هل دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - لإخوانه الذين يأتون بعده بدعوةٍ تخصهم بالخير ؟
الحمد للَّه
أولا :
لقد كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أرحم الناس وأرقَّهم ، يحب الخير
لهم ، ويحرص على سعادتهم ونجاتهم ، ولن نجد أصدق من كلمات الله تعالى دليلا على ذلك
:
يقول الله عز وجل :
( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
التوبة/128
وكان يحب أمته كثيرا ، يحمل هَمَّ نجاتها يوم القيامة ، ويرجو أن يكرمها الله
سبحانه وتعالى بجنته ، حتى كان يبكي من شدة خوفه عليهم ورحمته بهم .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه :
( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ
فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام :
( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ
أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمَّتِي
أُمَّتِي . وَبَكَى . فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا جِبْرِيلُ ! اذْهَبْ
إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ . فَأَتَاهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ . فَقَالَ اللَّهُ : يَا
جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ
وَلَا نَسُوءُكَ ) رواه مسلم (202)
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (3/78-79) :
" هذا الحديث مشتمل على أنواع من الفوائد منها : بيان كمال شفقة النبي صلى الله
عليه وسلم على أمته ، واعتنائه بمصالحهم ، واهتمامه بأمرهم ، ومنها البشارة العظيمة
لهذه الأمة - زادها الله تعالى شرفا - بما وعدها الله تعالى بقوله ( سنرضيك في أمتك
ولا نسوؤك ) وهذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة أو أرجاها " انتهى .
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لجميع أمته ، ويستغيث الله تعالى أن يجعلها
أمةً مكرَّمةً مرحومةً ، حتى استجاب اللَّه له فجعل شطر أهل الجنة من أمته ، أو
يزيد ، ورزقهم شفاعته يوم القيامة .
ثانيا :
من رحمته صلى الله عليه وسلم وحبه لأمته أنه خص مَن آمن به واتبعه ولم يره بمزيد
فضل وخير :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( طُوبَى لِمَن آمَنَ بِي وَرَآنِي مَرَّةً ، وُطُوبَى لِمَن آمَنَ بِي وَلَم
يَرَنِي سَبعَ مِرَارٍ )
رواه أحمد في "المسند" (3/155) وقال
المحققون : حسن لغيره . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1241)
، وقد جاء نحو هذا الحديث عن جماعة من الصحابة .
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (2/176) :
" وأما معنى طوبى : فاختلف المفسرون فى معنى قوله تعالى : ( طوبى لهم وحسن مآب )
فروي عن ابن عباس رضى الله عنهما أن معناه : فرح وقرة عين . وقال عكرمة : نِعم ما
لهم . وقال الضحاك : غبطةٌ لهم . وقال قتادة : حسنى لهم . وعن قتادة أيضا : معناه
أصابوا خيرا . وقال إبراهيم : خير لهم وكرامة . وقال ابن عجلان : دوام الخير . وقيل
: الجنة . وقيل : شجرة فى الجنة . وكل هذه الأقوال محتملة فى الحديث والله اعلم "
انتهى .
ثم بشر صلى الله عليه وسلم المؤمنين بعده ممن لم يره بأنه ينتظرهم عند الحوض الشريف
:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ :
( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا . قَالُوا : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ! أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي ،
وَإِخْوَانِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ
، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ
أُمَّتِكَ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي
خَيْلٍ بُهْمٍ دُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ :
فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ ،
وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ )
( أنا فرطهم ) أي أنا أتقدمهم على الحوض ، (
دهم ) سود . "شرح النووي" (3/139)
رواه مسلم (249) والنسائي (150) واللفظ له ،
وانظر "السلسلة الصحيحة" (2888)
فمن أراد أن يحصل هذه الفضائل فعليه أن يلتزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن
يتمسك بسنته ، حتى يفوز بصحبته في الجنة .
نسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بذلك من فضله ، إنه جواد كريم .
والله أعلم .
الحمد للَّه
أولا :
لقد كان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أرحم الناس وأرقَّهم ، يحب الخير
لهم ، ويحرص على سعادتهم ونجاتهم ، ولن نجد أصدق من كلمات الله تعالى دليلا على ذلك
:
يقول الله عز وجل :
( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
التوبة/128
وكان يحب أمته كثيرا ، يحمل هَمَّ نجاتها يوم القيامة ، ويرجو أن يكرمها الله
سبحانه وتعالى بجنته ، حتى كان يبكي من شدة خوفه عليهم ورحمته بهم .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه :
( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ ( رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ
فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ) الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام :
( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ
أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمَّتِي
أُمَّتِي . وَبَكَى . فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَا جِبْرِيلُ ! اذْهَبْ
إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ . فَأَتَاهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ ، وَهُوَ أَعْلَمُ . فَقَالَ اللَّهُ : يَا
جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ : إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ
وَلَا نَسُوءُكَ ) رواه مسلم (202)
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (3/78-79) :
" هذا الحديث مشتمل على أنواع من الفوائد منها : بيان كمال شفقة النبي صلى الله
عليه وسلم على أمته ، واعتنائه بمصالحهم ، واهتمامه بأمرهم ، ومنها البشارة العظيمة
لهذه الأمة - زادها الله تعالى شرفا - بما وعدها الله تعالى بقوله ( سنرضيك في أمتك
ولا نسوؤك ) وهذا من أرجى الأحاديث لهذه الأمة أو أرجاها " انتهى .
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لجميع أمته ، ويستغيث الله تعالى أن يجعلها
أمةً مكرَّمةً مرحومةً ، حتى استجاب اللَّه له فجعل شطر أهل الجنة من أمته ، أو
يزيد ، ورزقهم شفاعته يوم القيامة .
ثانيا :
من رحمته صلى الله عليه وسلم وحبه لأمته أنه خص مَن آمن به واتبعه ولم يره بمزيد
فضل وخير :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( طُوبَى لِمَن آمَنَ بِي وَرَآنِي مَرَّةً ، وُطُوبَى لِمَن آمَنَ بِي وَلَم
يَرَنِي سَبعَ مِرَارٍ )
رواه أحمد في "المسند" (3/155) وقال
المحققون : حسن لغيره . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1241)
، وقد جاء نحو هذا الحديث عن جماعة من الصحابة .
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (2/176) :
" وأما معنى طوبى : فاختلف المفسرون فى معنى قوله تعالى : ( طوبى لهم وحسن مآب )
فروي عن ابن عباس رضى الله عنهما أن معناه : فرح وقرة عين . وقال عكرمة : نِعم ما
لهم . وقال الضحاك : غبطةٌ لهم . وقال قتادة : حسنى لهم . وعن قتادة أيضا : معناه
أصابوا خيرا . وقال إبراهيم : خير لهم وكرامة . وقال ابن عجلان : دوام الخير . وقيل
: الجنة . وقيل : شجرة فى الجنة . وكل هذه الأقوال محتملة فى الحديث والله اعلم "
انتهى .
ثم بشر صلى الله عليه وسلم المؤمنين بعده ممن لم يره بأنه ينتظرهم عند الحوض الشريف
:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ :
( السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا . قَالُوا : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ! أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي ،
وَإِخْوَانِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ
، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ
أُمَّتِكَ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي
خَيْلٍ بُهْمٍ دُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ قَالُوا : بَلَى . قَالَ :
فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ ،
وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ )
( أنا فرطهم ) أي أنا أتقدمهم على الحوض ، (
دهم ) سود . "شرح النووي" (3/139)
رواه مسلم (249) والنسائي (150) واللفظ له ،
وانظر "السلسلة الصحيحة" (2888)
فمن أراد أن يحصل هذه الفضائل فعليه أن يلتزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن
يتمسك بسنته ، حتى يفوز بصحبته في الجنة .
نسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بذلك من فضله ، إنه جواد كريم .
والله أعلم .