أخبرني شخص أن عمر أو أبو بكر رضي الله عنهما قد
جاء إلى علي رضي الله عنه وقت توليه القضاء ، وقال : إنه رأى فلانا قد
ارتكب الزنا ، فما كان من علي إلا أن قال : إن لم يكن لديك أربعة شهود
فالتزم الصمت ولا تنطق بشيء .
فهل هناك ما يثبت صحة هذه الرواية؟ وهل هذا حديث صحيح؟
الجواب :
الحمد لله :
أولاً :
من
الأحكام المتفق عليها بين علماء المسلمين أن الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال ؛
لقوله تعالى : (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ
فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) النساء/15 ، وقَوْله: (لَوْلاَ
جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ
فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) النور/13 .
قال
ابن المنذر : "وأجمعوا على أن الشهادة على الزنا أربعة لا يُقبل أقل منهم" انتهى .
"الإجماع " ص 42 .
فإن
نقص عدد الشهود عن أربعة ، وجب عليهم السكوت ، ولم يجز لهم اتهامه بالزنا ، فإن
تكلموا بذلك رُدت شهادتهم ، وأُقيم عليهم حد القذف ، لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) النور/4 .
ولما رواه النسائي (3469) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ هِلَالَ
بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ بْنَ السَّحْمَاءِ بِامْرَأَتِهِ ، فَأَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ .
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ
، وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ) . وصححه الألباني.
قال
ابن قدامة : "وإذا لم تَكمل شهود الزنا ، فعليهم الحدُّ في قول أكثر أهل العلم"
انتهى .
"المغني " (10 /175) .
وذلك حتى لا تُتَّخذ صورةُ الشهادة ذريعةً إلى الوقيعة في أعراض الناس .
ثانياً :
أما
القصة التي أشرت إليها ، فقد ذكرها أبو حامد الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين"
(2/200) ، فقال :
"روى أن عمر رضي الله عنه كان يَعُسُّ [يطوف ليلاً] بالمدينة ذات ليلة ، فرأى رجلاً
وامرأةً على فاحشة .
فلما أصبح قال للناس : أرأيتم لو أن إماماً رأى رجلاً وامرأةً على فاحشة ، فأقام
عليهما الحد ، ما كنتم فاعلين .
قالوا : إنما أنت إمام .
فقال علي رضي الله عنه : ليس ذلك لك ، إذاً يقام عليك الحد ، إن الله لم يأمن على
هذا الأمر أقل من أربعة شهود .
ثم
تركهم ما شاء الله أن يتركهم .
ثم
سألهم ، فقال القوم مقالتهم الأولى ، فقال علي رضي الله عنه مثل مقالته الأولى"
انتهى .
ثم
قال أبو حامد الغزالي : "وهذا يشير إلى أن عمر رضي الله عنه كان متردداً في أن
الوالي هل له أن يقضي بعلمه في حدود الله ، فلذلك راجعهم ... خيفة من أن لا يكون له
ذلك فيكون قاذفاً بإخباره ، ومالَ رأى علي إلى أنه ليس له ذلك" انتهى .
وهذه القصة التي ذكرها الغزالي لم نقف عليها ـ بعد البحث ـ مروية بسندها ، حتى
نستطيع الحكم بصحتها ، ومن المعروف أنَّ الغزالي ممن يتساهل في إيراد الأحاديث
والروايات الضعيفة والموضوعة ، خاصة في كتابه : " إحياء علوم الدين".
وقد
سبق الكلام عن هذا الكتاب وما فيه من أغاليط في جواب السؤال (27328)
.
وقد
ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما يخالف هذا الأثر الذي ذكره الغزالي ، وذكره
السائل بمعناه .
فعن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : لَوْ
رَأَيْتَ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ : زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ ، وَأَنْتَ أَمِيرٌ ، فَقَالَ
: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ : صَدَقْتَ .
رواه البخاري معلقاً ، ووصله عبد الرزاق في المصنف (8 / 340) ، وأشار ابن القيم
إلى ثبوته في " الطرق الحكمية" صـ 168 .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" : "وقد جاء عن أبي بكر الصديق نحو هذا" انتهى
.
فهذا يدل على أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يريان أن الحاكم لا يحكم بما
علمه ولم يشهد عليه شهود ، وإنما يحكم بشهادة الشهود .
ولا
نستبعد أن يكون أعداء الصحابة الذين يسمون بـ "الشيعة" أو "الرافضة" هم الذين يرجون
لمثل هذه الروايات ، حتى يثبتوا بها أن علياً أعلم من عمر رضي الله عنهما .
وعِلْمُ عليٍّ رضي الله عنه وفضله وحسن قضائه معلوم ظاهر ، وأظهر منه : أن أبا بكر
وعمر رضي الله عنهما كانا أفضل منه وأعلم ، وهذا لا ينكره إلا من طمس الله بصيرته ،
وأعماه عن نور الوحي .
قال
ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" :
"وَتَرْتِيبُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فِي
الْفَضْلِ ، كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ . وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ الْمَزِيَّةِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَلَمْ
يَأْمُرْنَا بالاقْتِدَاءِ فِي الْأَفْعَالِ إِلَّا بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ،
فَقَالَ : (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي : أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ) ،
وَفَرْقٌ بَيْنَ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِمُ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ ، فَحَالُ أَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ فَوْقَ حَالِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
أَجْمَعِينَ ...
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيمُ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ ، وَلَكِنْ
ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ . وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ
أَهْلِ السُّنَّةِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ
بِعُثْمَانَ .
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ : مَنْ لَمْ يُقَدِّمْ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ
فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : (كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ : أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ - أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ
عُثْمَانُ)" انتهى .
وعلق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله هنا بأن هذا الحديث الأخير رواه البخاري بلفظين
آخرين ، ولم يروه مسلم . وأن هذا اللفظ الذي ذكره ابن أبي العز رحمه الله هو لفظ
أبي داود في سننه.
فرضي الله عن الصحابة أجمعين ، وجعلنا ممن اتبعوهم بإحسان ، (رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
والله أعلم
جاء إلى علي رضي الله عنه وقت توليه القضاء ، وقال : إنه رأى فلانا قد
ارتكب الزنا ، فما كان من علي إلا أن قال : إن لم يكن لديك أربعة شهود
فالتزم الصمت ولا تنطق بشيء .
فهل هناك ما يثبت صحة هذه الرواية؟ وهل هذا حديث صحيح؟
الجواب :
الحمد لله :
أولاً :
من
الأحكام المتفق عليها بين علماء المسلمين أن الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال ؛
لقوله تعالى : (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ
فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) النساء/15 ، وقَوْله: (لَوْلاَ
جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ
فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) النور/13 .
قال
ابن المنذر : "وأجمعوا على أن الشهادة على الزنا أربعة لا يُقبل أقل منهم" انتهى .
"الإجماع " ص 42 .
فإن
نقص عدد الشهود عن أربعة ، وجب عليهم السكوت ، ولم يجز لهم اتهامه بالزنا ، فإن
تكلموا بذلك رُدت شهادتهم ، وأُقيم عليهم حد القذف ، لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ
فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً) النور/4 .
ولما رواه النسائي (3469) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ هِلَالَ
بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ بْنَ السَّحْمَاءِ بِامْرَأَتِهِ ، فَأَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ .
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ
، وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ) . وصححه الألباني.
قال
ابن قدامة : "وإذا لم تَكمل شهود الزنا ، فعليهم الحدُّ في قول أكثر أهل العلم"
انتهى .
"المغني " (10 /175) .
وذلك حتى لا تُتَّخذ صورةُ الشهادة ذريعةً إلى الوقيعة في أعراض الناس .
ثانياً :
أما
القصة التي أشرت إليها ، فقد ذكرها أبو حامد الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين"
(2/200) ، فقال :
"روى أن عمر رضي الله عنه كان يَعُسُّ [يطوف ليلاً] بالمدينة ذات ليلة ، فرأى رجلاً
وامرأةً على فاحشة .
فلما أصبح قال للناس : أرأيتم لو أن إماماً رأى رجلاً وامرأةً على فاحشة ، فأقام
عليهما الحد ، ما كنتم فاعلين .
قالوا : إنما أنت إمام .
فقال علي رضي الله عنه : ليس ذلك لك ، إذاً يقام عليك الحد ، إن الله لم يأمن على
هذا الأمر أقل من أربعة شهود .
ثم
تركهم ما شاء الله أن يتركهم .
ثم
سألهم ، فقال القوم مقالتهم الأولى ، فقال علي رضي الله عنه مثل مقالته الأولى"
انتهى .
ثم
قال أبو حامد الغزالي : "وهذا يشير إلى أن عمر رضي الله عنه كان متردداً في أن
الوالي هل له أن يقضي بعلمه في حدود الله ، فلذلك راجعهم ... خيفة من أن لا يكون له
ذلك فيكون قاذفاً بإخباره ، ومالَ رأى علي إلى أنه ليس له ذلك" انتهى .
وهذه القصة التي ذكرها الغزالي لم نقف عليها ـ بعد البحث ـ مروية بسندها ، حتى
نستطيع الحكم بصحتها ، ومن المعروف أنَّ الغزالي ممن يتساهل في إيراد الأحاديث
والروايات الضعيفة والموضوعة ، خاصة في كتابه : " إحياء علوم الدين".
وقد
سبق الكلام عن هذا الكتاب وما فيه من أغاليط في جواب السؤال (27328)
.
وقد
ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ما يخالف هذا الأثر الذي ذكره الغزالي ، وذكره
السائل بمعناه .
فعن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : لَوْ
رَأَيْتَ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ : زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ ، وَأَنْتَ أَمِيرٌ ، فَقَالَ
: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ . قَالَ : صَدَقْتَ .
رواه البخاري معلقاً ، ووصله عبد الرزاق في المصنف (8 / 340) ، وأشار ابن القيم
إلى ثبوته في " الطرق الحكمية" صـ 168 .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" : "وقد جاء عن أبي بكر الصديق نحو هذا" انتهى
.
فهذا يدل على أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يريان أن الحاكم لا يحكم بما
علمه ولم يشهد عليه شهود ، وإنما يحكم بشهادة الشهود .
ولا
نستبعد أن يكون أعداء الصحابة الذين يسمون بـ "الشيعة" أو "الرافضة" هم الذين يرجون
لمثل هذه الروايات ، حتى يثبتوا بها أن علياً أعلم من عمر رضي الله عنهما .
وعِلْمُ عليٍّ رضي الله عنه وفضله وحسن قضائه معلوم ظاهر ، وأظهر منه : أن أبا بكر
وعمر رضي الله عنهما كانا أفضل منه وأعلم ، وهذا لا ينكره إلا من طمس الله بصيرته ،
وأعماه عن نور الوحي .
قال
ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" :
"وَتَرْتِيبُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فِي
الْفَضْلِ ، كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ . وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا مِنَ الْمَزِيَّةِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَلَمْ
يَأْمُرْنَا بالاقْتِدَاءِ فِي الْأَفْعَالِ إِلَّا بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ،
فَقَالَ : (اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي : أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ) ،
وَفَرْقٌ بَيْنَ اتِّبَاعِ سُنَّتِهِمُ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ ، فَحَالُ أَبِي
بَكْرٍ وَعُمَرَ فَوْقَ حَالِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
أَجْمَعِينَ ...
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَقْدِيمُ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ ، وَلَكِنْ
ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ . وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ
أَهْلِ السُّنَّةِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ : إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ
بِعُثْمَانَ .
وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ : مَنْ لَمْ يُقَدِّمْ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ
فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : (كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ : أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ - أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ
عُثْمَانُ)" انتهى .
وعلق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله هنا بأن هذا الحديث الأخير رواه البخاري بلفظين
آخرين ، ولم يروه مسلم . وأن هذا اللفظ الذي ذكره ابن أبي العز رحمه الله هو لفظ
أبي داود في سننه.
فرضي الله عن الصحابة أجمعين ، وجعلنا ممن اتبعوهم بإحسان ، (رَبَّنَا اغْفِرْ
لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) .
والله أعلم