بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 )
وقفت بابك مولاي ..
وحيدا كسيرا فقيرا إلى عطفك ..
لا أجد نفسي إلا عند خضوعي إليك ، ولا أعتز إلا بافتقاري إلى غناك ..
مولاي لم أجد من أناجيه سواك ، ولم ألق لي أنيسا سواك ..
فهل تقبلني عبدا بين يديك أريد عبودية المقربين منك السائرين إليك السائحين
في بحر جودك وعطفك ..
إلهي ..
كم تعصف بي رياح الفتن والمصائب فأجدني كالشريد الحائر ولكن رحمتك الواسعة
ما أسرع أن تأخذ بيدي إلى دوحة الإيمان فلك الحمد على لطفك وكرمك ..
سبحانك يا إلهي كم أحبك ..
لقد قلت وقولك الحق إن صدق المحبة لا يكون إلا بالاتباع ، ومع قلة عملي
وضعف زادي واستحيائي منك إلا أني أحبك كثيرا ولربما مرت علي ساعات وساعات
لا أجد في قلبي إلا أنت .
فأتوسل إليك بكرمك العظيم إلا جعلت هذا الشعور غافرا لي إذا وقفت بين يديك
، فأنت لا تفتقر إلى أحد وكل شيء إليك مفتقر، فهَبْ لي من لدنك رحمة إنك
أنت الوهاب .
إلاهي ..
خيرك إلي نازل وشَرِّي إليك صاعد سبحانك سبحانك فما تزال ألطافك علي تهطُل
ولا يزال كرمك علي عميم ..
سبحانك من عزيز وغني سبقت رحمتُه غضبَه ، أعصيك وأنت تنظر وبيدك الأمر كله
ومع هذا تغفر لي زلتي فأمشي على قدمي وانا أرتقب أن يحل بي غضبك فلا أجد
إلا ما يرضيني ..
فيا الله .. لا أعبد غيرك ولا أرتقب إلا نوالك فأنت الجواد وكل جود إلى
جودك بخل وإمساك ..
وأحلف باسمك يا مولاي أن جود الناس جميعا لو كان في صعيد واحد ما عدل عندي
قطرةً من جودك ، فأنت تغضب إن تركت سؤالك وبُني آدم حين يُسأل يغضب ، وأنت
تعطي من كثرة وابن آدم من قلة ، ويكفيني أن جود ابن آدم من جودك فلولا
عطائك ما أعطى شيئا فلك الفضل والمنة أولا وءاخرا .
( 2 )
رباه ..
إني رجوتك من قديم وأنا أرجوك في حديث ..
فقد علمت حبَّ سماعك لصوت عبدك إذا رجا ..
وقد عرفت أنك تستحي ردَّ يد عبد صفرا خائبة ...
اللهم فكما تراني رافعا يدي وقلبي وبصري فإن كنت تستحي من رد اليدين فكيف
بالقلب والبصر !!
إلاهي .. يدعوك اللسان ويلتفت إليك الجنان ويشخص إلى السماء البصر !!
أصبح ذكرك على لساني ديدنا وإلتفات قلبي إليك شغلا شاغلا ونظري إلى فرجك كل
حين .
اللهم إني أرجوك في ساعتي هذه ولا يخالط فكري أحد إلا أنت رجاء العبد
الذليل الفقير أمام العزيز الكبير فاللهم يسر لي حاجتي واكشف غُمتي وأنر
ظلمتي وبدد كُربتي .
مولاي .. سجدت لك جوارحي وخضع لك أنفي ومددت يدي فخذني إليك وقربني منك
وحبب إلي الإيمان وزينه في قلبي وكرِّه إلي الكفر والفسوق والعصيان ، إنك
على ذلك قدير وإنك لإجابة عبد لجدير ..
إن كنت قد رددتني فمن يقبلني وإن كنت نسيتني فمن ذا الذي يذكرني ؟!
إن كان من ذنوبي الكثيرة فعفوك أكثر منها وأكبر .
وإن كان اختبار منك وبلاء فإني ضعيف عاجز عن البلوى كثير الشكوى .
مولاي .. إني أخشاك وأخاف عقابك الأليم ..
اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك .
ياكريم نتوسل إليك بجودك الذي لا يُحد وبنعمتك التي لا تُعد إلا رحمتني ..
اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على الإيمان وأذقنا حلاوته وآنسنا من وحشة
العصيان .
مهما فعلنا فأنت الكبير المتعال ، أنت العظيم والخلق كلهم عبيد لك وأنحن
أفقرهم إليك وأشدهم حاجة .
مولاي ..
يا من أنزلت من السماء الماء وأزجيت السحاب ثم ألفيت بينه ثم جعلته ركاما
اللهم فأنزل علي ودق الغفران من سحائب رحمتك ، وأطعمني بَردها يا رب
العالمين .
يا من غنيت عن خلق وإليك افتقروا ، وملكتهم وإليك ذلوا ، وخوفتهم فمنك
خافوا ، ومنّيتهم فإليك نظروا .
اللهم فلا تفقرنا إلى أحد سواك واغننا بفضلك عن خلقك واكفنا بحلالك عن
حرامك .
اللهم فهذه مطيتي على بابك أنختها فاملأها خيرا وبِرا وكرامة يا أرحم
الراحمين .
( 3 )
اللهم إنك غني عن عذابنا عزيز عن ألمنا فقِنا الداء وألبسنا حُلَلَ العافية
..
اللهم وزيِّن قلوبنا بحلاوة الإيمان وطهرها من النفاق .. إنك القادر والغني
ونحن الفقراء المستضعفون ..
اللهم ضاق الفضاء إلا برجاءك ، وانكسر القلب إلا بحبك .. فوسع ما ضاق واجبر
ما كسر .
هذه أرواحنا بين يديك ، تقبضها متى شئت وبيدك الأمر كله فأسعد الروح
واجعلها في طمأنينة ورضى ..
اللهم إن أرواحنا تتنسم الإيمان من صَبا عطفك وتستنشي العبير من روض غفرانك
فادخلنا دوحة الإيمان نتفيئ ظلال الخير ونتكأ على أرائك البركة ..
مولاي تصغر الدنيا أمام عظمتك ، وتحتقر الكنوز التي تنوء بالعصبة إذا جاءت
ريحُك المرسلة وجادت مُزنك الهاطلة .. فلا تحرمنا خيرك فإنا بك طامعون .
إلاهي وسيدي .. أنا العبد الذليل بين يديك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ في حكمك ،
عدل في قضاؤك ، اللهم فإني أعوذ بك من الحور بعد الكور ، ومن الارتداد بعد
الطاعة ، والفسوق بعد الإيمان ، ومن الخذلان بعد التوفيق والعذاب بعد صَوب
رحمتك ..
اللهم جمل يومنا هذا بصباح ذكرك، ومساء طاعتك، وقراءة كتابك، والعيش في
كنفك، والرجوع إليك، والاعتماد عليك، والبكاء بين يديك ..اللهم اجعلنا به
سعداء .
يوم لا نصب فيه ولا وصب، ولا هم ولا غم، احفظنا من جهل الجاهلين، وكيد
الكائدين، أدِرَّ به علينا الرزق دَرا، واسكب البركة سَكبا، برحمتك يا أرحم
الراحمين .