سؤالي عن مرتكب الكبيرة ، عندنا أنَّ أمره إلى الله
، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (
صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ... - حتى ذكر - نساء كاسيات عاريات...
لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها )
فسَّرها الإمام النووي رحمه الله : أنهن : إما مستحلات للفعل ، فلايدخلن
الجنة أبدا . أو لا يدخلن الجنة في البداية ، ثم يدخلنها بعد أن يعذبن ،
وهذا يقتضي أنهن لا بد أن يعذبن وهن من مرتكبي الكبائر ، فهل يمكن ألا
يعذبن ؟
الحمد لله
مرتكب الكبيرة في عقيدة المسلمين على خطر عظيم ، فقد تعرض لغضب الله وعقابه ، إلا
أنَّ مشيئة الله هي الحاكمة ، فقد يغفر الله له ويتجاوز عنه ، وقد يعذبه بقدر ذنبه
، إلا من بلغت معصيته حد الكفر بالله تعالى ، فإنه يستوجب حينئذ العقوبة والخلود في
النار .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (11/646) - :
" عن النساء اللاتي يتعمَّمن بالعمائم الكبار ، لا يرين الجنة ، ولا يشممن رائحتها
، وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال : لا إله إلا الله
دخل الجنة ) ؟
فأجاب :
قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان
من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، على
رءوسهن مثل أسنمة البخت ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، ورجال معهم سياط مثل
أذناب البقر يضربون بها عباد الله )
ومن زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح بما فيه من الوعيد الشديد فإنه جاهل ضال عن الشرع
، يستحق العقوبة التي تردعه وأمثاله من الجهال الذين يعترضون على الأحاديث الصحيحة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والأحاديث الصحيحة في " الوعيد " كثيرة :
مثل قوله : ( من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يجد رائحة الجنة ، وريحها يوجد من
مسيرة أربعين خريفا )
ومثل قوله الذي في الصحيح : ( لا يدخل الجنة مَن في قلبه ذرة من كبر ) .
ومثل قوله في الحديث الصحيح : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ،
ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وفقير مختال )
وفي القرآن من آيات الوعيد ما شاء الله ، كقوله : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد
حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )
وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين ، أن " الوعيد " في الكتاب والسنة لأهل الكبائر
موجود ، ولكن الوعيد الموجود في الكتاب والسنة قد بين الله في كتابه وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم أنه لا يلحق التائب ، بقوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) أي لمن تاب .
وقال في الآية الأخرى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
فهذا في حق من لم يتب ، فالشرك لا يغفر ، وما دون الشرك إن شاء الله غفره ، وإن شاء
عاقب عليه .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا
وصب ، ولا هم ، ولا غم ، ولا حزن ، ولا أذى ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها
من خطاياه )
ولهذا لما نزل قوله : ( من يعمل سوءا يجز به ) ، قال أبو بكر : يا رسول الله ؛ قد
جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا ؟ فقال : يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟
ألست تصيبك اللأوى ؟ فذلك مما تجزون به .
فالمصائب في الدنيا يكفر الله بها من خطايا المؤمن ما به يكفر وكذلك الحسنات التي
يفعلها . قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم :
( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارات لما بينهن إذا
اجتنبت الكبائر ) فالله تعالى لا يظلم عبده شيئا كما قال : ( فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
فالوعيد ينتفي عنه : إما بتوبة ، وإما بحسنات يفعلها تكافئ سيئاته ، وإما بمصائب
يكفر الله بها خطاياه ، وإما بغير ذلك " انتهى.
ولذلك يفسر العلماء كل آية أو حديث ظاهره خلود صاحب الكبيرة في النار بتفسيرات
توافق نصوص الكتاب والسنة الأخرى .
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (17/191) :
" قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ) : يتأول التأويلين السابقين فى
نظائره :
أحدهما : أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك ، مع علمها بتحريمه ، فتكون كافرة
مخلدة فى النار لا تدخل الجنة أبدا .
والثانى : يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/27) :
" السؤال : هل يجوز أن نعتقد كفر النساء الكاسيات العاريات لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) الحديث ؟
والجواب :
يكفر من اعتقد حل ذلك منهن بعد البيان والتعريف بالحكم ، ومن لم تستحل ذلك منهن
ولكن خرجت كاسية عارية فهي غير كافرة ، لكنها مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويجب
الإقلاع عنها ، والتوبة منها إلى الله ، عسى أن يغفر الله لها ، فإن ماتت على ذلك
غير تائبة فهي تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي ؛ لقول الله عز وجل : ( إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ ) " انتهى.
وجاء فيها أيضا (17/104) :
" من استحل منهن ذلك اللباس فهن كافرات مخلدات في النار إذا متن على ذلك ، لا يدخلن
الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن لبسن ذلك اللباس مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة
من كبائر الذنوب ، لكن لا يخرجن بها من ملة الإسلام ، وهن تحت مشيئة الله : إن شاء
الله غفر لهن ، وإن شاء عذبهن مما ارتكبن من السيئات ، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن
ريحها إلا بعد سابقة عذاب .
وهذا مذهب أهل السنة ، وفيه جمع بين نصوص الوعد والوعيد ، وهو وسط بين مذاهب
المرجئة والخوارج والمعتزلة.
ويقول الشيخ ابن باز – كما في "مجموع فتاوى" (6/356) - :
" أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) فهذا وعيد شديد
، ولا يلزم من ذلك كفرهن ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي إذا متن على الإسلام ،
بل هن وغيرهن من أهل المعاصي ، كلهم متوعدون بالنار على معاصيهم ، ولكنهم تحت مشيئة
الله : إن شاء سبحانه عفا عنهم وغفر لهم ، وإن شاء عذبهم ، كما قال عز وجل في سورة
النساء في موضعين : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) ، من دخل النار من أهل المعاصي فإنه لا يخلد
فيها خلود الكفار ، بل من يخلد منهم كالقاتل والزاني ، والقاتل نفسه لا يكون خلوده
مثل خلود الكفار بل هو خلود له نهاية عند أهل السنة والجماعة ، خلافا للخوارج
والمعتزلة ومن سار على نهجهم من أهل البدع ؛ لأن الأحاديث الصحيحة قد تواترت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل المعاصي
من أمته ، وأن الله عز وجل يقبلها منه صلى الله عليه وسلم عدة مرات ، في كل مرة يحد
له حدا فيخرجهم من النار ، وهكذا بقية الرسل والمؤمنون والملائكة والأفراط ، كلهم
يشفعون بإذنه سبحانه ، ويشفعهم عز وجل فيمن يشاء من أهل التوحيد الذين دخلوا النار
بمعاصيهم وهم مسلمون ، ويبقى في النار بقية من أهل المعاصي لا تشملهم شفاعة الشفعاء
، فيخرجهم الله سبحانه برحمته وإحسانه ، ولا يبقى في النار إلا الكفار فيخلدون فيها
أبد الآباد كما قال عز وجل في حق الكفرة : ( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا
) ، وقال تعالى : ( فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ) ، وقال سبحانه
في الكفرة من عباد الأوثان : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ
عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) ، وقال تعالى : ( إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ
مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، ( يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا
هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ )
والآيات في هذا المعنى كثيرة ، نسأل الله العافية والسلامة من حالهم "
انتهى.
فالحاصل أن المرأة المتبرجة مع تعرضها للعقاب الأليم عند الله عز وجل ، إلا أنها
تحت مشيئة الله تعالى ، قد يغفر لها فلا يعذبها ، وقد يعذبها العذاب الشديد ، مع
أنه لا بد أن يدخل النار من يدخلها من عصاة المؤمنين ، كما تواترت بذلك الأحاديث .
وانظر جواب السؤال رقم : (14627)
، ( 9924)
والله أعلم .
، إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (
صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ... - حتى ذكر - نساء كاسيات عاريات...
لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها )
فسَّرها الإمام النووي رحمه الله : أنهن : إما مستحلات للفعل ، فلايدخلن
الجنة أبدا . أو لا يدخلن الجنة في البداية ، ثم يدخلنها بعد أن يعذبن ،
وهذا يقتضي أنهن لا بد أن يعذبن وهن من مرتكبي الكبائر ، فهل يمكن ألا
يعذبن ؟
الحمد لله
مرتكب الكبيرة في عقيدة المسلمين على خطر عظيم ، فقد تعرض لغضب الله وعقابه ، إلا
أنَّ مشيئة الله هي الحاكمة ، فقد يغفر الله له ويتجاوز عنه ، وقد يعذبه بقدر ذنبه
، إلا من بلغت معصيته حد الكفر بالله تعالى ، فإنه يستوجب حينئذ العقوبة والخلود في
النار .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (11/646) - :
" عن النساء اللاتي يتعمَّمن بالعمائم الكبار ، لا يرين الجنة ، ولا يشممن رائحتها
، وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال : لا إله إلا الله
دخل الجنة ) ؟
فأجاب :
قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان
من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد : نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، على
رءوسهن مثل أسنمة البخت ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، ورجال معهم سياط مثل
أذناب البقر يضربون بها عباد الله )
ومن زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح بما فيه من الوعيد الشديد فإنه جاهل ضال عن الشرع
، يستحق العقوبة التي تردعه وأمثاله من الجهال الذين يعترضون على الأحاديث الصحيحة
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والأحاديث الصحيحة في " الوعيد " كثيرة :
مثل قوله : ( من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يجد رائحة الجنة ، وريحها يوجد من
مسيرة أربعين خريفا )
ومثل قوله الذي في الصحيح : ( لا يدخل الجنة مَن في قلبه ذرة من كبر ) .
ومثل قوله في الحديث الصحيح : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ،
ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وفقير مختال )
وفي القرآن من آيات الوعيد ما شاء الله ، كقوله : ( ومن يعص الله ورسوله ويتعد
حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )
وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين ، أن " الوعيد " في الكتاب والسنة لأهل الكبائر
موجود ، ولكن الوعيد الموجود في الكتاب والسنة قد بين الله في كتابه وسنة رسوله صلى
الله عليه وسلم أنه لا يلحق التائب ، بقوله : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) أي لمن تاب .
وقال في الآية الأخرى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
فهذا في حق من لم يتب ، فالشرك لا يغفر ، وما دون الشرك إن شاء الله غفره ، وإن شاء
عاقب عليه .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من نصب ، ولا
وصب ، ولا هم ، ولا غم ، ولا حزن ، ولا أذى ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها
من خطاياه )
ولهذا لما نزل قوله : ( من يعمل سوءا يجز به ) ، قال أبو بكر : يا رسول الله ؛ قد
جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا ؟ فقال : يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست تحزن ؟
ألست تصيبك اللأوى ؟ فذلك مما تجزون به .
فالمصائب في الدنيا يكفر الله بها من خطايا المؤمن ما به يكفر وكذلك الحسنات التي
يفعلها . قال الله تعالى : ( إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وقال النبي صلى الله
عليه وسلم :
( الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان ، كفارات لما بينهن إذا
اجتنبت الكبائر ) فالله تعالى لا يظلم عبده شيئا كما قال : ( فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
فالوعيد ينتفي عنه : إما بتوبة ، وإما بحسنات يفعلها تكافئ سيئاته ، وإما بمصائب
يكفر الله بها خطاياه ، وإما بغير ذلك " انتهى.
ولذلك يفسر العلماء كل آية أو حديث ظاهره خلود صاحب الكبيرة في النار بتفسيرات
توافق نصوص الكتاب والسنة الأخرى .
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (17/191) :
" قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ) : يتأول التأويلين السابقين فى
نظائره :
أحدهما : أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك ، مع علمها بتحريمه ، فتكون كافرة
مخلدة فى النار لا تدخل الجنة أبدا .
والثانى : يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/27) :
" السؤال : هل يجوز أن نعتقد كفر النساء الكاسيات العاريات لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) الحديث ؟
والجواب :
يكفر من اعتقد حل ذلك منهن بعد البيان والتعريف بالحكم ، ومن لم تستحل ذلك منهن
ولكن خرجت كاسية عارية فهي غير كافرة ، لكنها مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويجب
الإقلاع عنها ، والتوبة منها إلى الله ، عسى أن يغفر الله لها ، فإن ماتت على ذلك
غير تائبة فهي تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي ؛ لقول الله عز وجل : ( إِنَّ
اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ ) " انتهى.
وجاء فيها أيضا (17/104) :
" من استحل منهن ذلك اللباس فهن كافرات مخلدات في النار إذا متن على ذلك ، لا يدخلن
الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن لبسن ذلك اللباس مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة
من كبائر الذنوب ، لكن لا يخرجن بها من ملة الإسلام ، وهن تحت مشيئة الله : إن شاء
الله غفر لهن ، وإن شاء عذبهن مما ارتكبن من السيئات ، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن
ريحها إلا بعد سابقة عذاب .
وهذا مذهب أهل السنة ، وفيه جمع بين نصوص الوعد والوعيد ، وهو وسط بين مذاهب
المرجئة والخوارج والمعتزلة.
ويقول الشيخ ابن باز – كما في "مجموع فتاوى" (6/356) - :
" أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) فهذا وعيد شديد
، ولا يلزم من ذلك كفرهن ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي إذا متن على الإسلام ،
بل هن وغيرهن من أهل المعاصي ، كلهم متوعدون بالنار على معاصيهم ، ولكنهم تحت مشيئة
الله : إن شاء سبحانه عفا عنهم وغفر لهم ، وإن شاء عذبهم ، كما قال عز وجل في سورة
النساء في موضعين : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ
مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) ، من دخل النار من أهل المعاصي فإنه لا يخلد
فيها خلود الكفار ، بل من يخلد منهم كالقاتل والزاني ، والقاتل نفسه لا يكون خلوده
مثل خلود الكفار بل هو خلود له نهاية عند أهل السنة والجماعة ، خلافا للخوارج
والمعتزلة ومن سار على نهجهم من أهل البدع ؛ لأن الأحاديث الصحيحة قد تواترت عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل المعاصي
من أمته ، وأن الله عز وجل يقبلها منه صلى الله عليه وسلم عدة مرات ، في كل مرة يحد
له حدا فيخرجهم من النار ، وهكذا بقية الرسل والمؤمنون والملائكة والأفراط ، كلهم
يشفعون بإذنه سبحانه ، ويشفعهم عز وجل فيمن يشاء من أهل التوحيد الذين دخلوا النار
بمعاصيهم وهم مسلمون ، ويبقى في النار بقية من أهل المعاصي لا تشملهم شفاعة الشفعاء
، فيخرجهم الله سبحانه برحمته وإحسانه ، ولا يبقى في النار إلا الكفار فيخلدون فيها
أبد الآباد كما قال عز وجل في حق الكفرة : ( كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا
) ، وقال تعالى : ( فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ) ، وقال سبحانه
في الكفرة من عباد الأوثان : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ
عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) ، وقال تعالى : ( إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ
مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ
وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، ( يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا
هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ )
والآيات في هذا المعنى كثيرة ، نسأل الله العافية والسلامة من حالهم "
انتهى.
فالحاصل أن المرأة المتبرجة مع تعرضها للعقاب الأليم عند الله عز وجل ، إلا أنها
تحت مشيئة الله تعالى ، قد يغفر لها فلا يعذبها ، وقد يعذبها العذاب الشديد ، مع
أنه لا بد أن يدخل النار من يدخلها من عصاة المؤمنين ، كما تواترت بذلك الأحاديث .
وانظر جواب السؤال رقم : (14627)
، ( 9924)
والله أعلم .