مقدمة
تفيد العديد من البحوث الآن التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، بوجود علاقة قوية بين الحالة النفسية التي تعيشها الأسرة وحالة الجسم التي يمتلكها أعضاؤها: أباً أو أماً أو أبناء. أي أن هناك علاقة وطيدة بين الصحة النفسية للأسرة وصحتها الجسمية. مؤيداً مرة أخرى مقولة: العقل السليم في الجسم السليم.
فالنفس والجسم هما توأم يعيش أحدهما مع الآخر ويتداخل حياتياً ووظيفياً وعضوياً فيه، بحيث إذا اشتكى طرف من علة أو مرض تداعى له الطرف الآخر بالمرض والحمى.. كما يؤكد جوهر معنى الحديث الشريف.
لقد أشارت هذه البحوث في تقاريرها أن الصحة النفسية.. قد رفعت من قدرة النظام المناعي الجسمي في مقاومة الأمراض، والتخفيف أو الإبطاء في تطورّها،، وبالنتيجة في تخفيف تدهور الصحة الجسمية، حتى عند الأمراض الخطيرة المستعصية مثل السرطان والإيدز والزايمر Alzheimer.
فقد أكدت نتائج البحوث الأمريكية: أن تحسّن الحالة النفسية لدى المصابين بهذه الأمراض، أدى إلى تحسّن قدرة وعمل النظام المناعي في الجسم، مما أدى كما لوحظ إلى إبطاء تقدم تلك الأمراض لدى الأفراد المعنيين وحياتهم سنين أطول، من أولئك الذين استمروا في معاناتهم أو صعوباتهم النفسية.
ومن هنا في الواقع نركز على أهمية الصحة النفسية للأسرة، نظراً لأهميتها الذاتية أولاً لاستقرار وسوية النفس البشرية والتي وصفها الله «بالمطمئنة»، ثم لأثر الحالة النفسية التي يعيشها أعضاء الأسرة: فرادى وجماعة على استقرارهم الاجتماعي والحياتي الأسري وصحتهم الجسمية بوجه عام.
من هذه الأهمية للصحة النفسية لدى الأسرة، فنوضح في الفقرات الفرعية التالية، أهم المبادئ والمعلومات التي يمكن للأسرة الانتباه إليها حفاظاً على صحة أعضائها النفسية.. وبالتالي خبرتهم جميعاً للصحة الجسمية والاجتماعية والحياتية التي يأملونها.
إن تحرّر أعضاء الأسرة (أي خلاصهم) من الاضطرابات الشخصية والسلوكية التي قد يعانون منها، يشكل محوراً ووسيلة في آن لتحصيل صحتهم النفسية.
صيانة الصحة النفسية للأسرة بعلاج اضطرابات الشخصية
يجد الكثير في البلدان المتقدمة متنفساً لاضطراباتهم الشخصية، مثل الاكتئاب والصعوبات الإنفعالية الأخرى بالعلاج النفسي.. بالرغم من قطع بعضهم لهذا العلاج أو انسحابهم منه.
أما في البلدان النامية، فالوقت لم يحن بعد لملايين المعذبين باضطرابات الاكتئاب والانفعال والكفاح السلوكي المحموم من أجل البقاء.. فتستمر عذاباتهم حتى الموت، دون انتباه لسد حاجاتهم الفطرية المحسوسة من الخبز والماء.. فكيف الأمر بحاجاتهم النفسية غير المرئية للعيان في عديد الأحيان الأخرى؟!
أسباب تدعو الأفراد لطلب العلاج النفسي:
إن أبرز الأسباب الداعية غالباً لطلب العلاج النفسي، هي معاناة أعضاء الأسرة من أمراض الاكتئاب أو الانفعال أو الإدمان المجحف على المخدرات.
ففي الولايات المتحدة يوجد 25% من مجموع السكان من عانى في حياته من الاكتئاب أو القلق.. كما يوجد 33% من المجتمع الأمريكي خبروا في حياتهم أيضاً مشاكل انفعالية وإدمان على المخدرات.. ومهما يكن فإن الأسباب العامة التي تثير الأفراد للجوء إلى العلاج النفسي:
1- الشعور بإحساس عارم طويل من الحزن واليأس، أو العجز الكامل عن أداء أي شيء، الأمر الذي افتقدوا معه الأمل في حياتهم.
2- معايشة صعوبات انفعالية شديدة تشلّ قدراتهم على التصرف في الحياة اليومية.. فهم غير قادرين على التركيز على مسؤولياتهم، مؤدياً بإنجازهم الوظيفي أو التربوي أو الأسري أو الاجتماعي مع الآخرين في البيئة الى التدهور لدرجة غير قابلة للاحتمال.
3- الأذى الشديد الذي يمكن أن تلحقه تصرفات عضو الأسرة بنفسه أو بالبيئة.. فالفرد المدمن أو المخمور طيلة أربع وعشرين ساعة في اليوم، يشكل عدواناً محتملاً على نفسه أو على المحيطين به.. الأمر الذي يتوجّب معه تحويله فوراً للعلاج.
4- الصعوبات الانفعالية غير المحتملة التي يشعرون بها نتيجة الاضطرابات النفسية، أو المشاكل التي يعيشها أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقربين.
فعالية العلاج النفسي في شفاء اضطرابات الشخصية:
تفيد نتائج الأبحاث إلى أن العلاج النفسي يبدو فعالاً في الحدّ من الاكتئاب والقلق والأعراض الاضطرابية الأخرى مثل: الإعياء أو الإجهاد والألم والغثيان Nausea.
كما تؤكد البحوث أيضاً على أن هناك ارتباطاً بين الصحة الجسمية والصحة النفسية الانفعالية. فأعضاء الأسرة الذين تم علاجهم نفسياً، كانوا أكثر بقاء بعد إجرائهم لجراحات القلب والسرطان.. وأن الأعضاء بصعوبات انفعالية والذين تعرضوا لعدة جلسات من العلاج النفسي، بَدوا أكثر صحة نفسية واستقراراً من الآخرين الذين افتقدوا مثل هذا العلاج.
وعلى العموم، تفيد نتائج البحوث أن 50% ممن تعرضوا للعلاج النفسي، خبروا تحسناً في حالاتهم الاضطرابية بعد ثماني جلسات فقط، بينما تحسّن 75% منهم بعد مضي ستة أشهر من العلاج.. إن هذه النتائج لصالح العلاج النفسي للكبار هي مؤكدة أيضاً لدى الأطفال.
إيجاد المعالج النفسي الكَفُء
إن المعالج النفسي الذي ينجح في تصحيح اضطراب شخصي محدد، قد لا يكون كذلك في علاج آخر.. ومن هنا، يتوقع من عضو الأسرة الذي يعاني من أحدى اضطرابات الشخصية، البحث عن بدائل متعددة من المعالجين قبل اعتماد واحد منهم، أكثر جدوى وقدرة على شفاء حالته. من الإجراءات التي يمكن للفرد القيام بها للوصول إلى القرار المناسب في هذا الإطار، ما يلي:
1- التشاور مع أعضاء الأسرة والأصدقاء والاستماع لاقتراحاتهم خاصة لمن لديه خبرة جيدة في العلاج النفسي.
2- الرجوع إلى الروابط المتخصصة النفسية التي لديها خدمات استشارية تصل الأفراد المضطربين بعيادات العلاج النفسي المناسبة. يوجد على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية مثل هذه الخدمات الاستشارية باسم: دليل الممارسين لرابطة النفسيين الأمريكيين هاتف (5800-336-202)، تقدم للأفراد المعنيين اسم وتليفون الجهة المناسبة في كل ولاية بالولايات المتحدة الأمريكية.
3- الرجوع إلى الطبيب الخاص للأسرة، والاستفسار منه حول أفضل الجهات القادرة على علاج حالته الاضطرابية الشخصية. يتوقع من عضو الأسرة توضيح حالته الاضطرابية بالتفصيل للطبيب.. حتى يستطيع الأخير تحويله أو التوصية بمراجعة الجهة الأكثر جدوى لعلاج الاضطراب لديه.
4- الرجوع إلى دليل الهاتف من أجل المراكز والروابط المتخصصة بالعلاج النفسي والصحة العقلية.. واختيار الخدمة المتخصصة الناجعة لحالة عضو الأسرة.
ينتهي عضو الأسرة بالتوافر له عدة جهات مناسبة مختصة بالعلاج النفسي.. وهنا يقوم عضو الأسرة للوصول إلى القرار النهائي باختيار الجهة الفعلية للعلاج، بالاتصال بكل جهة ومقابلتها والاستفسار منها عما يلي:
v طبيعة التخصص الدقيق المرخص للعمل به.
v طريقة العلاج النفسي التي يمارسها.
v نوع التأمين الذي يشترك فيه للتعويض، عند الضرر.
v الرسوم التي يتقاضاها مقابل خدماته في العلاج النفسي.. المباشرة وغير المباشرة.
مبادئ الاستفادة القصوى من العلاج النفسي:
تحدث عملية العلاج النفسي بوجود جهتين يرتبطان معاً بعلاقات عمل طيبة، هما: المعالج المختص وعضو الأسرة بالاضطراب الشخصي. ومن هنا، حتى يتمكن من الاستثمار الأمثل لهذه العملية العلاجية خلال تفاعله مع المختص، يتوقع قيامه بما يلي:
1- الاتصال المنفتح مع المعالج النفسي ومحافظة كل منهما على علاقات مشجعة بناءة خلال عملية العلاج.
2- إتفاق عضو الأسرة والمعالج منذ البداية على أنواع المشاكل التي سيتم تصحيحها، والأهداف العلاجية التي سيجري تحقيقها وكيف تتمكن عملية العلاج من ذلك.
3- معرفة المعالج النفسي تماماً لما يتوقع عضو الأسرة منه، والتحدّث فوراً معه حول أي صعوبات أو مستجدات تهم عملية العلاج.
4- حضور كل الجلسات المقترحة للعلاج النفسي، دون أي أعذار أو تقطع أو تسرب جزئي أو كلي، لتواصل العلاج وتركيز فعاليته من جلسة إلى أخرى.
5- إعداد عضو الأسرة المسبق لجلسة العلاج والتفكير بما سيحدث فيها، والمواضيع أو النقاط الهامة التي تلزم مناقشتها مع المعالج النفسي، وصولاً للنتائج المطلوبة.
تقييم نتائج العلاج النفسي في الحصول على الشفاء المطلوب:
إن أهم المبادئ الإجرائية التي يمكن استخدامها للتحقق من فعالية العلاج النفسي في شفاء اضطراب الشخصية المطلوب، تبدو بما يلي:
1- تحديد أهداف العلاج الذي بدأ عضو الأسرة به مع المعالج المختص، لاستخدامها كمعايير مرجعية لتحديد فعالية العلاج في إحداث الشفاء المطلوب.
2- مفاتحة المعالج المختص بأي صعوبات أو حيرة أو فقدان التوجه العلاجي العام مع مضي فترة لا بأس في عملية العلاج النفسي. يجب من عضو الأسرة عدم الإهمال في مصارحة المعالج المختص فور مواجهته لمثل هذه الخبرات، وعدم السكوت عن ذلك.. تجنبّاً للمخاطرة بهادفية وجدوى العملية العلاجية برمتها.
3- الانتباه لإحساس الصعوبة والحرج الذي يشعر بها عضو الأسرة، عند مناقشة الخبرات المؤلمة أو المزعجة مع المعالج المختص.. فعندما يلاحظ هذا، فإنه يشير لبدء عضو الأسرة الشفاء من اضطراباته الشخصية بالمراجعة والتأمل في أفكاره وسلوكياته، وبدء المحاسبة العقلانية لما يبديه من تصرفات.
4- مراجعة عملية ونتائج العلاج مرحلياً كل فترة، والتحقق من نوع ودرجة التقدم الذي يحصل فيها، والبدائل الممكنة التي يمكن بها تفعيل هذا العلاج.
5- التحوُّل إلى معالج مختص آخر، إذا وصل عضو الأسرة مع معالجه إلى طريق مسدود بسبب إهماله وعدم اهتمامه وتجاهله لمشاعر وحاجات عضو الأسرة.. ويفضل هنا استشارة طبيب الأسرة أو مختص آخر، قبل اتخاذ قرار بالتحوّل من معالجه السابق إلى آخر يتوقع أن يكون أنجع وأكثر اعتباراً لحاجاته (من : كتاب/ صحة الأسرة والحياة الأسرية وكتيب/ الصحة النفسية للأسرة. نشر دار التربية الحديثة بدمشق، 2006).
* * * * *
تفيد العديد من البحوث الآن التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، بوجود علاقة قوية بين الحالة النفسية التي تعيشها الأسرة وحالة الجسم التي يمتلكها أعضاؤها: أباً أو أماً أو أبناء. أي أن هناك علاقة وطيدة بين الصحة النفسية للأسرة وصحتها الجسمية. مؤيداً مرة أخرى مقولة: العقل السليم في الجسم السليم.
فالنفس والجسم هما توأم يعيش أحدهما مع الآخر ويتداخل حياتياً ووظيفياً وعضوياً فيه، بحيث إذا اشتكى طرف من علة أو مرض تداعى له الطرف الآخر بالمرض والحمى.. كما يؤكد جوهر معنى الحديث الشريف.
لقد أشارت هذه البحوث في تقاريرها أن الصحة النفسية.. قد رفعت من قدرة النظام المناعي الجسمي في مقاومة الأمراض، والتخفيف أو الإبطاء في تطورّها،، وبالنتيجة في تخفيف تدهور الصحة الجسمية، حتى عند الأمراض الخطيرة المستعصية مثل السرطان والإيدز والزايمر Alzheimer.
فقد أكدت نتائج البحوث الأمريكية: أن تحسّن الحالة النفسية لدى المصابين بهذه الأمراض، أدى إلى تحسّن قدرة وعمل النظام المناعي في الجسم، مما أدى كما لوحظ إلى إبطاء تقدم تلك الأمراض لدى الأفراد المعنيين وحياتهم سنين أطول، من أولئك الذين استمروا في معاناتهم أو صعوباتهم النفسية.
ومن هنا في الواقع نركز على أهمية الصحة النفسية للأسرة، نظراً لأهميتها الذاتية أولاً لاستقرار وسوية النفس البشرية والتي وصفها الله «بالمطمئنة»، ثم لأثر الحالة النفسية التي يعيشها أعضاء الأسرة: فرادى وجماعة على استقرارهم الاجتماعي والحياتي الأسري وصحتهم الجسمية بوجه عام.
من هذه الأهمية للصحة النفسية لدى الأسرة، فنوضح في الفقرات الفرعية التالية، أهم المبادئ والمعلومات التي يمكن للأسرة الانتباه إليها حفاظاً على صحة أعضائها النفسية.. وبالتالي خبرتهم جميعاً للصحة الجسمية والاجتماعية والحياتية التي يأملونها.
إن تحرّر أعضاء الأسرة (أي خلاصهم) من الاضطرابات الشخصية والسلوكية التي قد يعانون منها، يشكل محوراً ووسيلة في آن لتحصيل صحتهم النفسية.
صيانة الصحة النفسية للأسرة بعلاج اضطرابات الشخصية
يجد الكثير في البلدان المتقدمة متنفساً لاضطراباتهم الشخصية، مثل الاكتئاب والصعوبات الإنفعالية الأخرى بالعلاج النفسي.. بالرغم من قطع بعضهم لهذا العلاج أو انسحابهم منه.
أما في البلدان النامية، فالوقت لم يحن بعد لملايين المعذبين باضطرابات الاكتئاب والانفعال والكفاح السلوكي المحموم من أجل البقاء.. فتستمر عذاباتهم حتى الموت، دون انتباه لسد حاجاتهم الفطرية المحسوسة من الخبز والماء.. فكيف الأمر بحاجاتهم النفسية غير المرئية للعيان في عديد الأحيان الأخرى؟!
أسباب تدعو الأفراد لطلب العلاج النفسي:
إن أبرز الأسباب الداعية غالباً لطلب العلاج النفسي، هي معاناة أعضاء الأسرة من أمراض الاكتئاب أو الانفعال أو الإدمان المجحف على المخدرات.
ففي الولايات المتحدة يوجد 25% من مجموع السكان من عانى في حياته من الاكتئاب أو القلق.. كما يوجد 33% من المجتمع الأمريكي خبروا في حياتهم أيضاً مشاكل انفعالية وإدمان على المخدرات.. ومهما يكن فإن الأسباب العامة التي تثير الأفراد للجوء إلى العلاج النفسي:
1- الشعور بإحساس عارم طويل من الحزن واليأس، أو العجز الكامل عن أداء أي شيء، الأمر الذي افتقدوا معه الأمل في حياتهم.
2- معايشة صعوبات انفعالية شديدة تشلّ قدراتهم على التصرف في الحياة اليومية.. فهم غير قادرين على التركيز على مسؤولياتهم، مؤدياً بإنجازهم الوظيفي أو التربوي أو الأسري أو الاجتماعي مع الآخرين في البيئة الى التدهور لدرجة غير قابلة للاحتمال.
3- الأذى الشديد الذي يمكن أن تلحقه تصرفات عضو الأسرة بنفسه أو بالبيئة.. فالفرد المدمن أو المخمور طيلة أربع وعشرين ساعة في اليوم، يشكل عدواناً محتملاً على نفسه أو على المحيطين به.. الأمر الذي يتوجّب معه تحويله فوراً للعلاج.
4- الصعوبات الانفعالية غير المحتملة التي يشعرون بها نتيجة الاضطرابات النفسية، أو المشاكل التي يعيشها أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء المقربين.
فعالية العلاج النفسي في شفاء اضطرابات الشخصية:
تفيد نتائج الأبحاث إلى أن العلاج النفسي يبدو فعالاً في الحدّ من الاكتئاب والقلق والأعراض الاضطرابية الأخرى مثل: الإعياء أو الإجهاد والألم والغثيان Nausea.
كما تؤكد البحوث أيضاً على أن هناك ارتباطاً بين الصحة الجسمية والصحة النفسية الانفعالية. فأعضاء الأسرة الذين تم علاجهم نفسياً، كانوا أكثر بقاء بعد إجرائهم لجراحات القلب والسرطان.. وأن الأعضاء بصعوبات انفعالية والذين تعرضوا لعدة جلسات من العلاج النفسي، بَدوا أكثر صحة نفسية واستقراراً من الآخرين الذين افتقدوا مثل هذا العلاج.
وعلى العموم، تفيد نتائج البحوث أن 50% ممن تعرضوا للعلاج النفسي، خبروا تحسناً في حالاتهم الاضطرابية بعد ثماني جلسات فقط، بينما تحسّن 75% منهم بعد مضي ستة أشهر من العلاج.. إن هذه النتائج لصالح العلاج النفسي للكبار هي مؤكدة أيضاً لدى الأطفال.
إيجاد المعالج النفسي الكَفُء
إن المعالج النفسي الذي ينجح في تصحيح اضطراب شخصي محدد، قد لا يكون كذلك في علاج آخر.. ومن هنا، يتوقع من عضو الأسرة الذي يعاني من أحدى اضطرابات الشخصية، البحث عن بدائل متعددة من المعالجين قبل اعتماد واحد منهم، أكثر جدوى وقدرة على شفاء حالته. من الإجراءات التي يمكن للفرد القيام بها للوصول إلى القرار المناسب في هذا الإطار، ما يلي:
1- التشاور مع أعضاء الأسرة والأصدقاء والاستماع لاقتراحاتهم خاصة لمن لديه خبرة جيدة في العلاج النفسي.
2- الرجوع إلى الروابط المتخصصة النفسية التي لديها خدمات استشارية تصل الأفراد المضطربين بعيادات العلاج النفسي المناسبة. يوجد على سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية مثل هذه الخدمات الاستشارية باسم: دليل الممارسين لرابطة النفسيين الأمريكيين هاتف (5800-336-202)، تقدم للأفراد المعنيين اسم وتليفون الجهة المناسبة في كل ولاية بالولايات المتحدة الأمريكية.
3- الرجوع إلى الطبيب الخاص للأسرة، والاستفسار منه حول أفضل الجهات القادرة على علاج حالته الاضطرابية الشخصية. يتوقع من عضو الأسرة توضيح حالته الاضطرابية بالتفصيل للطبيب.. حتى يستطيع الأخير تحويله أو التوصية بمراجعة الجهة الأكثر جدوى لعلاج الاضطراب لديه.
4- الرجوع إلى دليل الهاتف من أجل المراكز والروابط المتخصصة بالعلاج النفسي والصحة العقلية.. واختيار الخدمة المتخصصة الناجعة لحالة عضو الأسرة.
ينتهي عضو الأسرة بالتوافر له عدة جهات مناسبة مختصة بالعلاج النفسي.. وهنا يقوم عضو الأسرة للوصول إلى القرار النهائي باختيار الجهة الفعلية للعلاج، بالاتصال بكل جهة ومقابلتها والاستفسار منها عما يلي:
v طبيعة التخصص الدقيق المرخص للعمل به.
v طريقة العلاج النفسي التي يمارسها.
v نوع التأمين الذي يشترك فيه للتعويض، عند الضرر.
v الرسوم التي يتقاضاها مقابل خدماته في العلاج النفسي.. المباشرة وغير المباشرة.
مبادئ الاستفادة القصوى من العلاج النفسي:
تحدث عملية العلاج النفسي بوجود جهتين يرتبطان معاً بعلاقات عمل طيبة، هما: المعالج المختص وعضو الأسرة بالاضطراب الشخصي. ومن هنا، حتى يتمكن من الاستثمار الأمثل لهذه العملية العلاجية خلال تفاعله مع المختص، يتوقع قيامه بما يلي:
1- الاتصال المنفتح مع المعالج النفسي ومحافظة كل منهما على علاقات مشجعة بناءة خلال عملية العلاج.
2- إتفاق عضو الأسرة والمعالج منذ البداية على أنواع المشاكل التي سيتم تصحيحها، والأهداف العلاجية التي سيجري تحقيقها وكيف تتمكن عملية العلاج من ذلك.
3- معرفة المعالج النفسي تماماً لما يتوقع عضو الأسرة منه، والتحدّث فوراً معه حول أي صعوبات أو مستجدات تهم عملية العلاج.
4- حضور كل الجلسات المقترحة للعلاج النفسي، دون أي أعذار أو تقطع أو تسرب جزئي أو كلي، لتواصل العلاج وتركيز فعاليته من جلسة إلى أخرى.
5- إعداد عضو الأسرة المسبق لجلسة العلاج والتفكير بما سيحدث فيها، والمواضيع أو النقاط الهامة التي تلزم مناقشتها مع المعالج النفسي، وصولاً للنتائج المطلوبة.
تقييم نتائج العلاج النفسي في الحصول على الشفاء المطلوب:
إن أهم المبادئ الإجرائية التي يمكن استخدامها للتحقق من فعالية العلاج النفسي في شفاء اضطراب الشخصية المطلوب، تبدو بما يلي:
1- تحديد أهداف العلاج الذي بدأ عضو الأسرة به مع المعالج المختص، لاستخدامها كمعايير مرجعية لتحديد فعالية العلاج في إحداث الشفاء المطلوب.
2- مفاتحة المعالج المختص بأي صعوبات أو حيرة أو فقدان التوجه العلاجي العام مع مضي فترة لا بأس في عملية العلاج النفسي. يجب من عضو الأسرة عدم الإهمال في مصارحة المعالج المختص فور مواجهته لمثل هذه الخبرات، وعدم السكوت عن ذلك.. تجنبّاً للمخاطرة بهادفية وجدوى العملية العلاجية برمتها.
3- الانتباه لإحساس الصعوبة والحرج الذي يشعر بها عضو الأسرة، عند مناقشة الخبرات المؤلمة أو المزعجة مع المعالج المختص.. فعندما يلاحظ هذا، فإنه يشير لبدء عضو الأسرة الشفاء من اضطراباته الشخصية بالمراجعة والتأمل في أفكاره وسلوكياته، وبدء المحاسبة العقلانية لما يبديه من تصرفات.
4- مراجعة عملية ونتائج العلاج مرحلياً كل فترة، والتحقق من نوع ودرجة التقدم الذي يحصل فيها، والبدائل الممكنة التي يمكن بها تفعيل هذا العلاج.
5- التحوُّل إلى معالج مختص آخر، إذا وصل عضو الأسرة مع معالجه إلى طريق مسدود بسبب إهماله وعدم اهتمامه وتجاهله لمشاعر وحاجات عضو الأسرة.. ويفضل هنا استشارة طبيب الأسرة أو مختص آخر، قبل اتخاذ قرار بالتحوّل من معالجه السابق إلى آخر يتوقع أن يكون أنجع وأكثر اعتباراً لحاجاته (من : كتاب/ صحة الأسرة والحياة الأسرية وكتيب/ الصحة النفسية للأسرة. نشر دار التربية الحديثة بدمشق، 2006).
* * * * *