صحيح أنه ثقيل على النفس أحياناً أن تواجَه بحقيقة تقصيرها، وخذلانها قضية
عظيمة وجليلة بوزن القدس والمقدسات، لكنها الحقيقة التي لا عذر لنا إن
زهدنا في الوقوف عندها، واعتبرنا أنفسنا مبرئين من سمة الغثائية التي
اعتدنا وسم الأمة بها، فإذا بها تغزونا هنا في أرض الرباط وتكبل أطرافنا
حتى عن نصرة مقدساتنا!
مسيرة بالآلاف جرت في القدس يوم الأربعاء الفائت لمغتصبين صهاينة أساؤوا
فيها للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تحدياً لمشاعر المسلمين وإنكاراً
لحقهم في القدس، ومع ذلك فلم نلمس صدى لهذه الحادثة إلا من إشارات إعلامية
باهتة، وإدانات مكرورة فقدت مفعولها مع الزمن وتعودت عليها الأسماع، وبات مستقراً في الشعور أن الانتصار الحقيقي للأقصى لم يعد ممكنا.
ربما يتعين علينا القول إن قضية القدس والأقصى (ومن قبلها قضية فلسطين) قد فقدت بريقها لدى أهل فلسطين، ومن خلفهم الشعوب العربية والإسلامية،
لأن الناظر في واقعنا سيجد أن الكل عاجز ومكبل اليدين، وأن تلك الروح التي
كانت تنبض عشقاً للقدس وغيرة على مقدساتها قد غادرتنا، ولم تعد تسكن سوى
في أفئدة تلك الثلة المرابطة من أهلنا في مناطق الـ 48، أي الشيخ رائد صلاح
وصحبه وأبناء الحركة الإسلامية هناك، فهؤلاء –عمليا- هم جنود الأقصى
الحقيقيون، وهم من يمتلكون أدوات نصرته وإبقائه هماً حاضراً على الدوام،
وعامل تجييش للمشاعر والطاقات، ومحركاً للهمم والعزائم.
أما واقع الضفة وغزة والشتات فيقول إن الفصائل الفلسطينية كلّها مطالبة
اليوم بأن تعمل على إصلاح الخلل الذي أصاب بنيان تلك الروح التي كانت على
مرّ مراحل الصراع محركة للنهوض وباعثة على الانتفاض دون توقف عند الحسابات
المقيّدة للحراك والتفاعل، ومطالبة بأن توحّد قواعدها على القضايا الوطنية
محلّ الإجماع وعلى رأسها قضية القدس، وتدمجها في فعاليات متواصلة تساهم في
إذكاء الروح الوطنية من جديد، وتغليب الانتماء لها على التعصب للفصيل أو
التحرك ضمن الإطارات المفضية إلى مصلحته الخاصة وحسب.
القصور العام تجاه قضية بوزن القدس والأقصى ليس مردّه انعدام آليات النصرة،
وضيق ذات يد البعيدين عنه والمحرومين من الوصول إليه، بل في غياب قضيته
شبه الكامل عن نبض اهتمامنا وأولويات حراكنا، لأن من يحمل همّ قضية بحقّ
يتوحد ويتماهى معها فعلاً وقولاً، بل تصبح بوصلة مسيره وقبلة ناظريه،
وسيبدع من آليات التفاعل ما لا حصر له من وسائل، أما حالنا اليوم فيقول
إننا منشغلون عن قضية الأقصى حدّ النسيان، وذاهلون عن حاله وتزاحم الأخطار
من حوله، وإننا لم نؤدّ ذلك الجزء اليسير من الواجب تجاهه.
لدينا جيل جديد لم يعرف عن الأقصى سوى تلك الهالة التقليدية المرسومة في
وجدانه، والتي أصابها الجمود فلم تعد قادرة على استحضاره رمزاً ساطعاً
يتقدّم جميع الاهتمامات، ولدينا في المقابل جيل قديم يطحنه اليأس ويسيطر
عليه الجفاء تجاه تلك المعاني التي كانت رمزية الأقصى فيما مضى تصبها في
وعيه وروحه، ولدينا فوق ذلك حصار يهودي حول الأقصى يغذي البعد ويعمق حالة
الجفاء، وقبل كل هذا هناك حالة شلل تطال المفاصل الفلسطينية ولا تغري إلا
بمزيد من القعود، لأن منطق التسويات والارتهان للقمة العيش والجري الدائم
وراءها أورث شعبنا حالة من الخمول والسلبية قد لا يتخلص منها إلا بحدث
مزلزل غير مسبوق، ونسأل الله ألا يكون ذلك الحدث هدم الأقصى أو انهياره أو
حتى إحراقه!
عظيمة وجليلة بوزن القدس والمقدسات، لكنها الحقيقة التي لا عذر لنا إن
زهدنا في الوقوف عندها، واعتبرنا أنفسنا مبرئين من سمة الغثائية التي
اعتدنا وسم الأمة بها، فإذا بها تغزونا هنا في أرض الرباط وتكبل أطرافنا
حتى عن نصرة مقدساتنا!
مسيرة بالآلاف جرت في القدس يوم الأربعاء الفائت لمغتصبين صهاينة أساؤوا
فيها للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت تحدياً لمشاعر المسلمين وإنكاراً
لحقهم في القدس، ومع ذلك فلم نلمس صدى لهذه الحادثة إلا من إشارات إعلامية
باهتة، وإدانات مكرورة فقدت مفعولها مع الزمن وتعودت عليها الأسماع، وبات مستقراً في الشعور أن الانتصار الحقيقي للأقصى لم يعد ممكنا.
ربما يتعين علينا القول إن قضية القدس والأقصى (ومن قبلها قضية فلسطين) قد فقدت بريقها لدى أهل فلسطين، ومن خلفهم الشعوب العربية والإسلامية،
لأن الناظر في واقعنا سيجد أن الكل عاجز ومكبل اليدين، وأن تلك الروح التي
كانت تنبض عشقاً للقدس وغيرة على مقدساتها قد غادرتنا، ولم تعد تسكن سوى
في أفئدة تلك الثلة المرابطة من أهلنا في مناطق الـ 48، أي الشيخ رائد صلاح
وصحبه وأبناء الحركة الإسلامية هناك، فهؤلاء –عمليا- هم جنود الأقصى
الحقيقيون، وهم من يمتلكون أدوات نصرته وإبقائه هماً حاضراً على الدوام،
وعامل تجييش للمشاعر والطاقات، ومحركاً للهمم والعزائم.
أما واقع الضفة وغزة والشتات فيقول إن الفصائل الفلسطينية كلّها مطالبة
اليوم بأن تعمل على إصلاح الخلل الذي أصاب بنيان تلك الروح التي كانت على
مرّ مراحل الصراع محركة للنهوض وباعثة على الانتفاض دون توقف عند الحسابات
المقيّدة للحراك والتفاعل، ومطالبة بأن توحّد قواعدها على القضايا الوطنية
محلّ الإجماع وعلى رأسها قضية القدس، وتدمجها في فعاليات متواصلة تساهم في
إذكاء الروح الوطنية من جديد، وتغليب الانتماء لها على التعصب للفصيل أو
التحرك ضمن الإطارات المفضية إلى مصلحته الخاصة وحسب.
القصور العام تجاه قضية بوزن القدس والأقصى ليس مردّه انعدام آليات النصرة،
وضيق ذات يد البعيدين عنه والمحرومين من الوصول إليه، بل في غياب قضيته
شبه الكامل عن نبض اهتمامنا وأولويات حراكنا، لأن من يحمل همّ قضية بحقّ
يتوحد ويتماهى معها فعلاً وقولاً، بل تصبح بوصلة مسيره وقبلة ناظريه،
وسيبدع من آليات التفاعل ما لا حصر له من وسائل، أما حالنا اليوم فيقول
إننا منشغلون عن قضية الأقصى حدّ النسيان، وذاهلون عن حاله وتزاحم الأخطار
من حوله، وإننا لم نؤدّ ذلك الجزء اليسير من الواجب تجاهه.
لدينا جيل جديد لم يعرف عن الأقصى سوى تلك الهالة التقليدية المرسومة في
وجدانه، والتي أصابها الجمود فلم تعد قادرة على استحضاره رمزاً ساطعاً
يتقدّم جميع الاهتمامات، ولدينا في المقابل جيل قديم يطحنه اليأس ويسيطر
عليه الجفاء تجاه تلك المعاني التي كانت رمزية الأقصى فيما مضى تصبها في
وعيه وروحه، ولدينا فوق ذلك حصار يهودي حول الأقصى يغذي البعد ويعمق حالة
الجفاء، وقبل كل هذا هناك حالة شلل تطال المفاصل الفلسطينية ولا تغري إلا
بمزيد من القعود، لأن منطق التسويات والارتهان للقمة العيش والجري الدائم
وراءها أورث شعبنا حالة من الخمول والسلبية قد لا يتخلص منها إلا بحدث
مزلزل غير مسبوق، ونسأل الله ألا يكون ذلك الحدث هدم الأقصى أو انهياره أو
حتى إحراقه!