ديوان الشاعر : البحتري
أرَيْتُكَ الآنَ ألَمْعُ البُرُوقْ، | أمْ شُعَلٌ مُرْفَضّةٌ عَنْ حَرِيقْ؟ |
في عَارِضٍ تَعْرِضُ أجْوَازُهُ، | بينَ سَوَى خَبْتٍ، فرَملِ الشُّقُوقْ |
أسَالَ بَطْحَانَ، وَلَمْ يَتّرِكْ | أنْ مُلئَتْ منهُ فِجَاجُ العَقيقْ |
نَبّهَنِي، عَنْ زَوْرَةٍ مِنْ هَوًى، | مُوَكَّلٌ، في مَضْجَعي، بالطُّرُوق |
عَدُوّةٌ بَادٍ لَنَا ضِغْنُهَا، | أَنْزَلها الحُبُّ مَحَلَّ الصّديقْ |
لا أُتْبعُ المتْبُولَ عَتْباً، وَلاَ | ألُومُ غَيرَ البَارِىءِ المُسْتَفيقْ |
سألتُ عَنْ مالي، وَلاَ مالَ لي، | غَيرَ بَقَايا تُرِكَتْ للحُقُوقْ |
مُوَجَّهَاتٌ لذَوِي عَيْلَةٍ، | تُقَضُّ منهُمْ في فَرِيقٍ فَرِيقْ |
هَلاّ اتّقَى الظّالمُ من دَعْوَتي، | تِقَاهَُ مَنْ أتْفيَّةِ المَنْجَنِيقْ |
زََوَتْ وَزِيرَ السّوءِ عَنْ مُلْكِهِ، | إلى المَكَانِ المُسْتَشِقّ، السّحيقْ |
مُناكِدٌ، قَدْ كَانَ من لُؤمِهِ | يَحمي على النّاسِ بِلالَ الحُلُوقْ |
وَفي أمِينِ الله لي مُنْصِفٌ، | إنْ حَادَ خَصْمي عَن سَوَاءِ الطّرِيقْ |
مُعْتَمِدٌ فينَا عَلى الله قَدْ | أيّدَهُ الله بعَقْدٍ وَثيقْ |
تَرَى عُرَى التّدبيرِ يُحكَمنَ عَنْ | مُقتَصِدٍ، فيما يُعاني، شَفيقْ |
حَلَفْتُ بالمَسْعى وبالْخيْفِ مِنْ | مِنَى وبالَبيْتِ الحرَامِ الْعتِيقْ |
تَحُجُّه الأَرْكُبُ مَخْشُوشةً | رُكْبَانُها مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقْ |
يُكبّرُونَ اللهَ لاَ مُخْبرٌ | عَنْ رَفتٍ مِنهُمْ ولاَ عَنْ فُسوقْ |
لَقَدْ وَجَدْنا لكَ، إذْ سُستَنا، | سيَاسَةَ الحَاني عَلَينا الشّفيقْ |
جَمَعتَ أشتَاتَ بَني جَعفَرٍ | بالبِرّ لَمّا فُرّقُوا بالعُقُوقْ |
وكنتَ بالطَّوْلِ، الذي جئْتَهُ | إلَيْهمِ بالأمسِ، عَينَ الخَليقْ |
وَمَا أضَعْتَ الحَقّ في أجْنَبٍ، | فكَيفَ تَنْسَى واجباً في الشّقيقْ |
جَادَتْ لَكَ الدّنْيَا بما مانَعَتْ، | وابتَدَأتْ في رَتْقِ تلكَ الفُتُوقْ |
فَشيعَةُ الشّارِي إلى ذِلّةٍ، | قَدْ جَنَحُوا للسِّلمِ بَعدَ المُرُوقْ |
وَحَائِنُ البَصرَةِ، عندَ التي | تَخشَى عَلَيْهِ لاحجٌ في مَضِيقْ |
يَنْوِي فرَاراً، لوْ يَرَى مَخلَصاً، | منْ سَبَبٍ يُفْضِي بهِ، أوْ طَرِيقْ |
لا زَالَ مَعشُوقُكَ يُسْقَى الحَيَا | من كلّ داني المُزْنِ وَاهي الخُرُوقْ |
فَمَا خَلَوْنَا مُذْ رأيْنَاهُ منْ | فَتْحٍ جَديدٍ، وَزَمَانٍ أنِيقْ |
أشرَفَ، نَظّاراً إلى مُلْتَقَى | دِجْلَةَ، يَلْقَاهَا بوَجْهٍ طَليقْ |
وَطَالَعَ الشّمسَ، على مَوْعِدٍ، | بمثلِ ضَوْءِ الشّمسِ عندَ الشّرُوقْ |
لمْ أرَ كالمَعْشُوقِ قَصْراً بَدَا | لأعْيُنِ الرّائِينَ، غَيرَ المَشُوقْ |
هَذاكَ قَدْ بَزّزَ في حُسْنِهِ | سَبْقاً، وَهذا مُسرِعٌ في اللُّحُوقْ |
هُمَا صَبُوح ٌبَاكِرٌغَيْمُهُ | ثُنَيَ في أَعقابِهِ بالغَبُوقْ |
ألْمَاءُ لا يَبْعَثُ لي نَشوَةً، | فَعاطِني سَوْرَةَ ذاكَ الرّحيقْ |
حَسْبُكَ أنْ تَكسِرَ منْ حَدّها | بالنّغَمِ الصّافي علَيها، الرّقيقْ |
آلَيْتُ لا أشرَبُ مَمْزُوجَةً، | إنْ لمْ يَكُنْ مَزْجةُ رِيقٍ برِيقْ |