أريد أن تدلوني على الطريق الصحيح للتقرب إلى الله عز وجل .
الحمد لله :
طريق التقرب إلى الله قد بينه الله عز وجل لنا في كتابه أوضح بيان ، وبعث إلينا
نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، فلم يترك خيرا إلا ودلنا عليه ، ولا ترك شرا إلا
وحذرنا منه ، ونحن نذكر هنا حديثا واحدا من الأحاديث الجامعة النافعة التي بَيَّن
فيها النبي صلى الله عليه وسلم الطريق التي تقربنا إلى الله جل شأنه بأوجز عبارة ،
وأحسن أسلوب وأبينه ، فقد روى البخاري (6502) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا
فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ
إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي
يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا
وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ
اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ
مَسَاءَتَهُ) .
فهذا الحديث بيان شافٍ وكافٍ لطريق ولاية الله تعالى لمن أراد أن يكون من أولياء
الله تعالى.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" (2/335) : "ذكر في
هذا الحديث ما يتقرب به إليه ، وأصل الولاية القرب ، وأصل العداوة البعد ، فأولياء
الله هم اللذين يتقربون إليه بما يقربهم منه" انتهى بتصرف.
فهذا الحديث بيان للطريق التي تقرب من الله تعالى ، وما على المؤمن إلا أن يتدبر
هذا الحديث جيدا ، ويتفهمه ثم يتبع ذلك بالعمل بما فيه ، وهو بإذن الله بعد ذلك
صائر إلى ولاية الله تعالى ، والقرب منه بقدر ما عمل مبتغيا بعمله وجه الله تعالى ،
متبعاً سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي بيان ما تضمنه الحديث يقول الحافظ ابن
رجب رحمه الله في الموضع السابق من كتابه "جامع العلوم والحكم" : "فَقَسَّم أولياءه
المقربين قسمين : أحدهما : من تقرب إليه بأداء الفرائض ، ويشمل ذلك فعل الواجبات ،
وترك المحرمات ، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده . والثاني : من
تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل" انتهى.
فالمسلم عليه أن يجاهد نفسه أولا للقيام بالفرائض التي افترضها الله عليه ،
كالصلوات الخمس، وهي أعظم الفرائض العملية ، وأداء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت
إن كان مستطيعا ، وكذا باقي الفرائض العملية الأخرى كبر الوالدين ، وصلة الأرحام ،
وأداء حق الزوجة ، والأبناء ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيما يقدر عليه ،
ونحو ذلك من العبادات الجليلة التي لا تزيده من الله إلا قربا ، وكذا العبادات
القلبية من الإخلاص لله تعالى وحبه ، وحب رسوله وشرعه وحب المؤمنين والتوكل على
الله والخوف منه إلى غير ذلك من عبادات القلب المفروضة عليه .
وعليه أن يجاهد نفسه أيضا للقيام بحق الله تعالى في النوع الثاني من الفرائض ، وهي
فرائض الترك ، أي : التي فرض الله علينا فيها الترك ، كترك الزنى ، والربا وشرب
الخمر والسرقة والظلم والغيبة والنميمة إلى غير ذلك من المحرمات ، فإذا فعل شيئا من
ذلك بادر بالتوبة والإصلاح .
وهو في كل ذلك محتاج إلى العلم الشرعي ليعبد الله على بصيرة .
ثم ينبغي للمؤمن بعد ذلك أن يكثر من نوافل الأعمال ، فإنه بها ينال الدرجة الرفيعة
عند الله ، ويحصل بذلك محبة الله تعالى كما سبق في الحديث .
وهذه النوافل كثيرة ينبغي للمسلم أن يبدأ بالأهم فالأهم منها ، وأفضلها وأجلها تعلم
العلم الشرعي وتعليمه للناس .
ومن ذلك : النوافل المؤكدة من الصلوات كالرواتب وقيام الليل وصلاة الوتر .
وكذا الإكثار من ذكر الله تعالى والصدقات ، ومما يعين المسلم على القيام بهذا أن
يرتب ساعات يومه وليلته فيجعل للفريضة وقتها وللنافلة وقتها ويستعين على ذلك
بمجالسة الصالحين والأخيار . وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم
الحمد لله :
طريق التقرب إلى الله قد بينه الله عز وجل لنا في كتابه أوضح بيان ، وبعث إلينا
نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، فلم يترك خيرا إلا ودلنا عليه ، ولا ترك شرا إلا
وحذرنا منه ، ونحن نذكر هنا حديثا واحدا من الأحاديث الجامعة النافعة التي بَيَّن
فيها النبي صلى الله عليه وسلم الطريق التي تقربنا إلى الله جل شأنه بأوجز عبارة ،
وأحسن أسلوب وأبينه ، فقد روى البخاري (6502) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا
فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ
إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي
يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا
وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ
اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ
تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ
مَسَاءَتَهُ) .
فهذا الحديث بيان شافٍ وكافٍ لطريق ولاية الله تعالى لمن أراد أن يكون من أولياء
الله تعالى.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" (2/335) : "ذكر في
هذا الحديث ما يتقرب به إليه ، وأصل الولاية القرب ، وأصل العداوة البعد ، فأولياء
الله هم اللذين يتقربون إليه بما يقربهم منه" انتهى بتصرف.
فهذا الحديث بيان للطريق التي تقرب من الله تعالى ، وما على المؤمن إلا أن يتدبر
هذا الحديث جيدا ، ويتفهمه ثم يتبع ذلك بالعمل بما فيه ، وهو بإذن الله بعد ذلك
صائر إلى ولاية الله تعالى ، والقرب منه بقدر ما عمل مبتغيا بعمله وجه الله تعالى ،
متبعاً سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي بيان ما تضمنه الحديث يقول الحافظ ابن
رجب رحمه الله في الموضع السابق من كتابه "جامع العلوم والحكم" : "فَقَسَّم أولياءه
المقربين قسمين : أحدهما : من تقرب إليه بأداء الفرائض ، ويشمل ذلك فعل الواجبات ،
وترك المحرمات ، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده . والثاني : من
تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل" انتهى.
فالمسلم عليه أن يجاهد نفسه أولا للقيام بالفرائض التي افترضها الله عليه ،
كالصلوات الخمس، وهي أعظم الفرائض العملية ، وأداء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت
إن كان مستطيعا ، وكذا باقي الفرائض العملية الأخرى كبر الوالدين ، وصلة الأرحام ،
وأداء حق الزوجة ، والأبناء ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فيما يقدر عليه ،
ونحو ذلك من العبادات الجليلة التي لا تزيده من الله إلا قربا ، وكذا العبادات
القلبية من الإخلاص لله تعالى وحبه ، وحب رسوله وشرعه وحب المؤمنين والتوكل على
الله والخوف منه إلى غير ذلك من عبادات القلب المفروضة عليه .
وعليه أن يجاهد نفسه أيضا للقيام بحق الله تعالى في النوع الثاني من الفرائض ، وهي
فرائض الترك ، أي : التي فرض الله علينا فيها الترك ، كترك الزنى ، والربا وشرب
الخمر والسرقة والظلم والغيبة والنميمة إلى غير ذلك من المحرمات ، فإذا فعل شيئا من
ذلك بادر بالتوبة والإصلاح .
وهو في كل ذلك محتاج إلى العلم الشرعي ليعبد الله على بصيرة .
ثم ينبغي للمؤمن بعد ذلك أن يكثر من نوافل الأعمال ، فإنه بها ينال الدرجة الرفيعة
عند الله ، ويحصل بذلك محبة الله تعالى كما سبق في الحديث .
وهذه النوافل كثيرة ينبغي للمسلم أن يبدأ بالأهم فالأهم منها ، وأفضلها وأجلها تعلم
العلم الشرعي وتعليمه للناس .
ومن ذلك : النوافل المؤكدة من الصلوات كالرواتب وقيام الليل وصلاة الوتر .
وكذا الإكثار من ذكر الله تعالى والصدقات ، ومما يعين المسلم على القيام بهذا أن
يرتب ساعات يومه وليلته فيجعل للفريضة وقتها وللنافلة وقتها ويستعين على ذلك
بمجالسة الصالحين والأخيار . وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى .
والله أعلم