قرأت في كتاب " الصلاة " أن النبي محمدًا صلى الله
عليه وسلم قد قال مرة لمعاذ رضى الله عنه : " إني أحبك " فقال معاذ رضى
الله عنه : " وأنا أحبك " فأخذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بيد معاذ
وقال له : " أوصيك يا معاذ ! لا تدعن في دبر كل صلاة تقول : اللهم أعني
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ". وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحب
جميع أصحابه ، فلماذا لم يقل " إني أحبك " إلا لمعاذ رضى الله عنه . ربما
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذلك لصحابة آخرين أيضا ، لكن لماذا لم
يقل ذلك لجميع صحابته ؟
الحمد لله
معاذ بن جبل رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المقربين ، ومن الذين
شهد لهم بالعلم والفقه والدين ، أمر صلى الله عليه وسلم الناس بأخذ القرآن عنه ،
وبعثه إلى اليمن معلما وداعيا وأميرا ، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب
عمر في الناس فقال لهم : من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل .
توفي رضي الله عنه سنة ثمان عشرة أو سبع عشرة للهجرة .
انظر : "سير أعلام النبلاء" (1/443) .
وقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلم حبا عظيما ، وصرح له بذلك ، بل وأكده بيمين
حلفها بالله عز وجل ، وكرر العبارة والكلمة ليقع في قلب السامع عظيم قدر هذه المحبة
والمودة .
فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ : ( يَا مُعَاذُ ! وَاللَّهِ إِنِّي
لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ :
لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى
ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) رواه أبو داود (1522) قال
النووي في "الأذكار" (ص/103): إسناده صحيح . وقال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام"
(ص/96): إسناده قوي. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وفي إحدى روايات الحديث – كما عند البخاري في "الأدب المفرد" (1/239) وصححها
الألباني في "صحيح الأدب المفرد" – أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال للنبي صلى الله
عليه وسلم : ( وأنا والله أحبك ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وكان معاذ رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة علية ؛ فإنه قال له :
( يا معاذ والله إني لأحبك ، وكان يردفه وراءه ) . وروي فيه أنه أعلم الأمة بالحلال
والحرام ، وأنه يحشر أمام العلماء برتوة - أي بخطوة - .
ومن فضله أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عنه ، داعيا ، ومفقها ، ومفتيا ،
وحاكما إلى أهل اليمن . وكان يشبهه بإبراهيم الخليل عليه السلام ، وإبراهيم إمام
الناس ، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم
يك من المشركين " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (10/654)
فهذا الحديث – ولا شك – فضيلة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه ، غير أنه لم يختص بهذه
الفضيلة دون باقي الصحابة ، فقد ورد تصريح النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة
رضوان الله عليهم بمحبته لهم على وجه الخصوص أو العموم ، ونحن نذكر ههنا بعض ما ورد
في ذلك :
1- تصريحه صلى الله عليه وسلم بمحبة الأنصار جميعا :
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ مِنْ عُرُسٍ ، فَقَامَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْثِلًا – يعني قائما منتصبا -
فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ . قَالَهَا ثَلَاثَ
مِرَارٍ ) رواه البخاري (3785) ومسلم (2508) وبوب عليه البخاري بقوله : باب
قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار أنتم أحب الناس إلي .
2- تصريحه بحب أبي بكر وعمر وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم :
فقد سأل عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضى الله عنه النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم : أَىُّ
النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : عَائِشَةُ . فَقُلْتُ : مِنَ الرِّجَالِ ؟
فَقَالَ : أَبُوهَا . قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
. فَعَدَّ رِجَالاً . رواه البخاري (3662) ومسلم (2384)
3- التصريح بحب الحسن والحسين :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لِحَسَنٍ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ ، فَأَحِبَّهُ
وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ ) رواه البخاري (3749)، ومسلم (2421) .
وروى الترمذي (3769) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحسن والحسين رضي الله
عنهما: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ
يُحِبُّهُمَا ) وحسنه الألباني في سنن الترمذي .
4- التصريح بحب زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد :
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ عن زيد بن
حارثة وابنه أسامة : (إِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ [يعني : زيداً] ،
وَإِنَّ هَذَا [يعني : أسامة] لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ ).
رواه البخاري (4250) ومسلم (2426) .
وليست هذه جميع الأحاديث الواردة في هذا الباب ، بل هناك الكثير من الأحاديث التي
تتضمن معاني المودة والمحبة والتقدير من النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام ،
فقد كان يحبهم جميعا ، وإنما خص بعضهم بألفاظ المحبة لمزيد عناية بهم ، ولما لهم من
المكانة الخاصة .
والله أعلم .
عليه وسلم قد قال مرة لمعاذ رضى الله عنه : " إني أحبك " فقال معاذ رضى
الله عنه : " وأنا أحبك " فأخذ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بيد معاذ
وقال له : " أوصيك يا معاذ ! لا تدعن في دبر كل صلاة تقول : اللهم أعني
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ". وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحب
جميع أصحابه ، فلماذا لم يقل " إني أحبك " إلا لمعاذ رضى الله عنه . ربما
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذلك لصحابة آخرين أيضا ، لكن لماذا لم
يقل ذلك لجميع صحابته ؟
الحمد لله
معاذ بن جبل رضي الله عنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المقربين ، ومن الذين
شهد لهم بالعلم والفقه والدين ، أمر صلى الله عليه وسلم الناس بأخذ القرآن عنه ،
وبعثه إلى اليمن معلما وداعيا وأميرا ، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب
عمر في الناس فقال لهم : من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل .
توفي رضي الله عنه سنة ثمان عشرة أو سبع عشرة للهجرة .
انظر : "سير أعلام النبلاء" (1/443) .
وقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلم حبا عظيما ، وصرح له بذلك ، بل وأكده بيمين
حلفها بالله عز وجل ، وكرر العبارة والكلمة ليقع في قلب السامع عظيم قدر هذه المحبة
والمودة .
فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ : ( يَا مُعَاذُ ! وَاللَّهِ إِنِّي
لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ :
لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى
ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ) رواه أبو داود (1522) قال
النووي في "الأذكار" (ص/103): إسناده صحيح . وقال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام"
(ص/96): إسناده قوي. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وفي إحدى روايات الحديث – كما عند البخاري في "الأدب المفرد" (1/239) وصححها
الألباني في "صحيح الأدب المفرد" – أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال للنبي صلى الله
عليه وسلم : ( وأنا والله أحبك ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وكان معاذ رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة علية ؛ فإنه قال له :
( يا معاذ والله إني لأحبك ، وكان يردفه وراءه ) . وروي فيه أنه أعلم الأمة بالحلال
والحرام ، وأنه يحشر أمام العلماء برتوة - أي بخطوة - .
ومن فضله أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عنه ، داعيا ، ومفقها ، ومفتيا ،
وحاكما إلى أهل اليمن . وكان يشبهه بإبراهيم الخليل عليه السلام ، وإبراهيم إمام
الناس ، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إن معاذا كان أمة قانتا لله حنيفا ولم
يك من المشركين " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (10/654)
فهذا الحديث – ولا شك – فضيلة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه ، غير أنه لم يختص بهذه
الفضيلة دون باقي الصحابة ، فقد ورد تصريح النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة
رضوان الله عليهم بمحبته لهم على وجه الخصوص أو العموم ، ونحن نذكر ههنا بعض ما ورد
في ذلك :
1- تصريحه صلى الله عليه وسلم بمحبة الأنصار جميعا :
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ مِنْ عُرُسٍ ، فَقَامَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْثِلًا – يعني قائما منتصبا -
فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ . قَالَهَا ثَلَاثَ
مِرَارٍ ) رواه البخاري (3785) ومسلم (2508) وبوب عليه البخاري بقوله : باب
قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار أنتم أحب الناس إلي .
2- تصريحه بحب أبي بكر وعمر وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم :
فقد سأل عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رضى الله عنه النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم : أَىُّ
النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : عَائِشَةُ . فَقُلْتُ : مِنَ الرِّجَالِ ؟
فَقَالَ : أَبُوهَا . قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
. فَعَدَّ رِجَالاً . رواه البخاري (3662) ومسلم (2384)
3- التصريح بحب الحسن والحسين :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لِحَسَنٍ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ ، فَأَحِبَّهُ
وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ ) رواه البخاري (3749)، ومسلم (2421) .
وروى الترمذي (3769) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحسن والحسين رضي الله
عنهما: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ
يُحِبُّهُمَا ) وحسنه الألباني في سنن الترمذي .
4- التصريح بحب زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد :
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ عن زيد بن
حارثة وابنه أسامة : (إِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ [يعني : زيداً] ،
وَإِنَّ هَذَا [يعني : أسامة] لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ ).
رواه البخاري (4250) ومسلم (2426) .
وليست هذه جميع الأحاديث الواردة في هذا الباب ، بل هناك الكثير من الأحاديث التي
تتضمن معاني المودة والمحبة والتقدير من النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام ،
فقد كان يحبهم جميعا ، وإنما خص بعضهم بألفاظ المحبة لمزيد عناية بهم ، ولما لهم من
المكانة الخاصة .
والله أعلم .