السؤال :
شخص توفي والده وهو الكفيل على إخوته وأخواته .
وعندنا في البلاد إذا كان للمتوفى أولاد يصرف راتب أبيهم دون انقطاع ..
الأخ الأكبر وهو الكفيل يدخر هذا الراتب لوقت الشدة ويصرف على إخوته
وأخواته من جيبه الخاص ، ولكن أحياناً يحتاج مبلغاً لنفسه فيسحب من المال
المدخر فما حكم ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
كفالة اليتيم من أجلّ أعمال البر ، وخاصة إذا كان أولئك اليتامى ذوي رحم ، ويكفي في
فضل كفالة اليتيم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي
الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا
شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " ( كَافِل الْيَتِيم ) الْقَائِم بِأُمُورِهِ
مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ
الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم
بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى .
ثانياً :
إذا كان لليتيم مال ، كما لو ورث مالاً عن أبيه ، أو جاءه راتب من الدولة ، فلا
يلزم وليه أن ينفق عليه ، بل تكون النفقة على اليتيم من ماله .
فإن كان الولي ينفق على اليتيم من ماله (أي من مال الولي) ويدخر مال اليتيم لوقت
الشدة ، كما ذكرت في السؤال ، فلا يخلو من حالين :
الأولى : أن يكون متبرعاً بالنفقة على اليتيم ولا ينوي أن يستردها في يوم من الأيام
، فلا يجوز له أخذ شيء من مال اليتيم على أنه مقابل النفقة التي أنفقها عليه .
الثانية : أن ينوي استرداد جزء مما ينفقه على اليتيم إذا احتاج إلى ذلك ، فهو على
نيته ، فإذا احتاج إلى مال فله الأخذ من مال اليتيم ، بشرط أن لا يزيد ما أخذه على
ما أنفقه عليه .
ثالثاً :
إذا احتاج ولي اليتيم إلى الأخذ من مال اليتيم مقابل قيامه بمصالحه وتربيته ... إلخ
، فله ذلك ، لقول الله تعالى في ولي اليتيم : (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا
فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/6 .
قال الحجاوي رحمه الله : "ويأكل الولي الفقير من مال مَوْلِيِّه الأقلَّ من كفايته
أو أجرته" .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :
"(ويأكل الولي الفقير) وهو الذي ليس عنده ما يكفيه من كسب يده أو غلة أو راتب أو
مكافأة ، ليس عنده إلا مال هذا اليتيم .
قوله : (من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته) ، فإذا قدرنا أن كفايته ألف ريال
وأجرته خمسمائة ريال ، فنعطيه خمسمائة ؛ لأنها الأقل ، فإذا قال هذه ما تكفيني ،
أنا إلى الآن فقير ، نقول : ليس لك إلا الأجرة فقط .
وبالعكس ، أجرته ألف ريال وكفايته خمسمائة ، فنعطيه خمسمائة ، وهذه لا إشكال فيها ،
الإشكال في المسألة الأولى ، إذا كانت الأجرة أقل من الكفاية فإنه سوف يبقى فقيراً
، وظاهر الآية الكريمة : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)
النساء/6 ، أنه يأكل بالمعروف ، وأنه إذا كانت الأجرة أقل تُكمل له الكفاية ، وعلى
هذا فنقول : يأكل كفايته سواءً كانت بقدر الأجرة أو أقل أو أكثر ؛ لأن هذا هو ظاهر
القرآن : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)" انتهى .
"الشرح الممتع" (9/312) .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (59933)
.
وعلى هذا ؛ فلك الأخذ من مال إخوتك اليتامى في حالين :
الأولى : إذا كنت تنفق عليهم من مالك وتنوي استرداد هذه النفقة إذا احتجت إليها .
الثانية : إذا كنت فقيراً محتاجاً إلى المال ، ولكن يجب عليك في هذه الحالة أن يكون
أخذك من أموالهم بالمعروف ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا
فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) ، فتأخذ من أموالهم ما يكفيك بلا زيادة ، ولا يجوز لك
أن توسع على نفسك في النفقة من مال اليتيم .
والله أعلم
شخص توفي والده وهو الكفيل على إخوته وأخواته .
وعندنا في البلاد إذا كان للمتوفى أولاد يصرف راتب أبيهم دون انقطاع ..
الأخ الأكبر وهو الكفيل يدخر هذا الراتب لوقت الشدة ويصرف على إخوته
وأخواته من جيبه الخاص ، ولكن أحياناً يحتاج مبلغاً لنفسه فيسحب من المال
المدخر فما حكم ذلك ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
كفالة اليتيم من أجلّ أعمال البر ، وخاصة إذا كان أولئك اليتامى ذوي رحم ، ويكفي في
فضل كفالة اليتيم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي
الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا
شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " ( كَافِل الْيَتِيم ) الْقَائِم بِأُمُورِهِ
مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ
الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم
بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى .
ثانياً :
إذا كان لليتيم مال ، كما لو ورث مالاً عن أبيه ، أو جاءه راتب من الدولة ، فلا
يلزم وليه أن ينفق عليه ، بل تكون النفقة على اليتيم من ماله .
فإن كان الولي ينفق على اليتيم من ماله (أي من مال الولي) ويدخر مال اليتيم لوقت
الشدة ، كما ذكرت في السؤال ، فلا يخلو من حالين :
الأولى : أن يكون متبرعاً بالنفقة على اليتيم ولا ينوي أن يستردها في يوم من الأيام
، فلا يجوز له أخذ شيء من مال اليتيم على أنه مقابل النفقة التي أنفقها عليه .
الثانية : أن ينوي استرداد جزء مما ينفقه على اليتيم إذا احتاج إلى ذلك ، فهو على
نيته ، فإذا احتاج إلى مال فله الأخذ من مال اليتيم ، بشرط أن لا يزيد ما أخذه على
ما أنفقه عليه .
ثالثاً :
إذا احتاج ولي اليتيم إلى الأخذ من مال اليتيم مقابل قيامه بمصالحه وتربيته ... إلخ
، فله ذلك ، لقول الله تعالى في ولي اليتيم : (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا
فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) النساء/6 .
قال الحجاوي رحمه الله : "ويأكل الولي الفقير من مال مَوْلِيِّه الأقلَّ من كفايته
أو أجرته" .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه :
"(ويأكل الولي الفقير) وهو الذي ليس عنده ما يكفيه من كسب يده أو غلة أو راتب أو
مكافأة ، ليس عنده إلا مال هذا اليتيم .
قوله : (من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته) ، فإذا قدرنا أن كفايته ألف ريال
وأجرته خمسمائة ريال ، فنعطيه خمسمائة ؛ لأنها الأقل ، فإذا قال هذه ما تكفيني ،
أنا إلى الآن فقير ، نقول : ليس لك إلا الأجرة فقط .
وبالعكس ، أجرته ألف ريال وكفايته خمسمائة ، فنعطيه خمسمائة ، وهذه لا إشكال فيها ،
الإشكال في المسألة الأولى ، إذا كانت الأجرة أقل من الكفاية فإنه سوف يبقى فقيراً
، وظاهر الآية الكريمة : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)
النساء/6 ، أنه يأكل بالمعروف ، وأنه إذا كانت الأجرة أقل تُكمل له الكفاية ، وعلى
هذا فنقول : يأكل كفايته سواءً كانت بقدر الأجرة أو أقل أو أكثر ؛ لأن هذا هو ظاهر
القرآن : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)" انتهى .
"الشرح الممتع" (9/312) .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (59933)
.
وعلى هذا ؛ فلك الأخذ من مال إخوتك اليتامى في حالين :
الأولى : إذا كنت تنفق عليهم من مالك وتنوي استرداد هذه النفقة إذا احتجت إليها .
الثانية : إذا كنت فقيراً محتاجاً إلى المال ، ولكن يجب عليك في هذه الحالة أن يكون
أخذك من أموالهم بالمعروف ، كما قال الله تعالى : (وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا
فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) ، فتأخذ من أموالهم ما يكفيك بلا زيادة ، ولا يجوز لك
أن توسع على نفسك في النفقة من مال اليتيم .
والله أعلم