبقدراتهم الذاتية ،
وبما يساعدهم في تحقيق اهدافهم الكبرى التي يناضلون من اجلها وتستحتق منا
تقديم شتى انواع الدعم والمساندة .
ايتها الاخوات ايها الاخوة الكرام
ان تضامننا مع الاسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الاسرائيلية هو
تعبير عن ايماننا بعدالة القضية التي يدافعون عنها ، وهو ما يدعونا للتأكيد
بانه قد آن الاوان لان يتحرك المجتمع الدولي بقوة وفاعلية الى جانب
المنظمات الحقوقية العالمية والصليب الاحمر الدولي ومنظمات حقوق الانسان
لتحمل مسؤولياتهم ، ليس فقط من اجل تحرير الاسرى والمعتقلين ، بل أيضا لفك
قيد الاراضي الفلسطينية من الاحتلال وانهاء معاناة الشعب الفلسطيني الذي
انتهكت حقوقه واغتصبت ارضه .
واذا كان العالم قد اصبح
مجمعا على رفض جميع مظاهر الاضطهاد والقسر والاستبداد ، فان الاحتلال يمثل
ابشع انواع القهر والظلم والطغيان ، خاصة وانه يجسد اليوم اساس مشكلة
الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في السجون الاسرائيلية ، كما انه لم
يعد مقبولا على الاطلاق ، ان يقف المجتمع الدولي مكتوف اليدين ازاء معاناة
الاسرى والمعتقلين ، في وقت يعلن تعاطفه وانحيازه الى جانب تطلعات الشعوب
العربية في اسقاط الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية وتحقيق الحرية
والديمقراطية والعدالة ، ان تفرج المجتمع الدولي ازاء ما يجري في السجون
الاسرائيلية من انتهاكات صارخة للقوانين الدولية يعزز القتاعة بازدواجية
المعايير في تعاطي المجتمع الدولي ويضعف من صدقيته فيما يتعلق بحقوق
الانسان وحق الشعوب في نيل الحرية وتحقيق المساواة .
ان العراق
الذي يتزعم القمة العربية على أتم الأستعداد وبدعمكم ومساندتكم الى جانب
الدول الصديقة لان يتحرك بقوة لحشد التأييد لتدويل قضية الاسرى والمعتقلين
الفلسطينيين والعرب وفضح
الممارسات البشعة التي تمارسها قوات
الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين الذين اصبحت لهم دولة عضو في منظمة
الامم المتحدة ، وبما يساعد في ممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة
الاسرائيلية لانهاء معاناة الاسرى والمعتقلين التي طال أمدها ، كما ندعو
المجتمع الدولي الى القيام بمسؤولياته في الضغط على اسرائيل لاجباراها على
الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات العلاقة بالاسرى ومنها اتفاقية
جنيف .
ايتها الاخوات ... ايها الاخوة
ان التحولات
الكبيرة والجذرية التي تشهدها المنطقة العربية على مدى العامين الماضيين ،
تبرهن ضرورة اجراء مراجعة سريعة وجوهرية للنظام العربي وهيكلية العمل
المشترك لتكون الهياكل التنسيقية وعلى رأسها جامعة الدول العربية قادرة على
مواكبة المتغيرات المتسارعة والتعاطي معها بما يخدم مصالح الشعوب
العربية وتطلعاتها الى الحرية والديمقراطية ويعزز فرص التنمية الشاملة ويحقق الازدهار.
لقد اصبح العراق ومنذ سقوط النظام الدكتاتوري من اشد الدعاة الى تحقيق
هذه الاهداف النبيلة ، وهو يرى ان رئاسته للدورة الحالية للقمة العربية ،
قد اعطت زخما قويا للمبادرات التي من شأنها ان تعزز العمل العربي المشترك
والارتقاء به الى مستوى تطلعات الشعوب العربية التواقة الى التخلص من
الانظمة الاستبدادية وحكم الحزب الواحد والشخص الواحد والعائلة الواحدة
والقومية الواحدة او الطائفة الواحدة .
كما ان المسؤولية
التاريخية تحتم على جميع الدول العربية لان تضع قضية الاسرى والمعتقلين في
السجون الاسرائيلية في سلم اولوياتها في علاقاتها مع جميع دول العالم
والمنظمات الدولية من اجل ايجاد حل سريع لهذه القضية الانسانية ، وان على
الدول العربية ان لا تتعاطى مع ملف الاسرى والمعتقلين بشكل آني ومرحلي ،
فالمسؤولية تحتم علينا جميعا ان نهب لنجدة الاسرى والمعتقلين دون
كلل او ملل ، فما يتعرضون له في السجون الاسرائيلية لم يعد ممكننا السكوت
عليه في ظل الانتهاكات المنظمة لقوات الاحتلال للمعاهدات والاتفاقيات
الدولية التي تضمن حقوق الاسرى والمعتقلين الذين يناضلون من اجل تحرير
بلادهم من الاحتلال ، فالقانون الاسرائيلي لايمكن ان يطبق على الاسرى
والمعتقلين في المناطق المحتلة فضلا عن ان الجنود الاسرائيليين ينتهكون هذه
القوانين بشكل دائم .
السيدات والسادة الحضور
اننا حريصون اشد
الحرص على توطيد العلاقة بين الشعوب العربية والشعب الفلسطيني ، وندعو
لاحتضان ودعم الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها حتى يتحقق لهم
واجب العودة الى وطنهم الام فلسطين وعاصمتها القدس الشريف ، ونرفض بقوة اي
اساءة يتعرضون لها سواء في العراق أو في أية دولة عربية وفي العالم ، وان
الواجب يحتم علينا تقديم شتى انواع الدعم للفلسطينيين وتمكينهم من العودة
الى ديارهم والعيش فيه بحرية وامان .
وأجدد التأكيد على
اننا جادون من اجل تقديم شتى انواع الدعم والمساندة لاشقائنا الفلسطينيين
المقيمين في العراق وحل جميع المشاكل التي يعانون منها اسوة باشقائهم
العراقيين ، كما اننا على استعداد تام للتعاون مع السلطة الوطنية
الفلسطينية من اجل خدمة القضية الفلسطينية التي ما نزال نعتقد انها ما تزال
قضية العرب والمسلمين وجميع الشرفاء الذين يشدون الحرية في العالم .
نأمل ان يحقق المؤتمر اهدافه المحددة والمتعلقة
بالانتهاكات والممارسات الاسرائيلية بحق الأسرى وكيفية اعادة تأهيل هؤلاء
الأسرى والمعتقلين حال الافراج عنهم والدور الذي يمكن ان تقوم به مؤسسات
المجتمع المدني الدولية والاقليمية في توفير الحماية والدفاع عنهم .
ان بغداد التي حتضنت مؤتمر القمة العربية الأخير مصممة على ان تكون في
طليعة المدافعين عن حقوق الشعوب وحرياتها ، لأننا هنا عانينا طويلا من
الظلم والقهر والاستبداد ومصادرة الارادة الوطنية
وحكم الفرد
الواحد والحزب الواحد والعائلة الواحدة والطائفة الواحدة ، تلك الحقبة
المظلمة التي جرت على بلادنا ويلات الحروب الطائشة التي ابعدت العرب عن
قضيتهم المركزية ، ومازال العراقيون يدفعون ثمنها من بنى تحتية مدمرة وديون
ثقيلة وقرارات دولية كبلت العراق ، عدا انعكاساتها الخطيرة على العلاقة
بين الدول العربية ، وكان من نتيجة تلك السياسات المدمرة التي انتهجها
النظام السابق الدخول في حرب ثالثة بعد حربه ضد ايران وغزو لدولة الكويت ،
اسفرت عن وقوع العراق تحت الاحتلال وهو آخر ماخلفه النظام الدكتاتوري للشعب
العراقي .
ان العراق الذي خرج من ذلك النفق المظلم ، قد شق طريقه
بثبات على طريق الحرية والتعددية السياسية والحياة الديمقراطية ، هذا
الطريق الذي بات اليوم حلم كل مواطن عربي في التغيير ومقارعة الظلم
والدكتاتورية والاقصاء والتهميش ، وان ربيع فلسطين قد بدأ يلوح في الافق
بعد عقود من الاحتلال الاسرائيلي .
نجدد الترحيب بكم في بلدكم الثاني ، العراق ، ونتمنى لمؤتمركم النجاح
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نوري كامل المالكي
رئيس وزراء جمهورية العراق
11- 12- 2012