اختفى دفتر فواتير مهم خاص بالمؤسسة وعدم ظهوره
سوف يكلفني الكثير أرسلت أحد أقاربي إلى رجل دين وسأله عن كيفية الحصول
على هذا الدفتر ، المهم : أمر بإحضار طفل عمره 11-12 سنة وأعطاه بيضة كتب
عليها كتابة بالأزرق وغطى الطفل بشماغ وأخذ يقرأ ما تيسر من القرآن ثم سأل
الطفل هل يرى الشخص الذي أخذ الدفتر فذكر الطفل شكل واسم شخص نعرفه تماماً
ولا يعرفه هذا الطفل فما الحكم في هذا ؟.
أولا :
دلت الأدلة الصحيحة على تحريم إتيان العرافين والكهنة ، وسؤالهم
وتصديقهم ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا
فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )
رواه مسلم (2230) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ
امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
رواه أحمد (9779) وأبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجه (936) وصححه
الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال البغوي رحمه الله : " العراف : الذي يدعي معرفة الأمور
بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك " نقله في "الزواجر عن
اقتراف الكبائر" (2/178) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والعراف : قيل هو الكاهن ،
وهو الذي يخبر عن المستقبل .
وقيل : هو اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يستدل على
معرفة الغيب بمقدمات يستعملها ، وهذا المعنى أعم ، ويدل عليه الاشتقاق ؛ إذ هو مشتق
من المعرفة ، فيشمل كل من تعاطى هذه الأمور وادعى بها المعرفة ". انتهى من
"القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/48) .
فالتوصل إلى معرفة السارق بالطريقة التي ذكرت ، نوع من العرافة
والكهانة المحرمة ، التي تعتمد على استخدام الجن والوثوق بهم ، ولا ينبغي الانخداع
بقراءة العراف لشيء من القرآن ، فهذا من الحيلة والتمويه التي يلجأ إليها هؤلاء
المبطلون .
وانظر السؤال رقم (21124)
: في بيان علامات السحرة والعرافين والكهان .
ثانيا :
ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من يدعي معرفة المسروقات أو أن الجن
تخبره بذلك ، قال ابن نجيم رحمه الله في بيان المكفّرات : " وبإتيان الكاهن وتصديقه
، وبقوله : أنا أعلم المسروقات ، وبقوله : أنا أخبر عن إخبار الجن إياي "
انتهى من البحر الرائق (5/130) . وإنما يكفر بقوله : أنا أخبر عن
إخبار الجن إياي ؛ لأن الجن كالإنس لا يعلمون الغيب ، كما قال تعالى عنهم : (
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا
لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) سبأ/14 ، قاله
في حاشية البحر الرائق .
وأما إتيان العراف وسؤاله ، فيه تفصيل :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى
أقسام :
القسم الأول : أن يسأله سؤالا مجردا ؛ فهذا حرام لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( من أتي عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) ؛
فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه ؛ إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم .
القسم الثاني : أن يسأله فيصدقه ، ويعتبر قوله ؛ فهذا كفر لأن
تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن ، حيث قال تعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات
والأرض الغيب إلا الله ) النمل/65 .
القسم الثالث : أن يسأله ليختبره : هل هو صادق أو كاذب ، لا لأجل
أن يأخذ بقوله ؛ فهذا لا بأس به ، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد ؛
فقال : ( ماذا خبأت لك ؟ قال : الدخ . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( اخسأ ؛
فلن تعدو قدرك ) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره له ؛ لأجل أن
يختبره ؛ فأخبره به .
القسم الرابع : أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه ، فيمتحنه في أمور ،
وهذا قد يكون واجبا أو مطلوبا " انتهى من "القول المفيد" (2/49) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : أحيانا نفقد بعض المال أو
الذهب من المنزل ونعتقد أنه سُرق ، ونذهب لأحد الأشخاص ويعرف بالمخبر ، ونشرح له
ذلك ، ويوعدنا خيرا ، وأحيانا نسترجع المفقود ، وأحيانا لا ، فما حكم ذهابنا لهؤلاء
الأشخاص ؟
فأجابت : " لا يجوز ذهابكم إليه لأنه كاهن ، وقد صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم النهي عن إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم "انتهى
.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/410) .
وسئلوا أيضاً (1/411) : قلتم في سؤال سابق لي وجوابه إن الذهاب
إلى المخبر لا يجوز لأنه كاهن . أود أن أشير هنا أن الأشخاص الذين نذهب لهم معروفون
بتمسكهم بتعاليم الدين الحنيف ، ولا يقرأون غير القرآن والأحاديث الشريفة في مثل
تلك المسائل التي ذكرتها في سؤالي ، فما حكم ذهابنا إليهم ؟
فأجابوا : " مجرد قراءة القرآن والأحاديث لا يُعرف به مكان
المفقود ، ولا يسترجع به ، ومن ذهب إلى من يدعي معرفة مكان المفقود بمجرد قراءة
القرآن والأحاديث فهو ملتجئ إلى كاهن دجال ، ولو ادعى أنه صالح متمسك بالدين ، وقد
يتظاهر بقراءة القرآن والحديث الشريف للتضليل والتلبيس ، وهم في الباطن من الكهنة
والعرافين " انتهى .
ثالثا :
على من أتى هذا العراف وسأله ، أن يتوب إلى الله تعالى ، بالندم
على فعله ، والعزم على ألا يعود إليه ، وأن لا يتهم أحدا بالسرقة اعتمادا على قول
العراف ومساعديه من الجن ، فإن الجن يكذبون ، وقد يتهمون البريء للإيقاع والإفساد
بين المسلمين . والتوبة هنا تلزم من أتى العراف وسأله ، كما تلزم من دله وأرشده ،
فإن الجميع واقعون في المعصية . وراجع السؤال رقم
32863 في التوبة من سؤال
العرافين أو تصديقهم .
وينبغي للمسلم أن يفزع إلى الله تعالى ، ويلجأ إليه عند حلول
الحوادث والمصائب ، فإن الأمر كله بيده سبحانه ، كما قال : ( أَمْ مَنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62
.
ولا يليق بمسلم أبداً أن يعرض دينه للضياع من أجل أن يجد شيئا
فُقِدَ منه ، فإن أغلى ما يجب على المسلم الحفاظ عليه هو دينه ، وليبذل في سبيل
الحفاظ على دينه ما أمكنه بذله من نفس ومال .... وكل شيء ، ولا يجوز أبداً بحال من
الأحوال أن يكون الأمر بالعكس .
والله أعلم .
سوف يكلفني الكثير أرسلت أحد أقاربي إلى رجل دين وسأله عن كيفية الحصول
على هذا الدفتر ، المهم : أمر بإحضار طفل عمره 11-12 سنة وأعطاه بيضة كتب
عليها كتابة بالأزرق وغطى الطفل بشماغ وأخذ يقرأ ما تيسر من القرآن ثم سأل
الطفل هل يرى الشخص الذي أخذ الدفتر فذكر الطفل شكل واسم شخص نعرفه تماماً
ولا يعرفه هذا الطفل فما الحكم في هذا ؟.
الحمد لله
أولا :
دلت الأدلة الصحيحة على تحريم إتيان العرافين والكهنة ، وسؤالهم
وتصديقهم ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا
فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )
رواه مسلم (2230) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ
امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ
بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
رواه أحمد (9779) وأبو داود (3904) والترمذي (135) وابن ماجه (936) وصححه
الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال البغوي رحمه الله : " العراف : الذي يدعي معرفة الأمور
بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك " نقله في "الزواجر عن
اقتراف الكبائر" (2/178) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والعراف : قيل هو الكاهن ،
وهو الذي يخبر عن المستقبل .
وقيل : هو اسم عام للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يستدل على
معرفة الغيب بمقدمات يستعملها ، وهذا المعنى أعم ، ويدل عليه الاشتقاق ؛ إذ هو مشتق
من المعرفة ، فيشمل كل من تعاطى هذه الأمور وادعى بها المعرفة ". انتهى من
"القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/48) .
فالتوصل إلى معرفة السارق بالطريقة التي ذكرت ، نوع من العرافة
والكهانة المحرمة ، التي تعتمد على استخدام الجن والوثوق بهم ، ولا ينبغي الانخداع
بقراءة العراف لشيء من القرآن ، فهذا من الحيلة والتمويه التي يلجأ إليها هؤلاء
المبطلون .
وانظر السؤال رقم (21124)
: في بيان علامات السحرة والعرافين والكهان .
ثانيا :
ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من يدعي معرفة المسروقات أو أن الجن
تخبره بذلك ، قال ابن نجيم رحمه الله في بيان المكفّرات : " وبإتيان الكاهن وتصديقه
، وبقوله : أنا أعلم المسروقات ، وبقوله : أنا أخبر عن إخبار الجن إياي "
انتهى من البحر الرائق (5/130) . وإنما يكفر بقوله : أنا أخبر عن
إخبار الجن إياي ؛ لأن الجن كالإنس لا يعلمون الغيب ، كما قال تعالى عنهم : (
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا
لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ) سبأ/14 ، قاله
في حاشية البحر الرائق .
وأما إتيان العراف وسؤاله ، فيه تفصيل :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " سؤال العراف ونحوه ينقسم إلى
أقسام :
القسم الأول : أن يسأله سؤالا مجردا ؛ فهذا حرام لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( من أتي عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) ؛
فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه ؛ إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم .
القسم الثاني : أن يسأله فيصدقه ، ويعتبر قوله ؛ فهذا كفر لأن
تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن ، حيث قال تعالى : ( قل لا يعلم من في السماوات
والأرض الغيب إلا الله ) النمل/65 .
القسم الثالث : أن يسأله ليختبره : هل هو صادق أو كاذب ، لا لأجل
أن يأخذ بقوله ؛ فهذا لا بأس به ، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد ؛
فقال : ( ماذا خبأت لك ؟ قال : الدخ . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( اخسأ ؛
فلن تعدو قدرك ) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره له ؛ لأجل أن
يختبره ؛ فأخبره به .
القسم الرابع : أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه ، فيمتحنه في أمور ،
وهذا قد يكون واجبا أو مطلوبا " انتهى من "القول المفيد" (2/49) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : أحيانا نفقد بعض المال أو
الذهب من المنزل ونعتقد أنه سُرق ، ونذهب لأحد الأشخاص ويعرف بالمخبر ، ونشرح له
ذلك ، ويوعدنا خيرا ، وأحيانا نسترجع المفقود ، وأحيانا لا ، فما حكم ذهابنا لهؤلاء
الأشخاص ؟
فأجابت : " لا يجوز ذهابكم إليه لأنه كاهن ، وقد صح عن النبي صلى
الله عليه وسلم النهي عن إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم "انتهى
.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/410) .
وسئلوا أيضاً (1/411) : قلتم في سؤال سابق لي وجوابه إن الذهاب
إلى المخبر لا يجوز لأنه كاهن . أود أن أشير هنا أن الأشخاص الذين نذهب لهم معروفون
بتمسكهم بتعاليم الدين الحنيف ، ولا يقرأون غير القرآن والأحاديث الشريفة في مثل
تلك المسائل التي ذكرتها في سؤالي ، فما حكم ذهابنا إليهم ؟
فأجابوا : " مجرد قراءة القرآن والأحاديث لا يُعرف به مكان
المفقود ، ولا يسترجع به ، ومن ذهب إلى من يدعي معرفة مكان المفقود بمجرد قراءة
القرآن والأحاديث فهو ملتجئ إلى كاهن دجال ، ولو ادعى أنه صالح متمسك بالدين ، وقد
يتظاهر بقراءة القرآن والحديث الشريف للتضليل والتلبيس ، وهم في الباطن من الكهنة
والعرافين " انتهى .
ثالثا :
على من أتى هذا العراف وسأله ، أن يتوب إلى الله تعالى ، بالندم
على فعله ، والعزم على ألا يعود إليه ، وأن لا يتهم أحدا بالسرقة اعتمادا على قول
العراف ومساعديه من الجن ، فإن الجن يكذبون ، وقد يتهمون البريء للإيقاع والإفساد
بين المسلمين . والتوبة هنا تلزم من أتى العراف وسأله ، كما تلزم من دله وأرشده ،
فإن الجميع واقعون في المعصية . وراجع السؤال رقم
32863 في التوبة من سؤال
العرافين أو تصديقهم .
وينبغي للمسلم أن يفزع إلى الله تعالى ، ويلجأ إليه عند حلول
الحوادث والمصائب ، فإن الأمر كله بيده سبحانه ، كما قال : ( أَمْ مَنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62
.
ولا يليق بمسلم أبداً أن يعرض دينه للضياع من أجل أن يجد شيئا
فُقِدَ منه ، فإن أغلى ما يجب على المسلم الحفاظ عليه هو دينه ، وليبذل في سبيل
الحفاظ على دينه ما أمكنه بذله من نفس ومال .... وكل شيء ، ولا يجوز أبداً بحال من
الأحوال أن يكون الأمر بالعكس .
والله أعلم .