آداب الدعوة
كان هناك غلام يهودي يخدم النبي صلى
الله عليه وسلم، فمرض الغلام يومًا فذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم
يزوره، فقعد عند رأسه، وقال له: (أسلم). فنظر الغلام إلى أبيه، فقال له
أبوه: أطع أبا القاسم. فأسرع الغلام قائلا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمدًا رسول الله. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فرحًا مسرورًا بإسلام
الغلام، وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) [البخاري].
***
أمر
الله -عز وجل- المسلمين بالدعوة إلى الإيمان به وعبادته، فقال سبحانه:
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104].
وقال الله تعالى مبينًا فضل الدعوة إليه: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين} [فصلت: 33].
وقال صلى الله عليه وسلم: (من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله) [مسلم].
وللدعوة إلى الله آداب يتحلى بها المسلم، منها:
إخلاص
النية: الإخلاص هو السر في نجاح الداعي إلى الله، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) [متفق عليه].
الدعوة
بالحكمة والموعظة الحسنة: المسلم -في دعوته غيره- يستخدم الكلمة الطيبة،
ويبتعد عن الفحش والتفحش، قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [_النحل: 125].
الفهم الجيد للدين: لا
بد أن يكون الداعي إلى الله على علم بأحكام الدين، ولكي يتحقق له ذلك
فيستحب له حفظ القرآن الكريم، ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما
يستطيع حتى يستدل بها في دعوته، يقول تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله
على بصيرة أنا ومن اتبعني} [يوسف: 108].
القدوة الحسنة: الداعي قدوة
لغيره، ولذلك عليه أن يحرص على العمل بما يعلم، وأن يتخلق بما يدعو إليه
وإلا كان ممن قال الله فيهم: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم
تتلون الكتاب أفلا تعقلون} [البقرة: 44].
واحذر أن تكون ممن قال الشاعر فيهم:
يا أيهَــا الرَّجُــُل المعـلِّـمُ غَيـرَه
هـَلا لِنَفسـِـكَ كـَانَ ذَا التَّعْلِـــيم
فلابد
أن يكون الداعي طيب الأخلاق، حسن السيرة. وقد جاء رجل إلى السيدة عائشة
-رضي الله عنها- فسألها: ماذا كان خلق رسول الله؟ فقالت: كان خلقه القرآن
[مسلم]. أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يتصف بكل صفات الخير التي يدعو
الناس للتمسك بها من خلال آيات القرآن الكريم والسنة النبوية.
وليحذر
الداعي من الانسياق في المعاصي مع الناس، ويبتعد عن مواضع التهم والشبهات،
قال صلى الله عليه وسلم: (.. فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه،
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع
فيه، ألا وإن لكل مَلِك حِمَى، ألا وإن حِمَى الله محارمه) [مسلم].
البعد عن مواضع الخلافات: الداعي يبتعد عن مواضع الخلاف ما وسعه ذلك،
فيتحدث إلى الناس في الأمور المتفق عليها، حتى لا يتعرض للدخول في جدال لا
طائل تحته، أو لرياء يُذهب ثواب عمله.
البدء بالأهم: الداعي إلى الله
يتدرج في دعوة الناس، فيدعوهم إلى الفرائض قبل السنن، ويدعوهم إلى الأمور
الواجبة قبل الأمور المستحبة.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن
جبل إلى أهل اليمن، فقال له: (إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما
تدعوهم إليه عبادة الله -عز وجل- فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله فرض
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله قد فرض
عليهم زكاة تُؤْخذ من أغنيائهم، فَتُردُّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها
فخذ منهم وتوقَّ كرائم أموالهم (لا تأخذ أفضلها عندما تجمع زكاة أموالهم)
[مسلم].
الرفق واللين: المسلم يدعو غيره بالرفق واللين، قال تعالى:
{ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159] وقال صلى الله
عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينـزع من شيء إلا
شانه) [مسلم وأبو داود].
الذكاء والفطـنة: المسلم ذكي وفطن، يعرف كيف
يدعو الناس إلى الله، وكيف يتحدث إليهم ويقنعهم، وهو دائمًا يختار الوقت
المناسب لدعوته.
فهم شخصية المدعوّ: الداعي إلى الله لابد أن يكون
بصيرًا عارفًا بمن يدعوه فيتفهم شخصيته، ويحسن الطريقة التي يدعوه بها،
وما يناسب شخصًا قد لا يناسب شخصًا آخر. ومن الأفضل للداعي أن يعرف شيئًا
عن ظروف المدعو الاجتماعية.
مخاطبة الناس على قدر عقولهم: المسلم إذا
دعا غيره كان عليه أن يراعي حاله ومستواه، فمن الناس من يناسبه الكلام
الفصيح، ومنهم من يناسبه الكلام البسيط المفهوم، قال علي بن أبي طالب -رضي
الله عنه-: (حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله)
[البخاري].
البدء بدعوة الأهل والأقارب: المسلم يبدأ بدعوة أهله
وأقاربه، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا
وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6]. ويقول تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}.
[الشعراء: 214]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بمن تعول)
[الطبراني].
عدم اليأس: الداعي إلى الله لا ييأس إذا صادف رفضًا ممن
يدعوه، فعليه أن يدعو ويترك أمر الهداية إلى الله، قال تعالى: {إنك لا
تهدي مَن أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} [القصص: 56].
1
كان هناك غلام يهودي يخدم النبي صلى
الله عليه وسلم، فمرض الغلام يومًا فذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم
يزوره، فقعد عند رأسه، وقال له: (أسلم). فنظر الغلام إلى أبيه، فقال له
أبوه: أطع أبا القاسم. فأسرع الغلام قائلا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمدًا رسول الله. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فرحًا مسرورًا بإسلام
الغلام، وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) [البخاري].
***
أمر
الله -عز وجل- المسلمين بالدعوة إلى الإيمان به وعبادته، فقال سبحانه:
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104].
وقال الله تعالى مبينًا فضل الدعوة إليه: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين} [فصلت: 33].
وقال صلى الله عليه وسلم: (من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله) [مسلم].
وللدعوة إلى الله آداب يتحلى بها المسلم، منها:
إخلاص
النية: الإخلاص هو السر في نجاح الداعي إلى الله، قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) [متفق عليه].
الدعوة
بالحكمة والموعظة الحسنة: المسلم -في دعوته غيره- يستخدم الكلمة الطيبة،
ويبتعد عن الفحش والتفحش، قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} [_النحل: 125].
الفهم الجيد للدين: لا
بد أن يكون الداعي إلى الله على علم بأحكام الدين، ولكي يتحقق له ذلك
فيستحب له حفظ القرآن الكريم، ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما
يستطيع حتى يستدل بها في دعوته، يقول تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله
على بصيرة أنا ومن اتبعني} [يوسف: 108].
القدوة الحسنة: الداعي قدوة
لغيره، ولذلك عليه أن يحرص على العمل بما يعلم، وأن يتخلق بما يدعو إليه
وإلا كان ممن قال الله فيهم: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم
تتلون الكتاب أفلا تعقلون} [البقرة: 44].
واحذر أن تكون ممن قال الشاعر فيهم:
يا أيهَــا الرَّجُــُل المعـلِّـمُ غَيـرَه
هـَلا لِنَفسـِـكَ كـَانَ ذَا التَّعْلِـــيم
فلابد
أن يكون الداعي طيب الأخلاق، حسن السيرة. وقد جاء رجل إلى السيدة عائشة
-رضي الله عنها- فسألها: ماذا كان خلق رسول الله؟ فقالت: كان خلقه القرآن
[مسلم]. أي أنه صلى الله عليه وسلم كان يتصف بكل صفات الخير التي يدعو
الناس للتمسك بها من خلال آيات القرآن الكريم والسنة النبوية.
وليحذر
الداعي من الانسياق في المعاصي مع الناس، ويبتعد عن مواضع التهم والشبهات،
قال صلى الله عليه وسلم: (.. فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه،
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يرتع
فيه، ألا وإن لكل مَلِك حِمَى، ألا وإن حِمَى الله محارمه) [مسلم].
البعد عن مواضع الخلافات: الداعي يبتعد عن مواضع الخلاف ما وسعه ذلك،
فيتحدث إلى الناس في الأمور المتفق عليها، حتى لا يتعرض للدخول في جدال لا
طائل تحته، أو لرياء يُذهب ثواب عمله.
البدء بالأهم: الداعي إلى الله
يتدرج في دعوة الناس، فيدعوهم إلى الفرائض قبل السنن، ويدعوهم إلى الأمور
الواجبة قبل الأمور المستحبة.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن
جبل إلى أهل اليمن، فقال له: (إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما
تدعوهم إليه عبادة الله -عز وجل- فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله فرض
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله قد فرض
عليهم زكاة تُؤْخذ من أغنيائهم، فَتُردُّ على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها
فخذ منهم وتوقَّ كرائم أموالهم (لا تأخذ أفضلها عندما تجمع زكاة أموالهم)
[مسلم].
الرفق واللين: المسلم يدعو غيره بالرفق واللين، قال تعالى:
{ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159] وقال صلى الله
عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينـزع من شيء إلا
شانه) [مسلم وأبو داود].
الذكاء والفطـنة: المسلم ذكي وفطن، يعرف كيف
يدعو الناس إلى الله، وكيف يتحدث إليهم ويقنعهم، وهو دائمًا يختار الوقت
المناسب لدعوته.
فهم شخصية المدعوّ: الداعي إلى الله لابد أن يكون
بصيرًا عارفًا بمن يدعوه فيتفهم شخصيته، ويحسن الطريقة التي يدعوه بها،
وما يناسب شخصًا قد لا يناسب شخصًا آخر. ومن الأفضل للداعي أن يعرف شيئًا
عن ظروف المدعو الاجتماعية.
مخاطبة الناس على قدر عقولهم: المسلم إذا
دعا غيره كان عليه أن يراعي حاله ومستواه، فمن الناس من يناسبه الكلام
الفصيح، ومنهم من يناسبه الكلام البسيط المفهوم، قال علي بن أبي طالب -رضي
الله عنه-: (حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله)
[البخاري].
البدء بدعوة الأهل والأقارب: المسلم يبدأ بدعوة أهله
وأقاربه، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا
وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم
ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6]. ويقول تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}.
[الشعراء: 214]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بمن تعول)
[الطبراني].
عدم اليأس: الداعي إلى الله لا ييأس إذا صادف رفضًا ممن
يدعوه، فعليه أن يدعو ويترك أمر الهداية إلى الله، قال تعالى: {إنك لا
تهدي مَن أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين} [القصص: 56].
1