السؤال :
ما حكم الأناشيد التي يكون فيها قصة دينية ولكنها تكون على شكل أناشيد ،
وفيها أحياناً كلمات من القرآن الكريم ؟ . هذه الأناشيد الموجودة حاليّاً
بالأسواق
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
الأناشيد هي كلام ملحَّن ، وفيه الغث والسمين ، وفيه الطيب والخبيث ، وهو وإن كان
في الأصل جائزاً لكن قد طرأ عليه ما أفسده ، من الانشغال به أكثر الوقت ، ومن
تأثيره على المنشغلين به بما يؤدي إلى قلة أو انعدام حفظ القرآن والسنة ، ومن
التشبه بالفسَّاق في اللباس ، والهيئات ، والألحان ، ومن التكسر والتغنج في الألفاظ
، وغير ذلك من المفسدات .
وعليه : فما كان من الأناشيد جادّاً ، يحتوي على كلمات لها هدف سامٍ ، وما كان يسمع
منه بقدر معيَّن من غير إفراط ، وكان يخلو من المعازف ، كالدفوف والطبول : فلا بأس
به ، إن شاء الله .
وللوقوف على الضوابط الشرعية للنشيد المباح ، وللوقوف على المفاسد التي وُجدت في
أناشيد زماننا هذا : نرجو الاطلاع على جوابي السؤالين :
(
91142 ) و (
11563 ) ، ففيهما كفاية للمستفيد .
ثانياً:
وأما بخصوص اقتباس كلمات من القرآن الكريم لوضعها في تلك الأناشيد : فهو داخل في
حكم الاقتباس من القرآن في الشِّعر ، وقد اختلف العلماء في أصل الاقتباس من القرآن
، فالجمهور على الجواز ، ومنهم من منع منه مطلقاً ، وذهبت طائفة من العلماء إلى
المنع من الاقتباس في الشعر ، دون النثر .
وفي
" الموسوعة الفقهية " ( 6 / 17 ) :
يرى
جمهور الفقهاء جواز الاقتباس في الجملة ، إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد
الشرعية ، تحسيناً للكلام ، أما إن كان كلاماً فاسداً : فلا يجوز الاقتباس فيه من
القرآن ، وذلك ككلام المبتدعة ، وأهل المجون والفحش .
انتهى
وفيها – أيضاً - ( 6 / 18 ) :
وقد
اشتهر عند المالكية تحريمه – أي : الاقتباس - ، وتشديد النكير على فاعله ، لكن منهم
من فرَّق بين الشِّعر فكره الاقتباس فيه ، وبين النثر فأجازه ، وممن استعمله في
النثر من المالكية : القاضي عياض ، وابن دقيق العيد ، وقد استعمله فقهاء الحنفية في
كتبهم الفقهية .
انتهى
وقد
نقل السيوطي رحمه الله الإجماع على جواز الاقتباس في النثر ، فقال :
ولا
أعلم بين المسلمين خلافاً في جوازه في النثر ، في غير المجون ، والخلاعة ، وهزل
الفساق ، وشربة الخمر ، واللاطة ، ونحو ذلك .
وقد
نصَّ على جوازه : أئمة مذهبنا بأسرهم ، واستعملوه في الخطب ، والرسائل ، والمقامات
، وسائر أنواع الإنشاء ، ونقلوا استعماله عن أبي بكر الصدِّيق ، وعمر بن الخطاب ،
وعلي بن أبي طالب ، وابنه الحسن ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهم من الصحابة ،
والتابعين ، فمن بعدهم ، وأوردوا فيه عدة أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه استعمله .
"
تنوير الحوالك
شرح موطأ مالك "
( 1
/ 312 ) .
والراجح : جواز الاقتباس من القرآن ، إذا كان لغرض صحيح
، دون ما يُقصد به المزاح والسخرية ، ويستعمل في البدعة والمجون ، ويشمل هذا
الاقتباس ما كان في النثر ، أو الشعر.
وينظر تفصيل القول في الاقتباس مع بيان الراجح في جواب السؤال رقم : (
119673 ) .
وعليه : فالاقتباس من القرآن للنشيد جائز ، بشرط أن يكون نشيداً مباحاً ، جادّاً
.
وللدكتور عبد المحسن العسكر
– حفظه الله – دراسة موسعة في الاقتباس ، وقد أسماها "
الاقتباس ، أنواعه
، وأحكامه ، دراسة شرعية ، بلاغية "
،
وبعد أن عرض الخلاف في الاقتباس من القرآن في الشعر قال – ( ص 66 ) - :
والحق الذي يجب المصير إليه : ما ذهب إليه الأكثرون ، من جواز
الاقتباس في النظم ؛ لعدم الدليل المانع من ذلك ، ثم إن القول بمنع الاقتباس في
الشعر
: موجب للتفريق بين النثر ، والشعر ، وهما سواء ، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله
: " الشِّعر كلام ، حسَنُه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام
" .
انتهى
وقد
بيَّن – حفظه الله – بعض الوجوه مما لا يجوز الاقتباس من القرآن فيها ، لا شعراً ،
ولا نثراً ، ومنها :
1.
ما أضافه الله إلى نفسه مما تكلم به سبحانه وتعالى ، مثل ( إني
أنا
ربك فاخلع نعليك ) .
2.
ما أقسم الله به من مخلوقاته ، كما في قول بعضهم :
"
والتين والزيتون ... وطور سينين
...
وهذا البلد المحزون " .
3.
ما
خوطب به الرب جل وعلا
،
كما
وقع في كتابٍ لعبد الرحمن المرشدي إلى القضاة ، جاء فيه
:
"
يا
أعدل قاضٍ به عماد الدين , آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " .
4.
ما
يتبادر إلى السامع أنه من القرآن ، مع تغيير بعض الكلمات
،
كقول أحدهم
:
"
والنجم إذا هوى ... ما ضل يراعك وما غوى
...
علَّمه شديد القوى , ذو مرة فاستوى " .
5.
ومنه ما يعد محاكاة للقرآن
واستعمالا له في غير معناه ، كقول النبيه يمدح القاضي الفاضل :
"
لا
تسمِّه وعداً بغير نوال ... إنه كان وعده مفعولاً " .
انتهى باختصار ، من "
الاقتباس ، أنواعه ،
وأحكامه " للعسكر ( 74 – 76 ) .
وقد
ذكرنا في جواب السؤال رقم (
103923 ) جواز الاقتباس من الحديث النبوي .
والله أعلم
ما حكم الأناشيد التي يكون فيها قصة دينية ولكنها تكون على شكل أناشيد ،
وفيها أحياناً كلمات من القرآن الكريم ؟ . هذه الأناشيد الموجودة حاليّاً
بالأسواق
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
الأناشيد هي كلام ملحَّن ، وفيه الغث والسمين ، وفيه الطيب والخبيث ، وهو وإن كان
في الأصل جائزاً لكن قد طرأ عليه ما أفسده ، من الانشغال به أكثر الوقت ، ومن
تأثيره على المنشغلين به بما يؤدي إلى قلة أو انعدام حفظ القرآن والسنة ، ومن
التشبه بالفسَّاق في اللباس ، والهيئات ، والألحان ، ومن التكسر والتغنج في الألفاظ
، وغير ذلك من المفسدات .
وعليه : فما كان من الأناشيد جادّاً ، يحتوي على كلمات لها هدف سامٍ ، وما كان يسمع
منه بقدر معيَّن من غير إفراط ، وكان يخلو من المعازف ، كالدفوف والطبول : فلا بأس
به ، إن شاء الله .
وللوقوف على الضوابط الشرعية للنشيد المباح ، وللوقوف على المفاسد التي وُجدت في
أناشيد زماننا هذا : نرجو الاطلاع على جوابي السؤالين :
(
91142 ) و (
11563 ) ، ففيهما كفاية للمستفيد .
ثانياً:
وأما بخصوص اقتباس كلمات من القرآن الكريم لوضعها في تلك الأناشيد : فهو داخل في
حكم الاقتباس من القرآن في الشِّعر ، وقد اختلف العلماء في أصل الاقتباس من القرآن
، فالجمهور على الجواز ، ومنهم من منع منه مطلقاً ، وذهبت طائفة من العلماء إلى
المنع من الاقتباس في الشعر ، دون النثر .
وفي
" الموسوعة الفقهية " ( 6 / 17 ) :
يرى
جمهور الفقهاء جواز الاقتباس في الجملة ، إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد
الشرعية ، تحسيناً للكلام ، أما إن كان كلاماً فاسداً : فلا يجوز الاقتباس فيه من
القرآن ، وذلك ككلام المبتدعة ، وأهل المجون والفحش .
انتهى
وفيها – أيضاً - ( 6 / 18 ) :
وقد
اشتهر عند المالكية تحريمه – أي : الاقتباس - ، وتشديد النكير على فاعله ، لكن منهم
من فرَّق بين الشِّعر فكره الاقتباس فيه ، وبين النثر فأجازه ، وممن استعمله في
النثر من المالكية : القاضي عياض ، وابن دقيق العيد ، وقد استعمله فقهاء الحنفية في
كتبهم الفقهية .
انتهى
وقد
نقل السيوطي رحمه الله الإجماع على جواز الاقتباس في النثر ، فقال :
ولا
أعلم بين المسلمين خلافاً في جوازه في النثر ، في غير المجون ، والخلاعة ، وهزل
الفساق ، وشربة الخمر ، واللاطة ، ونحو ذلك .
وقد
نصَّ على جوازه : أئمة مذهبنا بأسرهم ، واستعملوه في الخطب ، والرسائل ، والمقامات
، وسائر أنواع الإنشاء ، ونقلوا استعماله عن أبي بكر الصدِّيق ، وعمر بن الخطاب ،
وعلي بن أبي طالب ، وابنه الحسن ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهم من الصحابة ،
والتابعين ، فمن بعدهم ، وأوردوا فيه عدة أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه استعمله .
"
تنوير الحوالك
شرح موطأ مالك "
( 1
/ 312 ) .
والراجح : جواز الاقتباس من القرآن ، إذا كان لغرض صحيح
، دون ما يُقصد به المزاح والسخرية ، ويستعمل في البدعة والمجون ، ويشمل هذا
الاقتباس ما كان في النثر ، أو الشعر.
وينظر تفصيل القول في الاقتباس مع بيان الراجح في جواب السؤال رقم : (
119673 ) .
وعليه : فالاقتباس من القرآن للنشيد جائز ، بشرط أن يكون نشيداً مباحاً ، جادّاً
.
وللدكتور عبد المحسن العسكر
– حفظه الله – دراسة موسعة في الاقتباس ، وقد أسماها "
الاقتباس ، أنواعه
، وأحكامه ، دراسة شرعية ، بلاغية "
،
وبعد أن عرض الخلاف في الاقتباس من القرآن في الشعر قال – ( ص 66 ) - :
والحق الذي يجب المصير إليه : ما ذهب إليه الأكثرون ، من جواز
الاقتباس في النظم ؛ لعدم الدليل المانع من ذلك ، ثم إن القول بمنع الاقتباس في
الشعر
: موجب للتفريق بين النثر ، والشعر ، وهما سواء ، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله
: " الشِّعر كلام ، حسَنُه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام
" .
انتهى
وقد
بيَّن – حفظه الله – بعض الوجوه مما لا يجوز الاقتباس من القرآن فيها ، لا شعراً ،
ولا نثراً ، ومنها :
1.
ما أضافه الله إلى نفسه مما تكلم به سبحانه وتعالى ، مثل ( إني
أنا
ربك فاخلع نعليك ) .
2.
ما أقسم الله به من مخلوقاته ، كما في قول بعضهم :
"
والتين والزيتون ... وطور سينين
...
وهذا البلد المحزون " .
3.
ما
خوطب به الرب جل وعلا
،
كما
وقع في كتابٍ لعبد الرحمن المرشدي إلى القضاة ، جاء فيه
:
"
يا
أعدل قاضٍ به عماد الدين , آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين " .
4.
ما
يتبادر إلى السامع أنه من القرآن ، مع تغيير بعض الكلمات
،
كقول أحدهم
:
"
والنجم إذا هوى ... ما ضل يراعك وما غوى
...
علَّمه شديد القوى , ذو مرة فاستوى " .
5.
ومنه ما يعد محاكاة للقرآن
واستعمالا له في غير معناه ، كقول النبيه يمدح القاضي الفاضل :
"
لا
تسمِّه وعداً بغير نوال ... إنه كان وعده مفعولاً " .
انتهى باختصار ، من "
الاقتباس ، أنواعه ،
وأحكامه " للعسكر ( 74 – 76 ) .
وقد
ذكرنا في جواب السؤال رقم (
103923 ) جواز الاقتباس من الحديث النبوي .
والله أعلم