أنا أعاني حالة من العذاب الشديد بسبب ذنب ارتكبته في الماضي ولا أعلم كيف أتخلّص منه ، وحياتي تحولت إلى جحيم بسبب هذا الموضوع .
قبل خمس سنوات كنت أعيش حالة من الفراغ الديني ، وكنت مبتعداً عن الله بشكل
كبير جداً ، وأنا لدي ابن عم هو الصديق الوحيد لي في هذه الدنيا .
في أحد الأيام ضحك عليّ الشيطان وقمت بإخباره أن لي علاقة محرّمة مع بعض
الفتيات ، وأنا في الأساس ليس لي أي علاقة بهن . ولم أكن أعلم عقوبة هذا
الذنب وللأسف كنت أعتقد أن الرجولة هي أن تكون لك علاقات مع النساء مثل ما
يعتقد أغلب شبابنا اليوم .
ولم يعلم أحد بهذا الموضوع ولم يصل إلى النساء شيء .
وفي رمضان العام الماضي تبت إلى الله وكانت لي علاقة مع بعض النساء عن طريق
الهاتف والإنترنت فقمت بإخبارهن بتوبتي وقطعت علاقتي المحرمة معهن ، وشعرت
بحلاوة الإيمان التي لم أشعر بها من قبل .
ولكن ما زلت أتذكر ذنبي الذي مضى عليه سنوات ، والأمر يتعلق بأعراض ناس .
واستخرت وفكرت كثيراً وما زلت متردداً . هل أخبر صاحبي بأني كذبت عليه حتى
أثبت له براءة هؤلاء النساء مما قلته ، وفي هذه الحالة قد أخسر صديقي
الوحيد إذا رأى أنني كذبت عليه ، أو أسكت ولا أتكلّم ؟ ولكن أخشى عقوبة
الله على هذه المعصية فماذا أفعل ؟.
نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ، ويستر عيبك ، ويجنبك الفتن ما
ظهر منها وما بطن ، أما مسألتك فيتضح الجواب عنها ببيان الأمور التالية :
أولا : يظهر من سؤالك أن من قذفتها بعمل الحرام معها هي امرأة
معينة ، تعرفها أنت ويعرفها ابن عمك ، فإن كانت امرأة معينة معروفة ، فهذا قذف منك
لها ، وهو من الكبائر المحرمة ، والذنوب القبيحة ، إذ إنه طعن في الأعراض ، وانتهاك
لما حرم الله تعالى ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو هريرة
رضي الله عنه : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال :
الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم
والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) رواه البخاري برقم
2615 ، ومسلم برقم 89
وكما أنه قذف لتلك المرأة فهو إقرار على نفسك بالزنا ، حتى وإن
كنت كاذبا .
أما إن كانت المرأة غير معينة ، أي إنك قلت : فعلت مع امرأة ،
وليست هذه المرأة معينة ، فهذا لا يعتبر قذفا لأحد ، لكنه إقرار على نفسك بالزنا
تستوجب معه الحد ، ويجب عليك أن تنفيه عن نفسك .
قال في بدائع الصنائع : " لو قال : زنيت بامرأة ولا أعرفها ، صح
إقراره ويحد " بدائع الصنائع 7/51
ثانيا : إذا كان تلك المرأة معينة ، وقد تبت وندمت على ما فعلت
فإن توبتك أن تكذب نفسك ، فيلزمك أن تخبر ابن عمك بأنك غير صادق فيما قلته ، لأنه
لا بد أن تبرئ ساحة تلك المرأة العفيفة ، ولا يحل لك أبدا أن تقدم صداقة ابن عمك
على هتك عرض مسلمة .
قال ابن قدامة في "المغني" :
ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إكْذَابُ
نَفْسِهِ , فَيَقُولُ : كَذَبْت فِيمَا قُلْت . وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ,
وَعَطَاءٌ , وَطَاوُسٌ , وَالشَّعْبِيُّ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو عُبَيْدٍ ,
وَأَبُو ثَوْرٍ اهـ باختصار .
وروى عبد الرزاق في "المصنف" (5/77) عَنْ طَاوُسٍ قَالَ :
تَوْبَتُهُ ( يعني من اتهم أحداً بالزنى ) أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ .
ثالثا : اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من التمس رضاء
الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله
إلى الناس ) رواه الترمذي برقم 2414 وصححه الألباني ، فهذا
الحديث يدلك على أن ما تخافه من سوء العلاقة بينك وبين ابن عمك أمر هين ، فإن من
أطاع الله تعالى وأرضاه ، فإن الله يكفيه الناس ، فاحرص على علاقتك بربك أكثر من
حرصك على علاقتك بابن عمك ، واعلم أن هذا من الابتلاء الذي يختبرك الله به ، فاقدم
على الحق ، وتوكل على الله ، ولا تخش فيه لومة لائم ، وأكثر من الاستغفار والتوبة
ودعاء الله عز وجل أن يوفقك لقول الحق ، وأن يؤلف بينك وبين ابن عمك ، فإن قلوب
العباد بين أصعبين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
قبل خمس سنوات كنت أعيش حالة من الفراغ الديني ، وكنت مبتعداً عن الله بشكل
كبير جداً ، وأنا لدي ابن عم هو الصديق الوحيد لي في هذه الدنيا .
في أحد الأيام ضحك عليّ الشيطان وقمت بإخباره أن لي علاقة محرّمة مع بعض
الفتيات ، وأنا في الأساس ليس لي أي علاقة بهن . ولم أكن أعلم عقوبة هذا
الذنب وللأسف كنت أعتقد أن الرجولة هي أن تكون لك علاقات مع النساء مثل ما
يعتقد أغلب شبابنا اليوم .
ولم يعلم أحد بهذا الموضوع ولم يصل إلى النساء شيء .
وفي رمضان العام الماضي تبت إلى الله وكانت لي علاقة مع بعض النساء عن طريق
الهاتف والإنترنت فقمت بإخبارهن بتوبتي وقطعت علاقتي المحرمة معهن ، وشعرت
بحلاوة الإيمان التي لم أشعر بها من قبل .
ولكن ما زلت أتذكر ذنبي الذي مضى عليه سنوات ، والأمر يتعلق بأعراض ناس .
واستخرت وفكرت كثيراً وما زلت متردداً . هل أخبر صاحبي بأني كذبت عليه حتى
أثبت له براءة هؤلاء النساء مما قلته ، وفي هذه الحالة قد أخسر صديقي
الوحيد إذا رأى أنني كذبت عليه ، أو أسكت ولا أتكلّم ؟ ولكن أخشى عقوبة
الله على هذه المعصية فماذا أفعل ؟.
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يغفر ذنبك ، ويستر عيبك ، ويجنبك الفتن ما
ظهر منها وما بطن ، أما مسألتك فيتضح الجواب عنها ببيان الأمور التالية :
أولا : يظهر من سؤالك أن من قذفتها بعمل الحرام معها هي امرأة
معينة ، تعرفها أنت ويعرفها ابن عمك ، فإن كانت امرأة معينة معروفة ، فهذا قذف منك
لها ، وهو من الكبائر المحرمة ، والذنوب القبيحة ، إذ إنه طعن في الأعراض ، وانتهاك
لما حرم الله تعالى ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو هريرة
رضي الله عنه : ( اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال :
الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم
والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) رواه البخاري برقم
2615 ، ومسلم برقم 89
وكما أنه قذف لتلك المرأة فهو إقرار على نفسك بالزنا ، حتى وإن
كنت كاذبا .
أما إن كانت المرأة غير معينة ، أي إنك قلت : فعلت مع امرأة ،
وليست هذه المرأة معينة ، فهذا لا يعتبر قذفا لأحد ، لكنه إقرار على نفسك بالزنا
تستوجب معه الحد ، ويجب عليك أن تنفيه عن نفسك .
قال في بدائع الصنائع : " لو قال : زنيت بامرأة ولا أعرفها ، صح
إقراره ويحد " بدائع الصنائع 7/51
ثانيا : إذا كان تلك المرأة معينة ، وقد تبت وندمت على ما فعلت
فإن توبتك أن تكذب نفسك ، فيلزمك أن تخبر ابن عمك بأنك غير صادق فيما قلته ، لأنه
لا بد أن تبرئ ساحة تلك المرأة العفيفة ، ولا يحل لك أبدا أن تقدم صداقة ابن عمك
على هتك عرض مسلمة .
قال ابن قدامة في "المغني" :
ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ تَوْبَةَ الْقَاذِفِ إكْذَابُ
نَفْسِهِ , فَيَقُولُ : كَذَبْت فِيمَا قُلْت . وَهَذَا مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ,
وَعَطَاءٌ , وَطَاوُسٌ , وَالشَّعْبِيُّ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو عُبَيْدٍ ,
وَأَبُو ثَوْرٍ اهـ باختصار .
وروى عبد الرزاق في "المصنف" (5/77) عَنْ طَاوُسٍ قَالَ :
تَوْبَتُهُ ( يعني من اتهم أحداً بالزنى ) أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ .
ثالثا : اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من التمس رضاء
الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله
إلى الناس ) رواه الترمذي برقم 2414 وصححه الألباني ، فهذا
الحديث يدلك على أن ما تخافه من سوء العلاقة بينك وبين ابن عمك أمر هين ، فإن من
أطاع الله تعالى وأرضاه ، فإن الله يكفيه الناس ، فاحرص على علاقتك بربك أكثر من
حرصك على علاقتك بابن عمك ، واعلم أن هذا من الابتلاء الذي يختبرك الله به ، فاقدم
على الحق ، وتوكل على الله ، ولا تخش فيه لومة لائم ، وأكثر من الاستغفار والتوبة
ودعاء الله عز وجل أن يوفقك لقول الحق ، وأن يؤلف بينك وبين ابن عمك ، فإن قلوب
العباد بين أصعبين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب