أود أن أطمئن بخصوص الداعية " أحمد ديدات " يرحمه
الله ، حيث علت أصوات تتهمه بأنه كان من طائفة الأحمدية والتي مقرها
الرئيس باكستان ، ويستشهدون بما قد يورده الشيخ أحيانا في مناظراته من
النظرية التي تقول بأن المسيح صلب ولكنه لم يمت على الصليب ، وإنما أغمي
عليه فحسب ، ولكنه مات بعد ذلك في حادث عرضي ثم رفعت روحه إلى السماء .
أود أن أعرف ما هي وجهة نظر الداعية المعروف " أحمد ديدات " ؟ وهل
تلك الاتهامات صحيحة ؟ حيث إني من محبي الشيخ عليه رحمة الله ، وأتابع
بشغف مناظراته ، ومؤلفاته ، ولكم جزيل الشكر .
أولاً:
ولد الشيخ أحمد حسين ديدات في مدينة " سيرات " بالهند عام 1918 م
, وقد هاجر والده إلى دولة " جنوب أفريقيا " بعد وقت قصير من ولادته ، وعندما بلغ
تسع سنوات ماتت والدته ، فلحق بأبيه إلى جنوب أفريقيا حيث عاش هناك بقية عمره .
وفي جنوب أفريقيا خرج الشيخ أحمد ديدات إلى العالم في أول مناظرة
عالمية عام 1977 م بقاعة ألبرت هول في " بريطانيا " ، وقد ناظر كبار رجال الدين
النصراني أمثال : كلارك –، وجيمي سواجارت ، وأنيس شروش ، وغيرهم ، وقد انتفع بها
المسلمون فثبت اعتقادهم بالإسلام والقرآن ، وعرفوا التحريف والكذب في الأديان
المحرفة ، كما انتفع بها بعض من منَّ الله عليه بالهداية من النصارى .
وفي يوم الاثنين الثامن من أغسطس 2005 م توفي الداعية والشيخ
المجاهد أحمد ديدات ، وقد لاقى ربَّه عن عمر يناهز ( 87 ) عاماً بمنزله في منطقة "
فيرولام " بإقليم " كوازولو ناتال " بجنوب إفريقية بعد صراع طويل مع المرض .
ثانياً :
وأما اعتقاد المسلمين في المسيح عليه السلام : فهو اعتقاد دليله
الكتاب والسنَّة ، فالمسيح عيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، ويعتقد
المسلمون بأن عيسى عليه السلام رفعه الله تعالى إلى السماء حياً ، وأنه لم يصلب ولم
يُقتل ، وأنه باقٍ حيّاً فيها إلى قرب قيام الساعة ، وأنه سينزل إلى الأرض فيقتل
الدجال ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويحكم بالشريعة الإسلامية ، ثم يموت –
عليه السلام – كسائر البشر .
قال الإمام أبو محمد عبد الحق بن عطية - رحمه الله - :
وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه
السلام في السماء حي ، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ،
ويقتل الدجال ، ويفيض العدل ، ويظهر هذه الملة - ملة محمد - ويحج البيت ويعتمر ،
......ثم يميته الله تعالى .
" المحرر الوجيز " ( 3 / 143 ) .
ويقول السفاريني – رحمه الله - :
فقد أجمعت الأمة على نزوله ، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ،
وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافه ، وقد انعقد إجماع الأمة على
أنه ينزل ، ويحكم بهذه الشريعة المحمدية ، وليس ينزل بشريعة مستقلة عند نزوله من
السماء .
" لوامع الأنوار البهية " ( 2 / 94 ، 95 ) .
ثالثاً :
القاديانية حركة نشأت سنة 1900 م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي
في القارة الهندية ، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص .
ويعتقد القاديانية أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم
بل هي مستمرة ، والله يرسل الرسول حسب الضرورة ، وأن " غلام أحمد " – مؤسس
القاديانية ولد عام 1839 م ، وتوفي عام 1908 م - هو أفضل الأنبياء جميعا !!
ويعتقدون أن جبريل كان ينزل على " غلام أحمد " ، وأنه كان يوحى
إليه ، وأن إلهاماته كالقرآن .
وانظر تفصيل اعتقادهم وبيان كفرهم في جواب السؤال رقم (
4060 ) .
رابعاً :
أما قول الأحمدية - القاديانية – في المسيح عليه السلام : فهو
أنهم يعتقدون أن المسيح عليه السلام صُلِب ولم يمت على الصّليب ، لكنه أُغمِي عليه
، ودُفن ، ثم هرب من قبره إلى " كشمير " ! ومات هناك ميتة طبيعية ، وقبره هناك
موجود .
وهم يؤولون الرفع على أنه مجازي لا حقيقي , أي : رفع المكانة
والمنزلة لا رفع البدن .
وقد جاء اعتقادهم هذا في رسالتين لهم الأولى بعنوان : " المسيح
الناصري في الهند " ، وهي من تأليف ميرزا غلام أحمد نفسه ، والثانية بعنوان " وفاة
المسيح ابن مريم والمراد من نزوله " ، وهي من نشر " الجماعة الإسلامية الأحمدية
العالمية " ، وقد وضعوا على غلافها صورة مزعومة لقبر عيسى عليه السلام في " سري نغر
" بكشمير الهند .
وقد قالوا في ( ص 2 ) : إن عيسى عليه السلام لم يُرفع حيّاً ،
ولم يُلق شبهه على أحد ، وإنما عُلق على الصليب بضع ساعات ، ولما أُنزل كان في حالة
إغماء شديد حتى خُيل إليهم أنه قد مات ، ثم بعد واقعة الصلب هاجر من فلسطين إلى
البلاد الشرقية : العراق ، وإيران ، وأفغانستان ، وكشمير ، والهند ، وعاش عشرين
ومائة سنة .
وقد ادعى ميرزا غلام أحمد القادياني كذباً وزوراً بأن الله أوحى
له بهذا التفسير ، وهو قول بعض النصارى من قبله ، والظاهر أنه سرق الفكرة منهم .
وغرض القاديانية من نشر هذا الاعتقاد في المسيح عيسى عليه السلام
: تسهيل ادعاء أن الأحاديث الواردة في نزول المسيح وخروج المهدي آخر الزمان هي في
خروج القادياني الكذاب ميرزا غلام أحمد .
وقد صرحت الرسالة المشار إليها بذلك إذ جاء فيها ( ص 6 ) :
فالمراد من نزول عيسى ابن مريم : بعثة رجل آخر من أمة المصطفى
صلى الله عليه وسلم ، يشبه عيسى ابن مريم في صفاته وأعماله وحالاته ، وقد ظهر هذا
الموعود في قاديان الهند باسم : ميرزا غلام أحمد ... إماماً مهديّاً ، وجعله الله
مثيل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، فكان هو المسيح الموعود ، والإمام المهدي
للأمة المحمدية الذي وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعثته قائلا: ( لا المهدي –
كذا ، والصواب : مهدي - إلا عيسى ) ابن ماجه، كتاب الفتن . انتهى
.
وفي اعتقاد المسلمين : أن عيسى عليه السلام نبي مرسل ، وأن
المهدي مسلم مصلح لا نبي ولا رسول ، وأن خروج المهدي من علامات الساعة الصغرى ،
ونزول عيسى عليه السلام من علامات الساعة الكبرى ، وبينهما فرق لا يخفى على أحدٍ .
والحديث الذي استدلوا به : ( لا مهدي إلا عيسى ) لا يصح ، بل هو
حديث منكر ، حكم بنكارته جمع من الأئمة ، منهم النسائي والذهبي والألباني، وضعفه
الحاكم والبيهقي والقرطبي وابن تيمية ، بل حكم بوضعه الصغاني .
وانظر : " منهاج السنة " ( 8 / 256 ) ، و " الصواعق المحرقة " للهيتمي ( 2 / 476
) ، و " السلسلة الضعيفة " ( 77 ) .
خامساً :
وأما أن الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – كان يقول بقول
القاديانية : فهذا أبعد ما يكون عن الحق ، وهو محض افتراء على الشيخ ، وذلك من وجوه
كثيرة :
1. مناظرات الشيخ وكتبه ومقالاته أكثر من أن تحصى ، وليس فيها
دعوة للدين القادياني ولا ثناء على زعيمه ولا أتباعه ، ولو كان على طريقتهم لم تخلُ
كتبه من ذلك .
2. والقاديانية ألغت الجهاد من دينها ، فمن دعا إلى مثل ما دعا
إليه القاديانيون فهو منهم ، وحاشا الشيخ أحمد ديدات أن يكون واحداً منهم ، بل كان
ينادي بالجهاد ، ويرى أن السيف والقرآن هما سبيل عزة هذه الأمة .
قال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
سلاحنا الوحيد في مواجهة هذا الخطر الداهم المفزع المروع المسمى
بالتبشير : هو القرآن ، وحمل السيف في سبيل الله لمواجهة هذا الخطر الداهم ، إنها
مقولة مصيرية بين الإيمان والإلحاد , بين الإسلام وقوى الطغيان , بين العدل والجور
, بين النور والظلمات , بين الحق والضلال , فلا ينفع ولا يجدي في هذه المعركة إلا
السيف والقرآن يتعانقان حتى يقيم السيف ما تُرك من القرآن ، ويسود الإسلامُ العالمَ
أجمع ، ويعود المسلمون إلى رشدهم لمواجهة هذا الخطر الكامن في الصليبية والصهيونية
العالمية .
" حوار مع مبشر " ( ص 30 ) المختار الإسلامي .
3. لا ترى القاديانية الصلاة والصوم والحج على ما جاءت به
شريعتنا ، بل لها عندهم معانٍ أُخر ، كما أنهم يرون أن كل من ليس قاديانيا فهو كافر
، ولا يبيحون للقادياني أن يتزوج من غيرهم ، كما أنهم يبيحون الخمر والمسكرات ، فهل
كان الشيخ أحمد ديدات على مثل ما كان عليه أولئك الكفار ؟ اللهم لا .
أ. فالشيخ له كتاب نافع بعنوان " مفهوم العبادة في الإسلام "
طبعة " المختار الإسلامي " ، وقد ذكر فيه ما يتعلق بعبادات المسلم من صلاة وزكاة
وصيام وحج , بآيات وأحاديث ، تدل على سعة علمه ، وعلى حسن اعتقاده .
ب. وقد كان الشيخ متزوجاً من امرأة مسلمة فاضلة ، تخدم الإسلام ،
وتعينه على الدعوة إلى الله ، وهي الأخت " حواء " , ولو صحَّ ما نسب للشيخ من كونه
قاديانيا لكان متزوجاً من كافرة ، وهو لا يجوز عندهم ، بل يراه بعضهم كفراً .
ج. وأما بالنسبة لحرمة الخمر والمخدرات : فالشيخ له كتاب نافع
قوي ، وهو بعنوان " الخمر بين المسيحية والإسلام " وقد نصر فيه الإسلام وأحكامه
بنقله لتحريم الخمر والمسكرات من الكتاب والسنَّة .
ومما جاء في الكتاب :
" الإسلام هو الدين الوحيد على وجه الأرض الذي يحرم المسكرات
بالكامل , وقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ( ما أسكر كثيره فقليله
حرام ) , فلا يوجد عذر في دار الإسلام لمن يرشف رشفة ، أو يتناول جرعة من أي شراب
مسكر , إن القرآن الكريم - كتاب الحق - حرم بأشد العبارات ليس فقط الخمر وما تجلبه
من شرور : بل إنه حرم الميسر " القمار " و " الأنصاب " - التي كانوا يذبحون عندها -
و " الأزلام " - التي كانوا يقتسمون بها - ، أي : أنه حرم الخمر ، وعبادة الأوثان
والأصنام ، والعرافة - أو معرفة البخت - ، وقراءة الطالع في آية واحدة , قال تعالى
: ( يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان
فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة/90 .. .
إن هذا التوجيه الصريح البسيط قد جعل من الأمة الإسلامية أكبر
تجمع من الممتنعين امتناعاً تامّاً عن المسكرات في العالم " .
" الخمر بين المسيحية والإسلام " ( ص 18 ) طبعة " المختار الإسلامي " .
4. ويعتقد القاديانيون بموت المسيح عليه السلام بعد أن صُلب بمدة
، وهم يعتقدون أن الميرزا غلام أحمد هو المسيح وهو المهدي – كما سبق - ، فهل كان
الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – على هذه العقيدة ؟ اللهم لا .
وهذا سؤال وجِّه للشيخ من رجل قادياني حول ختم الرسالة بمحمد صلى
الله عليه وسلم ، وعقيدة القاديانية ، ولنقرأ ماذا قال الشيخ – رحمه الله - :
لأخ يسأل هل أؤمن بأنّ نبيّنا الكريم محمَّداً صلّى اللّه عليه
وسلّم خاتم النّبيّين ؟ هل هو آخر الأنبياء وخاتم الأنبياء ؟ أقول : نعم , لكنّ
القاديانية يقولون بأنّ المسيح يعود في آخر الزّمان , ولذلك فإنّ محمَّداً ليس خاتم
الأنبياء , هذا هو السّؤال ؟ فكيف نجيب ؟ .
إنّ الذي أخذ لقب خاتم الأنبياء لا يمكن أن يُنزَع هذا اللّقب
منه أبداً , فلو أنّني قلتُ إنّني سأعطي لآخر مائة رجل هديّةً , فيأتي الواحد تلو
الآخر , ثمّ يأتي آخر رجل ويأخذ هديّته وجائزته , الآن عندما يرجع أحد الرّجال مرّة
أخرى بعد أن يأخذ الأخير جائزته : فإنّه لا يمكنه أن يأخذها منه .
نبيّنا محمّد صلّى عليه وسلّم أخذ لقبه , وهو آخر الأنبياء ،
وخاتم المرسلين , والقرآن آخر الكتب المنزّلة من عند اللّه , لا نحتاج أيّ إضافة ,
فلا نحتاج رسولاً آخر , ولا نحتاج كتاباً آخر , ذاك الرّجل – وهو السائل القادياني
- لأنّه يريد أن يجعل صاحبه " ميرزا غلام أحمد " هو المسيح في رجوعه الثّاني :
فلهذا السّبب كلّ هذا يثار الآن , يريد أن يربط ميرزا غلام أحمد مع ديدات !! من أجل
أن يأخذ مكانة المسيح عليه السّلام في عودته الثّانية , من أجل أن يعتبر " ميرزا
غلام أحمد " هو المسيح عليه السّلام , فلذلك يريد أن يقتل المسيح - أي : يقول بأنه
قد مات - , ويريد أن يثير كلّ هذا , الآن ماذا يريد من كلّ هذا ؟ إذا أردتَ أن تعمل
من أجل الإسلام , حسنًا , انظر ، النّصارى حولك بالملايين ، لكنّ الظّاهر أنّه ليس
مهتمًّا بالنّصارى , هو مهتمّ بكم أنتم – أي : بالمسلمين - , إذا أردت أن تمارس
الدّعوة : اذهب ومارس الدّعوة على اليهود والنّصارى والهندوس , إنّهم بالملايين حول
العالم , لماذا تريد فتح صراع معي ؟ إنّني مسلم ، أؤمن باللّه ، وبرسوله ، وبالقرآن
الكريم , إنّك تضيّع وقتك معي .
" محاضرة في مسجد جامعة " ألقاها خلال زيارته إلى كينيا سنة 1993 م .
5. ومما يؤكد ما قلناه من نفي اتهام الشيخ أحمد ديدات – رحمه
الله – بالقاديانية : كتابته لشهادة يثبت فيها إسلامه ، ويكفِّر فيها الميرزا غلام
أحمد القادياني ، بل ويكفِّر أتباعه ، وينفي فيه توزيعه أو توزيع مركزه لبعض
تفاسيرهم .
فقد راجت إشاعات في بلده - جنوب إفريقيا - بأنه قادياني ، وأنه
كان يوزع تفسير القرآن للمدعو " محمد أسد " ، مما اضطر الشيخ أحمد ديدات أن يصدر
توضيحاً حول هذا الأمر بتاريخ 23 / 7 / 1987 م أكد فيه تكفيره لميرزا غلام أحمد
القادياني ، كما أعلن تكفيره لكل أتباعه .
وهنا تجدون صورة البراءة من القاديانية وتكفير زعيمها وأتباعه :
http://www.ahmed-deedat.net/Files/Articles/Website/B01.jpg
وهذا نص ترجمتها :
مركز الدعوة الإسلامي العالمي
إشهار
أنا " أحمد حسين ديدات " , رئيس مجلس الدعوة الإسلامية , أشهد
هنا أمام الله , وأنا في كامل الأهلية التامة لشهادة أن لا اله الا الله , محمد
رسول الله .
إنني أومن أن محمَّداً صلى الله عليه وسلم هو النبي والرسول
الخاتم ، وأنه لا نبي ولا رسول بعده .
إنني أومن أن ميرزا غلام أحمد القاديانى ما هو إلا دجال كافر .
إنني أومن أن أولئك الذين يقبلونه كنبي أو رسول أو مجدد أو حتى
إنه رجل عظيم : أنهم كافرون وخارجون عن حظيرة الإسلام .
إن كتابي " crucifixion or crucifiction " يحوي كلمة أخيرة (
الخاتمة ) توضح موقفي فيما أعتقده من عودة المسيح مرة ثانية .
إن مركز الدعوة الإسلامية لم ينشر - مطلقًا - ولم يوزع ولم يبع
أو يشجع على بيع ترجمة محمد أسد لمعاني القرآن الكريم .
أسأل الله أن يحمينا من مروجي الإشاعات المتاجرين ، ومن يعضون من
الخلف ومروجي الفساد .
أحمد ديدات .
وما سبق يؤكد أن اتهام الشيخ أحمد ديدات بالقاديانية لم يأتِ إلا
من كافر أراد تشويه دين الشيخ وصد الناس عنه بعد أن نجح بإدخال الآلاف في الإسلام ،
أو من حاسد ساءه ما رأى من تعظيم الناس – خاصتهم وعامتهم – للشيخ ، أو من جاهل قرأ
أو سمع شيئا من كلام الشيخ – رحمه الله – وأساء الفهم وغلَّب سوء الظن على حسنه .
سادساً :
ما هو موقف الشيخ أحمد ديدات من صلب المسيح عليه السلام وقتله ؟.
مما لا شك فيه عندنا أن الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - ينفي
الصلب والقتل معاً عن المسيح عليه السلام ، ولا يتجاوز ما جاء في قوله تعالى : (
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) النساء/ من
الآية 157 .
أ. قال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
لا أتوقع أن يسألني أي شخص عن عقيدتي كمسلم فيما يتعلق بموضوع
الصلب ، عقيدتي هي عقيدة القرآن كما وردت بدقة في الآية 157 من سورة النساء .
" مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء " ( ص 88 ) دار الفضيلة .
ويجب أن ننبه إلى أن المدعو " على الجوهري " هو مترجم الكتاب
السابق – وغيره كذلك – وهو يرى نظرية " الإغماء " التي يقول بها القاديانيون ،
ويدافع عنها بشدة في تعليقاته على الكتاب ، بل ويعيب على المسلمين عدم تبنيها ،
ويراها غير مخالفة لما جاء في القرآن !
ب. وقال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
فهم لم يقتلوه ولم يصلبوه ، ولكن بدا لهم كأنهم فعلوا ذلك ، فقد
ظنوا أنهم فعلوا ولكنهم لم يصلبوا ولم يقتلوا المسيح .. لأنه من المؤكد أنهم لم
يقتلوه ، هذا هو مفهوم المسلمين لشبهة صلب المسيح وقتله ، هي أنهم لم يقتلوه ، ولكن
هذا ما ظنوه في عقولهم أنهم فعلوه .
" عيسى إله أم بشر أم أسطورة ؟ " ( ص 112 ) ترجمة محمد مختار .
ج. وقال – رحمه الله - :
إن الذي صُلب هو شخص آخر يشبهه ، أما إنجيل " برنابا " فيؤيد
النظرية التي تقول إن شخصاً آخر قتل محله على الصليب ، وهذا يتفق مع وجهة نظرنا نحن
المسلمين ، فهنا الشبهة التي حصلت بقتلهم شخصاً آخر يشبهه .
" عيسى إله أم بشر أم أسطورة ؟ " ( ص 138 ) .
والقاديانيون يرون أن المسيح عليه السلام صُلب ، بينما نجد النص
في كتاب الله تعالى على نفيه ، وهو ما يقول به الشيخ أحمد ديدات ، وهو إن كان
يخالفهم في الصلب فكيف سيوافقهم في الموت أو القتل ؟! .
د. وفي بداية مناظرة الشيخ – رحمه الله - مع " فلويد كلارك "
والتي كانت بعنوان " هل صلب المسيح ؟ " بيَّن الشيخ عقيدته الصحيحة في المسيح عليه
السلام بذكر الآيات من سورة النساء ، ثم أخذ في استخدام أدلتهم ليقيم الحجة عليهم
في بطلان عقيدتهم .
ومما جاء في تلك المناظرة قوله :
" بالنسبة للمسلمين : فإن الأمر محسوم ، إن المسيح لم يُقتل ولم
يُصلب ، فهي نقطة لا يختلف عليها المسلمون ، وإن المسيحيين يتبعون الظن ، وما قتلوه
يقيناً .
وقال :
سنثبت أن المسيح عليه السلام لم يمت على الصليب كما يدعى النصارى
لأنه لم يصلب أصلا , و ذلك من خلال كتبهم تماشياً مع قول الله تعالى : ( قل هاتوا
برهانكم ) .
وقال :
ومهما يكن : فهو لم يُقتل ولم يُصلب , وذلك وفقاً لكتاب الله .
هـ. وفي بداية مناظرته - رحمه الله - مع " روبرت دوجلاس " والتي
كانت بعنوان " صلب المسيح حقيقة أم خيال ؟ " بيَّن الشيخ - رحمه الله – اعتقاده وفق
القرآن الكريم .
و. وقال – رحمه الله - :
وهذا يعني أن هؤلاء القوم – أي : اليهود - اعتقدوا أن عيسى كان
مدعيّاً للنبوة ، وأنهم قتلوه ، وتخلصوا منه , ولكن الله سبحانه وتعالى بيَّن لهم
أنهم ما قتلوه ، وما صلبوه ، ولكن شبِّه لهم , فهم لم يقتلوه ولم يصلبوه ولكن بدا
لهم كأنهم فعلوا ذلك , فقد ظنوا أنهم فعلوا ذلك , ولكنهم لم يصلبوا ولم يقتلوا
المسيح ... .
وقال :
( وما قتلوه يقينا ) لأنه من المؤكد أنهم لم يقتلوه ، هذا هو
مفهوم المسلمين لشبهة صلب المسيح وقتله ، وهي أنهم لم يصلبوه ، ولم يقتلوه ، ولكن
هذا ما ظنوا في عقولهم أنهم فعلوه ، وهم لم يفعلوا ذلك ، هذا ما نؤمن به نحن
المسلمين .
" هل عيسى إله أم بشر أم أسطورة " ( ص 111 ، 112 ) طبعة " المختار الإسلامي " .
ز. وقال – رحمه الله - :
وهو قوله تعالى ( بل رفعه الله إليه ) ، وهذا يعنى أن المسيح
عيسى عليه السلام لم يذق الموت بل رفعه الله إليه ، وأنا أؤمن بعودة المسيح عيسى
عليه السلام قبل يوم القيامة .
" هل عيسى إله أم بشر أم أسطورة ؟ " ( ص 118 ) طبعة " المختار الإسلامي " ص 118
.
والخلاصة :
أنه لا يستغرب اتهام الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – من الكفار
بأنه قادياني ، وهو الذي يرى كفرهم كلهم ، لكن المستغرب أن يأتي حاسد أو جاهل فيأخذ
بعض كلام الشيخ ويحمله على أسوء المحامل ، وفي أحسن صور ذلك الكلام أنه يكون من
المتشابه ، وقد نقلنا كثيراً من كلامه المحكم فيما يتعلق بدينه ، وموقفه من
القاديانية ، واعتقاده في صلب المسيح عليه السلام ، فكل من يأتي بكلام خلاف هذا
فليتق الله تعالى ، وليعلم أنه متشابه ، فليحمله على المحكم ، أو لينتبه فقد يكون
الشيخ – رحمه الله – قاله على سبيل التنزل مع الخصم ، أو كان يريد محاججة القوم بما
عندهم من اعتقاد ليلزمهم به .
ونسأل الله تعالى أن يرحم الشيخ أحمد ديدات ، وأن يُكرمه ، ويعلي
منزلته .
والله أعلم .
الله ، حيث علت أصوات تتهمه بأنه كان من طائفة الأحمدية والتي مقرها
الرئيس باكستان ، ويستشهدون بما قد يورده الشيخ أحيانا في مناظراته من
النظرية التي تقول بأن المسيح صلب ولكنه لم يمت على الصليب ، وإنما أغمي
عليه فحسب ، ولكنه مات بعد ذلك في حادث عرضي ثم رفعت روحه إلى السماء .
أود أن أعرف ما هي وجهة نظر الداعية المعروف " أحمد ديدات " ؟ وهل
تلك الاتهامات صحيحة ؟ حيث إني من محبي الشيخ عليه رحمة الله ، وأتابع
بشغف مناظراته ، ومؤلفاته ، ولكم جزيل الشكر .
الحمد لله
أولاً:
ولد الشيخ أحمد حسين ديدات في مدينة " سيرات " بالهند عام 1918 م
, وقد هاجر والده إلى دولة " جنوب أفريقيا " بعد وقت قصير من ولادته ، وعندما بلغ
تسع سنوات ماتت والدته ، فلحق بأبيه إلى جنوب أفريقيا حيث عاش هناك بقية عمره .
وفي جنوب أفريقيا خرج الشيخ أحمد ديدات إلى العالم في أول مناظرة
عالمية عام 1977 م بقاعة ألبرت هول في " بريطانيا " ، وقد ناظر كبار رجال الدين
النصراني أمثال : كلارك –، وجيمي سواجارت ، وأنيس شروش ، وغيرهم ، وقد انتفع بها
المسلمون فثبت اعتقادهم بالإسلام والقرآن ، وعرفوا التحريف والكذب في الأديان
المحرفة ، كما انتفع بها بعض من منَّ الله عليه بالهداية من النصارى .
وفي يوم الاثنين الثامن من أغسطس 2005 م توفي الداعية والشيخ
المجاهد أحمد ديدات ، وقد لاقى ربَّه عن عمر يناهز ( 87 ) عاماً بمنزله في منطقة "
فيرولام " بإقليم " كوازولو ناتال " بجنوب إفريقية بعد صراع طويل مع المرض .
ثانياً :
وأما اعتقاد المسلمين في المسيح عليه السلام : فهو اعتقاد دليله
الكتاب والسنَّة ، فالمسيح عيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل ، ويعتقد
المسلمون بأن عيسى عليه السلام رفعه الله تعالى إلى السماء حياً ، وأنه لم يصلب ولم
يُقتل ، وأنه باقٍ حيّاً فيها إلى قرب قيام الساعة ، وأنه سينزل إلى الأرض فيقتل
الدجال ، ويكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويحكم بالشريعة الإسلامية ، ثم يموت –
عليه السلام – كسائر البشر .
قال الإمام أبو محمد عبد الحق بن عطية - رحمه الله - :
وأجمعت الأمة على ما تضمنه الحديث المتواتر من أن عيسى عليه
السلام في السماء حي ، وأنه ينزل في آخر الزمان فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ،
ويقتل الدجال ، ويفيض العدل ، ويظهر هذه الملة - ملة محمد - ويحج البيت ويعتمر ،
......ثم يميته الله تعالى .
" المحرر الوجيز " ( 3 / 143 ) .
ويقول السفاريني – رحمه الله - :
فقد أجمعت الأمة على نزوله ، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ،
وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافه ، وقد انعقد إجماع الأمة على
أنه ينزل ، ويحكم بهذه الشريعة المحمدية ، وليس ينزل بشريعة مستقلة عند نزوله من
السماء .
" لوامع الأنوار البهية " ( 2 / 94 ، 95 ) .
ثالثاً :
القاديانية حركة نشأت سنة 1900 م بتخطيط من الاستعمار الإنجليزي
في القارة الهندية ، بهدف إبعاد المسلمين عن دينهم وعن فريضة الجهاد بشكل خاص .
ويعتقد القاديانية أن النبوة لم تختم بمحمد صلى الله عليه وسلم
بل هي مستمرة ، والله يرسل الرسول حسب الضرورة ، وأن " غلام أحمد " – مؤسس
القاديانية ولد عام 1839 م ، وتوفي عام 1908 م - هو أفضل الأنبياء جميعا !!
ويعتقدون أن جبريل كان ينزل على " غلام أحمد " ، وأنه كان يوحى
إليه ، وأن إلهاماته كالقرآن .
وانظر تفصيل اعتقادهم وبيان كفرهم في جواب السؤال رقم (
4060 ) .
رابعاً :
أما قول الأحمدية - القاديانية – في المسيح عليه السلام : فهو
أنهم يعتقدون أن المسيح عليه السلام صُلِب ولم يمت على الصّليب ، لكنه أُغمِي عليه
، ودُفن ، ثم هرب من قبره إلى " كشمير " ! ومات هناك ميتة طبيعية ، وقبره هناك
موجود .
وهم يؤولون الرفع على أنه مجازي لا حقيقي , أي : رفع المكانة
والمنزلة لا رفع البدن .
وقد جاء اعتقادهم هذا في رسالتين لهم الأولى بعنوان : " المسيح
الناصري في الهند " ، وهي من تأليف ميرزا غلام أحمد نفسه ، والثانية بعنوان " وفاة
المسيح ابن مريم والمراد من نزوله " ، وهي من نشر " الجماعة الإسلامية الأحمدية
العالمية " ، وقد وضعوا على غلافها صورة مزعومة لقبر عيسى عليه السلام في " سري نغر
" بكشمير الهند .
وقد قالوا في ( ص 2 ) : إن عيسى عليه السلام لم يُرفع حيّاً ،
ولم يُلق شبهه على أحد ، وإنما عُلق على الصليب بضع ساعات ، ولما أُنزل كان في حالة
إغماء شديد حتى خُيل إليهم أنه قد مات ، ثم بعد واقعة الصلب هاجر من فلسطين إلى
البلاد الشرقية : العراق ، وإيران ، وأفغانستان ، وكشمير ، والهند ، وعاش عشرين
ومائة سنة .
وقد ادعى ميرزا غلام أحمد القادياني كذباً وزوراً بأن الله أوحى
له بهذا التفسير ، وهو قول بعض النصارى من قبله ، والظاهر أنه سرق الفكرة منهم .
وغرض القاديانية من نشر هذا الاعتقاد في المسيح عيسى عليه السلام
: تسهيل ادعاء أن الأحاديث الواردة في نزول المسيح وخروج المهدي آخر الزمان هي في
خروج القادياني الكذاب ميرزا غلام أحمد .
وقد صرحت الرسالة المشار إليها بذلك إذ جاء فيها ( ص 6 ) :
فالمراد من نزول عيسى ابن مريم : بعثة رجل آخر من أمة المصطفى
صلى الله عليه وسلم ، يشبه عيسى ابن مريم في صفاته وأعماله وحالاته ، وقد ظهر هذا
الموعود في قاديان الهند باسم : ميرزا غلام أحمد ... إماماً مهديّاً ، وجعله الله
مثيل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، فكان هو المسيح الموعود ، والإمام المهدي
للأمة المحمدية الذي وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعثته قائلا: ( لا المهدي –
كذا ، والصواب : مهدي - إلا عيسى ) ابن ماجه، كتاب الفتن . انتهى
.
وفي اعتقاد المسلمين : أن عيسى عليه السلام نبي مرسل ، وأن
المهدي مسلم مصلح لا نبي ولا رسول ، وأن خروج المهدي من علامات الساعة الصغرى ،
ونزول عيسى عليه السلام من علامات الساعة الكبرى ، وبينهما فرق لا يخفى على أحدٍ .
والحديث الذي استدلوا به : ( لا مهدي إلا عيسى ) لا يصح ، بل هو
حديث منكر ، حكم بنكارته جمع من الأئمة ، منهم النسائي والذهبي والألباني، وضعفه
الحاكم والبيهقي والقرطبي وابن تيمية ، بل حكم بوضعه الصغاني .
وانظر : " منهاج السنة " ( 8 / 256 ) ، و " الصواعق المحرقة " للهيتمي ( 2 / 476
) ، و " السلسلة الضعيفة " ( 77 ) .
خامساً :
وأما أن الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – كان يقول بقول
القاديانية : فهذا أبعد ما يكون عن الحق ، وهو محض افتراء على الشيخ ، وذلك من وجوه
كثيرة :
1. مناظرات الشيخ وكتبه ومقالاته أكثر من أن تحصى ، وليس فيها
دعوة للدين القادياني ولا ثناء على زعيمه ولا أتباعه ، ولو كان على طريقتهم لم تخلُ
كتبه من ذلك .
2. والقاديانية ألغت الجهاد من دينها ، فمن دعا إلى مثل ما دعا
إليه القاديانيون فهو منهم ، وحاشا الشيخ أحمد ديدات أن يكون واحداً منهم ، بل كان
ينادي بالجهاد ، ويرى أن السيف والقرآن هما سبيل عزة هذه الأمة .
قال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
سلاحنا الوحيد في مواجهة هذا الخطر الداهم المفزع المروع المسمى
بالتبشير : هو القرآن ، وحمل السيف في سبيل الله لمواجهة هذا الخطر الداهم ، إنها
مقولة مصيرية بين الإيمان والإلحاد , بين الإسلام وقوى الطغيان , بين العدل والجور
, بين النور والظلمات , بين الحق والضلال , فلا ينفع ولا يجدي في هذه المعركة إلا
السيف والقرآن يتعانقان حتى يقيم السيف ما تُرك من القرآن ، ويسود الإسلامُ العالمَ
أجمع ، ويعود المسلمون إلى رشدهم لمواجهة هذا الخطر الكامن في الصليبية والصهيونية
العالمية .
" حوار مع مبشر " ( ص 30 ) المختار الإسلامي .
3. لا ترى القاديانية الصلاة والصوم والحج على ما جاءت به
شريعتنا ، بل لها عندهم معانٍ أُخر ، كما أنهم يرون أن كل من ليس قاديانيا فهو كافر
، ولا يبيحون للقادياني أن يتزوج من غيرهم ، كما أنهم يبيحون الخمر والمسكرات ، فهل
كان الشيخ أحمد ديدات على مثل ما كان عليه أولئك الكفار ؟ اللهم لا .
أ. فالشيخ له كتاب نافع بعنوان " مفهوم العبادة في الإسلام "
طبعة " المختار الإسلامي " ، وقد ذكر فيه ما يتعلق بعبادات المسلم من صلاة وزكاة
وصيام وحج , بآيات وأحاديث ، تدل على سعة علمه ، وعلى حسن اعتقاده .
ب. وقد كان الشيخ متزوجاً من امرأة مسلمة فاضلة ، تخدم الإسلام ،
وتعينه على الدعوة إلى الله ، وهي الأخت " حواء " , ولو صحَّ ما نسب للشيخ من كونه
قاديانيا لكان متزوجاً من كافرة ، وهو لا يجوز عندهم ، بل يراه بعضهم كفراً .
ج. وأما بالنسبة لحرمة الخمر والمخدرات : فالشيخ له كتاب نافع
قوي ، وهو بعنوان " الخمر بين المسيحية والإسلام " وقد نصر فيه الإسلام وأحكامه
بنقله لتحريم الخمر والمسكرات من الكتاب والسنَّة .
ومما جاء في الكتاب :
" الإسلام هو الدين الوحيد على وجه الأرض الذي يحرم المسكرات
بالكامل , وقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ( ما أسكر كثيره فقليله
حرام ) , فلا يوجد عذر في دار الإسلام لمن يرشف رشفة ، أو يتناول جرعة من أي شراب
مسكر , إن القرآن الكريم - كتاب الحق - حرم بأشد العبارات ليس فقط الخمر وما تجلبه
من شرور : بل إنه حرم الميسر " القمار " و " الأنصاب " - التي كانوا يذبحون عندها -
و " الأزلام " - التي كانوا يقتسمون بها - ، أي : أنه حرم الخمر ، وعبادة الأوثان
والأصنام ، والعرافة - أو معرفة البخت - ، وقراءة الطالع في آية واحدة , قال تعالى
: ( يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان
فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة/90 .. .
إن هذا التوجيه الصريح البسيط قد جعل من الأمة الإسلامية أكبر
تجمع من الممتنعين امتناعاً تامّاً عن المسكرات في العالم " .
" الخمر بين المسيحية والإسلام " ( ص 18 ) طبعة " المختار الإسلامي " .
4. ويعتقد القاديانيون بموت المسيح عليه السلام بعد أن صُلب بمدة
، وهم يعتقدون أن الميرزا غلام أحمد هو المسيح وهو المهدي – كما سبق - ، فهل كان
الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – على هذه العقيدة ؟ اللهم لا .
وهذا سؤال وجِّه للشيخ من رجل قادياني حول ختم الرسالة بمحمد صلى
الله عليه وسلم ، وعقيدة القاديانية ، ولنقرأ ماذا قال الشيخ – رحمه الله - :
لأخ يسأل هل أؤمن بأنّ نبيّنا الكريم محمَّداً صلّى اللّه عليه
وسلّم خاتم النّبيّين ؟ هل هو آخر الأنبياء وخاتم الأنبياء ؟ أقول : نعم , لكنّ
القاديانية يقولون بأنّ المسيح يعود في آخر الزّمان , ولذلك فإنّ محمَّداً ليس خاتم
الأنبياء , هذا هو السّؤال ؟ فكيف نجيب ؟ .
إنّ الذي أخذ لقب خاتم الأنبياء لا يمكن أن يُنزَع هذا اللّقب
منه أبداً , فلو أنّني قلتُ إنّني سأعطي لآخر مائة رجل هديّةً , فيأتي الواحد تلو
الآخر , ثمّ يأتي آخر رجل ويأخذ هديّته وجائزته , الآن عندما يرجع أحد الرّجال مرّة
أخرى بعد أن يأخذ الأخير جائزته : فإنّه لا يمكنه أن يأخذها منه .
نبيّنا محمّد صلّى عليه وسلّم أخذ لقبه , وهو آخر الأنبياء ،
وخاتم المرسلين , والقرآن آخر الكتب المنزّلة من عند اللّه , لا نحتاج أيّ إضافة ,
فلا نحتاج رسولاً آخر , ولا نحتاج كتاباً آخر , ذاك الرّجل – وهو السائل القادياني
- لأنّه يريد أن يجعل صاحبه " ميرزا غلام أحمد " هو المسيح في رجوعه الثّاني :
فلهذا السّبب كلّ هذا يثار الآن , يريد أن يربط ميرزا غلام أحمد مع ديدات !! من أجل
أن يأخذ مكانة المسيح عليه السّلام في عودته الثّانية , من أجل أن يعتبر " ميرزا
غلام أحمد " هو المسيح عليه السّلام , فلذلك يريد أن يقتل المسيح - أي : يقول بأنه
قد مات - , ويريد أن يثير كلّ هذا , الآن ماذا يريد من كلّ هذا ؟ إذا أردتَ أن تعمل
من أجل الإسلام , حسنًا , انظر ، النّصارى حولك بالملايين ، لكنّ الظّاهر أنّه ليس
مهتمًّا بالنّصارى , هو مهتمّ بكم أنتم – أي : بالمسلمين - , إذا أردت أن تمارس
الدّعوة : اذهب ومارس الدّعوة على اليهود والنّصارى والهندوس , إنّهم بالملايين حول
العالم , لماذا تريد فتح صراع معي ؟ إنّني مسلم ، أؤمن باللّه ، وبرسوله ، وبالقرآن
الكريم , إنّك تضيّع وقتك معي .
" محاضرة في مسجد جامعة " ألقاها خلال زيارته إلى كينيا سنة 1993 م .
5. ومما يؤكد ما قلناه من نفي اتهام الشيخ أحمد ديدات – رحمه
الله – بالقاديانية : كتابته لشهادة يثبت فيها إسلامه ، ويكفِّر فيها الميرزا غلام
أحمد القادياني ، بل ويكفِّر أتباعه ، وينفي فيه توزيعه أو توزيع مركزه لبعض
تفاسيرهم .
فقد راجت إشاعات في بلده - جنوب إفريقيا - بأنه قادياني ، وأنه
كان يوزع تفسير القرآن للمدعو " محمد أسد " ، مما اضطر الشيخ أحمد ديدات أن يصدر
توضيحاً حول هذا الأمر بتاريخ 23 / 7 / 1987 م أكد فيه تكفيره لميرزا غلام أحمد
القادياني ، كما أعلن تكفيره لكل أتباعه .
وهنا تجدون صورة البراءة من القاديانية وتكفير زعيمها وأتباعه :
http://www.ahmed-deedat.net/Files/Articles/Website/B01.jpg
وهذا نص ترجمتها :
مركز الدعوة الإسلامي العالمي
إشهار
أنا " أحمد حسين ديدات " , رئيس مجلس الدعوة الإسلامية , أشهد
هنا أمام الله , وأنا في كامل الأهلية التامة لشهادة أن لا اله الا الله , محمد
رسول الله .
إنني أومن أن محمَّداً صلى الله عليه وسلم هو النبي والرسول
الخاتم ، وأنه لا نبي ولا رسول بعده .
إنني أومن أن ميرزا غلام أحمد القاديانى ما هو إلا دجال كافر .
إنني أومن أن أولئك الذين يقبلونه كنبي أو رسول أو مجدد أو حتى
إنه رجل عظيم : أنهم كافرون وخارجون عن حظيرة الإسلام .
إن كتابي " crucifixion or crucifiction " يحوي كلمة أخيرة (
الخاتمة ) توضح موقفي فيما أعتقده من عودة المسيح مرة ثانية .
إن مركز الدعوة الإسلامية لم ينشر - مطلقًا - ولم يوزع ولم يبع
أو يشجع على بيع ترجمة محمد أسد لمعاني القرآن الكريم .
أسأل الله أن يحمينا من مروجي الإشاعات المتاجرين ، ومن يعضون من
الخلف ومروجي الفساد .
أحمد ديدات .
وما سبق يؤكد أن اتهام الشيخ أحمد ديدات بالقاديانية لم يأتِ إلا
من كافر أراد تشويه دين الشيخ وصد الناس عنه بعد أن نجح بإدخال الآلاف في الإسلام ،
أو من حاسد ساءه ما رأى من تعظيم الناس – خاصتهم وعامتهم – للشيخ ، أو من جاهل قرأ
أو سمع شيئا من كلام الشيخ – رحمه الله – وأساء الفهم وغلَّب سوء الظن على حسنه .
سادساً :
ما هو موقف الشيخ أحمد ديدات من صلب المسيح عليه السلام وقتله ؟.
مما لا شك فيه عندنا أن الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - ينفي
الصلب والقتل معاً عن المسيح عليه السلام ، ولا يتجاوز ما جاء في قوله تعالى : (
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) النساء/ من
الآية 157 .
أ. قال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
لا أتوقع أن يسألني أي شخص عن عقيدتي كمسلم فيما يتعلق بموضوع
الصلب ، عقيدتي هي عقيدة القرآن كما وردت بدقة في الآية 157 من سورة النساء .
" مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء " ( ص 88 ) دار الفضيلة .
ويجب أن ننبه إلى أن المدعو " على الجوهري " هو مترجم الكتاب
السابق – وغيره كذلك – وهو يرى نظرية " الإغماء " التي يقول بها القاديانيون ،
ويدافع عنها بشدة في تعليقاته على الكتاب ، بل ويعيب على المسلمين عدم تبنيها ،
ويراها غير مخالفة لما جاء في القرآن !
ب. وقال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله - :
فهم لم يقتلوه ولم يصلبوه ، ولكن بدا لهم كأنهم فعلوا ذلك ، فقد
ظنوا أنهم فعلوا ولكنهم لم يصلبوا ولم يقتلوا المسيح .. لأنه من المؤكد أنهم لم
يقتلوه ، هذا هو مفهوم المسلمين لشبهة صلب المسيح وقتله ، هي أنهم لم يقتلوه ، ولكن
هذا ما ظنوه في عقولهم أنهم فعلوه .
" عيسى إله أم بشر أم أسطورة ؟ " ( ص 112 ) ترجمة محمد مختار .
ج. وقال – رحمه الله - :
إن الذي صُلب هو شخص آخر يشبهه ، أما إنجيل " برنابا " فيؤيد
النظرية التي تقول إن شخصاً آخر قتل محله على الصليب ، وهذا يتفق مع وجهة نظرنا نحن
المسلمين ، فهنا الشبهة التي حصلت بقتلهم شخصاً آخر يشبهه .
" عيسى إله أم بشر أم أسطورة ؟ " ( ص 138 ) .
والقاديانيون يرون أن المسيح عليه السلام صُلب ، بينما نجد النص
في كتاب الله تعالى على نفيه ، وهو ما يقول به الشيخ أحمد ديدات ، وهو إن كان
يخالفهم في الصلب فكيف سيوافقهم في الموت أو القتل ؟! .
د. وفي بداية مناظرة الشيخ – رحمه الله - مع " فلويد كلارك "
والتي كانت بعنوان " هل صلب المسيح ؟ " بيَّن الشيخ عقيدته الصحيحة في المسيح عليه
السلام بذكر الآيات من سورة النساء ، ثم أخذ في استخدام أدلتهم ليقيم الحجة عليهم
في بطلان عقيدتهم .
ومما جاء في تلك المناظرة قوله :
" بالنسبة للمسلمين : فإن الأمر محسوم ، إن المسيح لم يُقتل ولم
يُصلب ، فهي نقطة لا يختلف عليها المسلمون ، وإن المسيحيين يتبعون الظن ، وما قتلوه
يقيناً .
وقال :
سنثبت أن المسيح عليه السلام لم يمت على الصليب كما يدعى النصارى
لأنه لم يصلب أصلا , و ذلك من خلال كتبهم تماشياً مع قول الله تعالى : ( قل هاتوا
برهانكم ) .
وقال :
ومهما يكن : فهو لم يُقتل ولم يُصلب , وذلك وفقاً لكتاب الله .
هـ. وفي بداية مناظرته - رحمه الله - مع " روبرت دوجلاس " والتي
كانت بعنوان " صلب المسيح حقيقة أم خيال ؟ " بيَّن الشيخ - رحمه الله – اعتقاده وفق
القرآن الكريم .
و. وقال – رحمه الله - :
وهذا يعني أن هؤلاء القوم – أي : اليهود - اعتقدوا أن عيسى كان
مدعيّاً للنبوة ، وأنهم قتلوه ، وتخلصوا منه , ولكن الله سبحانه وتعالى بيَّن لهم
أنهم ما قتلوه ، وما صلبوه ، ولكن شبِّه لهم , فهم لم يقتلوه ولم يصلبوه ولكن بدا
لهم كأنهم فعلوا ذلك , فقد ظنوا أنهم فعلوا ذلك , ولكنهم لم يصلبوا ولم يقتلوا
المسيح ... .
وقال :
( وما قتلوه يقينا ) لأنه من المؤكد أنهم لم يقتلوه ، هذا هو
مفهوم المسلمين لشبهة صلب المسيح وقتله ، وهي أنهم لم يصلبوه ، ولم يقتلوه ، ولكن
هذا ما ظنوا في عقولهم أنهم فعلوه ، وهم لم يفعلوا ذلك ، هذا ما نؤمن به نحن
المسلمين .
" هل عيسى إله أم بشر أم أسطورة " ( ص 111 ، 112 ) طبعة " المختار الإسلامي " .
ز. وقال – رحمه الله - :
وهو قوله تعالى ( بل رفعه الله إليه ) ، وهذا يعنى أن المسيح
عيسى عليه السلام لم يذق الموت بل رفعه الله إليه ، وأنا أؤمن بعودة المسيح عيسى
عليه السلام قبل يوم القيامة .
" هل عيسى إله أم بشر أم أسطورة ؟ " ( ص 118 ) طبعة " المختار الإسلامي " ص 118
.
والخلاصة :
أنه لا يستغرب اتهام الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – من الكفار
بأنه قادياني ، وهو الذي يرى كفرهم كلهم ، لكن المستغرب أن يأتي حاسد أو جاهل فيأخذ
بعض كلام الشيخ ويحمله على أسوء المحامل ، وفي أحسن صور ذلك الكلام أنه يكون من
المتشابه ، وقد نقلنا كثيراً من كلامه المحكم فيما يتعلق بدينه ، وموقفه من
القاديانية ، واعتقاده في صلب المسيح عليه السلام ، فكل من يأتي بكلام خلاف هذا
فليتق الله تعالى ، وليعلم أنه متشابه ، فليحمله على المحكم ، أو لينتبه فقد يكون
الشيخ – رحمه الله – قاله على سبيل التنزل مع الخصم ، أو كان يريد محاججة القوم بما
عندهم من اعتقاد ليلزمهم به .
ونسأل الله تعالى أن يرحم الشيخ أحمد ديدات ، وأن يُكرمه ، ويعلي
منزلته .
والله أعلم .