هل الإنجيل الأصلي الذي باللغة الآرامية موجود هذا الزمان وأين ؟
الحمد لله
أولا :
اختلف الباحثون والمتخصصون في علوم الديانات والتاريخ القديم في اللغة التي كان
يتحدث بها الرسول الكريم عيسى بن مريم عليه السلام .
" ويجمع الباحثون أن فلسطين زمن بعثة عيسى كانت بمثابة لوحة فسيفسائية ، وأن
سكانها كانوا خليطا من كل أمة ولسان ، وكانوا يتكلمون بدرجات متفاوتة :
العبرانية ، والآرامية بلهجاتها ، والإغريقية ، واللاتينية .
ولكن الاختلاف يقوم بينهم حين يسعون إلى تلمس الحدود الجغرافية لكل واحدة من
تلك اللغات ، وحين يريدون حصر الخصائص المميزة لتلك اللغات ، وتحديد نسبة تأثر
بعضها ببعض ،
ونحن حين نقرأ سيرة عيسى في الأناجيل الأربعة نجده يخاطب فئات مختلفة من الناس
:
فقد خاطب عامة الناس من مختلف المدائن والبوادي ، وخاطب أعضاء المجلس الأعلى ،
ومعلمي الشريعة ، والقائمين على تسيير الهيكل وإدارة الشؤون الدينية اليهودية ،
كما خاطب الحاكم الروماني لفلسطين وكانت لغته اللاتينية .
وفي كلمات المسيح المنسوبة إليه في الإنجيل كلمات آرامية :
" إيلي إيلي لما شبقتني ؟! أي إلهي إلهي لماذا تركتني ؟!
( إنجيل متى 27 / 46 ) .
" وأمسك بيد الصبية وقال لها : " طليثا ، قومي ! " الذي تفسيره : يا صبية ، لك
أقول : قومي ! ( إنجيل مرقص 5 / 41 ) .
وفيه كلمات عبرية :
" قال لها يسوع : " يا مريم " فالتفتت تلك وقالت له : " رَبُّونِي " ، الذي
تفسيره : يا معلم " ( إنجيل يوحنا 20 /
17 ) .
" وكان يخاطب ويباحث اليونانيين " (
أعمال الرسل 9 / 29 ) وظاهره
أن المباحثة كانت بلغتهم ، ولاختلاف هذه الشواهد كان الخلاف شديدا بين العلماء
والباحثين في تحديد لغة المسيح عليه السلام .
وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى أنه لم يتكلم بغير العبرانية ، فقال ابن تيمية
في " الجواب الصحيح " ( 3 / 75 ) :
" والمسيح كان عبرانيا لم يتكلم بغير العبرانية " انتهى .
وقال في ( 1 / 90 ) : " ومن قال إن لسان المسيح كان سريانيّاً ( أي آراميّاً )
أو روميّاً : فقد غلط " انتهى .
وذهب بعضهم إلى أن " هذه المعطيات جميعها تبين أن أغلب حديث عيسى عليه السلام
كان باللغة الآرامية ، وهي اللغة الشعبية التي كانت شائعة أكثر من غيرها ، ثم
يتلوه حديثه باللغة العبرانية لغة العهد القديم ، كما يبدو أنه كان مثقفا
باللاتينية والإغريقية " .
انظر " لغة المسيح عيسى بن مريم " بحث
د.عبد العزيز شهبر ( ص 112 ، 113 ) ، منشور في كتاب " لغات الرسل " .
ثانيا :
يجب على المسلمين جميعا الإيمان بالإنجيل الذي أوحاه الله إلى نبيه عيسى المسيح
عليه السلام ، ومن أنكره كفر باتفاق أهل العلم .
يقول سبحانه وتعالى : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ
فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ )
المائدة/46 .
وإيماننا بالإنجيل يقتضي منا الإيمان بوجوده وتمام وحيه ، وكذلك الإيمان بكل ما
جاء فيه أنه حق ومن عند الله .
ولكن لم يأت في شريعتنا شيء في بيان هل كان هذا الإنجيل مكتوبا ومجموعا جميعه
في عهد عيسى عليه السلام ، ومن الذي كتبه ، ومن الذي حفظه ونشره ، أم كان
المسيح يعلمه الناس مشافهة ، ثم يتناقله الحواريون ومن آمن به ؟ أم كتب بعضه
وترك بعض آخر ؟ فهذه أسئلة قد لا نستطيع أن نجزم فيها بجواب اليوم ، بل إن بعض
الباحثين ينفي أن يكون الإنجيل الحقيقي مدونا على هيئة كتاب ، وإنما كان أقوالا
متناقلة .
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور في " التحرير والتنوير " ( 3 / 26 ) في مطلع
تفسير آل عمران :
" وأما الإنجيل : فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه "
انتهى .
يقول الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
فنحن نؤمن بإخلاص بأن كل ما كان يقوله عيسى عليه السلام كان وحياً من الله ،
وبأنه هو الإنجيل والبشارة إلى بني إسرائيل ، وخلال حياته لم يكتب عيسى كلمة
واحدة ، كما أنه لم يأمر أحداً بالكتابة .
" هل الكتاب المقدس كلمة الله "
( ص 14 ) .
وإن كان الظاهر أن المسيح عليه السلام يعرف الكتابة والقراءة ، ويفهم ذلك من
قوله تعالى :
( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )
آل عمران/48
قال ابن كثير – رحمه الله - :
الظاهر أن المراد بالكتاب ههنا الكتابة .
" تفسير القرآن العظيم " ( 1 / 485 ) .
إلا أننا لا نملك دليلا على كتابة الوحي زمن عيسى عليه السلام ، وليس في تسمية
الإنجيل " كتابا " في القرآن الكريم دليل على كتابته في الصحف زمن الوحي ، فإن
التسمية بـ " الكتاب " إنما هي باعتبار ما عند الله في اللوح المحفوظ ، أو
باعتبار تهيئه للكتابة والتدوين ، واعتبر ذلك بالقرآن الكريم ، فقد سماه الله "
كتابا " ، وإنما كان يتناقل شفاها مع كتابة متفرقة له في الجلود والصحف ، وفي
الحقيقة لم يكن كتابا مجموعا حتى كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، بل قال
سبحانه وتعالى : ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ
فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ
سِحْرٌ مُّبِينٌ ) الأنعام/7 .
يقول الطاهر ابن عاشور في تفسير سورة مريم الآية/30 :
والكتاب : الشريعة التي من شأنها أن تكتب لئلا يقع فيها تغيير . فإطلاق الكتاب
على شريعة عيسى كإطلاق الكتاب على القرآن .
" التحرير والتنوير " ( 8 / 470 ) .
والنصارى كذلك لا يؤمنون أن ثمة كتابا كتبه المسيح أو أحد تلامذته في عهده ، ثم
فُقِدَ بعد ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
وأما الإنجيل الذي بأيديهم فهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح عليه السلام ، ولا
أملاه على من كتبه ، وإنما أملوه بعد رفع المسيح .
" الجواب الصحيح " ( 1 / 491 ) .
وهذا فرق ظاهر بين الوحي الذي أنزل على موسى والوحي الذي أنزل على عيسى ، فقد
جاء في القرآن الكريم ما يدل على كتابة الأول في قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا
لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ
شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا
سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ )
الأعراف/145 .
وإن كان يبدو من كلام بعض علماء المسلمين أن الإنجيل الحقيقي كان مدونا ومكتوبا
في عهد المسيح عليه السلام ، تجد ذلك في كلام ابن حزم في " الفِصَل " ، وابن
تيمية في " الجواب الصحيح " .
وكذلك جاء في " الإنجيل " إطلاق هذا اللفظ على ما أوحاه الله إلى المسيح ، حيث
جاء في (إنجيل مرقص 8/35) : " ومن أهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلصها "
.
أما الأناجيل الموجودة اليوم ، فليست هي الإنجيل الحقيقي ، ولكن لا ينكر
احتواؤها على كثير من الإنجيل الذي أوحاه الله سبحانه إلى المسيح .
قال ابن تيمية - رحمه الله -
هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا
إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ، فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ، ولا أن
المسيح بلغها عن الله ، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح ، وأشياء من أفعاله
ومعجزاته ، وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه ، فكانت من جنس ما
يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله
وأفعاله التي ليست قرآنا ، فالأناجيل التي بأيديهم شبه كتاب السيرة وكتب الحديث
أو مثل هذه الكتب ، وإن كان غالبها صحيحاً .
" الجواب الصحيح " ( 2 / 14 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 47516 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الحمد لله
أولا :
اختلف الباحثون والمتخصصون في علوم الديانات والتاريخ القديم في اللغة التي كان
يتحدث بها الرسول الكريم عيسى بن مريم عليه السلام .
" ويجمع الباحثون أن فلسطين زمن بعثة عيسى كانت بمثابة لوحة فسيفسائية ، وأن
سكانها كانوا خليطا من كل أمة ولسان ، وكانوا يتكلمون بدرجات متفاوتة :
العبرانية ، والآرامية بلهجاتها ، والإغريقية ، واللاتينية .
ولكن الاختلاف يقوم بينهم حين يسعون إلى تلمس الحدود الجغرافية لكل واحدة من
تلك اللغات ، وحين يريدون حصر الخصائص المميزة لتلك اللغات ، وتحديد نسبة تأثر
بعضها ببعض ،
ونحن حين نقرأ سيرة عيسى في الأناجيل الأربعة نجده يخاطب فئات مختلفة من الناس
:
فقد خاطب عامة الناس من مختلف المدائن والبوادي ، وخاطب أعضاء المجلس الأعلى ،
ومعلمي الشريعة ، والقائمين على تسيير الهيكل وإدارة الشؤون الدينية اليهودية ،
كما خاطب الحاكم الروماني لفلسطين وكانت لغته اللاتينية .
وفي كلمات المسيح المنسوبة إليه في الإنجيل كلمات آرامية :
" إيلي إيلي لما شبقتني ؟! أي إلهي إلهي لماذا تركتني ؟!
( إنجيل متى 27 / 46 ) .
" وأمسك بيد الصبية وقال لها : " طليثا ، قومي ! " الذي تفسيره : يا صبية ، لك
أقول : قومي ! ( إنجيل مرقص 5 / 41 ) .
وفيه كلمات عبرية :
" قال لها يسوع : " يا مريم " فالتفتت تلك وقالت له : " رَبُّونِي " ، الذي
تفسيره : يا معلم " ( إنجيل يوحنا 20 /
17 ) .
" وكان يخاطب ويباحث اليونانيين " (
أعمال الرسل 9 / 29 ) وظاهره
أن المباحثة كانت بلغتهم ، ولاختلاف هذه الشواهد كان الخلاف شديدا بين العلماء
والباحثين في تحديد لغة المسيح عليه السلام .
وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى أنه لم يتكلم بغير العبرانية ، فقال ابن تيمية
في " الجواب الصحيح " ( 3 / 75 ) :
" والمسيح كان عبرانيا لم يتكلم بغير العبرانية " انتهى .
وقال في ( 1 / 90 ) : " ومن قال إن لسان المسيح كان سريانيّاً ( أي آراميّاً )
أو روميّاً : فقد غلط " انتهى .
وذهب بعضهم إلى أن " هذه المعطيات جميعها تبين أن أغلب حديث عيسى عليه السلام
كان باللغة الآرامية ، وهي اللغة الشعبية التي كانت شائعة أكثر من غيرها ، ثم
يتلوه حديثه باللغة العبرانية لغة العهد القديم ، كما يبدو أنه كان مثقفا
باللاتينية والإغريقية " .
انظر " لغة المسيح عيسى بن مريم " بحث
د.عبد العزيز شهبر ( ص 112 ، 113 ) ، منشور في كتاب " لغات الرسل " .
ثانيا :
يجب على المسلمين جميعا الإيمان بالإنجيل الذي أوحاه الله إلى نبيه عيسى المسيح
عليه السلام ، ومن أنكره كفر باتفاق أهل العلم .
يقول سبحانه وتعالى : ( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ
فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ )
المائدة/46 .
وإيماننا بالإنجيل يقتضي منا الإيمان بوجوده وتمام وحيه ، وكذلك الإيمان بكل ما
جاء فيه أنه حق ومن عند الله .
ولكن لم يأت في شريعتنا شيء في بيان هل كان هذا الإنجيل مكتوبا ومجموعا جميعه
في عهد عيسى عليه السلام ، ومن الذي كتبه ، ومن الذي حفظه ونشره ، أم كان
المسيح يعلمه الناس مشافهة ، ثم يتناقله الحواريون ومن آمن به ؟ أم كتب بعضه
وترك بعض آخر ؟ فهذه أسئلة قد لا نستطيع أن نجزم فيها بجواب اليوم ، بل إن بعض
الباحثين ينفي أن يكون الإنجيل الحقيقي مدونا على هيئة كتاب ، وإنما كان أقوالا
متناقلة .
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور في " التحرير والتنوير " ( 3 / 26 ) في مطلع
تفسير آل عمران :
" وأما الإنجيل : فاسم للوحي الذي أوحي به إلى عيسى عليه السلام فجمعه أصحابه "
انتهى .
يقول الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
فنحن نؤمن بإخلاص بأن كل ما كان يقوله عيسى عليه السلام كان وحياً من الله ،
وبأنه هو الإنجيل والبشارة إلى بني إسرائيل ، وخلال حياته لم يكتب عيسى كلمة
واحدة ، كما أنه لم يأمر أحداً بالكتابة .
" هل الكتاب المقدس كلمة الله "
( ص 14 ) .
وإن كان الظاهر أن المسيح عليه السلام يعرف الكتابة والقراءة ، ويفهم ذلك من
قوله تعالى :
( وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )
آل عمران/48
قال ابن كثير – رحمه الله - :
الظاهر أن المراد بالكتاب ههنا الكتابة .
" تفسير القرآن العظيم " ( 1 / 485 ) .
إلا أننا لا نملك دليلا على كتابة الوحي زمن عيسى عليه السلام ، وليس في تسمية
الإنجيل " كتابا " في القرآن الكريم دليل على كتابته في الصحف زمن الوحي ، فإن
التسمية بـ " الكتاب " إنما هي باعتبار ما عند الله في اللوح المحفوظ ، أو
باعتبار تهيئه للكتابة والتدوين ، واعتبر ذلك بالقرآن الكريم ، فقد سماه الله "
كتابا " ، وإنما كان يتناقل شفاها مع كتابة متفرقة له في الجلود والصحف ، وفي
الحقيقة لم يكن كتابا مجموعا حتى كان زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، بل قال
سبحانه وتعالى : ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ
فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ
سِحْرٌ مُّبِينٌ ) الأنعام/7 .
يقول الطاهر ابن عاشور في تفسير سورة مريم الآية/30 :
والكتاب : الشريعة التي من شأنها أن تكتب لئلا يقع فيها تغيير . فإطلاق الكتاب
على شريعة عيسى كإطلاق الكتاب على القرآن .
" التحرير والتنوير " ( 8 / 470 ) .
والنصارى كذلك لا يؤمنون أن ثمة كتابا كتبه المسيح أو أحد تلامذته في عهده ، ثم
فُقِدَ بعد ذلك .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
وأما الإنجيل الذي بأيديهم فهم معترفون بأنه لم يكتبه المسيح عليه السلام ، ولا
أملاه على من كتبه ، وإنما أملوه بعد رفع المسيح .
" الجواب الصحيح " ( 1 / 491 ) .
وهذا فرق ظاهر بين الوحي الذي أنزل على موسى والوحي الذي أنزل على عيسى ، فقد
جاء في القرآن الكريم ما يدل على كتابة الأول في قوله تعالى : ( وَكَتَبْنَا
لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ
شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا
سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ )
الأعراف/145 .
وإن كان يبدو من كلام بعض علماء المسلمين أن الإنجيل الحقيقي كان مدونا ومكتوبا
في عهد المسيح عليه السلام ، تجد ذلك في كلام ابن حزم في " الفِصَل " ، وابن
تيمية في " الجواب الصحيح " .
وكذلك جاء في " الإنجيل " إطلاق هذا اللفظ على ما أوحاه الله إلى المسيح ، حيث
جاء في (إنجيل مرقص 8/35) : " ومن أهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل يخلصها "
.
أما الأناجيل الموجودة اليوم ، فليست هي الإنجيل الحقيقي ، ولكن لا ينكر
احتواؤها على كثير من الإنجيل الذي أوحاه الله سبحانه إلى المسيح .
قال ابن تيمية - رحمه الله -
هذه المقالات الأربعة التي يسمونها الإنجيل ، وقد يسمون كل واحد منهم إنجيلا
إنما كتبها هؤلاء بعد أن رفع المسيح ، فلم يذكروا فيها أنها كلام الله ، ولا أن
المسيح بلغها عن الله ، بل نقلوا فيها أشياء من كلام المسيح ، وأشياء من أفعاله
ومعجزاته ، وذكروا أنهم لم ينقلوا كل ما سمعوه منه ورأوه ، فكانت من جنس ما
يرويه أهل الحديث والسير والمغازي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله
وأفعاله التي ليست قرآنا ، فالأناجيل التي بأيديهم شبه كتاب السيرة وكتب الحديث
أو مثل هذه الكتب ، وإن كان غالبها صحيحاً .
" الجواب الصحيح " ( 2 / 14 ) .
وانظر جواب السؤال رقم ( 47516 ) .
الإسلام سؤال وجواب