وَأَنْكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ الإِْسْفَرَايِينِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ حُصُول مَا يَخْرِقُ الْعَادَةَ عَلَى يَدِ غَيْرِ نَبِيٍّ ، وَقَالُوا : إِنَّ الْخَوَارِقَ دَلاَلاَتُ صِدْقِ الأَْنْبِيَاءِ ، وَدَلِيل النُّبُوَّةِ لاَ يُوجَدُ عِنْدَ غَيْرِ النَّبِيِّ ، وَلأَِنَّهَا لَوْ ظَهَرَتْ بِأَيْدِي الأَْوْلِيَاءِ لَكَثُرَتْ بِكَثْرَتِهِمْ ، وَلَخَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا خَارِقَةً لِلْعَادَةِ ، وَالْفَرْضُ أَنَّهَا كَذَلِكَ (1) .
قَوْل مَنِ ادَّعَى مَا لاَ يُمْكِنُ عَادَةً :
9 - إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَا لاَ يُمْكِنُ عَادَةً ، وَيُمْكِنُ بِالْكَرَامَةِ فَلاَ يُقْبَل شَرْعًا وَهُوَ لَغْوٌ ، كَأَنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَ دَارِهِ بِالشَّامِ وَأَقْبَضَهُ إِيَّاهَا ، وَهُمَا بِمَكَّةَ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ ، قَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الأَْوْلِيَاءِ ، وَكَذَا إِنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فِي الْمَغْرِبِ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لاَ يَلْحَقُهُ ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ لاَ يُعَوَّل عَلَيْهَا بِالشَّرْعِ ، وَإِنْ خَصَّ الشَّارِعُ شَخْصًا بِحُكْمٍ يَبْقَى الْحُكْمُ خَاصًّا بِهِ ، وَلاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ بِالْقِيَاسِ ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ (2) ، وَهَذِهِ مَكْرُمَةٌ خَاصَّةٌ بِخُزَيْمَةَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَتَيْنِ ، فَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لأَِنَّهُ كَرَامَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِهِ ، وَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (3)
- - - - - - - - - - - - - - - -
هل ما كان معجزةً لنبيٍّ كان كرامةً لوَليٍّ ؟(4)
قال بعض أهل العلم : إن كل معجزة وجدت لنبي يجوز أن تقع كرامة لولي. وهذا القول لا يصح بهذا الإطلاق، وإنما يتعين تقييدُه، فيستثنى ما وقع به التحدِّي لبعض الأنبياء، فإن الأولياء لا يصلون إلى مثله،قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :(5) " "الْمَشْهُورُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِثْبَاتُ الْكَرَامَاتِ مُطْلَقًا ، لَكِنْ اِسْتَثْنَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ كَأَبِي الْقَاسِم الْقُشَيْرِيُّ مَا وَقَعَ بِهِ التَّحَدِّي لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ ، وَلَا يَصِلُونَ إِلَى مِثْلِ إِيجَادِ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَنَحْو ذَلِكَ ، وَهَذَا أَعْدَل الْمَذَاهِب فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ فِي الْحَالِ وَتَكْثِيرَ الطَّعَامِ وَالْمَاءِ وَالْمُكَاشَفَةِ بِمَا يَغِيبُ عَنْ الْعَيْنِ وَالْإِخْبَار بِمَا سَيَأْتِي وَنَحْو ذَلِكَ قَدْ كَثُرَ جِدًّا حَتَّى صَارَ وُقُوعُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الصَّلَاحِ كَالْعَادَةِ ، فَانْحَصَرَ الْخَارِقُ الْآنَ فِيمَا قَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ ، وَتَعَيَّنَ تَقْيِيدُ قَوْلِ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ كُلَّ مُعْجِزَةٍ وُجِدَتْ لِنَبِيٍّ يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ ."
وفي فتاوىالرملي :(6)
" ( سُئِلَ ) عَمَّنْ قَالَ مِنْ كَرَامَاتِ الْوَلِيِّ أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَعَقِيدَتُهُ فَاسِدَةٌ فَهَلْ مَا ادَّعَاهُ صَحِيحٌ أَوْ بَاطِلٌ ؟
( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ إذِ الْكَرَامَةُ الْأَمْرُ الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ يُظْهِرُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ وَلِيِّهِ وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ جَازَ أَنْ يَكُونَ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا إلَّا التَّحَدِّيَ فَمَرْجِعُ الْكَرَامَةِ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ إنْ أَرَادَ اسْتِقْلَالَ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ ."
وقال البراك حفظه الله :(7)
" الحمد لله، معجزات الأنبياء وهي الآيات والبينات والبراهين على صدقهم، وكرامات الأولياء كلها من خوارق العادات، وكل الخوارق يرجع إلى نوع القدرة والتأثير، أو العلم، أو الغنى.
__________
(1) - حاشية شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم البيجوري المسماة بتحفة المريد على جوهرة التوحيد ص 80 وما بعدها .
(2) - عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ابْتَاعَ مِنْ سَوَاءِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِىِّ فَرَسًا فَجَحَدَ فَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَا حَمَلَكَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُ؟ ». قَالَ : صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ صَدَّقْتُكَ بِمَا قُلْتَ وَعَرَفْتُ أَنَّكَ لاَ تَقُولُ إِلاَّ حَقًّا فَقَالَ مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
السنن الكبرى للبيهقي (ج 10 / ص 146)(21021)والمستدرك للحاكم (2188) ومجمع 9/320 وتخ 1/87 وكر 5/136 وفتح 8/519وهو حديث صحيح
(3) - تحفة المحتاج 5 / 107 ، ومسلم الثبوت 2 / 327 .
(4) - انظر فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 7 / ص 2082)= رقم الفتوى 49724 مقولة " ما صح لنبي صح لولي " تاريخ الفتوى : 21 ربيع الثاني 1425
(5) - فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 420)
(6) - فتاوى الرملي - (ج 6 / ص 180)
(7) - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 4 / ص 162) -بين كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء -المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
قَوْل مَنِ ادَّعَى مَا لاَ يُمْكِنُ عَادَةً :
9 - إِذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَا لاَ يُمْكِنُ عَادَةً ، وَيُمْكِنُ بِالْكَرَامَةِ فَلاَ يُقْبَل شَرْعًا وَهُوَ لَغْوٌ ، كَأَنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَهَنَ دَارِهِ بِالشَّامِ وَأَقْبَضَهُ إِيَّاهَا ، وَهُمَا بِمَكَّةَ لَمْ يُقْبَل قَوْلُهُ ، قَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِمَا يُمْكِنُ مِنْ كَرَامَاتِ الأَْوْلِيَاءِ ، وَكَذَا إِنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فِي الْمَغْرِبِ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لاَ يَلْحَقُهُ ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ لاَ يُعَوَّل عَلَيْهَا بِالشَّرْعِ ، وَإِنْ خَصَّ الشَّارِعُ شَخْصًا بِحُكْمٍ يَبْقَى الْحُكْمُ خَاصًّا بِهِ ، وَلاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ بِالْقِيَاسِ ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَحَسْبُهُ (2) ، وَهَذِهِ مَكْرُمَةٌ خَاصَّةٌ بِخُزَيْمَةَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَتَيْنِ ، فَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لأَِنَّهُ كَرَامَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِهِ ، وَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (3)
- - - - - - - - - - - - - - - -
هل ما كان معجزةً لنبيٍّ كان كرامةً لوَليٍّ ؟(4)
قال بعض أهل العلم : إن كل معجزة وجدت لنبي يجوز أن تقع كرامة لولي. وهذا القول لا يصح بهذا الإطلاق، وإنما يتعين تقييدُه، فيستثنى ما وقع به التحدِّي لبعض الأنبياء، فإن الأولياء لا يصلون إلى مثله،قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :(5) " "الْمَشْهُورُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِثْبَاتُ الْكَرَامَاتِ مُطْلَقًا ، لَكِنْ اِسْتَثْنَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ كَأَبِي الْقَاسِم الْقُشَيْرِيُّ مَا وَقَعَ بِهِ التَّحَدِّي لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ ، وَلَا يَصِلُونَ إِلَى مِثْلِ إِيجَادِ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَنَحْو ذَلِكَ ، وَهَذَا أَعْدَل الْمَذَاهِب فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ فِي الْحَالِ وَتَكْثِيرَ الطَّعَامِ وَالْمَاءِ وَالْمُكَاشَفَةِ بِمَا يَغِيبُ عَنْ الْعَيْنِ وَالْإِخْبَار بِمَا سَيَأْتِي وَنَحْو ذَلِكَ قَدْ كَثُرَ جِدًّا حَتَّى صَارَ وُقُوعُ ذَلِكَ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الصَّلَاحِ كَالْعَادَةِ ، فَانْحَصَرَ الْخَارِقُ الْآنَ فِيمَا قَالَهُ الْقُشَيْرِيُّ ، وَتَعَيَّنَ تَقْيِيدُ قَوْلِ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ كُلَّ مُعْجِزَةٍ وُجِدَتْ لِنَبِيٍّ يَجُوزُ أَنْ تَقَعَ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ ."
وفي فتاوىالرملي :(6)
" ( سُئِلَ ) عَمَّنْ قَالَ مِنْ كَرَامَاتِ الْوَلِيِّ أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَعَقِيدَتُهُ فَاسِدَةٌ فَهَلْ مَا ادَّعَاهُ صَحِيحٌ أَوْ بَاطِلٌ ؟
( فَأَجَابَ ) بِأَنَّ مَا قَالَهُ صَحِيحٌ إذِ الْكَرَامَةُ الْأَمْرُ الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ يُظْهِرُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِ وَلِيِّهِ وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ جَازَ أَنْ يَكُونَ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا إلَّا التَّحَدِّيَ فَمَرْجِعُ الْكَرَامَةِ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ إنْ أَرَادَ اسْتِقْلَالَ الْوَلِيِّ بِذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ ."
وقال البراك حفظه الله :(7)
" الحمد لله، معجزات الأنبياء وهي الآيات والبينات والبراهين على صدقهم، وكرامات الأولياء كلها من خوارق العادات، وكل الخوارق يرجع إلى نوع القدرة والتأثير، أو العلم، أو الغنى.
__________
(1) - حاشية شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم البيجوري المسماة بتحفة المريد على جوهرة التوحيد ص 80 وما بعدها .
(2) - عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ابْتَاعَ مِنْ سَوَاءِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُحَارِبِىِّ فَرَسًا فَجَحَدَ فَشَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَا حَمَلَكَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَعَهُ؟ ». قَالَ : صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنْ صَدَّقْتُكَ بِمَا قُلْتَ وَعَرَفْتُ أَنَّكَ لاَ تَقُولُ إِلاَّ حَقًّا فَقَالَ مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
السنن الكبرى للبيهقي (ج 10 / ص 146)(21021)والمستدرك للحاكم (2188) ومجمع 9/320 وتخ 1/87 وكر 5/136 وفتح 8/519وهو حديث صحيح
(3) - تحفة المحتاج 5 / 107 ، ومسلم الثبوت 2 / 327 .
(4) - انظر فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 7 / ص 2082)= رقم الفتوى 49724 مقولة " ما صح لنبي صح لولي " تاريخ الفتوى : 21 ربيع الثاني 1425
(5) - فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 420)
(6) - فتاوى الرملي - (ج 6 / ص 180)
(7) - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 4 / ص 162) -بين كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء -المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك