من هو منصور الحلاج ؟ وما هو وضعه في التاريخ الإسلامي ؟.
الحمد لله
الحلاج هو الحسين بن منصور الحلاج ، ويكنى أبا
مغيث . وقيل : أبا عبد الله .
نشأ بواسط . وقيل بتستر ، وخالط جماعة من
الصوفية منهم سهل التستري والجنيد وأبو الحسن النوري وغيرهم .
رحل إلى بلاد كثيرة ، منها مكة وخراسان ، والهند
وتعلم السحر بها ، وأقام أخيراً ببغداد ، وبها قتل .
تعلم السحر بالهند ، وكان صاحب حيل وخداع ، فخدع
بذلك كثيراً من جهلة الناس ، واستمالهم إليه ، حتى ظنوا فيه أنه من أولياء الله
الكبار .
له قبول عند عامة المستشرقين ويظهرونه على أنه
قتل مظلوماً ، وذلك لما سيأتي من أن اعتقاده قريب من اعتقاد النصارى ، ويتكلم
بكلامهم .
قتل ببغداد عام 309 هـ بسبب ما ثبت عنه بإقراره
وبغير إقراره من الكفر والزندقة .
وأجمع علماء عصره على قتله بسبب ما نقل عنه من
الكفر والزندقة .
وها هي بعض أقواله :
1- ادعى النبوة ، ثم تَرَقَّى به الحال أن ادعى
أنه هو الله . فكان يقول : أنا الله . وأمر زوجة ابنه بالسجود له . فقالت : أو يسجد
لغير الله ؟ فقال : إله في السماء وإله في الأرض .
2- كان يقول بالحلول والاتحاد . أي : أن الله
تعالى قد حَلَّ فيه ، وصار هو والله شيئاً واحداً . تعالى الله عن ذلك علواً
كبيراً.
وهذا هو الذي جعل له القبول عن المستشرقين
النصارى لأنه وافقهم على الحلول ، إذ إنهم يعتقدون في عيسى عليه السلام أن الله
تعالى قد حَلَّ فيه . ولهذا تكلم الحلاج باللاهوت والناسوت كما يفعل النصارى . فمن
أشعاره :
سبحان مـن أظهر ناسوته سـر لاهوته
الثاقـــب
ثم بدا في خلقـه ظــاهراً في صورة الآكل
والشارب
ولما سمع ابن خفيف هذه الأبيات قال : على قائل
هذا لعنة الله . فقيل له : هذا شعر الحلاج . فقال : إن كان هذا اعتقاده فهو كافر
اهـ
3- سمع قارئاً يقرأ آية من القرآن ، فقال : أنا
أقدر أن أؤلف مثل هذا .
4- من أشعاره :
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائدا وأنا
اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه
وهذا الكلام مع تضمنه إقراره واعتقاده لجميع
الكفر الذي اعتقدته الطوائف الضالة من البشر ، فإنه مع ذلك كلام متناقض لا يقبله
عقل صريح ، إذ كيف يعتقد التوحيد والشرك في آنٍ واحد ؟!
5- له كلام يبطل به أركان الإسلام ، ومبانيه
العظام ، وهي الصلاة والزكاة والصيام والحج .
6- كان يقول : إن أرواح الأنبياء أعيدت إلى
أجساد أصحابه وتلامذته ، فكان يقول لأحدهم : أنت نوح ، ولآخر : أنت موسى ، ولآخر :
أنت محمد .
7- لما ذُهب به إلى القتل قال لأصحابه : لا
يهولنكم هذا ، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوماً . فقتل ولم يَعُدْ .
فلهذه الأقوال وغيرها أجمع علماء عصره على كفره
وزندقته ولذلك قتل ببغداد عام 309 هـ . وكذا ذمه أكثر الصوفية ونفوا أن يكون منهم ،
فممن ذمه الجنيد ، ولم يذكره أبو القاسم القشيري في رسالته التي ذكر فيها كثيراً من
مشايخ الصوفية .
وكان من سعى في قتله وعقد له مجلساً وحكم عليه
فيه بما يستحقه من القتل هو القاضي أبو عمر محمد بن يوسف المالكي رحمه الله . وقد
امتدحه ابن كثير على ذلك فقال : وكان من أكبر صواب أحكامه وأصوبها قَتْلَهُ الحسين
بن منصور الحلاج اهـ (البداية والنهاية
11/172).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مَنْ
اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلاجُ مِنْ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلاجُ
عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ
الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
مِنْ مَقَالاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ : أَنَا اللَّهُ .
وَقَوْلِهِ : إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ . . . وَالْحَلاجُ
كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ
فِي السِّحْرِ . وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ
بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ
إلَهًا وَهَذَا مِنْ الآلِهَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا
قُتِلَ الْحَلاجُ )اهـ مجموع الفتاوى ( 2/480
) .
وقال أيضاً : ( وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ
أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلاجَ بِخَيْرِ لا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلا
مِنْ الْمَشَايِخِ ; وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ ; لأَنَّهُ لَمْ
يَعْرِفْ أَمْرَهُ ) .اهـ مجموع الفتاوى (
2/483 ) .
للاستزادة يراجع :
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ( 8/112-141) .
المنتظم لابن الجوزي ( 13/201-206) . سير أعلام النبلاء للذهبي ( 14 / 313-354 ) .
البداية والنهاية لابن كثير ( 11/132-144) .
والله الهادي إلى سواء السبيل.
الحمد لله
الحلاج هو الحسين بن منصور الحلاج ، ويكنى أبا
مغيث . وقيل : أبا عبد الله .
نشأ بواسط . وقيل بتستر ، وخالط جماعة من
الصوفية منهم سهل التستري والجنيد وأبو الحسن النوري وغيرهم .
رحل إلى بلاد كثيرة ، منها مكة وخراسان ، والهند
وتعلم السحر بها ، وأقام أخيراً ببغداد ، وبها قتل .
تعلم السحر بالهند ، وكان صاحب حيل وخداع ، فخدع
بذلك كثيراً من جهلة الناس ، واستمالهم إليه ، حتى ظنوا فيه أنه من أولياء الله
الكبار .
له قبول عند عامة المستشرقين ويظهرونه على أنه
قتل مظلوماً ، وذلك لما سيأتي من أن اعتقاده قريب من اعتقاد النصارى ، ويتكلم
بكلامهم .
قتل ببغداد عام 309 هـ بسبب ما ثبت عنه بإقراره
وبغير إقراره من الكفر والزندقة .
وأجمع علماء عصره على قتله بسبب ما نقل عنه من
الكفر والزندقة .
وها هي بعض أقواله :
1- ادعى النبوة ، ثم تَرَقَّى به الحال أن ادعى
أنه هو الله . فكان يقول : أنا الله . وأمر زوجة ابنه بالسجود له . فقالت : أو يسجد
لغير الله ؟ فقال : إله في السماء وإله في الأرض .
2- كان يقول بالحلول والاتحاد . أي : أن الله
تعالى قد حَلَّ فيه ، وصار هو والله شيئاً واحداً . تعالى الله عن ذلك علواً
كبيراً.
وهذا هو الذي جعل له القبول عن المستشرقين
النصارى لأنه وافقهم على الحلول ، إذ إنهم يعتقدون في عيسى عليه السلام أن الله
تعالى قد حَلَّ فيه . ولهذا تكلم الحلاج باللاهوت والناسوت كما يفعل النصارى . فمن
أشعاره :
سبحان مـن أظهر ناسوته سـر لاهوته
الثاقـــب
ثم بدا في خلقـه ظــاهراً في صورة الآكل
والشارب
ولما سمع ابن خفيف هذه الأبيات قال : على قائل
هذا لعنة الله . فقيل له : هذا شعر الحلاج . فقال : إن كان هذا اعتقاده فهو كافر
اهـ
3- سمع قارئاً يقرأ آية من القرآن ، فقال : أنا
أقدر أن أؤلف مثل هذا .
4- من أشعاره :
عَقَدَ الخلائقُ في الإله عقائدا وأنا
اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه
وهذا الكلام مع تضمنه إقراره واعتقاده لجميع
الكفر الذي اعتقدته الطوائف الضالة من البشر ، فإنه مع ذلك كلام متناقض لا يقبله
عقل صريح ، إذ كيف يعتقد التوحيد والشرك في آنٍ واحد ؟!
5- له كلام يبطل به أركان الإسلام ، ومبانيه
العظام ، وهي الصلاة والزكاة والصيام والحج .
6- كان يقول : إن أرواح الأنبياء أعيدت إلى
أجساد أصحابه وتلامذته ، فكان يقول لأحدهم : أنت نوح ، ولآخر : أنت موسى ، ولآخر :
أنت محمد .
7- لما ذُهب به إلى القتل قال لأصحابه : لا
يهولنكم هذا ، فإني عائد إليكم بعد ثلاثين يوماً . فقتل ولم يَعُدْ .
فلهذه الأقوال وغيرها أجمع علماء عصره على كفره
وزندقته ولذلك قتل ببغداد عام 309 هـ . وكذا ذمه أكثر الصوفية ونفوا أن يكون منهم ،
فممن ذمه الجنيد ، ولم يذكره أبو القاسم القشيري في رسالته التي ذكر فيها كثيراً من
مشايخ الصوفية .
وكان من سعى في قتله وعقد له مجلساً وحكم عليه
فيه بما يستحقه من القتل هو القاضي أبو عمر محمد بن يوسف المالكي رحمه الله . وقد
امتدحه ابن كثير على ذلك فقال : وكان من أكبر صواب أحكامه وأصوبها قَتْلَهُ الحسين
بن منصور الحلاج اهـ (البداية والنهاية
11/172).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( مَنْ
اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلاجُ مِنْ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلاجُ
عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ
الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
مِنْ مَقَالاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ : أَنَا اللَّهُ .
وَقَوْلِهِ : إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ . . . وَالْحَلاجُ
كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنْ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ
فِي السِّحْرِ . وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ
بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ
إلَهًا وَهَذَا مِنْ الآلِهَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَعَلَى هَذَا
قُتِلَ الْحَلاجُ )اهـ مجموع الفتاوى ( 2/480
) .
وقال أيضاً : ( وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ
أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلاجَ بِخَيْرِ لا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلا
مِنْ الْمَشَايِخِ ; وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ ; لأَنَّهُ لَمْ
يَعْرِفْ أَمْرَهُ ) .اهـ مجموع الفتاوى (
2/483 ) .
للاستزادة يراجع :
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ( 8/112-141) .
المنتظم لابن الجوزي ( 13/201-206) . سير أعلام النبلاء للذهبي ( 14 / 313-354 ) .
البداية والنهاية لابن كثير ( 11/132-144) .
والله الهادي إلى سواء السبيل.