حكم الوقوف للداخل وتقبيله
س - ما حكم الوقوف للداخل وتقبيله ؟
ج-
أولا بالنسبة للوقوف للداخل فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية إجابة
مفصلة مبنية على الأدلة الشرعية رأينا ذكرها لوفائها بالمقصود قال رحمه
الله تعالى " لم تكن عادة السلف على عهد النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ،
وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه الصلاة والسلام كما
يفعله كثير من الناس ، بل قال أنس بن مالك { لم يكن شخص أحب إليهم من النبي
، - صلى الله عليه وسلم - ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من
كراهته لذلك } ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبة تلقياً له كما روي عن النبي
، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قام لعكرمة ، وقال للأنصار لما قدم سعد بن
معاذ قوموا على سيدكم ، وكان قد قدم ليحيك في بني قريظة لأنهم نزلوا على
حكمه .
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على
عهد رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، فإنهم خير القرون ، وخير الكلام
كلام الله وخير الهدى هدى محمد ، - صلى الله عليه وسلم - ، فلا يعدل شأحد
عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه . وينبغي للمطاع أن لا
يقر ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد .
وأما
القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن ، وإذا كان من عادة الناس
إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم
يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له لأن ذلك أصلح لذات البين
وإزالة التباغض والشحناء ، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في
ترك ذلك إيذاء له ، وليس هذا القيام المذكور في قوله ، - صلى الله عليه
وسلم - ، " من سره أن يتمثل له الرجال قياماً ليتبوأ مقعده من النار " فإن
ذلك أن يقوموا له وهو قاعد ليس هو أن يقوموا لمجيئة إذا جاء ، ولهذا فرقوا
بين أن يقال قمت إليه وقمت له ، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف
القائم للقاعد ، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ،
لما صلى بهم قاعداً من مرضه وصلوا قياما أمرهم بالقعود وقال " لا تعظموني
كما يعظم الأعاجم بعضها بعضاً " وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد
لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود ، وجماع ذلك كله الذي
يصلح اتباع عادات السلف وأخلاقهم والاجتهاد عليه بحسب الإمكان . فمن لم
يعتقد ذلك ولم يعرف أنه العادة ، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس
من الاحترام مفسدة راجحة فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ، كما
يجب فعل أعظم الصلاحين بتقويت أدناهما " . انتهى كلام شيخ الإسلام ، ومما
يزيد ما ذكره أيضاحاً ما ثبت في الصحيحين في قصة كعب بن مالك لما تاب عليه
وعلى صاحبيه - رضي الله عنهم ، جمعياً وفيه أن كعبا لما دخل المسجد قام
إليه طلحة بن عبيد الله يهرول فسلم عليه وهنأه بالتوبة ولم ينكر ذلك النبي ،
- صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على جواز القيام لمقابلة الداخل ومصافحته
والسلام عليه ومن ذلك ما ثبت عنه ، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان إذا
دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وأخذته بيده وأجلسته مكانها ، وإذا دخلت
عليه قام إليها وأخذ بيدها وأجسلها مكانه ، حسنه الترمذي .
ثانيا وأما
التقبيل فقد ورد عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، ما يدل على مشروعيته ،
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله ، -
صلى الله عليه وسلم - ، في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي ، - صلى
الله عليه وسلم - ، عرياناً يجر ثوبه وإني ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده
، فاعتنقة وقبله . رواه الترمذي وقال حديث حسن ، ومعنى عرياناً أي ليس
عليه سوء الإزار ، فهذا الحديث يدل على مشروعية فعل ذلك مع القادم ، وعن
أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قبل النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، الحسن
بن علي فقال الأقرع بن جالس إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً ،
فقال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، { من لا يرحم لا يرحم } متفق عليه .
فهذا
الحديث يدل على مشروعيته التقبيل إذا كان من باب الشفقة والرحمة . وأما
التقبيل عند اللقاء العادي فقد جاء ما يدل على عدم مشروعيته بل يكتفي
بالمصافحة ، فعن قتادة - رضي الله عنه - قال قلت لأنس أكانت المصافحة في
أصحاب رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، قال نعم . رواه البخاري وعن
أنس - رضي الله عنه - قال لما جاء أهل اليمن قال رسول الله ، - صلى الله
عليه وسلم - ، { قد جاء أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة } رواه أبو
داود بإسناد صحيح .
س - ما حكم الوقوف للداخل وتقبيله ؟
ج-
أولا بالنسبة للوقوف للداخل فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية إجابة
مفصلة مبنية على الأدلة الشرعية رأينا ذكرها لوفائها بالمقصود قال رحمه
الله تعالى " لم تكن عادة السلف على عهد النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ،
وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه الصلاة والسلام كما
يفعله كثير من الناس ، بل قال أنس بن مالك { لم يكن شخص أحب إليهم من النبي
، - صلى الله عليه وسلم - ، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من
كراهته لذلك } ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبة تلقياً له كما روي عن النبي
، - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قام لعكرمة ، وقال للأنصار لما قدم سعد بن
معاذ قوموا على سيدكم ، وكان قد قدم ليحيك في بني قريظة لأنهم نزلوا على
حكمه .
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على
عهد رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، فإنهم خير القرون ، وخير الكلام
كلام الله وخير الهدى هدى محمد ، - صلى الله عليه وسلم - ، فلا يعدل شأحد
عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه . وينبغي للمطاع أن لا
يقر ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد .
وأما
القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن ، وإذا كان من عادة الناس
إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم
يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له لأن ذلك أصلح لذات البين
وإزالة التباغض والشحناء ، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في
ترك ذلك إيذاء له ، وليس هذا القيام المذكور في قوله ، - صلى الله عليه
وسلم - ، " من سره أن يتمثل له الرجال قياماً ليتبوأ مقعده من النار " فإن
ذلك أن يقوموا له وهو قاعد ليس هو أن يقوموا لمجيئة إذا جاء ، ولهذا فرقوا
بين أن يقال قمت إليه وقمت له ، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف
القائم للقاعد ، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ،
لما صلى بهم قاعداً من مرضه وصلوا قياما أمرهم بالقعود وقال " لا تعظموني
كما يعظم الأعاجم بعضها بعضاً " وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد
لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود ، وجماع ذلك كله الذي
يصلح اتباع عادات السلف وأخلاقهم والاجتهاد عليه بحسب الإمكان . فمن لم
يعتقد ذلك ولم يعرف أنه العادة ، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس
من الاحترام مفسدة راجحة فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ، كما
يجب فعل أعظم الصلاحين بتقويت أدناهما " . انتهى كلام شيخ الإسلام ، ومما
يزيد ما ذكره أيضاحاً ما ثبت في الصحيحين في قصة كعب بن مالك لما تاب عليه
وعلى صاحبيه - رضي الله عنهم ، جمعياً وفيه أن كعبا لما دخل المسجد قام
إليه طلحة بن عبيد الله يهرول فسلم عليه وهنأه بالتوبة ولم ينكر ذلك النبي ،
- صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على جواز القيام لمقابلة الداخل ومصافحته
والسلام عليه ومن ذلك ما ثبت عنه ، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان إذا
دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وأخذته بيده وأجلسته مكانها ، وإذا دخلت
عليه قام إليها وأخذ بيدها وأجسلها مكانه ، حسنه الترمذي .
ثانيا وأما
التقبيل فقد ورد عن النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، ما يدل على مشروعيته ،
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله ، -
صلى الله عليه وسلم - ، في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي ، - صلى
الله عليه وسلم - ، عرياناً يجر ثوبه وإني ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده
، فاعتنقة وقبله . رواه الترمذي وقال حديث حسن ، ومعنى عرياناً أي ليس
عليه سوء الإزار ، فهذا الحديث يدل على مشروعية فعل ذلك مع القادم ، وعن
أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قبل النبي ، - صلى الله عليه وسلم -، الحسن
بن علي فقال الأقرع بن جالس إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً ،
فقال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، { من لا يرحم لا يرحم } متفق عليه .
فهذا
الحديث يدل على مشروعيته التقبيل إذا كان من باب الشفقة والرحمة . وأما
التقبيل عند اللقاء العادي فقد جاء ما يدل على عدم مشروعيته بل يكتفي
بالمصافحة ، فعن قتادة - رضي الله عنه - قال قلت لأنس أكانت المصافحة في
أصحاب رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، قال نعم . رواه البخاري وعن
أنس - رضي الله عنه - قال لما جاء أهل اليمن قال رسول الله ، - صلى الله
عليه وسلم - ، { قد جاء أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة } رواه أبو
داود بإسناد صحيح .