[size=25]
ولا
توجد إحصائيات رسمية عن معدل انتشاره في الدول العربية، ولكن اتضح من دراسة
شخصية أجريتها على عينة من النساء السوريات واللبنانيات المقيمات في منطقة
"باريس " وغادرن الوطن منذ مدة لا تزيد عن الخمس سنوات أن حوالي الـ 15%
منهن لا يتمتعن بأي مناعة أو حصانة ضد طفيل التوكسوبلاسموز.
لم
تنشر هذه الدراسة لكون عينة البحث غير متجانسة ولكن النتيجة الوحيدة التي
يمكن الحصول عليها, هي أن هذا الطفيلي موجود في منطقة الشرق الأوسط
وبالتالي فإن احتمال إصابة الجنين أو الطفل حديث الولادة به هو أمر وارد
ويحتاج لتقييم علمي.
دورة حياة طفيل التوكسوبلاسموز:
من الضروري شرح دورة تكاثر طفيل التوكسوبلاسموز لفهم آليته الإمراضية.
يعيش طفيل التكسموبلاسموز ويتكاثر إلاّ داخل الخلايا، والناقل الأساسي له
هو القطط حيث يستعمر خلاياها المعوية ويتكاثر في أمعائها بطوره الفعّال أو
المسمى "Trophozoite" ، حيث يتكاثر في هذا
الطور بشكل سريع جداً، وبإمكانه أن يتضاعف حوالي ألف مرة خلال ستة ساعات
مما يفسر الأعداد الهائلة التي تفرزها القطة المصابة ضمن برازها، وفي
البراز يأخذ الطفيلي شكله الكيسيّ غير الفعّال.
تنتشر الكيّسات المجهريّة الحاوية على بويضات الطفيلي في الطبيعة. ويتمتع
هذا الشكل بمقاومة كبيرة للظروف البيئيّة، إذ يمكنه أن يقاوم البرد حتى
أربع درجات مئوية لعدة أسابيع ولكنه ضعيف تجاه الحرارة المرتفعة، ويموت
عندما يتعرض لدرجة حرارة 45ْ خلال عشرين دقيقة، أما إن توفرت له الظروف
المناخيّة المناسبة من رطوبة ودرجة حرارة يمكنه أن يبقى في التراب لعدة
أشهر.
ينتشر
الطفيل بشكله الكيسيّ بواسطة الرياح ويعلق على الخضار والحشائش التي تشكل
غذاء عديد من الكائنات الحية فيتنتقل إليها. تقوم أنزيمات جهاز الهضم بحلّ
الغلاف الكيسيّ فتتحرر البويضات، وتعود لشكلها الفعّال، فيحدث الإنتان.
دخول "التروفوزوئيت – Trophozoite" إلى الدورة الدموية يسمح أولاً بانتشار
الطفيلي فيتوضع في مختلف الأنسجة بشكله الكيسيّ، ويحرّض الجهاز المناعي على
تصنيع مضادات الأجسام التي تمنح الجسم مقاومة دائمة ضده.
يحمي
الغلاف الكيسيّ الطفيلي من مضادات الأجسام ومن مختلف الأدوية التي يمكنها
أن تقضي على الأشكال الفعّالة. القطة هي الكائن الحي الوحيد الذي يمكنه أن
يفرز الطفيلي بشكله المُعدي. في حين تبقى الأشكال الكيسيّة بشكل غير مرضي
عند الكائنات الأخرى.
- دورة تكاثر طفيل التوكسوبلاسموز
الإنتان بالتوكسوبلاسموز:
يصاب الإنسان بهذا الطفيلي عندما يتناول الخضار الملوثة به أو عند استهلاك
اللحم النيئ لحيوانات مصابة وحاوية على الأشكال الكيسيّة. قد تمر الإصابة
دون أن تحدث أي أعراض سريرية، وقد تؤدي لحدوث تناذر إنتاني غير مشخص مترافق
أحياناً بتضخم بالغدد البلغميّة. يبقى الطفيلي في الدورة الدمويّة لمدة قد
تصل لأربعة أسابيع ويختفي منها مع ظهور مضادات الأجسام بكمية كافية،
فيقتصر وجوده على الأشكال الكيسيّة في الغدد البلغميّة وفي الأنسجة الأخرى،
هذا الوجود لا يسبب أي أعراض مرضية إلاّ في الأنسجة النبيلة مثل شبكية
العين أو الدماغ.
- طفيل التوكوسوبلاسموز بطوره الفعّال
تتصف
المناعة التي يطورها جسم الإنسان بأنها مناعة خلوية بشكل أساسي، ومضادات
الأجسام دورها ثانوي، هذه المناعة كافية لتحديد الإنتان في مكانه فيقتصر
على التوضعات الكيسية غير المرضية في الغالبية العظمى من الحالات، وتحمي
الجسم من أي إنتان جديد، ومن هنا يتميز هذا المرض بأنه لا يمكن أن يصيب
الإنسان سوى مرة وحيدة في حياته، ولا يضعف أمامه سوى المصابين بنقص المناعة
المكتسب أو الأساسي، والأجنة والأطفال حديثي الولادة الذين لم تتطور عندهم
بعد المناعة الخلويّة، ولا تكفي مضادات الأجسام التي أنتجتها الأم
لحمايتهم. وفي باقي الحالات يمر هذا الإنتان بشكل غير ملحوظ رغم انتشاره
الواسع.
وتُظهر الدراسات الوبائيّة أن معدل انتشاره يختلف من بلد لآخر، والدراسة
المصلية عند النساء الحوامل هي التي تحدد نسب الإصابة به ومدى انتشاره،
فحسب الإحصائيات التي تعود لعام 1985 يقدر أن 72% من النساء الحوامل في
فرنسا يتمتعن بمناعة ضد هذا الطفيلي في حين أن هذا الرقم ينخفض لمعدل 56%
في مدينة شتوتغارت، وإلى 21% في لندن، كما يقدر أن عدد النساء اللواتي
يتمتعن بالمناعة هو في انخفاض مستمر مع مرور الزمن. هذا الاختلاف بالأرقام
يعود بشكل أساسي للعادات الغذائية لكل شعب "مثل عادة أكل اللحم النيئ"،
وعادة تربية القطط، بالإضافة للشروط الصحيّة والنظافة العامة.
إصابة الجنين بالتوكسوبلاسموز :
يكمن خطر انتقال الإنتان إلى الجنين، بانعدام قدرته على مقاومة الطفيلي
نظرا لعدم تطور المناعة الخلوية عنده، مما يسمح للطفيلي بالبقاء في الدورة
الدموية، فيهاجم الأعضاء النبيلة في طور تشكلها مما يسبب تشوهات خلقية
تختلف بشدّتها حسب تاريخ حدوث الإصابة أثناء الحمل .
هذه
الإصابة لا تحدث سوى عند النساء اللواتي لا يتمتعن بالمناعة ضد
التوكسوبلاسموز، وعند الإصابة الأولية بالتوكسوبلاسموز أثناء الحمل ينتشر
الطفيلي بأعداد كبيرة بالدورة الدموية ويتوضع بشكل خاص بالمشيمة بشكل
خرّاجات مجهريّة لا يمكن للجسم مقاومتها، ومنها ينتقل الطفيلي إلى الجنين
بشكل متكرر حتى بعد شفاء الأم من إنتانها.
على رأس الآفات والتشوهات التي قد تحدث عند الجنين هي الإصابات العصبيّة والعينية والكبديّة.
ويقدر معدل احتمال حصول الإصابة عند الجنين ب 0.15 % ، أي أنها تهدد جنين إلى إثنين من بين كل 1000 حمل في فرنسا.
تشخيص الإنتان بالتوكسوبلاسموز :
لكون إصابة الأم بالتوكسوبلاسموز هي إصابة غير مرضّية في الغالبية العظمى
من الحالات، فإن اكتشافها يعتمد بشكل أساسي على المراقبة الدورية للنساء
الحوامل غير المتمتعات بالمناعة ضد هذا المرض، وتبدأ هذه المراقبة مع بداية
الحمل بالتحري عن الأجسام الضديّة للتوكسو، إذ أن وجود الـ IgG يعبّر عن
المناعة المكتسبة، في حين أن وجود الـ IgM يدل على إنتان حديث، وتستمر هذا
التحري بالمتابعة والمراقبة شهريا وطوال أشهر الحمل.
من دون التعرض إلى التقنيات المخبريّة المستعملة، نشير إلى أن مقدار مضادات
الأجسام هذه يمكن الإعتماد عليه لتحديد التاريخ التقريبي للإصابة، والـ
IgM هي الأولى بالارتفاع ثم تنخفض بشكل تدريجي حتى تختفي، في حين أن الـ
IgG يرتفع بشكل ثانوي، ويبقى بمستوى ملموس لسنوات طويلة معبراً عن مناعة
دائمة ضد المرض. وعند اكتشاف الإثنين معاً يستوجب الأمر إجراء معايرة
مضادات الأجسام بفاصلة زمنية "أسبوعين"، فثبات المعدل يدل على إنتان
قديم، في حين أن ارتفاع الـ IgM خلال هذه الفترة الزمنيّة يدل على إصابة حديثة.
- طفيل التوكوسوبلاسموز بطوره الكيسيّ
تشخيص إصابة الجنين بالتوكسوبلاسموز:
تكمن أهمية إثبات إصابة الجنين بالتوكسوبلاسموز، بتحديد الإنذار، وبالتالي
اتخاذ الخطوات العلاجية، هذا التشخيص كان يعتمد في الماضي على معايرة
الأجسام الضدية عند الأم، فإن كانت الإصابة قد بدأت خلال الثلث الأول من
الحمل فالعواقب قد تكون وخيمة على الجنين ويُقترح ـ
إن سمحت قوانين البلد بذلك وتقبله الوالدين ـ
بإجراء الإجهاض الاضطراري. وكم من جنين ذهب ضحية هذا القرار.
أما إن
حدثت الإصابة خلال النصف الثاني من الحمل، يمكن إعطاء العلاج الدوائي وعلى
الرغم من أنه غير كافي للقضاء على الطفيلي الذي توضّع في الخرّاجات
المجهرية المشيميّة، فإنه على الأقل يحد من انتقال الإنتان إلى الجنين .
مع التطور الذي وصل إليه طب الأجنة فقد أصبح بالإمكان أخذ عينات من هذا
الجنين سواء أكانت عينات دمويّة, عن طريق بذل حبل السرّة, أو عن طريق بذل
السائل الأمينوسي .
ولكون
الطفيلي لا يتواجد إلا ضمن الخلايا فإن عزله المباشر هو أمر مستحيل بالطرق
المخبريّة المعتادة، ويمكن البحث عنه عند الفئران بعد حقنها بالعينات
المدروسة "ضمن البريتوان" . أو بالاعتماد على الوسائل البيولوجيّة
الجزيئيّة المسمات "Polymerase Chain Reaction - PCR" و لكون الطريقة
الأخيرة ما زالت قيد التقييم فغالباً ما تستعمل الطريقتين معاً.
تحتاج
الطريقة الأولى لثلاثة أو ستة أسابيع ويعطى التشخيص لدى اكتشاف الكيّسات
الدماغيّة عند الفأر الذي يطوّر بنفس الوقت جواب مناعي إيجابي .في حين أن
الـ PCR يعتمد على البحث عن المورّثات المعروفة للطفيلي بعد أن تُضخّم بشكل
متسلسل، ومشكلة هذه الطريقة أنها تحتاج لظروف صارمة حتى تعطي نتائج صحيحة،
نتائجها الكاذبة تعود بشكل أساسي لتلوث العينة، وعند إجرائها بالظروف
المطلوبة يمكن الحصول على نتائج ذات دقة عالية وبسرعة كبيرة.
الإنذار:
كما ذكرنا أعلاه فإن الخطر الوحيدلإصابة بالتوكسوبلاسموز يكمن في إصابة من
لم يتطور عنده الجهاز المناعي وبشكل خاص المناعة الخلوية، وإنذار الإصابة
عند الجنين تعتمد بشكل خاص على تاريخ حدوث هذه الإصابة بالنسبة لعمر الحمل،
ففي حين أن الإصابة في بداية الحمل قد تكون مميتة للجنين فإن الإصابة في
نهاية الحمل قد تخلّف عواقب مختلفة، قسم من هذه العواقب قد يظهر في السنوات
الأولى من حياة الطفل.
تأثير الإصابة على الجهاز العصبي للجنين:
1- الإصابة قبل الأسبوع العاشر من انقطاع الطمث قد تسبب تنخر دماغي منتشر.
2- الإصابة بين الأسبوع العاشر والخامس عشر قد تسبب استسقاء دماغي مسئول عن تأخر في تطور الدماغ.
3- والإصابة في الثلث الثاني من الحمل قد تُحدث عدة بؤر من التنخر الموضعي الذي يسبب بدوره نوبات الصرع .
تأثير الإصابة على الجهاز البصري للجنين:
1- تسبب الإصابة خلال الثلث الأول من الحمل آفات ثنائية الجانب بالشبكيّة, هذه الآفات قد تهدد الوظيفة البصريّة.
2- وخلال النصف الثاني من الحمل قد تكون هذه الإصابة أقل وضوحا عند الولادة وتعطي علاماتها السريريّة عند سن البلوغ.
العلامات الإيكوغرافيّة:
أكثر العلامات الإيكوغرافيّة التي يمكن مشاهدتها هي العلامات العصبيّة
وبشكل خاص عندما يؤدي تنخر الدماغ إلى انسداد في قناة "سيلفيوس" محدثاً
بذلك استسقاء الدماغ، ويسبب الأخير توسع في البطينات الدماغيّة يمكن رؤيته
بواسطة التصوير بالصدى، وعادة ما يكون هذا التوسع ثنائي الجانب ومتناظر،
ويبدأ بالقرن القفوي. يمكن للإيكو أيضاً أن يكشف بؤر التنخر الدماغي التي
تتصف بأنها مولّدة للصدى وكثيفة ولكنها قد لا ترى إلا بشكل متأخر ومن هنا
ضرورة إعادة الفحص، والتأكد منها بعد الولادة بفضل المسبر ذو التردد العالي
7.5MHz
من العلامات الإيكوغرافيّة الأخرى: العلامات المشيميّة، فنظراً لوجود
الخرّاجات المشيميّة تبدو المشيمة بسماكة أكبر من العادة. كما يمكن البحث
عن العلامات الدالة على إنتان جنين شامل مثل تضخم الكبد والطحال مع الزيادة
في الكثافة الأيكوغرافيّة للنسيج الكبدي، وهذا يترافق مع ظهور الحبن
وانحراف الوريد السري إلى اليسار نظراً لتضخّم الفص الأيمن للكبد. كما يمكن
أن نلاحظ أيضاً انصباب في الجنب وفي الشغاف القلبي.
التدبير و الخطوات العلاجيّة:
ينصح بداية بمباشرة العلاج الدوائي فور اكتشاف المرض بفضل المراقبة
الدوريّة التي تكشف عن التحول المناعي من سلبي إلى إيجابي. وينصح أن تبدأ
المريضة بتناول السبيراميسين بجرعة 9 ملايين وحدة باليوم. هذا العلاج يسمح
بالتخفيف من انتقال الطفيلي من المشيمة إلى الجنين, حيث يتوضع ضمن
الخرّاجات المجهرية. ومن ثم تبدأ الدراسة المخبريّة لتحديد تاريخ حدوث
الإصابة. إن كانت الإصابة قد حدثت خلال الأسابيع القليلة من بداية الحمل،
فإن احتمال انتقال الإنتان إلى الجنين يقارب الـ1%، وكما ذكرنا أعلاه أن
الإصابة الباكرة ذات عواقب وخيمة ولا تمر دون أن تعطي علامات إيكوغرافيّة.
ومن المعروف أنه كلّما تقدم تاريخ حدوث الإصابة بالنسبة لعمر الحمل يزيد
احتمال انتقالها للجنين ولكن تخف وطأة عواقبها. ومن هنا أهميّة تشخيص
الإنتان عند الجنين من أجل تحديد الإنذار. ويُقترح إجراء هذا التشخيص
اعتبارا من الأسبوع الـ16 من انقطاع الطمث، فإن ثبت إصابة الجنين وظهر أنها
ذات إنذار سيئ ، يُقترح إجراء الإجهاض العلاجي أو الاضطراري, إن سمحت
قوانين البلد بذلك . الحل الآخر إضافة أدوية أخرى مثل الـ Adiazin و الـ
Malocid مع مراقبة أيكوغرافيّة دوريّة.
الـ Malocid
هو المركب التجاري للبيريميثامين ويعطى بجرعة 50 ملغ يوميّاً.
أما الـ Adiazin
فهو المركب التجاري للسولفاديازين ويعطى بجرعة 3غ يوميّاً على ثلاثة دفعات
ويترافق هذين الدوائيين مع حمض الفوليك وذلك لمدة أربعة أسابيع. تقطع لمدة
أسبوعين يعطى خلالهما السبيراميسين من جديد ويتوفر تجاريّا تحت إسم amycine
ويعطى بجرعة 9 ملاين وحدة يوميّاً، وبعد ذلك تكرر الدورة العلاجيّة حتى
نهاية الحمل ونعود لمدة أربع أسابيع أخرى كما ذكر أعلاه.
بعد الولادة يجب التأكد من إصابة الوليد أو عدمها، وهذا ليس بالأمر السهل،
فيمكن تلقيح الفئران بالمشيمة مما يساعد على التشخيص علما أنه قد يعود
سلبيّاً رغم إصابة الجنين، كما ينصح بدراسة قعر العين وإجراء الأيكوغرافي
الدماغي قبل التحام عظام الرأس، بالإضافة لدراسة السائل الدماغي الشوكي
والدراسة المصليّة علماً أن الأجسام الضدّية قد لا تظهر فوراً. يقترح أطباء
الأطفال متابعة العلاج بالروفاميسين ريثما تظهر النتائج، فإن ثبت إصابة
الطفل حديث الولادة يعطى له نفس الأدوية التي أعطيت للأم كما ذكر أعلاه مع
مراعاة الجرعة اللازمة وذلك طوال العام الأول من حياة الطفل. وتتابع
المراقبة المصليّة مع دراسة قعر العين حتى سن البلوغ.
الخلاصة:
التوكسوبلاسموز ذو انتشار واسع في منطقة الشرق الأوسط، لهذا فإن أغلب
النساء اللواتي يصلن لسن الإخصاب يتمتعن بالحماية المناعيّة منه، وخطره
يكمن في إمكانيّة إصابة المرأة الحامل به لأول مرّة أثناء حملها، واحتمال
إنتقال الإصابة للجنين ضئيلة في بداية الحمل ولكن عواقبها وخيمة، وينعكس
الأمر في نهاية الحمل.
التشخيص ممكن عند الأم ومن ثم عند الجنين بفضل التطور الذي وصل إليه طب الأجنة.
العلاج الدوائي ممكن إن لم تُحدث الإصابة أضرار في دماغ الجنين أو في جهازه
البصري، بسبب تأخر التشخيص أو لحدوث الإصابة في بداية الحمل.
تنصح كل سيدة حامل لا تعرف حالتها المناعية ضد الـ التوكسوبلاسموز تجنب
القطط وتغسل خضارها جيدا، و تمتنع عن أكل اللحم النيئ. كل سيدة عندها مناعة
ضد هذا الطفيلي، لا تتعرض لأي خطر لدى تعرضها لهذا الطفيلي.[/size][/size]
[size=25]لماذا نتحرى عن أثاره أثناء الحمل؟
يعتبر طفيل التوكسوبلاسموز واحداً من
أكثر المكونات المجهرية تأثيراً على الجنين، وكثيرا ما وجهت إليه الاتهامات
في التسبب بالعديد من الحالات المرضية، حتى أن البعض يعتبره ـ بشكل خاطئ ـ
أحد أسباب العقم ومنهم من يعتقد أنه يتسبب في حدوث بعض السرطانات.
الحقيقة الوحيدة التي ثبتت علمياً عنه، أن خطره الكبير يكمن عند إصابته
للجنين أثناء الحمل أو الوليد في أشهره الأولى، مما يؤدي لعواقب قد تكون
وخيمةً تودي بحياة الطفل حديث الولادة أو تصيبه بآثار جانبية غير قابلة
للشفاء.
دفع هذا الخطر السلطات الطبية في عديد من البلدان لتعميم المراقبة الدورية
على الإنتان بالتوكسوبلاسموز أثناء الحمل، وفي فرنسا يعتبر التحري المصلي
عن مضادات الأجسام الخاصة بالتوكسوبلاسموز أحد أهم الفحوصات المخبريّة
الإجبارية عند النساء الحوامل.
أكثر المكونات المجهرية تأثيراً على الجنين، وكثيرا ما وجهت إليه الاتهامات
في التسبب بالعديد من الحالات المرضية، حتى أن البعض يعتبره ـ بشكل خاطئ ـ
أحد أسباب العقم ومنهم من يعتقد أنه يتسبب في حدوث بعض السرطانات.
الحقيقة الوحيدة التي ثبتت علمياً عنه، أن خطره الكبير يكمن عند إصابته
للجنين أثناء الحمل أو الوليد في أشهره الأولى، مما يؤدي لعواقب قد تكون
وخيمةً تودي بحياة الطفل حديث الولادة أو تصيبه بآثار جانبية غير قابلة
للشفاء.
دفع هذا الخطر السلطات الطبية في عديد من البلدان لتعميم المراقبة الدورية
على الإنتان بالتوكسوبلاسموز أثناء الحمل، وفي فرنسا يعتبر التحري المصلي
عن مضادات الأجسام الخاصة بالتوكسوبلاسموز أحد أهم الفحوصات المخبريّة
الإجبارية عند النساء الحوامل.
ولا
توجد إحصائيات رسمية عن معدل انتشاره في الدول العربية، ولكن اتضح من دراسة
شخصية أجريتها على عينة من النساء السوريات واللبنانيات المقيمات في منطقة
"باريس " وغادرن الوطن منذ مدة لا تزيد عن الخمس سنوات أن حوالي الـ 15%
منهن لا يتمتعن بأي مناعة أو حصانة ضد طفيل التوكسوبلاسموز.
لم
تنشر هذه الدراسة لكون عينة البحث غير متجانسة ولكن النتيجة الوحيدة التي
يمكن الحصول عليها, هي أن هذا الطفيلي موجود في منطقة الشرق الأوسط
وبالتالي فإن احتمال إصابة الجنين أو الطفل حديث الولادة به هو أمر وارد
ويحتاج لتقييم علمي.
دورة حياة طفيل التوكسوبلاسموز:
من الضروري شرح دورة تكاثر طفيل التوكسوبلاسموز لفهم آليته الإمراضية.
يعيش طفيل التكسموبلاسموز ويتكاثر إلاّ داخل الخلايا، والناقل الأساسي له
هو القطط حيث يستعمر خلاياها المعوية ويتكاثر في أمعائها بطوره الفعّال أو
المسمى "Trophozoite" ، حيث يتكاثر في هذا
الطور بشكل سريع جداً، وبإمكانه أن يتضاعف حوالي ألف مرة خلال ستة ساعات
مما يفسر الأعداد الهائلة التي تفرزها القطة المصابة ضمن برازها، وفي
البراز يأخذ الطفيلي شكله الكيسيّ غير الفعّال.
تنتشر الكيّسات المجهريّة الحاوية على بويضات الطفيلي في الطبيعة. ويتمتع
هذا الشكل بمقاومة كبيرة للظروف البيئيّة، إذ يمكنه أن يقاوم البرد حتى
أربع درجات مئوية لعدة أسابيع ولكنه ضعيف تجاه الحرارة المرتفعة، ويموت
عندما يتعرض لدرجة حرارة 45ْ خلال عشرين دقيقة، أما إن توفرت له الظروف
المناخيّة المناسبة من رطوبة ودرجة حرارة يمكنه أن يبقى في التراب لعدة
أشهر.
ينتشر
الطفيل بشكله الكيسيّ بواسطة الرياح ويعلق على الخضار والحشائش التي تشكل
غذاء عديد من الكائنات الحية فيتنتقل إليها. تقوم أنزيمات جهاز الهضم بحلّ
الغلاف الكيسيّ فتتحرر البويضات، وتعود لشكلها الفعّال، فيحدث الإنتان.
دخول "التروفوزوئيت – Trophozoite" إلى الدورة الدموية يسمح أولاً بانتشار
الطفيلي فيتوضع في مختلف الأنسجة بشكله الكيسيّ، ويحرّض الجهاز المناعي على
تصنيع مضادات الأجسام التي تمنح الجسم مقاومة دائمة ضده.
يحمي
الغلاف الكيسيّ الطفيلي من مضادات الأجسام ومن مختلف الأدوية التي يمكنها
أن تقضي على الأشكال الفعّالة. القطة هي الكائن الحي الوحيد الذي يمكنه أن
يفرز الطفيلي بشكله المُعدي. في حين تبقى الأشكال الكيسيّة بشكل غير مرضي
عند الكائنات الأخرى.
- دورة تكاثر طفيل التوكسوبلاسموز
الإنتان بالتوكسوبلاسموز:
يصاب الإنسان بهذا الطفيلي عندما يتناول الخضار الملوثة به أو عند استهلاك
اللحم النيئ لحيوانات مصابة وحاوية على الأشكال الكيسيّة. قد تمر الإصابة
دون أن تحدث أي أعراض سريرية، وقد تؤدي لحدوث تناذر إنتاني غير مشخص مترافق
أحياناً بتضخم بالغدد البلغميّة. يبقى الطفيلي في الدورة الدمويّة لمدة قد
تصل لأربعة أسابيع ويختفي منها مع ظهور مضادات الأجسام بكمية كافية،
فيقتصر وجوده على الأشكال الكيسيّة في الغدد البلغميّة وفي الأنسجة الأخرى،
هذا الوجود لا يسبب أي أعراض مرضية إلاّ في الأنسجة النبيلة مثل شبكية
العين أو الدماغ.
- طفيل التوكوسوبلاسموز بطوره الفعّال
تتصف
المناعة التي يطورها جسم الإنسان بأنها مناعة خلوية بشكل أساسي، ومضادات
الأجسام دورها ثانوي، هذه المناعة كافية لتحديد الإنتان في مكانه فيقتصر
على التوضعات الكيسية غير المرضية في الغالبية العظمى من الحالات، وتحمي
الجسم من أي إنتان جديد، ومن هنا يتميز هذا المرض بأنه لا يمكن أن يصيب
الإنسان سوى مرة وحيدة في حياته، ولا يضعف أمامه سوى المصابين بنقص المناعة
المكتسب أو الأساسي، والأجنة والأطفال حديثي الولادة الذين لم تتطور عندهم
بعد المناعة الخلويّة، ولا تكفي مضادات الأجسام التي أنتجتها الأم
لحمايتهم. وفي باقي الحالات يمر هذا الإنتان بشكل غير ملحوظ رغم انتشاره
الواسع.
وتُظهر الدراسات الوبائيّة أن معدل انتشاره يختلف من بلد لآخر، والدراسة
المصلية عند النساء الحوامل هي التي تحدد نسب الإصابة به ومدى انتشاره،
فحسب الإحصائيات التي تعود لعام 1985 يقدر أن 72% من النساء الحوامل في
فرنسا يتمتعن بمناعة ضد هذا الطفيلي في حين أن هذا الرقم ينخفض لمعدل 56%
في مدينة شتوتغارت، وإلى 21% في لندن، كما يقدر أن عدد النساء اللواتي
يتمتعن بالمناعة هو في انخفاض مستمر مع مرور الزمن. هذا الاختلاف بالأرقام
يعود بشكل أساسي للعادات الغذائية لكل شعب "مثل عادة أكل اللحم النيئ"،
وعادة تربية القطط، بالإضافة للشروط الصحيّة والنظافة العامة.
إصابة الجنين بالتوكسوبلاسموز :
يكمن خطر انتقال الإنتان إلى الجنين، بانعدام قدرته على مقاومة الطفيلي
نظرا لعدم تطور المناعة الخلوية عنده، مما يسمح للطفيلي بالبقاء في الدورة
الدموية، فيهاجم الأعضاء النبيلة في طور تشكلها مما يسبب تشوهات خلقية
تختلف بشدّتها حسب تاريخ حدوث الإصابة أثناء الحمل .
هذه
الإصابة لا تحدث سوى عند النساء اللواتي لا يتمتعن بالمناعة ضد
التوكسوبلاسموز، وعند الإصابة الأولية بالتوكسوبلاسموز أثناء الحمل ينتشر
الطفيلي بأعداد كبيرة بالدورة الدموية ويتوضع بشكل خاص بالمشيمة بشكل
خرّاجات مجهريّة لا يمكن للجسم مقاومتها، ومنها ينتقل الطفيلي إلى الجنين
بشكل متكرر حتى بعد شفاء الأم من إنتانها.
على رأس الآفات والتشوهات التي قد تحدث عند الجنين هي الإصابات العصبيّة والعينية والكبديّة.
ويقدر معدل احتمال حصول الإصابة عند الجنين ب 0.15 % ، أي أنها تهدد جنين إلى إثنين من بين كل 1000 حمل في فرنسا.
تشخيص الإنتان بالتوكسوبلاسموز :
لكون إصابة الأم بالتوكسوبلاسموز هي إصابة غير مرضّية في الغالبية العظمى
من الحالات، فإن اكتشافها يعتمد بشكل أساسي على المراقبة الدورية للنساء
الحوامل غير المتمتعات بالمناعة ضد هذا المرض، وتبدأ هذه المراقبة مع بداية
الحمل بالتحري عن الأجسام الضديّة للتوكسو، إذ أن وجود الـ IgG يعبّر عن
المناعة المكتسبة، في حين أن وجود الـ IgM يدل على إنتان حديث، وتستمر هذا
التحري بالمتابعة والمراقبة شهريا وطوال أشهر الحمل.
من دون التعرض إلى التقنيات المخبريّة المستعملة، نشير إلى أن مقدار مضادات
الأجسام هذه يمكن الإعتماد عليه لتحديد التاريخ التقريبي للإصابة، والـ
IgM هي الأولى بالارتفاع ثم تنخفض بشكل تدريجي حتى تختفي، في حين أن الـ
IgG يرتفع بشكل ثانوي، ويبقى بمستوى ملموس لسنوات طويلة معبراً عن مناعة
دائمة ضد المرض. وعند اكتشاف الإثنين معاً يستوجب الأمر إجراء معايرة
مضادات الأجسام بفاصلة زمنية "أسبوعين"، فثبات المعدل يدل على إنتان
قديم، في حين أن ارتفاع الـ IgM خلال هذه الفترة الزمنيّة يدل على إصابة حديثة.
- طفيل التوكوسوبلاسموز بطوره الكيسيّ
تشخيص إصابة الجنين بالتوكسوبلاسموز:
تكمن أهمية إثبات إصابة الجنين بالتوكسوبلاسموز، بتحديد الإنذار، وبالتالي
اتخاذ الخطوات العلاجية، هذا التشخيص كان يعتمد في الماضي على معايرة
الأجسام الضدية عند الأم، فإن كانت الإصابة قد بدأت خلال الثلث الأول من
الحمل فالعواقب قد تكون وخيمة على الجنين ويُقترح ـ
إن سمحت قوانين البلد بذلك وتقبله الوالدين ـ
بإجراء الإجهاض الاضطراري. وكم من جنين ذهب ضحية هذا القرار.
أما إن
حدثت الإصابة خلال النصف الثاني من الحمل، يمكن إعطاء العلاج الدوائي وعلى
الرغم من أنه غير كافي للقضاء على الطفيلي الذي توضّع في الخرّاجات
المجهرية المشيميّة، فإنه على الأقل يحد من انتقال الإنتان إلى الجنين .
مع التطور الذي وصل إليه طب الأجنة فقد أصبح بالإمكان أخذ عينات من هذا
الجنين سواء أكانت عينات دمويّة, عن طريق بذل حبل السرّة, أو عن طريق بذل
السائل الأمينوسي .
ولكون
الطفيلي لا يتواجد إلا ضمن الخلايا فإن عزله المباشر هو أمر مستحيل بالطرق
المخبريّة المعتادة، ويمكن البحث عنه عند الفئران بعد حقنها بالعينات
المدروسة "ضمن البريتوان" . أو بالاعتماد على الوسائل البيولوجيّة
الجزيئيّة المسمات "Polymerase Chain Reaction - PCR" و لكون الطريقة
الأخيرة ما زالت قيد التقييم فغالباً ما تستعمل الطريقتين معاً.
تحتاج
الطريقة الأولى لثلاثة أو ستة أسابيع ويعطى التشخيص لدى اكتشاف الكيّسات
الدماغيّة عند الفأر الذي يطوّر بنفس الوقت جواب مناعي إيجابي .في حين أن
الـ PCR يعتمد على البحث عن المورّثات المعروفة للطفيلي بعد أن تُضخّم بشكل
متسلسل، ومشكلة هذه الطريقة أنها تحتاج لظروف صارمة حتى تعطي نتائج صحيحة،
نتائجها الكاذبة تعود بشكل أساسي لتلوث العينة، وعند إجرائها بالظروف
المطلوبة يمكن الحصول على نتائج ذات دقة عالية وبسرعة كبيرة.
الإنذار:
كما ذكرنا أعلاه فإن الخطر الوحيدلإصابة بالتوكسوبلاسموز يكمن في إصابة من
لم يتطور عنده الجهاز المناعي وبشكل خاص المناعة الخلوية، وإنذار الإصابة
عند الجنين تعتمد بشكل خاص على تاريخ حدوث هذه الإصابة بالنسبة لعمر الحمل،
ففي حين أن الإصابة في بداية الحمل قد تكون مميتة للجنين فإن الإصابة في
نهاية الحمل قد تخلّف عواقب مختلفة، قسم من هذه العواقب قد يظهر في السنوات
الأولى من حياة الطفل.
تأثير الإصابة على الجهاز العصبي للجنين:
1- الإصابة قبل الأسبوع العاشر من انقطاع الطمث قد تسبب تنخر دماغي منتشر.
2- الإصابة بين الأسبوع العاشر والخامس عشر قد تسبب استسقاء دماغي مسئول عن تأخر في تطور الدماغ.
3- والإصابة في الثلث الثاني من الحمل قد تُحدث عدة بؤر من التنخر الموضعي الذي يسبب بدوره نوبات الصرع .
تأثير الإصابة على الجهاز البصري للجنين:
1- تسبب الإصابة خلال الثلث الأول من الحمل آفات ثنائية الجانب بالشبكيّة, هذه الآفات قد تهدد الوظيفة البصريّة.
2- وخلال النصف الثاني من الحمل قد تكون هذه الإصابة أقل وضوحا عند الولادة وتعطي علاماتها السريريّة عند سن البلوغ.
العلامات الإيكوغرافيّة:
أكثر العلامات الإيكوغرافيّة التي يمكن مشاهدتها هي العلامات العصبيّة
وبشكل خاص عندما يؤدي تنخر الدماغ إلى انسداد في قناة "سيلفيوس" محدثاً
بذلك استسقاء الدماغ، ويسبب الأخير توسع في البطينات الدماغيّة يمكن رؤيته
بواسطة التصوير بالصدى، وعادة ما يكون هذا التوسع ثنائي الجانب ومتناظر،
ويبدأ بالقرن القفوي. يمكن للإيكو أيضاً أن يكشف بؤر التنخر الدماغي التي
تتصف بأنها مولّدة للصدى وكثيفة ولكنها قد لا ترى إلا بشكل متأخر ومن هنا
ضرورة إعادة الفحص، والتأكد منها بعد الولادة بفضل المسبر ذو التردد العالي
7.5MHz
من العلامات الإيكوغرافيّة الأخرى: العلامات المشيميّة، فنظراً لوجود
الخرّاجات المشيميّة تبدو المشيمة بسماكة أكبر من العادة. كما يمكن البحث
عن العلامات الدالة على إنتان جنين شامل مثل تضخم الكبد والطحال مع الزيادة
في الكثافة الأيكوغرافيّة للنسيج الكبدي، وهذا يترافق مع ظهور الحبن
وانحراف الوريد السري إلى اليسار نظراً لتضخّم الفص الأيمن للكبد. كما يمكن
أن نلاحظ أيضاً انصباب في الجنب وفي الشغاف القلبي.
التدبير و الخطوات العلاجيّة:
ينصح بداية بمباشرة العلاج الدوائي فور اكتشاف المرض بفضل المراقبة
الدوريّة التي تكشف عن التحول المناعي من سلبي إلى إيجابي. وينصح أن تبدأ
المريضة بتناول السبيراميسين بجرعة 9 ملايين وحدة باليوم. هذا العلاج يسمح
بالتخفيف من انتقال الطفيلي من المشيمة إلى الجنين, حيث يتوضع ضمن
الخرّاجات المجهرية. ومن ثم تبدأ الدراسة المخبريّة لتحديد تاريخ حدوث
الإصابة. إن كانت الإصابة قد حدثت خلال الأسابيع القليلة من بداية الحمل،
فإن احتمال انتقال الإنتان إلى الجنين يقارب الـ1%، وكما ذكرنا أعلاه أن
الإصابة الباكرة ذات عواقب وخيمة ولا تمر دون أن تعطي علامات إيكوغرافيّة.
ومن المعروف أنه كلّما تقدم تاريخ حدوث الإصابة بالنسبة لعمر الحمل يزيد
احتمال انتقالها للجنين ولكن تخف وطأة عواقبها. ومن هنا أهميّة تشخيص
الإنتان عند الجنين من أجل تحديد الإنذار. ويُقترح إجراء هذا التشخيص
اعتبارا من الأسبوع الـ16 من انقطاع الطمث، فإن ثبت إصابة الجنين وظهر أنها
ذات إنذار سيئ ، يُقترح إجراء الإجهاض العلاجي أو الاضطراري, إن سمحت
قوانين البلد بذلك . الحل الآخر إضافة أدوية أخرى مثل الـ Adiazin و الـ
Malocid مع مراقبة أيكوغرافيّة دوريّة.
الـ Malocid
هو المركب التجاري للبيريميثامين ويعطى بجرعة 50 ملغ يوميّاً.
أما الـ Adiazin
فهو المركب التجاري للسولفاديازين ويعطى بجرعة 3غ يوميّاً على ثلاثة دفعات
ويترافق هذين الدوائيين مع حمض الفوليك وذلك لمدة أربعة أسابيع. تقطع لمدة
أسبوعين يعطى خلالهما السبيراميسين من جديد ويتوفر تجاريّا تحت إسم amycine
ويعطى بجرعة 9 ملاين وحدة يوميّاً، وبعد ذلك تكرر الدورة العلاجيّة حتى
نهاية الحمل ونعود لمدة أربع أسابيع أخرى كما ذكر أعلاه.
بعد الولادة يجب التأكد من إصابة الوليد أو عدمها، وهذا ليس بالأمر السهل،
فيمكن تلقيح الفئران بالمشيمة مما يساعد على التشخيص علما أنه قد يعود
سلبيّاً رغم إصابة الجنين، كما ينصح بدراسة قعر العين وإجراء الأيكوغرافي
الدماغي قبل التحام عظام الرأس، بالإضافة لدراسة السائل الدماغي الشوكي
والدراسة المصليّة علماً أن الأجسام الضدّية قد لا تظهر فوراً. يقترح أطباء
الأطفال متابعة العلاج بالروفاميسين ريثما تظهر النتائج، فإن ثبت إصابة
الطفل حديث الولادة يعطى له نفس الأدوية التي أعطيت للأم كما ذكر أعلاه مع
مراعاة الجرعة اللازمة وذلك طوال العام الأول من حياة الطفل. وتتابع
المراقبة المصليّة مع دراسة قعر العين حتى سن البلوغ.
الخلاصة:
التوكسوبلاسموز ذو انتشار واسع في منطقة الشرق الأوسط، لهذا فإن أغلب
النساء اللواتي يصلن لسن الإخصاب يتمتعن بالحماية المناعيّة منه، وخطره
يكمن في إمكانيّة إصابة المرأة الحامل به لأول مرّة أثناء حملها، واحتمال
إنتقال الإصابة للجنين ضئيلة في بداية الحمل ولكن عواقبها وخيمة، وينعكس
الأمر في نهاية الحمل.
التشخيص ممكن عند الأم ومن ثم عند الجنين بفضل التطور الذي وصل إليه طب الأجنة.
العلاج الدوائي ممكن إن لم تُحدث الإصابة أضرار في دماغ الجنين أو في جهازه
البصري، بسبب تأخر التشخيص أو لحدوث الإصابة في بداية الحمل.
تنصح كل سيدة حامل لا تعرف حالتها المناعية ضد الـ التوكسوبلاسموز تجنب
القطط وتغسل خضارها جيدا، و تمتنع عن أكل اللحم النيئ. كل سيدة عندها مناعة
ضد هذا الطفيلي، لا تتعرض لأي خطر لدى تعرضها لهذا الطفيلي.