السؤال :
ما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيميه في آية المباهلة
الجواب :
الحمد لله
أولا
:
المباهلة هي الملاعنة ، والمقصود منها أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا
: لعنة الله على الظالم منا.
ينظر : "النهاية في غريب الأثر" (1/439) .
وآية المباهلة هي قوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ
آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ
رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ). [آل عمران/59-61]
وكان سبب نزول هذه الآية أن وفد نصارى نجران حين قدموا المدينة جعلوا يُجادلون في
نبي الله عيسى عليه السلام ، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية .
وقد
تصلبوا على باطلهم ، بعدما أقام عليهم النبي صلى الله عليه وسلم البراهين بأنه عبد
الله ورسوله .
فأمره الله تعالى أن يباهلهم .
فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، بأن يحضر هو وأهله وأبناؤه ،
وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم ، ثم يدعون الله تعالى أن ينزل عقوبته ولعنته على
الكاذبين .
فأحضر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله
عنهم ، وقال : هؤلاء أهلي .
فتشاور وفد نجران فيما بينهم : هل يجيبونه إلى ذلك ؟
فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه ؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا ، هم وأولادهم
وأهلوهم ، فصالحوه وبذلوا له الجزية ، وطلبوا منه الموادعة والمهادنة ، فأجابهم صلى
الله عليه وسلم لذلك .
ينظر: "تفسير ابن كثير" (2 /49) ، "تفسير السعدي" (1 /968) .
ثانياً
:
ليس
لشيخ الإسلام ابن تيمية رأي خاص في آية المباهلة ، بل كلامه فيها ككلام سائر أهل
السنة ، إلا أنه قد بين بعض المفاهيم المغلوطة التي يحاول البعض أخذها من هذه القصة
.
ونستطيع أن نلخص كلام شيخ الإسلام في المباهلة في نقاط :
1-إتيان
النبي صلى الله عليه وسلم بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم عند المباهلة
ثابت بالأحاديث الصحيحة .
قال شيخ الإسلام: " أما أخذه علياً وفاطمة والحسن والحسين في المباهلة فحديث صحيح
رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص ، قال في حديث طويل : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ
الْآيَةُ ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ...) دَعَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا
وَحُسَيْنًا فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7 / 123) .
2-
ليس في ذلك دلالة على أنهم أفضل هذه الأمة .
قال
: " لا دلالة في ذلك على الإمامة ولا على الأفضلية ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7/123)
وقال : " ولا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة ، كما لم يوجب أن تكون
فاطمة وحسن وحسين أفضل من جميع الصحابة ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7 /125) .
3-
المباهلة إنما يختار لها الإنسان أقرب الناس منه نسباً ، لا أفضلهم عنده .
قال
شيخ الإسلام : " وسبب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء فقط : أن المباهلة إنما
تحصل بالأقربين إليه ، وإلا فلو باهلهم بالأبعدين في النسب وان كانوا أفضل عند الله
لم يحصل المقصود .. ".
وقال : " وهؤلاء أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه و سلم نسباً ، وإن كان غيرهم
أفضل منهم عنده ، فلم يؤمر أن يدعو أفضل أتباعه ؛ لأن المقصود أن يدعو كل واحد منهم
أخص الناس به ، لما في جِبِلّة الإنسان من الخوف عليه وعلى ذوي رحمه الأقربين إليه
...
والمباهلة مبناها على العدل ، فأولئك أيضا يحتاجون أن يدعوا أقرب الناس إليهم نسبا
، وهم يخافون عليهم ما لا يخافون على الأجانب ، ولهذا امتنعوا عن المباهلة لعلمهم
بأنه على الحق وأنهم إذا باهلوه حقت عليهم بُهْلة الله ، وعلى الأقربين إليهم ".
انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (5/45)
4- سبب تخصيص علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين بالمباهلة أنهم أخص أهل بيته
به في ذلك الوقت
.
قال
شيخ الإسلام: " وأما آية المباهلة فليست من الخصائص ، بل دعا علياً وفاطمة
وابنيهما ، ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة ، بل لأنهم أخص أهل بيته". انتهى .
"مجموع الفتاوى" (4/419)
وقال : " وآية المباهلة نزلت سنة عشر لما قدم وفد نجران ، ولم يكن النبي صلى الله
عليه وسلم قد بقي من أعمامه إلا العباس ، والعباس لم يكن من السابقين الأولين ، ولا
كان له به اختصاص كعلي .
وأما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل علي ، وكان جعفر قد قتل قبل ذلك ... بمؤتة سنة ثمان
، فتعين علي رضي الله عنه ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7/125) .
وقال : " لم يكن عنده إذ ذاك إلا فاطمة ، فإن رقية وأم كلثوم وزينب كنَّ قد توفين
قبل ذلك ...
وإنما دعا حسناً وحسيناً ؛ لأنه لم يكن ممن ينسب إليه بالبنوة سواهما ، فإن
إبراهيم ، إن كان موجودا إذ ذاك ، فهو طفل لا يُدعى ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7/ 129) .
5-
ليس في آية المباهلة دليل على أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخلافة
والإمامة ، بزعم أن الله جعله مقام نفس الرسول بقوله : ( فَقُلْ تَعَالَوْا
نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا
وَأَنْفُسَكُمْ ...) ، والاتحاد في النفس محال ، فلم يبق إلا المساواة له في
الولاية العامة .
قال
شيخ الإسلام : " لا نسلم أنه لم يبق إلا المساواة ، ولا دليل على ذلك ، بل حمله على
ذلك ممتنع ، لأن أحداً لا يساوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا علياً ولا غيره
.
وهذا اللفظ في لغة العرب لا يقتضي المساواة ، قال تعالى في قصة الإفك ( لَوْلَا
إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا
..) ولم يوجب ذلك أن يكون المؤمنون والمؤمنات متساوين .
وقد
قال الله تعالى في قصة بني إسرائيل ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) أي يقتل بعضكم بعضا ،
ولم يوجب ذلك أن يكونوا متساوين ، ولا أن يكون من عبد العجلَ مساوياً لمن لم يعبده
.
وكذلك قد قيل في قوله ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي لا يقتل بعضكم بعضاً ،
وان كانوا غير متساوين .
وقال تعالى ( وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي لا يلمز بعضكم بعضاً ، فيطعن
عليه ويعيبه ، وهذا نهي لجميع المؤمنين أن لا يفعل بعضهم ببعض هذا الطعن والعيب ،
مع أنهم غير متساوين ، لا في الأحكام ، ولا في الفضيلة ، ولا الظالم كالمظلوم ، ولا
الإمام كالمأموم ...
فهذا
اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة ، والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك في بعض
الأمور ، كالاشتراك في الإيمان ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7 / 123) .
والله أعلم .
ما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيميه في آية المباهلة
الجواب :
الحمد لله
أولا
:
المباهلة هي الملاعنة ، والمقصود منها أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء ، فيقولوا
: لعنة الله على الظالم منا.
ينظر : "النهاية في غريب الأثر" (1/439) .
وآية المباهلة هي قوله تعالى : ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ
آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ
رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ
وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ). [آل عمران/59-61]
وكان سبب نزول هذه الآية أن وفد نصارى نجران حين قدموا المدينة جعلوا يُجادلون في
نبي الله عيسى عليه السلام ، ويزعمون فيه ما يزعمون من البنوة والإلهية .
وقد
تصلبوا على باطلهم ، بعدما أقام عليهم النبي صلى الله عليه وسلم البراهين بأنه عبد
الله ورسوله .
فأمره الله تعالى أن يباهلهم .
فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المباهلة ، بأن يحضر هو وأهله وأبناؤه ،
وهم يحضرون بأهلهم وأبنائهم ، ثم يدعون الله تعالى أن ينزل عقوبته ولعنته على
الكاذبين .
فأحضر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضي الله
عنهم ، وقال : هؤلاء أهلي .
فتشاور وفد نجران فيما بينهم : هل يجيبونه إلى ذلك ؟
فاتفق رأيهم أن لا يجيبوه ؛ لأنهم عرفوا أنهم إن باهلوه هلكوا ، هم وأولادهم
وأهلوهم ، فصالحوه وبذلوا له الجزية ، وطلبوا منه الموادعة والمهادنة ، فأجابهم صلى
الله عليه وسلم لذلك .
ينظر: "تفسير ابن كثير" (2 /49) ، "تفسير السعدي" (1 /968) .
ثانياً
:
ليس
لشيخ الإسلام ابن تيمية رأي خاص في آية المباهلة ، بل كلامه فيها ككلام سائر أهل
السنة ، إلا أنه قد بين بعض المفاهيم المغلوطة التي يحاول البعض أخذها من هذه القصة
.
ونستطيع أن نلخص كلام شيخ الإسلام في المباهلة في نقاط :
1-إتيان
النبي صلى الله عليه وسلم بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم عند المباهلة
ثابت بالأحاديث الصحيحة .
قال شيخ الإسلام: " أما أخذه علياً وفاطمة والحسن والحسين في المباهلة فحديث صحيح
رواه مسلم عن سعد بن أبي وقاص ، قال في حديث طويل : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ
الْآيَةُ ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ...) دَعَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا
وَحُسَيْنًا فَقَالَ : اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7 / 123) .
2-
ليس في ذلك دلالة على أنهم أفضل هذه الأمة .
قال
: " لا دلالة في ذلك على الإمامة ولا على الأفضلية ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7/123)
وقال : " ولا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة ، كما لم يوجب أن تكون
فاطمة وحسن وحسين أفضل من جميع الصحابة ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7 /125) .
3-
المباهلة إنما يختار لها الإنسان أقرب الناس منه نسباً ، لا أفضلهم عنده .
قال
شيخ الإسلام : " وسبب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء فقط : أن المباهلة إنما
تحصل بالأقربين إليه ، وإلا فلو باهلهم بالأبعدين في النسب وان كانوا أفضل عند الله
لم يحصل المقصود .. ".
وقال : " وهؤلاء أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه و سلم نسباً ، وإن كان غيرهم
أفضل منهم عنده ، فلم يؤمر أن يدعو أفضل أتباعه ؛ لأن المقصود أن يدعو كل واحد منهم
أخص الناس به ، لما في جِبِلّة الإنسان من الخوف عليه وعلى ذوي رحمه الأقربين إليه
...
والمباهلة مبناها على العدل ، فأولئك أيضا يحتاجون أن يدعوا أقرب الناس إليهم نسبا
، وهم يخافون عليهم ما لا يخافون على الأجانب ، ولهذا امتنعوا عن المباهلة لعلمهم
بأنه على الحق وأنهم إذا باهلوه حقت عليهم بُهْلة الله ، وعلى الأقربين إليهم ".
انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (5/45)
4- سبب تخصيص علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين بالمباهلة أنهم أخص أهل بيته
به في ذلك الوقت
.
قال
شيخ الإسلام: " وأما آية المباهلة فليست من الخصائص ، بل دعا علياً وفاطمة
وابنيهما ، ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة ، بل لأنهم أخص أهل بيته". انتهى .
"مجموع الفتاوى" (4/419)
وقال : " وآية المباهلة نزلت سنة عشر لما قدم وفد نجران ، ولم يكن النبي صلى الله
عليه وسلم قد بقي من أعمامه إلا العباس ، والعباس لم يكن من السابقين الأولين ، ولا
كان له به اختصاص كعلي .
وأما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل علي ، وكان جعفر قد قتل قبل ذلك ... بمؤتة سنة ثمان
، فتعين علي رضي الله عنه ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7/125) .
وقال : " لم يكن عنده إذ ذاك إلا فاطمة ، فإن رقية وأم كلثوم وزينب كنَّ قد توفين
قبل ذلك ...
وإنما دعا حسناً وحسيناً ؛ لأنه لم يكن ممن ينسب إليه بالبنوة سواهما ، فإن
إبراهيم ، إن كان موجودا إذ ذاك ، فهو طفل لا يُدعى ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7/ 129) .
5-
ليس في آية المباهلة دليل على أحقية علي بن أبي طالب رضي الله عنه للخلافة
والإمامة ، بزعم أن الله جعله مقام نفس الرسول بقوله : ( فَقُلْ تَعَالَوْا
نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا
وَأَنْفُسَكُمْ ...) ، والاتحاد في النفس محال ، فلم يبق إلا المساواة له في
الولاية العامة .
قال
شيخ الإسلام : " لا نسلم أنه لم يبق إلا المساواة ، ولا دليل على ذلك ، بل حمله على
ذلك ممتنع ، لأن أحداً لا يساوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا علياً ولا غيره
.
وهذا اللفظ في لغة العرب لا يقتضي المساواة ، قال تعالى في قصة الإفك ( لَوْلَا
إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا
..) ولم يوجب ذلك أن يكون المؤمنون والمؤمنات متساوين .
وقد
قال الله تعالى في قصة بني إسرائيل ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) أي يقتل بعضكم بعضا ،
ولم يوجب ذلك أن يكونوا متساوين ، ولا أن يكون من عبد العجلَ مساوياً لمن لم يعبده
.
وكذلك قد قيل في قوله ( وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي لا يقتل بعضكم بعضاً ،
وان كانوا غير متساوين .
وقال تعالى ( وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) أي لا يلمز بعضكم بعضاً ، فيطعن
عليه ويعيبه ، وهذا نهي لجميع المؤمنين أن لا يفعل بعضهم ببعض هذا الطعن والعيب ،
مع أنهم غير متساوين ، لا في الأحكام ، ولا في الفضيلة ، ولا الظالم كالمظلوم ، ولا
الإمام كالمأموم ...
فهذا
اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة ، والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك في بعض
الأمور ، كالاشتراك في الإيمان ". انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (7 / 123) .
والله أعلم .