السؤال:
وقعت سرقة لمبلغ من المال من
مكتب أحد الزملاء ، والمبلغ كبير جدا ، ولم نصل إلى السارق ، ولكن دارت
الشكوك نحو أحد الأشخاص ، ولكي نبتعد عن الظن السوء لم نجد أي وسيلة
للوصول إلى السارق ، ولكن وجدنا أحد الزملاء المتدينين يعرض علينا طريقة
معينة لكشف السارق ، وهي كالتالي :
توضأ اثنان من الزملاء ، وصلوا ركعتين بنية قضاء الحاجة ، ودعوا بإظهار
الحق ، وبعد أن انتهو من الصلاة أحضر أحدهما المصحف الكريم ، ووضع بداخله
مفتاحا في سورة (يس) ، ثم ربط المصحف بالمفتاح ، وأمسك الاثنان المصحف من
المفتاح بالإصبع ، وفى وضع مستقيم ، ثم تلى أحدهما سورة (يس) وفى نيته
الشخص المشكوك فيه ، وبعد أن انتهى من آية (16) ، بدأ يتحرك المصحف في
أيديهم دورة سريعة واضحة ، وكرر مرتين على نفس الشخص ، وحدث ما حدث من قبل
، وأجرى مرة ثانية على شخص آخر ولم يتحرك المصحف نهائيا . برجاء من
فضيلتكم الإجابة على تلك المسألة في أقصر وقت ، أفادكم الله ، لكي نتخلص
من تلك المشكلة .
الجواب :
الحمد لله
حرم الله تعالى إتيان الكهان والعرافين وسؤالهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) رواه مسلم (2230) .
"والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة "
انتهى. قاله البغوي نقلا عن "الزواجر" لابن حجر (2/178) .
وقال ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (35/173) - :
" العراف : قد قيل إنه اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في تقدم
المعرفة بهذه الطرق " انتهى .
فكل من يدعي العلم بالأماكن المسروقة أو الضائعة أو العلم بمن سرقها وأخذها بغير
حجة عقلية مقبولة فهو من العرافين الذين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم ،
وشدَّد في ذلك .
ثم إن الطرق التي يذكرها العرافون والمشعوذون لمعرفة شخص السارق كثيرا ما تكون
كاذبة ، وقد يعتمد فيها الساحر على ما سمعه قرينه من الجن من اتهام لأسماء معينة من
قبل أصحاب المال ، فينقل القرين اسم المتهم إلى ذلك العراف أو الكاهن ثم يخبر به
أصحاب المال ، فيظنون أنه جزم باسم هذا المظنون ، وإنما هو تكرار لتهمتهم التي لا
يملكون عليها دليلا .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
يوجد عندنا ظاهرة منتشرة تسمى بـ : ( الوخذة ) ، وصورتها كالتالي :
أن يسرق من إنسان مثلا ذهب أو سيارة ، أو يضيع له قطيع من الغنم ، فيذهب إلى شخص
معين معروف بالوخذة ، فيتكلم هذا بكلام غريب غير مفهوم ، وربما قرأ شيئا من القرآن
الكريم ، فيرد له ماله المسروق أو الضائع ، وبعضهم يُسأل عن طريقته في رد المال
فيرفض الإخبار .
ما حكم هذه الظاهرة ، وحكم الذهاب إلى هؤلاء الأشخاص ؟
فأجابوا :
"إذا كان الواقع كما ذكر من حال ذلك الشخص من ادعاء معرفة مكان الأشياء المسروقة
وردها - فإنه كاهن وعرَّاف ، وذلك إما بنظره في النجوم أو في كتاب ، أو بخط في
الرمل ، أو استعانة بالجن ، أو نحو ذلك من الأسباب غير المشروعة ، وهذا كله كفر
بالله ؛ لادعائه علم الغيب ، وذلك من خصائص الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : (
قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ )
، وقال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا
مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ رَصَدًا ) ، وعلى ذلك فإنه يحرم إتيان هذا الشخص ، ويحرم تصديقه فيما
يدعيه من علم الغيب ؛ لورود النهي الشديد عن ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من
أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم في صحيحه ، وقال
صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل
على محمد ) - رواه الأربعة والحاكم وصححه - ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا
من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه
بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد ) - رواه البزار بإسناد جيد ، وما يتظاهر به
هذا الشخص من قراءة القرآن إنما هو من باب التلبيس على الناس ، لإيهامهم بأن ما
يقوم به حق ، بقصد ترويج باطله والاستيلاء على عقولهم وابتزاز أموالهم ، وذلك كله
كذب وافتراء ، فمجرد قراءة القرآن لا يعرف به مكان الشيء المسروق ، ولا يسترجع به ،
وعلى من يعلم حال هذا الشخص أن يحذر الناس من الإتيان إليه أو تصديقه ، ويبين لهم
حكم ذلك ، وأن ينكر على هذا الشخص عمله وينصحه ، ويبين له حكم الكهانة وعاقبة عمله
، فإن ارتدع وتاب توبة نصوحا ، وإلا رفع أمره للجهات المختصة للأخذ على يديه ، وكف
أذاه عن المسلمين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/213) .
وانظر جواب السؤال رقم : (60431) ،
(85541) .
والله أعلم .
وقعت سرقة لمبلغ من المال من
مكتب أحد الزملاء ، والمبلغ كبير جدا ، ولم نصل إلى السارق ، ولكن دارت
الشكوك نحو أحد الأشخاص ، ولكي نبتعد عن الظن السوء لم نجد أي وسيلة
للوصول إلى السارق ، ولكن وجدنا أحد الزملاء المتدينين يعرض علينا طريقة
معينة لكشف السارق ، وهي كالتالي :
توضأ اثنان من الزملاء ، وصلوا ركعتين بنية قضاء الحاجة ، ودعوا بإظهار
الحق ، وبعد أن انتهو من الصلاة أحضر أحدهما المصحف الكريم ، ووضع بداخله
مفتاحا في سورة (يس) ، ثم ربط المصحف بالمفتاح ، وأمسك الاثنان المصحف من
المفتاح بالإصبع ، وفى وضع مستقيم ، ثم تلى أحدهما سورة (يس) وفى نيته
الشخص المشكوك فيه ، وبعد أن انتهى من آية (16) ، بدأ يتحرك المصحف في
أيديهم دورة سريعة واضحة ، وكرر مرتين على نفس الشخص ، وحدث ما حدث من قبل
، وأجرى مرة ثانية على شخص آخر ولم يتحرك المصحف نهائيا . برجاء من
فضيلتكم الإجابة على تلك المسألة في أقصر وقت ، أفادكم الله ، لكي نتخلص
من تلك المشكلة .
الجواب :
الحمد لله
حرم الله تعالى إتيان الكهان والعرافين وسؤالهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) رواه مسلم (2230) .
"والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة "
انتهى. قاله البغوي نقلا عن "الزواجر" لابن حجر (2/178) .
وقال ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (35/173) - :
" العراف : قد قيل إنه اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في تقدم
المعرفة بهذه الطرق " انتهى .
فكل من يدعي العلم بالأماكن المسروقة أو الضائعة أو العلم بمن سرقها وأخذها بغير
حجة عقلية مقبولة فهو من العرافين الذين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم ،
وشدَّد في ذلك .
ثم إن الطرق التي يذكرها العرافون والمشعوذون لمعرفة شخص السارق كثيرا ما تكون
كاذبة ، وقد يعتمد فيها الساحر على ما سمعه قرينه من الجن من اتهام لأسماء معينة من
قبل أصحاب المال ، فينقل القرين اسم المتهم إلى ذلك العراف أو الكاهن ثم يخبر به
أصحاب المال ، فيظنون أنه جزم باسم هذا المظنون ، وإنما هو تكرار لتهمتهم التي لا
يملكون عليها دليلا .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
يوجد عندنا ظاهرة منتشرة تسمى بـ : ( الوخذة ) ، وصورتها كالتالي :
أن يسرق من إنسان مثلا ذهب أو سيارة ، أو يضيع له قطيع من الغنم ، فيذهب إلى شخص
معين معروف بالوخذة ، فيتكلم هذا بكلام غريب غير مفهوم ، وربما قرأ شيئا من القرآن
الكريم ، فيرد له ماله المسروق أو الضائع ، وبعضهم يُسأل عن طريقته في رد المال
فيرفض الإخبار .
ما حكم هذه الظاهرة ، وحكم الذهاب إلى هؤلاء الأشخاص ؟
فأجابوا :
"إذا كان الواقع كما ذكر من حال ذلك الشخص من ادعاء معرفة مكان الأشياء المسروقة
وردها - فإنه كاهن وعرَّاف ، وذلك إما بنظره في النجوم أو في كتاب ، أو بخط في
الرمل ، أو استعانة بالجن ، أو نحو ذلك من الأسباب غير المشروعة ، وهذا كله كفر
بالله ؛ لادعائه علم الغيب ، وذلك من خصائص الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : (
قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ )
، وقال تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا
مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ رَصَدًا ) ، وعلى ذلك فإنه يحرم إتيان هذا الشخص ، ويحرم تصديقه فيما
يدعيه من علم الغيب ؛ لورود النهي الشديد عن ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من
أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) رواه مسلم في صحيحه ، وقال
صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل
على محمد ) - رواه الأربعة والحاكم وصححه - ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا
من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه
بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد ) - رواه البزار بإسناد جيد ، وما يتظاهر به
هذا الشخص من قراءة القرآن إنما هو من باب التلبيس على الناس ، لإيهامهم بأن ما
يقوم به حق ، بقصد ترويج باطله والاستيلاء على عقولهم وابتزاز أموالهم ، وذلك كله
كذب وافتراء ، فمجرد قراءة القرآن لا يعرف به مكان الشيء المسروق ، ولا يسترجع به ،
وعلى من يعلم حال هذا الشخص أن يحذر الناس من الإتيان إليه أو تصديقه ، ويبين لهم
حكم ذلك ، وأن ينكر على هذا الشخص عمله وينصحه ، ويبين له حكم الكهانة وعاقبة عمله
، فإن ارتدع وتاب توبة نصوحا ، وإلا رفع أمره للجهات المختصة للأخذ على يديه ، وكف
أذاه عن المسلمين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/213) .
وانظر جواب السؤال رقم : (60431) ،
(85541) .
والله أعلم .