بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يمكن أن يكون الداعيةً مؤثراً ومحبوباً لدى الآخرين؟
يمكن أن يتمَّ ذلك عبر جملةٍ من الخطوات:
1
– لا بد من إدراك وفهم معنى قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: { ولو
كنتَ فظًّا غليظ القلب لانفضُّوا من حولك } ، فالفظاظة والغلظة لا شكَّ
أنَّهما يؤدِّيان إلى انصراف الناس بعيداً عن الداعية، وهذا رسولنا محمَّدٌ
صلى الله عليه وسلم يخاطبه الله عز وجل بأن يدعو قومه بالحسنى، رغم أنَّهم
آذَوه وكذَّبوه وسخروا منه: { ادع إلى سبيل ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن } ، وليس بعيداً عن ذلك موقف موسى وهارون عليهما
السلام؛ إذ أرسلهما ربُّهما إلى فرعون الطاغية: { اذهبا إلى فرعون إنَّه
طغى * فقولا له قولاً ليِّناً لعلَّه يتذكَّر أو يخشى } ، فهلاَّ تحلَّى
الأخ السائل بالهدوء والكياسة واللباقة في الردِّ على الآخرين ودعوتهم
بالحكمة؟
2 – اجتهد أن تطبِّق حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (
لا تغضب ) متَّفقٌ عليه، وليكن ماثلاً أمام عي*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* أصحاب القدوة في التاريخ،
وأنَّ الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب.
3 - استخدم في ردودك نبرة صوتٍ مَرِحةً وهادئة، حتى تستميل عقل وقلب من تحاوره.
4 - بشيءٍ من الذكاء والفطنة يمكن أن تلتقط خيط الحديث وتطوِّعه لصالح الفكرة التي تحملها.
5 - لا ينبغي أن ينعكس مزاجك على صوتك في أثناء الحديث.
6
- ضع في ذهنك وأنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أنَّك تريد أن تكسب
الشخص لا أن تكسب الموقف، فالحوار إنَّما يكون لكسب عقول وقلوب الناس، فما
عساك أن تجني من إحراج الآخرين بقوَّة حُجَّتك فتسكتهم بها ؟ حسناً
ستسكتهم، ولكنَّ قلوبهم ستمتلئ حنقاً عليك وعلى دعوتك.
7 - استحضر في ذهنك أنَّك يجب أن تكون قدوةً لمن تحاوره أو تدعوه، ومن ثَمَّ فلا يجب الخروج عن قواعد وأدب الحوار.
8 - مازح الشخص الذي تتحدَّث إليه مهما كان مخالفاً في الرأي.
9
- كن مع هؤلاء كالطبيب مع المريض الذي يصدر عنه ما يُسيء للطبيب، ومع ذلك
يترفَّق به، فطبيعة النفس البشريَّة تميل إلى اللين والرفق والتودُّد،
وتنفر من الشِّدَّة والتحدِّي.
10 - المعاملة الحسنة لها أثرٌ جيِّدٌ في استقطاب الآخرين.
11 - لا تستخدم عبارات: "يجب عليك"، "ينبغي عليك".
12 - الداعية الناجح يناقش بتلطُّفٍ وأناة، ويقدِّم لكلامه، ويختم بعباراتٍ فيها رقَّة.
13 - يمكنك أن تقرأ بعض الكتب التي تتحدَّث عن فنون النقاش والحوار، وكيف تكسب الأصدقاء وتؤثِّر في الناس".
وأضيف إلى ما سبق سبعة أمور، كما أوصيك بوصيَّة:
أمَّا الأمور السبعة:
1- حسن اتِّخاذ القرار:
فما
كلُّ شخصٍ يجب أن تنبِّهه إذا أخطأ، أو تنصحه إذا علمت تقصيره، فكثير من
الأمور تحكم هذا الأمر: مدى العلاقة بينك وبينه، فارق السنِّ إذا كان أكبر
منك سِنّا، تفاوت المستوى التعليميّ، مدى تقارب أو تباعد المستوى الفكريِّ
والثقافيّ، الظرف الذي فيه أنتما كأن يكون يتحدَّث أما مجموعةٍ من الناس
فتردَّ عليه على الملأ، أو كان في حالةٍ نفسيَّةٍ سيئة، وغير ذلك.
كلُّ
هذه الأمور نقاطٌ حاكمةٌ في قيامك بالنصح والإرشاد من عدمه، واتِّخاذ
القرار بالنصح أو عدمه أمرٌ مرهونٌ بحسن تقديرك للأمور والظروف، مع عدم
إغفال اللياقة واللباقة والأدب.
2- حسن تنفيذ قرارك:
أو حسن عرض
النصيحة: وأعني هنا آداب النصح عامَّة، وأهمَّها: إشعاره بأنَّك تريد
مصلحته، وأن تنصحه سرًّا بينك وبينه لا على الملأ، حتى لا تتحوَّل النصيحة
إلى فضيحة، ويفضَّل جدًّا لو اتَّخذت أسلوب عدم المباشرة في النصح، وأن
تبدأ بمقدمةٍ تذكر فيها محاسنه ومناقبه، فكلُّ ذلك أدعى أن يتقبَّل منك ما
تقول، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو في وجوب استماع
الناس له، كان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستخدم لفظة: "ما بال أقوامٍ"
للتنبيه على خطأٍ ما، أو نصح شخصٍ ما:
- ( ما بال أقوامٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله… ) البخاري ومسلم.
- ( ما بال أقوامٍ يتنزَّهون عن الشيء أصنعه...) البخاري.
- ( ما بال أقوامٍ قالوا كذا وكذا... ) مسلم.
- ( ما بال أقوامٍ يرغبون عمَّا رخِّص لي فيه... ) مسلم.
- ( ما بال أقوامٍ يقولون: إنَّ رحمي لا ينفع ... ) الحاكم، وقال:هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (أي البخاريُّ ومسلم).
فإذا كان هذا حال من كانت طاعته واجبةٌ على المسلمين، فكيف بنا نحن، ونحن لا نملك سلطاناً ولا حكماً على الناس؟
3- استخدام قاعدة "ارتكاب أخفِّ الضررين":
وأعني
هنا تقدير الموقف، بمعنى إذا كانت نصيحتك ستؤدِّي إلى ضررٍ أكبر فالأَولى
ألا تقولها أو تنطق بها، وإذا كان فقهاؤنا الأجلاَّء قد قالوا بعدم تصحيح
خطأ الإمام في قراءة القرآن في الصلاة إذا كان هذا التصحيح قد يؤدِّي إلى
ارتباكه وارتكابه لأخطاء أكثر، أليس من الأوْلى أن نطبِّق هذه القاعدة في
نصح الناس؟.
4- التفريق بين الضروريَّات والنوافل:
بمعنى ألا
تحمِّل الناس ما لا يطيقون، فتسألهم عن تقصيرهم في سنَّةٍ مثلا، أو في
قُربةٍ إلى الله تعالى، فكلُّ ذلك مردُّه إلى كلِّ شخصٍ بعينه، وعلاقته
بربِّه سبحانه، وفي الحديث المتَّفق على صحَّته عن طلحة بن عبيد الله رضي
الله عنه: أنَّ أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر
الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة، فقال: (
الصلوات الخمس، إلا أن تطوَّع شيئا ) ، فقال: أخبرني ما فرض الله عليَّ من
الصيام، فقال: ( شهر رمضان، إلا أن تطوَّع شيئا ) ، فقال: أخبرني بما فرض
الله عليَّ من الزكاة، فقال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع
الإسلام، قال: والذي أكرمك، لا أتطوَّع شيئا، ولا أنقص ممَّا فرض الله
عليَّ شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح إن صدق ) ، أو: (
دخل الجنَّة إن صدق ) .
الراوي:طلحة بن عبيدالله التيميالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:1891
خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
فما
دام التزم الشخص بالفروض فلا تحدِّثه فيما عدا ذلك، إلا إذا أتاح هو لك
هذه الفرصة، أو جاءت بطريقةٍ غير مباشرة، أو كانت علاقتكما تسمح بذلك.
5- القدوة والعلاقة الشخصيَّة أوَّلا:
قلنا
مراراً وتكراراً أنَّ القدوة هي أساس كلِّ شيء، وأنَّ العلاقة الشخصيَّة
هي مفتاح كلِّ شيء، فكم من الدعاة قد هدَوا الناس إلى الحقِّ والفضل بفعلهم
لا بقولهم، وكم من الناس من جعل الناس يتركون ما كانوا عليه من فضلٍ بسبب
سوء القدوة.
إذا أردتَّ – يا أخي / أختي - أن تكون مؤثِّراً التزم أنت أوَّلاً بما تأمر به، وصدق الشاعر إذ يقول:
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله == عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
وكذلك بحسن علاقتك الشخصيَّة وحبِّك للناس تملك قلوبهم، فيكون ذلك أدعى للتأثير فيهم.
6- مراعاة المكان:
مثلاً
أنت يا أخي في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، وكلُّنا نعلم حال المسلمين
هناك، وتفاوت مفهوم ونطاق الالتزام فيها بدرجةٍ كبيرة، واعتبار العديد من
الإخوة من الملتزمين رغم عدم التزامهم الكامل، مراعاةً لظروف البلد
ومغرياتها ومشاكلها بالنسبة للمسلمين، أفي ظلِّ هذا السياق نمارس النصح
بالعنف والغضب؟ عليك يا أخي أن تراعي بيئتك ومجتمعك كثيرا، وأن تنظر إليه
بعينٍ تختلف عمَّا ألِفته في موطنك الأصليّ، فتغيِّر النظرة، وتعدِّل
منهجيَّة الدعوة، مع احتفاظك بما لا يمكن الاستغناء عنه من المعلوم من
الدين بالضرورة.
7- بيت القصيد هو:
علاقتك بربِّك، فانظر إلى
قلبك دائما، واربطه بخالقك ووثِّق هذه الصلة، وكن قرآناً يمشي على الأرض
كنبيِّك صلى الله عليه وسلم، وتذكَّر معي حديث نبيِّك صلى الله عليه وسلم: (
إنَّ الله تبارك وتعالى إذا أحبَّ عبداً نادى جبريل: إنَّ الله قد أحبَّ
فلاناً فأحِبَّه، فيُحِبُّه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إنَّ الله قد
أحبَّ فلاناً فأحِبُّوه، فيُحِبُّه أهل السماء، ويوضع له القَبول في أهل
الأرض ) رواه البخاري.
اجعل الله تعالى يحبَّك، هكذا يوضع لك القَبول في الأرض.
وأمَّا الوصيَّة:
فهي
محاولة تدريب نفسك على عدم الغضب، وعلى كظم الغيظ، وخاصَّةً في المناقشات
التي تحتاج فيها إلى الحفاظ على هدوئك ورجاحة عقلك، وهناك برامج متخصِّصةٌ
في كيفيَّة السيطرة على النفس، حبَّذا لو استطعت الوصول إليها والتدرَّب
فيها، فتوقَّف عن نصح الناس وتوجيههم، حتى تتعلَّم السيطرة على نفسك، ولو
كان لديك صديقٌ تثق به، اتَّفق معه على أن يقوم باستفزازك في النقاشات
دائماً عندما تكونان لوحدكما، وحاول خلال ذلك أن تملك نفسك وأعصابك،
وبالتدريج ستنجح إن شاء الله تعالى، فيكون هو نِعْم العون لك.
...
وأخيراً أجعل جميع ماذكر منهج تنتهج به حياتك وليس في النصح فقط
جعلنا الله وأياكم من أهل الجنه والخير والرشاد ~
منقول للفائده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف يمكن أن يكون الداعيةً مؤثراً ومحبوباً لدى الآخرين؟
يمكن أن يتمَّ ذلك عبر جملةٍ من الخطوات:
1
– لا بد من إدراك وفهم معنى قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: { ولو
كنتَ فظًّا غليظ القلب لانفضُّوا من حولك } ، فالفظاظة والغلظة لا شكَّ
أنَّهما يؤدِّيان إلى انصراف الناس بعيداً عن الداعية، وهذا رسولنا محمَّدٌ
صلى الله عليه وسلم يخاطبه الله عز وجل بأن يدعو قومه بالحسنى، رغم أنَّهم
آذَوه وكذَّبوه وسخروا منه: { ادع إلى سبيل ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادلهم بالتي هي أحسن } ، وليس بعيداً عن ذلك موقف موسى وهارون عليهما
السلام؛ إذ أرسلهما ربُّهما إلى فرعون الطاغية: { اذهبا إلى فرعون إنَّه
طغى * فقولا له قولاً ليِّناً لعلَّه يتذكَّر أو يخشى } ، فهلاَّ تحلَّى
الأخ السائل بالهدوء والكياسة واللباقة في الردِّ على الآخرين ودعوتهم
بالحكمة؟
2 – اجتهد أن تطبِّق حديث النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (
لا تغضب ) متَّفقٌ عليه، وليكن ماثلاً أمام عي*-تم الحذف. كلمة غير محترمة لا يسمح بها في هذا المنتدى-* أصحاب القدوة في التاريخ،
وأنَّ الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب.
3 - استخدم في ردودك نبرة صوتٍ مَرِحةً وهادئة، حتى تستميل عقل وقلب من تحاوره.
4 - بشيءٍ من الذكاء والفطنة يمكن أن تلتقط خيط الحديث وتطوِّعه لصالح الفكرة التي تحملها.
5 - لا ينبغي أن ينعكس مزاجك على صوتك في أثناء الحديث.
6
- ضع في ذهنك وأنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أنَّك تريد أن تكسب
الشخص لا أن تكسب الموقف، فالحوار إنَّما يكون لكسب عقول وقلوب الناس، فما
عساك أن تجني من إحراج الآخرين بقوَّة حُجَّتك فتسكتهم بها ؟ حسناً
ستسكتهم، ولكنَّ قلوبهم ستمتلئ حنقاً عليك وعلى دعوتك.
7 - استحضر في ذهنك أنَّك يجب أن تكون قدوةً لمن تحاوره أو تدعوه، ومن ثَمَّ فلا يجب الخروج عن قواعد وأدب الحوار.
8 - مازح الشخص الذي تتحدَّث إليه مهما كان مخالفاً في الرأي.
9
- كن مع هؤلاء كالطبيب مع المريض الذي يصدر عنه ما يُسيء للطبيب، ومع ذلك
يترفَّق به، فطبيعة النفس البشريَّة تميل إلى اللين والرفق والتودُّد،
وتنفر من الشِّدَّة والتحدِّي.
10 - المعاملة الحسنة لها أثرٌ جيِّدٌ في استقطاب الآخرين.
11 - لا تستخدم عبارات: "يجب عليك"، "ينبغي عليك".
12 - الداعية الناجح يناقش بتلطُّفٍ وأناة، ويقدِّم لكلامه، ويختم بعباراتٍ فيها رقَّة.
13 - يمكنك أن تقرأ بعض الكتب التي تتحدَّث عن فنون النقاش والحوار، وكيف تكسب الأصدقاء وتؤثِّر في الناس".
وأضيف إلى ما سبق سبعة أمور، كما أوصيك بوصيَّة:
أمَّا الأمور السبعة:
1- حسن اتِّخاذ القرار:
فما
كلُّ شخصٍ يجب أن تنبِّهه إذا أخطأ، أو تنصحه إذا علمت تقصيره، فكثير من
الأمور تحكم هذا الأمر: مدى العلاقة بينك وبينه، فارق السنِّ إذا كان أكبر
منك سِنّا، تفاوت المستوى التعليميّ، مدى تقارب أو تباعد المستوى الفكريِّ
والثقافيّ، الظرف الذي فيه أنتما كأن يكون يتحدَّث أما مجموعةٍ من الناس
فتردَّ عليه على الملأ، أو كان في حالةٍ نفسيَّةٍ سيئة، وغير ذلك.
كلُّ
هذه الأمور نقاطٌ حاكمةٌ في قيامك بالنصح والإرشاد من عدمه، واتِّخاذ
القرار بالنصح أو عدمه أمرٌ مرهونٌ بحسن تقديرك للأمور والظروف، مع عدم
إغفال اللياقة واللباقة والأدب.
2- حسن تنفيذ قرارك:
أو حسن عرض
النصيحة: وأعني هنا آداب النصح عامَّة، وأهمَّها: إشعاره بأنَّك تريد
مصلحته، وأن تنصحه سرًّا بينك وبينه لا على الملأ، حتى لا تتحوَّل النصيحة
إلى فضيحة، ويفضَّل جدًّا لو اتَّخذت أسلوب عدم المباشرة في النصح، وأن
تبدأ بمقدمةٍ تذكر فيها محاسنه ومناقبه، فكلُّ ذلك أدعى أن يتقبَّل منك ما
تقول، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو في وجوب استماع
الناس له، كان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستخدم لفظة: "ما بال أقوامٍ"
للتنبيه على خطأٍ ما، أو نصح شخصٍ ما:
- ( ما بال أقوامٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله… ) البخاري ومسلم.
- ( ما بال أقوامٍ يتنزَّهون عن الشيء أصنعه...) البخاري.
- ( ما بال أقوامٍ قالوا كذا وكذا... ) مسلم.
- ( ما بال أقوامٍ يرغبون عمَّا رخِّص لي فيه... ) مسلم.
- ( ما بال أقوامٍ يقولون: إنَّ رحمي لا ينفع ... ) الحاكم، وقال:هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (أي البخاريُّ ومسلم).
فإذا كان هذا حال من كانت طاعته واجبةٌ على المسلمين، فكيف بنا نحن، ونحن لا نملك سلطاناً ولا حكماً على الناس؟
3- استخدام قاعدة "ارتكاب أخفِّ الضررين":
وأعني
هنا تقدير الموقف، بمعنى إذا كانت نصيحتك ستؤدِّي إلى ضررٍ أكبر فالأَولى
ألا تقولها أو تنطق بها، وإذا كان فقهاؤنا الأجلاَّء قد قالوا بعدم تصحيح
خطأ الإمام في قراءة القرآن في الصلاة إذا كان هذا التصحيح قد يؤدِّي إلى
ارتباكه وارتكابه لأخطاء أكثر، أليس من الأوْلى أن نطبِّق هذه القاعدة في
نصح الناس؟.
4- التفريق بين الضروريَّات والنوافل:
بمعنى ألا
تحمِّل الناس ما لا يطيقون، فتسألهم عن تقصيرهم في سنَّةٍ مثلا، أو في
قُربةٍ إلى الله تعالى، فكلُّ ذلك مردُّه إلى كلِّ شخصٍ بعينه، وعلاقته
بربِّه سبحانه، وفي الحديث المتَّفق على صحَّته عن طلحة بن عبيد الله رضي
الله عنه: أنَّ أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر
الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة، فقال: (
الصلوات الخمس، إلا أن تطوَّع شيئا ) ، فقال: أخبرني ما فرض الله عليَّ من
الصيام، فقال: ( شهر رمضان، إلا أن تطوَّع شيئا ) ، فقال: أخبرني بما فرض
الله عليَّ من الزكاة، فقال: فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم شرائع
الإسلام، قال: والذي أكرمك، لا أتطوَّع شيئا، ولا أنقص ممَّا فرض الله
عليَّ شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفلح إن صدق ) ، أو: (
دخل الجنَّة إن صدق ) .
الراوي:طلحة بن عبيدالله التيميالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:1891
خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
فما
دام التزم الشخص بالفروض فلا تحدِّثه فيما عدا ذلك، إلا إذا أتاح هو لك
هذه الفرصة، أو جاءت بطريقةٍ غير مباشرة، أو كانت علاقتكما تسمح بذلك.
5- القدوة والعلاقة الشخصيَّة أوَّلا:
قلنا
مراراً وتكراراً أنَّ القدوة هي أساس كلِّ شيء، وأنَّ العلاقة الشخصيَّة
هي مفتاح كلِّ شيء، فكم من الدعاة قد هدَوا الناس إلى الحقِّ والفضل بفعلهم
لا بقولهم، وكم من الناس من جعل الناس يتركون ما كانوا عليه من فضلٍ بسبب
سوء القدوة.
إذا أردتَّ – يا أخي / أختي - أن تكون مؤثِّراً التزم أنت أوَّلاً بما تأمر به، وصدق الشاعر إذ يقول:
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله == عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
وكذلك بحسن علاقتك الشخصيَّة وحبِّك للناس تملك قلوبهم، فيكون ذلك أدعى للتأثير فيهم.
6- مراعاة المكان:
مثلاً
أنت يا أخي في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، وكلُّنا نعلم حال المسلمين
هناك، وتفاوت مفهوم ونطاق الالتزام فيها بدرجةٍ كبيرة، واعتبار العديد من
الإخوة من الملتزمين رغم عدم التزامهم الكامل، مراعاةً لظروف البلد
ومغرياتها ومشاكلها بالنسبة للمسلمين، أفي ظلِّ هذا السياق نمارس النصح
بالعنف والغضب؟ عليك يا أخي أن تراعي بيئتك ومجتمعك كثيرا، وأن تنظر إليه
بعينٍ تختلف عمَّا ألِفته في موطنك الأصليّ، فتغيِّر النظرة، وتعدِّل
منهجيَّة الدعوة، مع احتفاظك بما لا يمكن الاستغناء عنه من المعلوم من
الدين بالضرورة.
7- بيت القصيد هو:
علاقتك بربِّك، فانظر إلى
قلبك دائما، واربطه بخالقك ووثِّق هذه الصلة، وكن قرآناً يمشي على الأرض
كنبيِّك صلى الله عليه وسلم، وتذكَّر معي حديث نبيِّك صلى الله عليه وسلم: (
إنَّ الله تبارك وتعالى إذا أحبَّ عبداً نادى جبريل: إنَّ الله قد أحبَّ
فلاناً فأحِبَّه، فيُحِبُّه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إنَّ الله قد
أحبَّ فلاناً فأحِبُّوه، فيُحِبُّه أهل السماء، ويوضع له القَبول في أهل
الأرض ) رواه البخاري.
اجعل الله تعالى يحبَّك، هكذا يوضع لك القَبول في الأرض.
وأمَّا الوصيَّة:
فهي
محاولة تدريب نفسك على عدم الغضب، وعلى كظم الغيظ، وخاصَّةً في المناقشات
التي تحتاج فيها إلى الحفاظ على هدوئك ورجاحة عقلك، وهناك برامج متخصِّصةٌ
في كيفيَّة السيطرة على النفس، حبَّذا لو استطعت الوصول إليها والتدرَّب
فيها، فتوقَّف عن نصح الناس وتوجيههم، حتى تتعلَّم السيطرة على نفسك، ولو
كان لديك صديقٌ تثق به، اتَّفق معه على أن يقوم باستفزازك في النقاشات
دائماً عندما تكونان لوحدكما، وحاول خلال ذلك أن تملك نفسك وأعصابك،
وبالتدريج ستنجح إن شاء الله تعالى، فيكون هو نِعْم العون لك.
...
وأخيراً أجعل جميع ماذكر منهج تنتهج به حياتك وليس في النصح فقط
جعلنا الله وأياكم من أهل الجنه والخير والرشاد ~
منقول للفائده