وذكر بن عبدوس في المجموعة لعلي بن زياد عن مالك قال ما رأت المرأة من الصفرة والكدرة في أيام الحيض أو في أيام الاستطهار فهو كالدم وما رأته بعد ذلك فهو استحاضة وهذا قول صحيح إلا أن الأول أشهر عنه
وقد اختلف علماء المدينة على هذين القولين
وأما قول الشافعي والليث بن سعد وعبيد الله بن الحسين فهو أن الصفرة والكدرة حيض في أيام الحيض
وهو قول أبي حنيفة ومحمد
وقال أبو يوسف لا تكون الكدرة حيضا إلا بأثر الدم
وهو قول داود أن الصفرة والكدرة لا تعد حيضا إلا بعد الحيض لا قبله لأن الأمة قد اختلفت فيهما قبل الحيض وبعده فما اختلفوا فيه من ذلك قبل لم يثبت إذ لا دليل عليه
وأما اختلافهم فيهما بعد فلن يزول ما أجمعوا عليه إلا بالإجماع وهو النقاء بالجفوف والقصة البيضاء
واحتج بحديث أم عطية ( ( كنا لا نعد الصفرة ولا الكدرة بعد الغسل شيئا ) ) ( 1 )
قال تريد بعد الطهر وأما ما اتصل منها بالحيض فهو من الحيض
قال أبو عمر القياس أن الصفرة والكدرة قبل الحيض وبعده سواء كما أن الحيض في كل زمان سواء وما احتج به داود لا معنى له
واختلف أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة في ذلك أيضا فمرة قالوا الصفرة والكدرة حيض في أيامها المعهودة ومرة قالوا ليس ذلك بحيض على جميع الأحوال
ولم يختلف قول مالك وأصحابه أنها حيض في أيام الحيض
وأما قول عائشة ( ( لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ) ) فإنها تريد لا تعجلن بالاغتسال إذا رأيتن الصفرة لأنها بقية من الحيضة حتى ترين القصة البيضاء وهو الماء الأبيض الذي يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض ( يشبه ) لبياضه بالقص وهو الجص
ومنه الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور ( 1 ) ويروى عن تجصيص القبور ( 2 ) يريد تلبيسها بالجص
واختلف أصحاب مالك عنه في علامة الطهر
ففي ( ( المدونة ) ) قال مالك إذا كانت المرأة ممن ترى القصة البيضاء فلا تصلي حتى تراها إلا أن يطول ذلك بها
وقال بن حبيب تطهر بالجفوف وإن كانت ممن ترى القصة البيضاء
قال والجفوف أبرأ للرحم من القصة البيضاء فمن كان طهرها القصة البيضاء فرأت الجفوف فقد طهرت قال ولا تطهر التي طهرها الجفوف برؤيتها القصة البيضاء حتى ترى الجفوف
قال وذلك أن أول الحيض دم ثم صفرة ثم كدرة ثم يكون نقاء كالقصة ثم ينقطع فإذا انقطع قبل هذه المنازل فقد برئت الرحم من الحيض
قال والجفوف أبرأ وأوعب وليس بعد الجفوف انتظار شيء
وأما قول ابنة زيد بن ثابت فإنما أنكرت على النساء افتقادهن أحوالهن في غير أوقات الصلوات وما قاربها لأن جوف الليل ليس بوقت للصلاة وإنما على النساء افتقاد أحوالهن ( للصلاة ) في أوقات الصلوات فإن كن قد طهرن تأهبن بالغسل لما عليهن من الصلاة
وفي هذا الباب سئل مالك عن الحائض تطهر فلا تجد ماء أتتيمم قال نعم فإن مثلها مثل الجنب إذا لم يجد الماء تيمم وهذا إجماع - كما قال - مالك - لا خلاف فيه والحمد لله هـ
22 ( 26 - باب جامع الحيضة )
107 - مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت في المرأة الحامل ترى الدم أنها تدع الصلاة
____________________