عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من لا يرحم لا يرحم متفق عليه
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله جملة من أحاديث الرفق بالمسلمين منها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه النبل السهام التي يرمى بها وأطرافها تكون دائما دقيقة تنفذ فيما تصيبه من المرمى فإذا أمسك الإنسان بها وقى الناس شرها وإذا تركها هكذا فربما تؤذي أحدا من الناس ربما يأتي أحد بسرعة فتخدشه أو يمر الرجل الذي يمسك بها وهي مفتوحة غير ممسكة فتخدشهم أيضا ومثل ذلك أيضا العصي إذا كان معك عصا فأمسكها طولا يعني اجعل رأسها إلى السماء ولا تجعلها عرضا لأنك إذا جعلتها عرضا آذيت الناس الذين وراءك وربما تؤذي الذين أمامك ومثله الشمسية أيضا إذا كان معك شمسية وأنت في السوق فارفعها لئلا تؤذي الناس فكل شيء يؤذي المسلمين أو يخشى من أذيته فإنه يتجنبه الإنسان لأن أذية المسلمين ليست بالهينة قال الله تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ومن الأحاديث التي ذكرها المصنف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحسن بن علي بن أبي طالب وكان عنده الأقرع بن حابس والحسن بن علي بن أبي طالب هو ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجده من أمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوه علي بن أبي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الحسن والحسين لأنهما سبطاه ويفضل الحسن على الحسين فالحسن قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : إن ابني # هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين فكان الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما حصلت الفتنة في زمن معاوية وآلت الخلافة إلى الحسن بعد أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه تنازل عنها رضي الله عنه لمعاوية بن أبي سفيان حنا لدماء المسلمين لأنه يعلم أن في الناس أشرار وأنهم ربما يأتون إليه ويغرونه كما فعلوا بأخيه الحسين بن علي رضي الله عنهم غره أهل العراق وحصل ما حصل من المقتلة العظيمة في كربلاء وقتل الحسين أما الحسن رضي الله عنه فإنه تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان فصار ذلك مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الأقرع بن حابس من زعماء بني تميم والغالب أن أهل البادية وأشباههم يكون فيهم جفاء فقبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم أعوذ بالله من قلب قاس ما يقبلهم ولو كانوا صغارا فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : من لا يرحم لا يرحم يعني أن الذي لا يرحم عباد الله لا يرحمه الله ويفهم من هذا أن من رحم عباد الله رحمه الله وهو كذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن ففي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يستعمل الرحمة في معاملة الصغار ونحوهم وأنه ينبغي للإنسان أن يقبل أبناءه وأبناء بناته وأبناء أبنائه يقبلهم رحمة بهم واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما يفعله بعض الناس من الجفاء والغلظة بالنسبة للصبيان فتجده لا يمكن صبيه من أن يحضر إلى مجلسه ولا أن يمكن صبيه من أن يطلب منه شيئا وإذا رآه عند الرجال انتهره فهذا خلاف السنة وخلاف الرحمة كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي بالناس إحدى صلاتي العشي إما العصر وإما الظهر فجاءته بنت بنته أمامة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحملها وهو يصلي بالناس إذا قام حلمها وإذا سجد وضعها أين هذا الخلق من أخلاقنا اليوم الآن لو يجد الإنسان صبيه في المسجد أخرجه فضلا عن كونه يحمله في الصلاة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوما من الأيام ساجدا فجاءه الحسن أو الحسين فركب عليه أي جعله راحلة فأطال النبي صلى الله عليه وسلم السجود فلما سلم قال : إن ابني ارتحلني وإني كرهت أن أقوم حتى يقضي نهمته وكان صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوما على المنبر فأقبل الحسن والحسين وعليهما ثوبان جديدان يعثران بهما فنزل النبي صلى الله عليه وسلم وحملهما بين يديه وقال صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت إلى هذين الصبيين يعثران فلم أصبر يعني فما طابت نفسه حتى نزل وحملهما ففي هذا كله وأمثاله دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يرحم الصغار ويلطف بهم وأن ذلك سبب لرحمة الله عز وجل نسأل الله أن يعمنا وإياكم برحمته ولطفه وإحسانه