} سورة الإخلاص، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ( الصَّمَدُ الْعَلِيمُ الَّذِي كَمُلَ فِي عِلْمِهِ الْعَظِيمُ الَّذِي كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ الْقَدِيرُ الْكَامِلُ فِي قُدْرَتِهِ الْحَكِيمُ الْكَامِلُ فِي حِكْمَتِهِ السَّيِّدُ الْكَامِلُ فِي سُؤْدُدِهِ . وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ : هُوَ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ . وَ الْأَحَدُ الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ (1). فَاسْمُهُ الصَّمَدُ يَتَضَمَّنُ اتِّصَافَهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَنَفْيِ النَّقَائِصِ عَنْهُ، وَاسْمُهُ الْأَحَدُ يَتَضَمَّنُ اتِّصَافَهُ أَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ . وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي كَوْنِهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ .(2)
- - - - - - - - - - - - - - -
الفرق ُ بينَ الْحَقَائِقِ الْأَمْرِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ والْحَقَائِقِ الْخِلْقِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ الْكَوْنِيَّةِ
وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ تُشْتَبَهُ عَلَيْهِمُ الْحَقَائِقُ الْأَمْرِيَّةُ الدِّينِيَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ بِالْحَقَائِقِ الْخِلْقِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ الْكَوْنِيَّةِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}(3) (54) سورة الأعراف ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، لَا خَالِقَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ ،مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ،فَكَلُّ مَا فِي الْوُجُودِ مِنْ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ فَبِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ ،وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رُسُلِهِ ،وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَمَعْصِيَةِ رُسُلِهِ، أَمَرَ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَنَهَى عَنْ الْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ، فَأَعْظَمُ الْحَسَنَاتِ التَّوْحِيدُ و،َأَعْظَمُ السَّيِّئَاتِ الشِّرْكُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (4)
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 24 / ص 691) وتفسير ابن كثير - (ج 8 / ص 528-529)
(2) - مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 6) فما بعدها
(3) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فِي الوُجُودِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ : السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِما وَمَا بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ اسْتِواءً يَليقُ بِجَلاَلِهِ ، وَأَخَذَ يُدَبِّرُ أَمْرَهُمَا ، فَيُتْبعُ اللَّيْلَ النَّهَارَ ، فَيَغْشَى الوُجُودَ بِالظُّلْمَةِ ، وَيُتْبعُ النَّهارَ اللَّيْلَ ، فَيَغْشَاهُ بِالضِّيَاءِ ، يَتَتَابَعَانِ سَرِيعاً ، لاَ يَتَأَخَّرُ أَحَدُهُما عَنِ الآخَرِ ، وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنَّجُومُ كُلُّهَا تَسِيرُ مُسَخَّرةً ، بِأَمْرِ رَبِّهَا ، وَمُنْقَادَةً لِحُكْمِهِ ومَشِيئَتِهِ ، وَللهِ الأَمْرُ وَالمُلْكُ وَالتَّصَرُّفُ ، وَهُوَ رَبُّ العَالَمِينَ .
وَنَسُوقُ هُنَا مَا قَالَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ حَوْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ) : ( نَسْلكُ فِي هَذا المَقَامِ مَذْهَبَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْييفٍ وَلاَ تَشْبيِهٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ ، وَالظَّاهِرُ المُتَبَادِرُ إلَى أَذْهَانِ المُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ اللهِ ، فَإِنَّ اللهَ لا يُشْبِهُهُ شَيءٌ ( وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ ) . وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الخُزَاعِيُّ شَيْخُ البُخَارِيِّ : ( مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ كَفَرَ ، وَمَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ رَسُولهُ تَشْبِيهٌ ، فَمَنْ أَثْبَتَ مَا وَرَدَتْ بِهِ الآثَارُ الصَّرِيحَةُ وَالأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الوَجْهِ الذِي يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ ، وَنَفَى عَنِ اللهِ النَّقَائِصَ فَقَدْ سَلَكَ سَبيلَ الهُدَى ) .
(4) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ بِأَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ لِعَبْدٍ جَاءَ اللهُ مُشْرِكاً بِعِبَادَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَأَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ ، لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ ارْتَكَبَ ذَنْباً عَظِيماً ، لاَ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ الغُفْرَانَ .
وَالشِّرْكُ ضَرْبَانِ :
- شِرْكٌ فِي الأُلُوهِيَّةِ - وَهُوَ الشُّعُورُ بِسْلَطَةٍ وَرَاءَ الأسْبَابِ وَالسُّنَنِ الكَوْنِيَّةِ لِغَيْرِ اللهِ .
- شِرْكٌ فِي الرّبُوبِيَّةِ - وَهُوَ الأَخْذُ بِشَيءٍ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ عَنْ بَعْضِ البَشَرِ دُونَ الوَحْي .
- - - - - - - - - - - - - - -
الفرق ُ بينَ الْحَقَائِقِ الْأَمْرِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْإِيمَانِيَّةِ والْحَقَائِقِ الْخِلْقِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ الْكَوْنِيَّةِ
وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ تُشْتَبَهُ عَلَيْهِمُ الْحَقَائِقُ الْأَمْرِيَّةُ الدِّينِيَّةُ الْإِيمَانِيَّةُ بِالْحَقَائِقِ الْخِلْقِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ الْكَوْنِيَّةِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}(3) (54) سورة الأعراف ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، لَا خَالِقَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ ،مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ،فَكَلُّ مَا فِي الْوُجُودِ مِنْ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ فَبِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَخَلْقِهِ ،وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رُسُلِهِ ،وَنَهَى عَنْ مَعْصِيَتِهِ وَمَعْصِيَةِ رُسُلِهِ، أَمَرَ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَنَهَى عَنْ الْإِشْرَاكِ بِاَللَّهِ، فَأَعْظَمُ الْحَسَنَاتِ التَّوْحِيدُ و،َأَعْظَمُ السَّيِّئَاتِ الشِّرْكُ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (4)
__________
(1) - تفسير الطبري - (ج 24 / ص 691) وتفسير ابن كثير - (ج 8 / ص 528-529)
(2) - مجموع الفتاوى - (ج 17 / ص 6) فما بعدها
(3) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فِي الوُجُودِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ : السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِما وَمَا بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى العَرْشِ اسْتِواءً يَليقُ بِجَلاَلِهِ ، وَأَخَذَ يُدَبِّرُ أَمْرَهُمَا ، فَيُتْبعُ اللَّيْلَ النَّهَارَ ، فَيَغْشَى الوُجُودَ بِالظُّلْمَةِ ، وَيُتْبعُ النَّهارَ اللَّيْلَ ، فَيَغْشَاهُ بِالضِّيَاءِ ، يَتَتَابَعَانِ سَرِيعاً ، لاَ يَتَأَخَّرُ أَحَدُهُما عَنِ الآخَرِ ، وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالنَّجُومُ كُلُّهَا تَسِيرُ مُسَخَّرةً ، بِأَمْرِ رَبِّهَا ، وَمُنْقَادَةً لِحُكْمِهِ ومَشِيئَتِهِ ، وَللهِ الأَمْرُ وَالمُلْكُ وَالتَّصَرُّفُ ، وَهُوَ رَبُّ العَالَمِينَ .
وَنَسُوقُ هُنَا مَا قَالَهُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ حَوْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ ) : ( نَسْلكُ فِي هَذا المَقَامِ مَذْهَبَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَكْييفٍ وَلاَ تَشْبيِهٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ ، وَالظَّاهِرُ المُتَبَادِرُ إلَى أَذْهَانِ المُشَبِّهِينَ مَنْفِيٌّ عَنِ اللهِ ، فَإِنَّ اللهَ لا يُشْبِهُهُ شَيءٌ ( وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ ) . وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الخُزَاعِيُّ شَيْخُ البُخَارِيِّ : ( مَنْ شَبَّهَ اللهُ بِخَلْقِهِ كَفَرَ ، وَمَن جَحَدَ مَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ ، وَلَيْسَ فِيمَا وَصَفَ اللهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ رَسُولهُ تَشْبِيهٌ ، فَمَنْ أَثْبَتَ مَا وَرَدَتْ بِهِ الآثَارُ الصَّرِيحَةُ وَالأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الوَجْهِ الذِي يَلِيقُ بِجَلاَلِهِ ، وَنَفَى عَنِ اللهِ النَّقَائِصَ فَقَدْ سَلَكَ سَبيلَ الهُدَى ) .
(4) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ بِأَنَّهُ لاَ يَغْفِرُ لِعَبْدٍ جَاءَ اللهُ مُشْرِكاً بِعِبَادَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، وَأَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُّنُوبِ ، لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ ارْتَكَبَ ذَنْباً عَظِيماً ، لاَ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ الغُفْرَانَ .
وَالشِّرْكُ ضَرْبَانِ :
- شِرْكٌ فِي الأُلُوهِيَّةِ - وَهُوَ الشُّعُورُ بِسْلَطَةٍ وَرَاءَ الأسْبَابِ وَالسُّنَنِ الكَوْنِيَّةِ لِغَيْرِ اللهِ .
- شِرْكٌ فِي الرّبُوبِيَّةِ - وَهُوَ الأَخْذُ بِشَيءٍ مِنْ أَحْكَامِ الدِّينِ بِالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ عَنْ بَعْضِ البَشَرِ دُونَ الوَحْي .