السؤال:
أنا شخص بفضل الله أستطيع أن أقرأ القرآن الكريم ، وأقوم بتدريسه لولدي
وابناء أختي ؛ مع أنني لست عالما ولا شيخا ؛ فهل يجوز لي ذلك ؟ وما الأجر
المترتب عليه ؟
الجواب:
الحمد لله
تعليم تلاوة القرآن الكريم التلاوة الصحيحة من أفضل الأعمال وأزكاها عند الله عز
وجل ، لأن القرآن كلام الله ، صفة من صفاته ، وهو سبحانه يحب أن يتعبد إليه
المسلمون بصفاته .
ولذلك جاء في السنة النبوية الحديث المشهور الذي يحفظه الصغار والكبار ،
عن
أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(
خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) .
قال
: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال : وذاك الذي أقعدني
مقعدي هذا . رواه البخاري (5027)
قال
الحافظ ابن حجر "فتح الباري" (9/96) :
"
بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر " انتهى .
يدل
هذا الحديث على الخيرية التي ينالها من يشتغل بتعليم الناس قراءة القرآن وتلاوته ،
والمقام الرفيع الذي يكتبه الله له ، جزاء اشتغاله بصفة الله التي يعظمها وهي كلامه
عز وجل . ولذلك ورد عن سفيان الثوري أنه كان يقدم تعليم القرآن على الغزو لهذا
الحديث . انظر " فتح الباري " (8/694)
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" مِن
أشرف العمل تعليم الغير ، فمعلم غيره يستلزم أن يكون تعلمه ، وتعليمه لغيره عمل
وتحصيل نفع متعد ، والقرآن أشرف العلوم ، فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم
غير القرآن ، ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمِّلٌ لنفسه ولغيره ،
جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ، ولهذا كان أفضل ، وهو من جملة مَنْ عنى
سبحانه وتعالى بقوله : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )، والدعاء إلى الله يقع
بأمور شتى من جملتها تعليم القرآن ، وهو أشرف الجميع " انتهى باختصار.
"
فتح الباري " (9/76)
وقد
ورد في القرآن الكريم حث خاص على الاشتغال بتعليم القرآن الكريم
، وذلك في قوله تعالى:
(
مَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ
تَدْرُسُونَ ) آل عمران/79.
وإن
كان المقصود بتعليم الكتاب في الآية ليس تعليم التلاوة فقط ، بل تفسيره وأحكامه
وتعليم العمل به أيضا ، غير أننا نرجو أن يدخل فيها أيضا من يعلم تلاوته وقراءته
القراءة السليمة ، فهي أول درجة من تعلم الكتاب والتفقه فيه .
وعلى كل حال ننصحك بلزوم ما بدأته من تعليم القرآن الكريم وإقرائه الصغار والكبار ،
بشرط أن تكون قد أتقنت أنت تلاوته وأحسنت قراءته ، أو ـ على الأقل ـ أن تكون أتقنت
قراءة القدر الذي تعلمه لهم .
وعليك ألا تخوض في تفسيره وبيان أحكامه حتى تدرسه وتصبح متقنا فيه ، وبإمكانك ، إن
أحببت الوقوف معهم على بعض معانيه ، أن تقرأ شيئا من كتب أهل العلم الثقات في ذلك
الباب ؛ مثل : تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ، أو تفسير الحافظ ابن كثير ، رحمهما
الله .
أما
إن اقتصرت على تعليم التلاوة السليمة ، فذلك عمل عظيم مأجور عليه إن شاء الله ،
تسهم به في بناء الجيل الصالح ، وتشارك في غرس القرآن الكريم في قلوب الناس ، ولا
يشترط لذلك أن تكون شيخا ، يعني : متخصصا في ذلك ، أو عالما في علوم الشريعة الأخرى
.
قال
الشيخ ابن باز رحمه الله :
"
أنت على كل حال مشكور على هذا العمل الطيب , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )، فأنت مشكور على عملك , وأنت على
أجر عظيم ، ولا حرج عليك ما دمت مخلصا لله في عملك هذا " انتهى.
"
مجموع فتاوى ابن باز " (5/387)
وانظر جواب السؤال رقم :
(3601) ،
(2023) .
والله أعلم .
أنا شخص بفضل الله أستطيع أن أقرأ القرآن الكريم ، وأقوم بتدريسه لولدي
وابناء أختي ؛ مع أنني لست عالما ولا شيخا ؛ فهل يجوز لي ذلك ؟ وما الأجر
المترتب عليه ؟
الجواب:
الحمد لله
تعليم تلاوة القرآن الكريم التلاوة الصحيحة من أفضل الأعمال وأزكاها عند الله عز
وجل ، لأن القرآن كلام الله ، صفة من صفاته ، وهو سبحانه يحب أن يتعبد إليه
المسلمون بصفاته .
ولذلك جاء في السنة النبوية الحديث المشهور الذي يحفظه الصغار والكبار ،
عن
أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(
خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) .
قال
: وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج، قال : وذاك الذي أقعدني
مقعدي هذا . رواه البخاري (5027)
قال
الحافظ ابن حجر "فتح الباري" (9/96) :
"
بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر " انتهى .
يدل
هذا الحديث على الخيرية التي ينالها من يشتغل بتعليم الناس قراءة القرآن وتلاوته ،
والمقام الرفيع الذي يكتبه الله له ، جزاء اشتغاله بصفة الله التي يعظمها وهي كلامه
عز وجل . ولذلك ورد عن سفيان الثوري أنه كان يقدم تعليم القرآن على الغزو لهذا
الحديث . انظر " فتح الباري " (8/694)
قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" مِن
أشرف العمل تعليم الغير ، فمعلم غيره يستلزم أن يكون تعلمه ، وتعليمه لغيره عمل
وتحصيل نفع متعد ، والقرآن أشرف العلوم ، فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم
غير القرآن ، ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمِّلٌ لنفسه ولغيره ،
جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ، ولهذا كان أفضل ، وهو من جملة مَنْ عنى
سبحانه وتعالى بقوله : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ
وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )، والدعاء إلى الله يقع
بأمور شتى من جملتها تعليم القرآن ، وهو أشرف الجميع " انتهى باختصار.
"
فتح الباري " (9/76)
وقد
ورد في القرآن الكريم حث خاص على الاشتغال بتعليم القرآن الكريم
، وذلك في قوله تعالى:
(
مَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا
رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ
تَدْرُسُونَ ) آل عمران/79.
وإن
كان المقصود بتعليم الكتاب في الآية ليس تعليم التلاوة فقط ، بل تفسيره وأحكامه
وتعليم العمل به أيضا ، غير أننا نرجو أن يدخل فيها أيضا من يعلم تلاوته وقراءته
القراءة السليمة ، فهي أول درجة من تعلم الكتاب والتفقه فيه .
وعلى كل حال ننصحك بلزوم ما بدأته من تعليم القرآن الكريم وإقرائه الصغار والكبار ،
بشرط أن تكون قد أتقنت أنت تلاوته وأحسنت قراءته ، أو ـ على الأقل ـ أن تكون أتقنت
قراءة القدر الذي تعلمه لهم .
وعليك ألا تخوض في تفسيره وبيان أحكامه حتى تدرسه وتصبح متقنا فيه ، وبإمكانك ، إن
أحببت الوقوف معهم على بعض معانيه ، أن تقرأ شيئا من كتب أهل العلم الثقات في ذلك
الباب ؛ مثل : تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي ، أو تفسير الحافظ ابن كثير ، رحمهما
الله .
أما
إن اقتصرت على تعليم التلاوة السليمة ، فذلك عمل عظيم مأجور عليه إن شاء الله ،
تسهم به في بناء الجيل الصالح ، وتشارك في غرس القرآن الكريم في قلوب الناس ، ولا
يشترط لذلك أن تكون شيخا ، يعني : متخصصا في ذلك ، أو عالما في علوم الشريعة الأخرى
.
قال
الشيخ ابن باز رحمه الله :
"
أنت على كل حال مشكور على هذا العمل الطيب , وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في
الحديث الصحيح : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )، فأنت مشكور على عملك , وأنت على
أجر عظيم ، ولا حرج عليك ما دمت مخلصا لله في عملك هذا " انتهى.
"
مجموع فتاوى ابن باز " (5/387)
وانظر جواب السؤال رقم :
(3601) ،
(2023) .
والله أعلم .