السؤال :
نسأل عن حكم الجمعيات الخيرية ، وما الضوابط التي تنصح بها السلفي في حالة
التعاون معها - إن كان جائزاً - ومع أصحاب الأموال من عوام الناس الذين
يحبون دعوتنا ، ولا يعرفون تفاصيلها ؛ لأنهم يثقون في إخواننا السلفيين
بإعطائهم الأموال ، وتوزيعها في أماكنها ، وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إقامة الجمعيات الخيرية الإسلامية يعدُّ من الأعمال الجليلة للأشخاص القائمين على
تأسيسها ، ونرجو لهم تحصيل الأجور العظيمة بسبب إنشاء تلك الجمعيات ؛ لما لها من
نفع متعدٍّ للمسلمين ، ضعفائهم ، وفقرائهم ، وإن إعانة هؤلاء ، وتفريج كرباتهم :
لهو من الأعمال الجليلة في شرع الله تعالى ؛ لما لها من أجور جزيلة ، ومن هذه
الأعمال التي تقوم بها الجمعيات ، ولها تلك الأجور :
1.
كفالة الأيتام .
عَنْ سَهْل بنِ سَعْد قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ
بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا - ) .
رواه البخاري ( 4998 ) .
ومسلم ( 2983 ) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب .
2.
السعي على الأرامل .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ) .
رواه البخاري ( 5038 ) ومسلم ( 2982 ) .
3.
بناء المساجد .
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ بَنَى مَسْجِداً يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى
اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ) .
رواه البخاري ( 439 ) ومسلم ( 533 ) .
4.
قضاء الديون .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ
اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى
مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) .
رواه مسلم ( 2699 ) .
5.
تزويج العزاب .
عن
ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(
المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه ، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ
أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ
اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا
سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ ) .
رواه البخاري ( 2442 ) ومسلم ( 2580 ) .
6.
تفطير الصائمين .
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ
غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ) .
رواه الترمذي ( 807 ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وابن ماجه ( 1746 ) ،
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ويشمل ما سبق – وثمة كثير لم نذكره - وغيره من أعمال الجمعيات الخيرية : هذا الحديث
المبارك ، والذي هو نصٌّ في فضل الطاعات المتعدية :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ النَّاسِ
أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى
اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ
تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ,
أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ
مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ
- يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ - شَهْرًا , وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ
عَوْرَتَهُ , وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ
اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي
حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ
الأَقْدَامِ ) .
رواه الطبراني ( 12 / 453 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 955 ) .
وعليه :
فمن
كان من الجمعيات الخيرية قائماً على مثل هذه المشاريع النافعة : فإنه يُعان ، ويشجع
عليها ؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله تعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) المائدة/ من الآية 2 .
ومن
أهم ما ينبغي أن يهتم الإخوة القائمون على هذه الجميعات : أن يتحروا في أمر الأموال
التي في أيديهم ، فلا يتساهلوا في صرفها ، بل ينبغي عليهم أن يضعوها حيث يجب ، وأن
يقدموا الأهم والأنفع من الأعمال التي يحتاجها أهل المكان ، وأن يراعوا مصارف
الزكاة الشرعية في أموال الزكوات ، ولا يخرجوا عنها إلى غيرها ، وإن كان من أبواب
البر والخير ، وأن يراعوا شرط الواقف إن كان تحت أيديهم وقف ، أو شرط المتصدق
والمنفق ، إن شرط وجها معينا لنفقته ، لأن الجمعية بمثابة الوكيل عنه ، لا يجوز لها
أن تتعدى شرطه . فإن بدا للإخوة القائمين عليه باب من الخير لم يأذن فيه ، فلهم أن
يدلوه عليه ، حتى يدخله في نفقته ، أو يصرف إليه ماله .
ثانياً :
ليست الجمعيات الخيرية كلها سواء من حيث المنهج ، والاعتقاد ، بل منها ما هو حزبي
جلد ، تتعصب لحزبها ، ومنها ما يتبنى أفرادها اعتقاداً فاسداً ، كالأشعرية ،
والتصوف .
والموقف من الأولى يختلف عنه من الثانية ، ففي حال كانت الجمعية حزبية – والحزب في
إطاره العام من أهل السنَّة - : فإنها تُعان على ما فيه خدمة للإسلام ، ولا تعان
على ما في نشاط لحزبها ، وجماعتها ، وأما الجمعيات التي يقوم عليها أصحاب اعتقاد
فاسد : فينبغي هجرها ، وأن يقوم أهل السنَّة بإنشاء جمعية مستقلة خاصة بهم .
ثالثاً :
والموقف من أصحاب الأموال ينبغي أن يكون حكيماً ، وإذا كانوا من أهل الدنيا ،
وليسوا أفراداً منكم : فإننا ننصح في التعامل معهم :
1.
أن لا يكون التقرب منهم طمعاً في أموالهم ، بل طمعاً في هدايتهم ، وهم لو هداهم
الله ، واقتنعوا بالمنهج السلفي ، واعتقدوا عقيدة أهل السنَّة والجماعة : فإن ذلك
كافٍ ليقوموا بنصرته ، بأموالهم ، وجاههم .
2.
أن تجعلوا بعضاً من عقلائهم ومعادن الخير منهم أعضاء في مجلس إدارة الجمعية ؛ خاصة
إذا كانت له وجاهة اجتماعية ، يرجى من ورائها حصول خير عام للمسلمين . فإن من شأن
هذا أن يُكسبكم ثقتهم ، وفي الوقت نفسه يقربهم من الاعتقاد الصحيح ، والمنهج السليم
.
3.
أن تتعاهدوهم بالعناية ، والرعاية ، وذلك بتقديمهم في احتفالات الجمعية ، ونشاطاتها
العامة ، فكثير من هذه النفوس مجبولة على حب التقديم ، وهذا ما يفعله أهل الدنيا
معهم ، فأنتم أولى بهذه المداراة ، وليس في ذلك مخالفة لشرع الله .
وفي
فتح مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ
فَهُوَ آمِنٌ ) .
رواه مسلم ( 1780 ) .
قال
الدكتور علي الصلابي – حفظه الله - :
ففي
تخصيص بيت أبي سفيان شيئٌ يُشبع ما تتطلع إليه نفس أبي سفيان ، وفي هذا تثبيت له
على الإسلام ، وتقوية لإيمانه ، وكان هذا الأسلوب النبوي الكريم عاملاً على امتصاص
الحقد من قلب أبي سفيان ، وبرهن له بأن المكانة التي كانت له عند قريش : لن تنتقص
شيئاً في الإسلام ، إن هو أخلص له ، وبذل في سبيله ، وهذا منهج نبوي كريم ، على
العلماء ، والدعاة إلى الله أن يستوعبوه ، ويعملوا به في تعاملهم مع الناس .
"
السيرة النبوية ، عرض وقائع ، وتحليل أحداث " ( ص 756 ) .
4.
إيقافهم بأنفسهم على حالات محتاجة ؛ وذلك حتى يطمئنوا إلى أن أموالهم تذهب في
طريقها الصحيح ، وحتى يكون هذا دافعاً لهم لاستقرار البذل ، واستمراره ، بل زيادته
.
5.
الدعاء لهم ، والثناء عليهم ببذلهم ، ولو كان ذلك في صورة شهادات باسم الجمعية ، أو
هدايا رمزية متجددة ؛ حتى يستمر عطاؤهم ، وتقوى قلوبهم على البذل ، وفي شرعنا أُمر
النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لكل من يأتي بزكاته ، فقال تعالى : ( خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) التوبة/ 103 ، وهو ما
طبَّقه صلى الله عليه وسلم عمليّاً .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ : ( اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ ) فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ) .
رواه البخاري ( 1427 ) ومسلم ( 1078 ) .
هذا
ما ننصحكم به في التعامل مع أصحاب المال ، والجاه ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما
فيه خير الإسلام والمسلمين .
والله أعلم
نسأل عن حكم الجمعيات الخيرية ، وما الضوابط التي تنصح بها السلفي في حالة
التعاون معها - إن كان جائزاً - ومع أصحاب الأموال من عوام الناس الذين
يحبون دعوتنا ، ولا يعرفون تفاصيلها ؛ لأنهم يثقون في إخواننا السلفيين
بإعطائهم الأموال ، وتوزيعها في أماكنها ، وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
إقامة الجمعيات الخيرية الإسلامية يعدُّ من الأعمال الجليلة للأشخاص القائمين على
تأسيسها ، ونرجو لهم تحصيل الأجور العظيمة بسبب إنشاء تلك الجمعيات ؛ لما لها من
نفع متعدٍّ للمسلمين ، ضعفائهم ، وفقرائهم ، وإن إعانة هؤلاء ، وتفريج كرباتهم :
لهو من الأعمال الجليلة في شرع الله تعالى ؛ لما لها من أجور جزيلة ، ومن هذه
الأعمال التي تقوم بها الجمعيات ، ولها تلك الأجور :
1.
كفالة الأيتام .
عَنْ سَهْل بنِ سَعْد قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ
بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا - ) .
رواه البخاري ( 4998 ) .
ومسلم ( 2983 ) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب .
2.
السعي على الأرامل .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: ( السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ ) .
رواه البخاري ( 5038 ) ومسلم ( 2982 ) .
3.
بناء المساجد .
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ بَنَى مَسْجِداً يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى
اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ ) .
رواه البخاري ( 439 ) ومسلم ( 533 ) .
4.
قضاء الديون .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ
اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى
مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) .
رواه مسلم ( 2699 ) .
5.
تزويج العزاب .
عن
ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(
المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه ، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ
أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ
اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا
سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ ) .
رواه البخاري ( 2442 ) ومسلم ( 2580 ) .
6.
تفطير الصائمين .
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ
غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ) .
رواه الترمذي ( 807 ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وابن ماجه ( 1746 ) ،
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ويشمل ما سبق – وثمة كثير لم نذكره - وغيره من أعمال الجمعيات الخيرية : هذا الحديث
المبارك ، والذي هو نصٌّ في فضل الطاعات المتعدية :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ النَّاسِ
أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى
اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ
تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ,
أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ
مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ
- يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ - شَهْرًا , وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ
عَوْرَتَهُ , وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ
اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي
حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ
الأَقْدَامِ ) .
رواه الطبراني ( 12 / 453 ) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 955 ) .
وعليه :
فمن
كان من الجمعيات الخيرية قائماً على مثل هذه المشاريع النافعة : فإنه يُعان ، ويشجع
عليها ؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله تعالى : (
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) المائدة/ من الآية 2 .
ومن
أهم ما ينبغي أن يهتم الإخوة القائمون على هذه الجميعات : أن يتحروا في أمر الأموال
التي في أيديهم ، فلا يتساهلوا في صرفها ، بل ينبغي عليهم أن يضعوها حيث يجب ، وأن
يقدموا الأهم والأنفع من الأعمال التي يحتاجها أهل المكان ، وأن يراعوا مصارف
الزكاة الشرعية في أموال الزكوات ، ولا يخرجوا عنها إلى غيرها ، وإن كان من أبواب
البر والخير ، وأن يراعوا شرط الواقف إن كان تحت أيديهم وقف ، أو شرط المتصدق
والمنفق ، إن شرط وجها معينا لنفقته ، لأن الجمعية بمثابة الوكيل عنه ، لا يجوز لها
أن تتعدى شرطه . فإن بدا للإخوة القائمين عليه باب من الخير لم يأذن فيه ، فلهم أن
يدلوه عليه ، حتى يدخله في نفقته ، أو يصرف إليه ماله .
ثانياً :
ليست الجمعيات الخيرية كلها سواء من حيث المنهج ، والاعتقاد ، بل منها ما هو حزبي
جلد ، تتعصب لحزبها ، ومنها ما يتبنى أفرادها اعتقاداً فاسداً ، كالأشعرية ،
والتصوف .
والموقف من الأولى يختلف عنه من الثانية ، ففي حال كانت الجمعية حزبية – والحزب في
إطاره العام من أهل السنَّة - : فإنها تُعان على ما فيه خدمة للإسلام ، ولا تعان
على ما في نشاط لحزبها ، وجماعتها ، وأما الجمعيات التي يقوم عليها أصحاب اعتقاد
فاسد : فينبغي هجرها ، وأن يقوم أهل السنَّة بإنشاء جمعية مستقلة خاصة بهم .
ثالثاً :
والموقف من أصحاب الأموال ينبغي أن يكون حكيماً ، وإذا كانوا من أهل الدنيا ،
وليسوا أفراداً منكم : فإننا ننصح في التعامل معهم :
1.
أن لا يكون التقرب منهم طمعاً في أموالهم ، بل طمعاً في هدايتهم ، وهم لو هداهم
الله ، واقتنعوا بالمنهج السلفي ، واعتقدوا عقيدة أهل السنَّة والجماعة : فإن ذلك
كافٍ ليقوموا بنصرته ، بأموالهم ، وجاههم .
2.
أن تجعلوا بعضاً من عقلائهم ومعادن الخير منهم أعضاء في مجلس إدارة الجمعية ؛ خاصة
إذا كانت له وجاهة اجتماعية ، يرجى من ورائها حصول خير عام للمسلمين . فإن من شأن
هذا أن يُكسبكم ثقتهم ، وفي الوقت نفسه يقربهم من الاعتقاد الصحيح ، والمنهج السليم
.
3.
أن تتعاهدوهم بالعناية ، والرعاية ، وذلك بتقديمهم في احتفالات الجمعية ، ونشاطاتها
العامة ، فكثير من هذه النفوس مجبولة على حب التقديم ، وهذا ما يفعله أهل الدنيا
معهم ، فأنتم أولى بهذه المداراة ، وليس في ذلك مخالفة لشرع الله .
وفي
فتح مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ
فَهُوَ آمِنٌ ) .
رواه مسلم ( 1780 ) .
قال
الدكتور علي الصلابي – حفظه الله - :
ففي
تخصيص بيت أبي سفيان شيئٌ يُشبع ما تتطلع إليه نفس أبي سفيان ، وفي هذا تثبيت له
على الإسلام ، وتقوية لإيمانه ، وكان هذا الأسلوب النبوي الكريم عاملاً على امتصاص
الحقد من قلب أبي سفيان ، وبرهن له بأن المكانة التي كانت له عند قريش : لن تنتقص
شيئاً في الإسلام ، إن هو أخلص له ، وبذل في سبيله ، وهذا منهج نبوي كريم ، على
العلماء ، والدعاة إلى الله أن يستوعبوه ، ويعملوا به في تعاملهم مع الناس .
"
السيرة النبوية ، عرض وقائع ، وتحليل أحداث " ( ص 756 ) .
4.
إيقافهم بأنفسهم على حالات محتاجة ؛ وذلك حتى يطمئنوا إلى أن أموالهم تذهب في
طريقها الصحيح ، وحتى يكون هذا دافعاً لهم لاستقرار البذل ، واستمراره ، بل زيادته
.
5.
الدعاء لهم ، والثناء عليهم ببذلهم ، ولو كان ذلك في صورة شهادات باسم الجمعية ، أو
هدايا رمزية متجددة ؛ حتى يستمر عطاؤهم ، وتقوى قلوبهم على البذل ، وفي شرعنا أُمر
النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لكل من يأتي بزكاته ، فقال تعالى : ( خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) التوبة/ 103 ، وهو ما
طبَّقه صلى الله عليه وسلم عمليّاً .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ : ( اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ ) فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ : ( اللَّهُمَّ
صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى ) .
رواه البخاري ( 1427 ) ومسلم ( 1078 ) .
هذا
ما ننصحكم به في التعامل مع أصحاب المال ، والجاه ، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما
فيه خير الإسلام والمسلمين .
والله أعلم