، فَهَدَى بِهِ مِنْ الضَّلَالَةِ ،وَبَصَّرَ بِهِ مِنْ الْعَمَى(1) وَأَرْشَدَ بِهِ مِنْ الْغَيِّ(2)، وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا(3) وَقُلُوبًا غُلْفًا(4) وَفَرَقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالرَّشَادِ وَالْغَيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ(5) . وَالسُّعَدَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ(6) وَالْأَشْقِيَاءِ أَهْلِ النَّار(7) وَبَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ( وَأَعْدَاءِ اللَّهِ(9).
منْ صفاتِ أولياءِ الرحمنِ
فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ، وَمَنْ شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ (10).
وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لِلَّهِ أَوْلِيَاءَ مِنْ النَّاسِ وَلِلشَّيْطَانِ أَوْلِيَاءَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، فَقَالَ تَعَالَى:{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) } [يونس/62-65](11)
__________
(1) - المادي والمعنوي
(2) - مِنَ الغَيِّ - مِنَ الضَّلالِ وَالكُفْرِ .
(3) - التي لا تسمع ماديا ومعنويا
(4) - مُغَطَّاةٌ بِأَغْطِيَةٍ خِلْقِيَّةٍ فَلا تَعِي .
(5) - قال تعالى :{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (20) سورة الحشر
لا يستوي أصحاب النار المعذَّبون، وأصحاب الجنة المنعَّمون، أصحاب الجنة هم الظافرون بكل مطلوب، الناجون من كل مكروه.
(6) - قال تعالى :{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (108) سورة هود
أَمَّا السُّعَدَاءُ الذِينَ اتَّبَعُوا الرُّسُلَ ، وَآمَنُوا بِاللهِ ، وَعَمِلُوا صَالِحاً ، فَيَصِيرُونَ إِلى الجَنَّةِ ، وَيَمْكُثُونَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبداً ، مَا دَامَتْ هُنَاكَ سَمَاوَاتٌ وَأَرْضٌ ، إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ .
(7) - قال تعالى :{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) سورة هود
أَمَّا الأَشْقِيَاءُ ، الذِينَ شَقُوا بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ العَذَابِ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمِ السَّيِّئَةِ فِي الدُّنْيا ، فَيَصِيرُونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ ، وَتَضِيقُ صُدُورُهُمْ بِثِقْلِ العَذَابِ ، فَيُصْبِحُ تَنَفُّسُهُمْ زَفِيراً ، وَأَخْذُهُمُ النَّفَسَ شَهِيقاً .
وَيَبْقُونَ فِي النَّارِ خَالِدِينَ ، مَا دَامَتْ هُنَاكَ سَمَاوَاتٌ تُظِلُّ المَخْلُوقَاتِ ، وَأَرْضٌ يَقِفُونَ عَلَيها ، إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ ، إِذْ يُخْرِجُ اللهُ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ العُصَاةَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ، ثُمَّ يَمْتَنُّ عَلَى الآخَرِينَ فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَهُوَ القَادِرُ والفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ .
( - قال تعالى : {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (62) سورة يونس
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا وَاتَّقَوا وَأَخْلَصُوا العِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيْهِ ، لاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ مِمَّا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ الآخِرَةِ ، وَلاَ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا .
(9) - قال تعالى :{ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } (28) سورة فصلت
وَذَلِكَ الجَزَاءُ الشَّدِيدُ ، الذِي أَعَدَّهُ اللهُ لأَعْدَائِهِ ، هُوِ النَّارُ يُعَذَّبُونَ فِيهَا ، وَيَبْقَوْنَ فِي العَذَابِ خَالِدِينَ أَبَداً ، وَهِيَ جَزَاؤُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَجُحُودِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ ، وَاسْتِكْبَارِهِمْ عَنْ سَمَاعِهَا .
(10) - قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (76) سورة النساء
(11) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا وَاتَّقَوا وَأَخْلَصُوا العِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيْهِ ، لاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ مِمَّا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ الآخِرَةِ ، وَلاَ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا .
وَيَقُولُ تَعَالَى مُعَرِّفاً ( أَوْلِيَاءَ اللهِ ) : بِأَنَّهُمُ الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ، وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، وَكَانُوا يَتَّقُونَ اللهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ ، وَيُرَاقِبُونَهُ فِي سِرِّهِمْ وَعَلاَنِيَّتِهِمْ ، فَلاَ يَقُومُونَ إِلاَّ بِمَا يُرْضِي اللهَ رَبَّهُمْ .
وَهَؤُلاَءِ المُؤْمِنُونَ المُتَّقُونَ ، لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا بِالنَّصْرِ وَالعِزَّةِ ، وَبِإِلْهَامِهِم الحَقَّ وَالخَيْرَ ، وَبِالاسْتِخْلاَفِ فِي الأَرْضِ مَا أَقَامُوا شَرْعَ اللهِ ، وَنَصَرُوا دِينَهُ الحَقَّ ، وَأَعْلَوا كَلِمَتَهُ ( وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا العَبْدُ ، أَوْ تُرَى لَهُ ، وَهِيَ فِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " ) ( رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عن رَسول الله صلى الله عليه وسلم ) . وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ لاَ يُبَدَّلُ ( لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ) ، وَلاَ يُغَيَّرُ وَلاَ يُخْلَفُ ، بَلْ مُقَرَّرٌ ثَابِتٌ كَائِنٌ لاَ مَحَالَةَ . وَهَذِهِ البُشْرَى بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ هِيَ الفَوْزُ العَظِيمُ .
منْ صفاتِ أولياءِ الرحمنِ
فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ، وَمَنْ شَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ (10).
وَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لِلَّهِ أَوْلِيَاءَ مِنْ النَّاسِ وَلِلشَّيْطَانِ أَوْلِيَاءَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الرَّحْمَنِ وَأَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، فَقَالَ تَعَالَى:{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) } [يونس/62-65](11)
__________
(1) - المادي والمعنوي
(2) - مِنَ الغَيِّ - مِنَ الضَّلالِ وَالكُفْرِ .
(3) - التي لا تسمع ماديا ومعنويا
(4) - مُغَطَّاةٌ بِأَغْطِيَةٍ خِلْقِيَّةٍ فَلا تَعِي .
(5) - قال تعالى :{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (20) سورة الحشر
لا يستوي أصحاب النار المعذَّبون، وأصحاب الجنة المنعَّمون، أصحاب الجنة هم الظافرون بكل مطلوب، الناجون من كل مكروه.
(6) - قال تعالى :{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (108) سورة هود
أَمَّا السُّعَدَاءُ الذِينَ اتَّبَعُوا الرُّسُلَ ، وَآمَنُوا بِاللهِ ، وَعَمِلُوا صَالِحاً ، فَيَصِيرُونَ إِلى الجَنَّةِ ، وَيَمْكُثُونَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبداً ، مَا دَامَتْ هُنَاكَ سَمَاوَاتٌ وَأَرْضٌ ، إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ .
(7) - قال تعالى :{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) سورة هود
أَمَّا الأَشْقِيَاءُ ، الذِينَ شَقُوا بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ العَذَابِ بِسَبَبِ أَعْمَالِهِمِ السَّيِّئَةِ فِي الدُّنْيا ، فَيَصِيرُونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ ، وَتَضِيقُ صُدُورُهُمْ بِثِقْلِ العَذَابِ ، فَيُصْبِحُ تَنَفُّسُهُمْ زَفِيراً ، وَأَخْذُهُمُ النَّفَسَ شَهِيقاً .
وَيَبْقُونَ فِي النَّارِ خَالِدِينَ ، مَا دَامَتْ هُنَاكَ سَمَاوَاتٌ تُظِلُّ المَخْلُوقَاتِ ، وَأَرْضٌ يَقِفُونَ عَلَيها ، إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ ، إِذْ يُخْرِجُ اللهُ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ العُصَاةَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ، ثُمَّ يَمْتَنُّ عَلَى الآخَرِينَ فَيُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ ، وَهُوَ القَادِرُ والفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ .
( - قال تعالى : {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (62) سورة يونس
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا وَاتَّقَوا وَأَخْلَصُوا العِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيْهِ ، لاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ مِمَّا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ الآخِرَةِ ، وَلاَ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا .
(9) - قال تعالى :{ذَلِكَ جَزَاء أَعْدَاء اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاء بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } (28) سورة فصلت
وَذَلِكَ الجَزَاءُ الشَّدِيدُ ، الذِي أَعَدَّهُ اللهُ لأَعْدَائِهِ ، هُوِ النَّارُ يُعَذَّبُونَ فِيهَا ، وَيَبْقَوْنَ فِي العَذَابِ خَالِدِينَ أَبَداً ، وَهِيَ جَزَاؤُهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ وَجُحُودِهِمْ بِآيَاتِ اللهِ ، وَاسْتِكْبَارِهِمْ عَنْ سَمَاعِهَا .
(10) - قال تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (76) سورة النساء
(11) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا وَاتَّقَوا وَأَخْلَصُوا العِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيْهِ ، لاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ مِمَّا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ الآخِرَةِ ، وَلاَ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا .
وَيَقُولُ تَعَالَى مُعَرِّفاً ( أَوْلِيَاءَ اللهِ ) : بِأَنَّهُمُ الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ ، وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، وَكَانُوا يَتَّقُونَ اللهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ ، وَيُرَاقِبُونَهُ فِي سِرِّهِمْ وَعَلاَنِيَّتِهِمْ ، فَلاَ يَقُومُونَ إِلاَّ بِمَا يُرْضِي اللهَ رَبَّهُمْ .
وَهَؤُلاَءِ المُؤْمِنُونَ المُتَّقُونَ ، لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا بِالنَّصْرِ وَالعِزَّةِ ، وَبِإِلْهَامِهِم الحَقَّ وَالخَيْرَ ، وَبِالاسْتِخْلاَفِ فِي الأَرْضِ مَا أَقَامُوا شَرْعَ اللهِ ، وَنَصَرُوا دِينَهُ الحَقَّ ، وَأَعْلَوا كَلِمَتَهُ ( وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا العَبْدُ ، أَوْ تُرَى لَهُ ، وَهِيَ فِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ " ) ( رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عن رَسول الله صلى الله عليه وسلم ) . وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ لاَ يُبَدَّلُ ( لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ) ، وَلاَ يُغَيَّرُ وَلاَ يُخْلَفُ ، بَلْ مُقَرَّرٌ ثَابِتٌ كَائِنٌ لاَ مَحَالَةَ . وَهَذِهِ البُشْرَى بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ هِيَ الفَوْزُ العَظِيمُ .