هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

description" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1) Empty" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1)

more_horiz
(25) سورة الشورى ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ
" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1)
__________
(1) - 1 - الاستغفار في اللّغة : طلب المغفرة بالمقال والفعال.
وعند الفقهاء : سؤال المغفرة كذلك ، والمغفرة في الأصل : السّتر ، ويراد بها التّجاوز عن الذّنب وعدم المؤاخذة به ، وأضاف بعضهم : إمّا بترك التّوبيخ والعقاب رأساً ، أو بعد التّقرير به فيما بين العبد وربّه.
ويأتي الاستغفار بمعنى الإسلام.
قال اللّه تعالى : «وما كان اللّه معذّبهم وهم يستغفرون» أي يسلمون قاله مجاهدٌ وعكرمة.
كذلك يأتي الاستغفار بمعنى الدّعاء والتّوبة ، وستأتي صلته بهذه الألفاظ.
الألفاظ ذات الصّلة
«أ- التّوبة»
2 - الاستغفار والتّوبة يشتركان في أنّ كلاًّ منهما رجوعٌ إلى اللّه سبحانه ، كذلك يشتركان في طلب إزالة ما لا ينبغي ، إلاّ أنّ الاستغفار طلبٌ من اللّه لإزالته.
والتّوبة سعيٌ من الإنسان في إزالته.
وعند الإطلاق يدخل كلٌّ منهما في مسمّى الآخر ، وعند اقترانهما يكون الاستغفار طلب وقاية شرّ ما مضى والتّوبة الرّجوع وطلب وقاية شرّ ما يخافه في المستقبل من سيّئات أعماله ، ففي التّوبة أمران لا بدّ منهما : مفارقة شيءٍ ، والرّجوع إلى غيره ، فخصّت التّوبة بالرّجوع والاستغفار بالمفارقة ، وعند إفراد أحدهما يتناول كلٌّ منهما الآخر.
وعند المعصية يكون الاستغفار المقرون بالتّوبة عبارةٌ عن طلب المغفرة باللّسان ، والتّوبة عبارةٌ عن الإقلاع عن الذّنب بالقلب والجوارح.
«ب- الدّعاء»
3 - كلّ دعاءٍ فيه سؤال الغفران فهو استغفارٌ.
إلاّ أنّ بين الاستغفار والدّعاء عموماً وخصوصاً من وجهٍ ، يجتمعان في طلب المغفرة ، وينفرد الاستغفار إن كان بالفعل لا بالقول ، كما ينفرد الدّعاء إن كان بطلب غير المغفرة.
«الحكم التّكليفيّ للاستغفار»
4 - الأصل في الاستغفار أنّه مندوبٌ إليه ، لقول اللّه سبحانه.
«واستغفروا اللّه إنّ اللّه غفورٌ رحيمٌ» يحمل على النّدب ، لأنّه قد يكون من غير معصيةٍ ، لكنّه قد يخرج عن النّدب إلى الوجوب كاستغفار النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكالاستغفار من المعصية.
وقد يخرج إلى الكراهة كالاستغفار للميّت خلف الجنازة ، صرّح بذلك المالكيّة.
وقد يخرج إلى الحرمة ، كالاستغفار للكفّار.
«الاستغفار المطلوب»
5 - الاستغفار المطلوب هو الّذي يحلّ عقدة الإصرار ، ويثبت معناه في الجنان ، لا التّلفّظ باللّسان ، فإن كان باللّسان - وهو مصرٌّ على المعصية - فإنّه ذنبٌ يحتاج إلى استغفارٍ.
كما روي : « التّائب من الذّنب ، كمن لا ذنب له ، والمستغفر من الذّنب وهو مقيمٌ عليه كالمستهزئ بربّه » ويطلب للمستغفر بلسانه أن يكون ملاحظاً لهذه المعاني بجنانه ، ليفوز بنتائج الاستغفار ، فإن لم يتيسّر له ذلك فيستغفر بلسانه ، ويجاهد نفسه على ما هنالك ، فالميسور لا يسقط بالمعسور.
فإن انتفى الإصرار ، وكان الاستغفار باللّسان مع غفلة القلب ، ففيه رأيان :
الأوّل : وصفه بأنّه توبة الكذّابين ، وهو قول المالكيّة ، وقولٌ للحنفيّة والشّافعيّة ، إلاّ أنّ المالكيّة جعلوه معصيةً لاحقةً بالكبائر ، وقال الآخرون : بأنّه لا جدوى منه فقط.
الثّاني : اعتباره حسنةً وهو قول الحنابلة ، وقولٌ للحنفيّة والشّافعيّة ، لأنّ الاستغفار عن غفلةٍ خيرٌ من الصّمت وإن احتاج إلى استغفارٍ ، لأنّ اللّسان إذا ألف ذكراً يوشك أن يألفه القلب فيوافقه عليه ، وترك العمل للخوف منه من مكايد الشّيطان.
«صيغ الاستغفار»
6 - ورد الاستغفار بصيغٍ متعدّدةٍ ، والمختار منها ما رواه البخاريّ عن شدّاد بن أوسٍ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « سيّد الاستغفار أن تقول : اللّهمّ أنت ربّي لا إله إلاّ أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شرّ ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك عليّ ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت » .
7 - ومن أفضل أنواع الاستغفار أن يقول العبد : « أستغفر اللّه الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه » .
وهذا على سبيل المثال وليس الحصر كما أنّ بعض الأوقات وبعض العبادات تختصّ بصيغٍ مأثورةٍ تكون أفضل من غيرها وينبغي التّقيّد بألفاظها ، وموطن بيانها غالباً كتب السّنّة والأذكار والآداب ، في أبواب الدّعاء والاستغفار والتّوبة.
وإذا كانت صيغ الاستغفار السّابقة مطلوبةً فإنّ بعض صيغه منهيٌّ عنها ، ففي الصّحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « لا يقولنّ أحدكم : اللّهمّ اغفر لي إن شئت ، اللّهمّ ارحمني إن شئت ، ليعزم المسألة فإنّ اللّه لا مستكره له »
«استغفار النّبيّ صلى الله عليه وسلم»
8 - استغفار النّبيّ عليه الصلاة والسلام واجبٌ عليه ، لقوله تعالى : «فاعلم أنّه لا إله إلاّ اللّه واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات» ، وقد ذكر الفقهاء والمفسّرون وجوهاً عديدةً في استغفاره صلى الله عليه وسلم منها : أنّه يراد به ما كان من سهوٍ أو غفلةٍ ، أو أنّه لم يكن عن ذنبٍ ، وإنّما كان لتعليم أمّته ، ورأي السّبكيّ : أنّ استغفار النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا يحتمل إلاّ وجهاً واحداً ، وهو : تشريفه من غير أن يكون ذنبٌ ، لأنّه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.
وقد ثبت « أنّه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر في اليوم الواحد سبعين مرّةً ، ومائة مرّةٍ » ، بل كان أصحابه يعدّون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم :
« ربّ اغفر لي وتب عليّ إنّك أنت التّوّاب الغفور مائة مرّةٍ » .
«الاستغفار في الطّهارة»
«أوّلاً- الاستغفار عقب الخروج من الخلاء»
9 - يندب الاستغفار بعد قضاء الحاجة ، وعند الخروج من الخلاء.
روى التّرمذيّ أنّه « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال : غفرانك » .
ووجه سؤال المغفرة هنا كما قال ابن العربيّ - هو العجز عن شكر النّعمة في تيسير الغذاء ، وإيصال منفعته ، وإخراج فضلته.
«ثانياً-الاستغفار بعد الوضوء»
10 - يسنّ الاستغفار ضمن الذّكر الوارد عند إتمام الوضوء روى أبو سعيدٍ الخدريّ رضي الله تعالى عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : « من توضّأ فقال : سبحانك اللّهمّ ، وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك ، وأتوب إليك ، كتب في رقٍّ ، ثمّ جعل في طابعٍ ، فلم يكسر إلى يوم القيامة » وقد وردت صيغٌ أخرى تتضمّن الاستغفار عقب الانتهاء من الوضوء وأثناءه يذكرها الفقهاء في سنن الوضوء.
«الاستغفار عند دخول المسجد والخروج منه»
11 - يستحبّ عند المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، الاستغفار عند دخول المسجد وعند الخروج منه.
لما ورد عن فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قالت : « كان رسول اللّه إذا دخل المسجد صلّى على محمّدٍ وسلّم ، وقال : ربّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج صلّى على محمّدٍ وسلّم ، وقال : ربّ اغفر لي ، وافتح لي أبواب فضلك » والوارد في كتب الحنفيّة أنّ المصلّي يقول عند دخول المسجد : « اللّهمّ افتح لي أبواب رحمتك » وعند خروجه : « اللّهمّ إنّي أسألك من فضلك » .
«الاستغفار في الصّلاة»
«أوّلاً- الاستغفار في افتتاح الصّلاة»
12 - جاء الاستغفار في بعض الرّوايات الّتي وردت في دعاء الافتتاح في الصّلاة ،
وأخذ بذلك الشّافعيّة مطلقاً ، والحنفيّة والحنابلة في صلاة اللّيل ، منها ما رواه أبو بكرٍ الصّدّيق رضي الله عنه عن النّبيّ عليه الصلاة والسلام : « اللّهمّ إنّي ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذّنوب إلاّ أنت فاغفر لي مغفرةً من عندك ، وارحمني إنّك أنت التّوّاب الرّحيم » .
ويكره الافتتاح في المكتوبة عند المالكيّة ومحلّ الاستغفار في دعاء الافتتاح يذكره الفقهاء في سنن الصّلاة ، أو في كيفيّة الصّلاة.
«ثانياً-الاستغفار في الرّكوع والسّجود والجلوس بين السّجدتين»
13 يسنّ الدّعاء بالمغفرة في الرّكوع عند الشّافعيّة ، والحنابلة.
روت عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللّهمّ وبحمدك اللّهمّ اغفر لي يتأوّل القرآن » ، أي يحقّق قوله تعالى : «فسبّح بحمد ربّك واستغفره» « متّفقٌ عليه.
إلاّ أنّ الشّافعيّة يجعلون ذلك للمنفرد ، ولإمام قومٍ محصورين رضوا بالتّطويل.
ولا يأتي بغير التّسبيح في الرّكوع عند الحنفيّة ، والمالكيّة ، غير أنّ الحنفيّة يجيزون الاستغفار عند الرّفع من الرّكوع.
14 - وفي السّجود يندب الدّعاء بالمغفرة كذلك عند المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، لحديث عائشة السّابق.
15 - وفي الجلوس بين السّجدتين يسنّ الاستغفار عند الحنفيّة ، والمالكيّة ، والشّافعيّة ، وهو قولٌ عن أحمد ، والأصل في هذا ما روى حذيفة » أنّه صلّى مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فكان يقول بين السّجدتين : ربّ اغفر لي ، ربّ اغفر لي «.
وإنّما لم يجب الاستغفار ، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يعلّمه المسيء صلاته.
والمشهور عند الحنابلة أنّه واجبٌ ، وهو قول إسحاق وداود ، وأقلّه مرّةً واحدةً ، وأقلّ الكمال ثلاثٌ ، والكمال للمنفرد ما لا يخرجه إلى السّهو ، وبالنّسبة للإمام : ما لا يشقّ على المصلّين.
الاستغفار في القنوت
16 - جاء الاستغفار في ألفاظ القنوت ، قنوت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقنوت عمر ، وألفاظه كبقيّة الألفاظ الواردة ، ولم نقف على أمرٍ يخصّه ، إلاّ ما ذكره المالكيّة والحنفيّة بأنّ الدّعاء بالمغفرة يقوم مقام القنوت عند العجز عنه.
الاستغفار بعد التّشهّد الأخير
17 - يندب الاستغفار بعد التّشهّد الأخير ، ورد في السّنّة » اللّهمّ إنّي ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، وإنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت ، فاغفر لي مغفرةً من عندك ، وارحمني إنّك أنت الغفور الرّحيم « متّفقٌ عليه.
كذلك ورد » اللّهمّ اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به منّي أنت المقدّم وأنت المؤخّر لا إله إلاّ أنت «
الاستغفار عقب الصّلاة
18 - يسنّ الاستغفار عقب الصّلاة ثلاثاً ، لما روي عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي الله عنه قال :» من قال أستغفر اللّه العظيم الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه ، ثلاث مرّاتٍ ، غفر اللّه ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر «
ووردت رواياتٌ أخرى يذكرها الفقهاء في الذّكر الوارد عقب الصّلاة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : » من استغفر اللّه تعالى في دبر كلّ صلاةٍ ثلاث مرّاتٍ فقال : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه غفر اللّه عزّ وجلّ ذنوبه وإن كان قد فرّ من الزّحف «
الاستغفار في الاستسقاء
19 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّه يحصل الاستسقاء بالاستغفار وحده.
غير أنّ أبا حنيفة يقصره على ذلك ، مستدلاًّ بقول اللّه سبحانه {فقلت استغفروا ربّكم إنّه كان غفّاراً يرسل السّماء عليكم مدراراً} لأنّ الآية دلّت على أنّ الاستغفار وسيلةٌ للسّقيا.
بدليل {يرسل السّماء عليكم مدراراً} ولم تزد الآية الكريمة على الاستغفار ، وروي عن عمر رضي الله عنه أنّه خرج إلى الاستسقاء ولم يصلّ بجماعةٍ ، بل صعد المنبر ، واستغفر اللّه ، وما زاد عليه ، فقالوا : ما استسقيت يا أمير المؤمنين ، فقال : لقد استسقيت بمجاديح السّماء الّتي بها يستنزل الغيث.
20 - وبقيّة الفقهاء والقائلون بندب صلاة الاستسقاء والخطبتين ، أو الخطبة الواحدة ، يسنّ عندهم الإكثار من الاستغفار في الخطبة ، وتبدّل تكبيرات الافتتاح الّتي في خطبتي العيدين بالاستغفار في خطبتي الاستسقاء عند المالكيّة ، والشّافعيّة ، وصيغته كما أوردها النّوويّ في مجموعه ' أستغفر اللّه الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه '.
ويكبّر كخطبتي العيدين عند الحنابلة ، ونفى الحنفيّة التّكبير ولم يتعرّضوا للاستغفار في الخطبة.
الاستغفار للأموات
21 - الاستغفار عبادةٌ قوليّةٌ يصحّ فعلها للميّت.
وقد ثبت في السّنّة الاستغفار للأموات ، ففي صلاة الجنازة ورد الدّعاء للميّت بالمغفرة ، لكن لا يستغفر لصبيٍّ ونحوه.
وتفصيل أحكامه يذكرها الفقهاء في صلاة الجنازة.
وعقب الدّفن يندب أن يقف جماعةٌ يستغفرون للميّت ، لأنّه حينئذٍ في سؤال منكرٍ ونكيرٍ ، روى أبو داود بإسناده عن عثمان قال : » كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دفن الرّجل وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التّثبّت فإنّه الآن يسأل « وصرّح بذلك جمهور الفقهاء.
22 - ومن آداب زيارة القبور عند الحنفيّة والمالكيّة ، والشّافعيّة ، الدّعاء بالمغفرة لأهلها عقب التّسليم عليهم ، واستحسن ذلك الحنابلة.
23 - وهذا كلّه يخصّ المؤمن ، أمّا الكافر الميّت فيحرم الاستغفار له بنصّ القرآن والإجماع.
الاستغفار عن الغيبة
24 - اختلف العلماء في حقّ الّذي اغتاب ، هل يلزمه استحلال من اغتيب ، مع الاستغفار له ، أم يكفيه الاستغفار ؟.
الأوّل : إذا لم يعلم من اغتيب فيكفي الاستغفار ، وهو مذهب الشّافعيّة ، والحنابلة ، وقولٌ للحنفيّة ، ولأنّ إعلامه ربّما يجرّ فتنةً ، وفي إعلامه إدخال غمٍّ عليه.
لما روى الخلاّل بإسناده عن أنسٍ مرفوعاً » كفّارة من اغتيب أن يستغفر له «.
فإن علم فلا بدّ من استحلاله مع الاستغفار له.
الثّاني : يكفي الاستغفار سواءٌ علم الّذي اغتيب أم لم يعلم ، ولا يجب استحلاله ، وهو قول الطّحاويّ من الحنفيّة.
والمالكيّة على أنّه لا بدّ من استحلال المغتاب إن كان موجوداً ، فإن لم يجده ، أو أحداً من ورثته استغفر له.
وفي استحلال الورثة خلافٌ بين الفقهاء يذكر في التّوبة.
الاستغفار للمؤمنين
25 - اتّفق الفقهاء على أنّه يسنّ التّعميم في الدّعاء بالمغفرة للمؤمنين والمؤمنات ، لخبر » ما من دعاءٍ أحبّ إلى اللّه تعالى من أن يقول العبد : اللّهمّ اغفر لأمّة محمّدٍ مغفرةً عامّةً « وفي روايةٍ أنّه » قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صلاةٍ ، وقمنا معه ، فقال أعرابيٌّ وهو في الصّلاة : اللّهمّ ارحمني ومحمّداً ، ولا ترحم معنا أحداً ، فلمّا سلّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال للأعرابيّ : لقد حجّرت واسعاً «.
ولا بأس أن يخصّ الإنسان نفسه بالدّعاء ، لحديث أبي بكرة ، وأمّ سلمة ، وسعد بن أبي وقّاصٍ : » اللّهمّ إنّي أعوذ بك ، وأسألك
« إلخ وهذا يخصّ نفسه الكريمة ، ذلك ما لم يكن في القنوت ، وخلفه من يؤمّن ، لخبر ثوبان » لا يؤمّ رجلٌ قوماً فيخصّ نفسه بدعوةٍ دونهم ، فإن فعل فقد خانهم «
الاستغفار للكافر
26 - اتّفق الفقهاء على أنّ الاستغفار للكافر محظورٌ ، بل بالغ بعضهم فقال : إنّ الاستغفار للكافر يقتضي كفر من فعله ، لأنّ فيه تكذيباً للنّصوص الواردة الّتي تدلّ على أنّ اللّه تعالى لا يغفر أن يشرك به ، وأنّ من مات على كفره فهو من أهل النّار.
27 - وأمّا من استغفر للكافر الحيّ رجاء أن يؤمن فيغفر له ، فقد صرّح الحنفيّة بإجازة ذلك ، وجوّز الحنابلة الدّعاء بالهداية ، ولا يستبعد ذلك من غيرهم ، كذلك استظهر بعضهم جواز الدّعاء لأطفال الكفّار بالمغفرة ، لأنّ هذا من أحكام الآخرة.
تكفير الذّنوب بالاستغفار
28 - الاستغفار إن كان بمعنى التّوبة فإنّه يرجى أن يكفّر به الذّنوب إن توافرت فيه شروط التّوبة ، يقول اللّه سبحانه : {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر اللّه يجد اللّه غفوراً رحيماً} ويقول صلى الله عليه وسلم رسول اللّه : » من استغفر اللّه تعالى في دبر كلّ صلاةٍ ثلاث مرّاتٍ ، فقال : أستغفر اللّه الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه ، غفر له وإن كان قد فرّ من الزّحف « وقد قيل : لا صغيرة مع الإصرار ، ولا كبيرة مع الاستغفار فالمراد بالاستغفار هنا التّوبة.
29 - فإن كان الاستغفار على وجه الافتقار والانكسار دون تحقّق التّوبة ،
فقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فالشّافعيّة قالوا : إنّه يكفّر الصّغائر دون الكبائر ، وقال المالكيّة والحنابلة : إنّه تغفر به الذّنوب ، ولم يفرّقوا بين صغيرةٍ وكبيرةٍ ، وهو ما صرّحت به بعض كتب الحنفيّة.
لقوله صلى الله عليه وسلم : » الاستغفار ممحاةٌ للذّنوب «.
الاستغفار عند النّوم
30 - يستحبّ الاستغفار عند النّوم مع بعض الأدعية الأخرى ، ليكون الاستغفار خاتمة عمله إذا رفعت روحه ، روى التّرمذيّ عن أبي سعيدٍ : » من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر اللّه الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم وأتوب إليه ثلاث مرّاتٍ غفر اللّه له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر «.
الدّعاء بالمغفرة للمشمّت
31 - يسنّ للعاطس أن يدعو بالمغفرة لمن شمّته بقوله : ' يرحمك اللّه ' فيقول له العاطس : ' يغفر اللّه لنا ولكم ' أو يقول له : ' يهديكم اللّه ويصلح بالكم ' أو يقول : ' يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر لنا ولكم ' ، لما في الموطّأ عن نافعٍ أنّ ابن عمر كان إذا عطس فقيل له : يرحمك اللّه ، قال : يرحمنا اللّه وإيّاكم ويغفر لنا ولكم.
اختتام الأعمال بالاستغفار
32 - المتتبّع للقرآن الكريم والأذكار النّبويّة يجد اختتام كثيرٍ من الأعمال بالاستغفار ،
فقد أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في آخر حياته بالاستغفار بقوله تعالى : {فسبّح بحمد ربّك واستغفره إنّه كان توّاباً}.
33 - وفي اختتام الصّلاة ، وتمام الوضوء يندب الاستغفار كما تقدّم.
34 - والاستغفار في نهاية المجلس كفّارةٌ لما يقع في المجلس من لغطٍ ، روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » من جلس مجلساً فكثر فيه لغطه ، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : سبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك وأتوب إليك ، إلاّ غفر له ما كان في مجلسه ذلك «.
35 - ومن آكد أوقات الاستغفار : السّحر - آخر اللّيل - لقوله تعالى : {وبالأسحار هم يستغفرون} وللخبر الصّحيح : » ينزل ربّنا تبارك وتعالى كلّ ليلةٍ إلى سماء الدّنيا حين يبقى ثلث اللّيل الأخير ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ ".-الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 1079)
وانظر : مجموع الفتاوى - (ج 3 / ص 120)ومجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 89) ومجموع الفتاوى - (ج 11 / ص 696) ومجموع الفتاوى - (ج 15 / ص 41) ولقاءات الباب المفتوح - (ج 137 / ص 10) وفتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 6 / ص 300) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 1 / ص 289) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 2 / ص 455) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 4 / ص 660) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 4 / ص 932) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 4 / ص 4932) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 4 / ص 4935) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 4 / ص 10018) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 5 / ص 415) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 5 / ص 1925) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 5 / ص 8203) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 6 / ص 3317) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 6 / ص 3360) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 7 / ص 449) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 7 / ص 1809) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 8 / ص 4171) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 8 / ص 4928) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 8 / ص 8015) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 10 / ص 3837) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (ج 10 / ص 3843) ومجموع فتاوى ابن باز - (ج 22 / ص 104) ورياض الصالحين - (ج 1 / ص 202) وأسباب المغفرة - (ج 1 / ص 3) وأسباب المغفرة - (ج 1 / ص 3) وإحياء علوم الدين - (ج 1 / ص 318) والأذكار للنووي - (ج 1 / ص 402) وغذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - (ج 1 / ص 168) وغذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - (ج 3 / ص 403) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 485) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 1530) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 2509) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 3861) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 4611) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 4824)

description" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1) Emptyرد: " السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1)

more_horiz
يسسلمو

description" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1) Emptyرد: " السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1)

more_horiz
مرسي على الموضوع الاسلامي المفيد

تستاهل تقييم على المجهودات

وجزاك الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتك

تحياتي YouCef Fet

gg444g

description" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1) Emptyرد: " السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1)

more_horiz
شكرا لك ع الموضوع ،،
جزاك الله خيرا أخي الحبيب
" السَّبَبُ الثَّانِي " الِاسْتِغْفَارُ(1) 886773



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي