المشروط عند الطلاق تابع للشرط
س - رجل قال لزوجته - في حالة غضب - احسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً ، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية الطلاق مستقبلاً للمحكمة ، ما الحكم ؟
ج- الغضب حالة تعتري الإنسان إذا حصل له ما يهجه ويثير أعصابه ، وقد أوصى النبي، - صلى الله عليه وسلم - ، رجلا قاله يا رسول الله أوصني ، قال لا تغضب ، فرددا مراراً قال لا تغضب .
واخبر النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ، وامتدح الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب حيث قال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " .
وبناء على هذا ، فإنه ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يستعمل ما يهون عليه ذلك الغضب ، مثل أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وقد روى البخاري ومسلم استب رجلان عند النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فيجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه ، فنظر إليه النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فقال " إني لأعلم لو قالها لذهب عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فقال هل تدري ما قال رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، آنفا ؟ قال لا . قال " إني أعوذ كلمة لو قالها لذهب عنه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " . وعلى هذا فينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب ، وأن لا يتسرع فينفذ ما لا تحمد عقباه ، وقد ذكر أهل العلم أنه للغضب ثلاث حالات
الحالة الأولى أن يذهب بصاحبه حتى لا يعرف ما يقول ولا يدري ما يقول . وفي هذه الحال لا حكم لأقواله سواء أكان ذلك طلاقاً أم ظهاراً أو إيلاء أم غير ذلك ، لأنه في حكم فاقد الشعور والعقل .
الحالة الثانية أن يكون الغضب يسيراً يملك الإنسان فيه نفسه ويملك أن يتصرف كما يريد . وفي هذه الحال يكون ما يقوله نافذاً من طلاق وغيره .
الحالة الثالثة وسط بين هاتين الحالين ، بحيث يدري الإنسان ما يقول ولكنه لقوة السيطرة الغضبية عليه لم يملك نفسه فتكلم بالطلاق أو بغيره كالظهار والإيلاء .
فمن أهل العلم من يرى أن قوله معتبر ، وأنه إذا أوقع الطلاق في هذه الحال فطلاقه واقع نافذ ، ومنهم من يرى أن قوله غير متعتبر وأن طلاقه لا ينفذ ولا يقع ، وهذا القول أقرب إلى الصواب لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا طلاق في إغلاق " .
فإذا كان هذا السائل الذي قال لزوجته في حالة غضب ما يقتصي طلاقها فإن طلاقها لا يقع ما دام لا يملك نفسه حينئذ .
وأما قول السائل لها أحسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً ، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية طلاق مستقبلاً للمحكمة ، فإنه إذا وقع ما رتب الطلاق عليه ، وقع الطلاق ، لأن المشروط تابع للشرط فإذا وجد الشرط وجد المشروط .
وأما إذا كان لا ينوي الشرط ، وإنما نوى أن يطلقها في ذلك اليوم المستقبل فإن له أن يدع الطلاق ، فإذا لم يطلقها فلا حرج عليه ، ولا تطلق زوجته بذلك لأنه يفرق بين من نوى الطلاق ، وبين من جعل الطلاق معلقاً على شرط فمن نوى الطلاق فإنها لا تطلق زوجته إلا بالتلفظ به أو بما يكون في حكمه ، وأما إذا علقه على شرط فإنه متى وجد ذلك الشرط وقع الطلاق إلا أن يكون للطلاق حكم اليمين ، فإن الطلاق لا يقع وتلزمه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن لم يجد ما يحصل به ذلك أو لم يجد المساكين أو الرقبة وجب عليه صيام ثلاثة أيام متتابعة لقوله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " . وإنما اشترط في الصوم التتابع لأن ابن مسعود - رضي الله عنه - قرأها " فصيام ثلاثة أيام متتابعة " .
ويكون للطلاق حكم اليمين إذا قصد بالشرط الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، على أننا ننصح إخواننا المسلمين بالبعد عن الحلف بالطلاق لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " . ولأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم لا يرون للطلاق المعلق حكم اليمين بأي حال من الأحوال ، ويقولون متى وجد الشرط المعلق عليه الطلاق وقع الطلاق سواء قصد بالشرط يميناً أم شرطاً محضا ، والله المستعان .
الشيخ ابن عثيمين
* * *
س - رجل قال لزوجته - في حالة غضب - احسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً ، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية الطلاق مستقبلاً للمحكمة ، ما الحكم ؟
ج- الغضب حالة تعتري الإنسان إذا حصل له ما يهجه ويثير أعصابه ، وقد أوصى النبي، - صلى الله عليه وسلم - ، رجلا قاله يا رسول الله أوصني ، قال لا تغضب ، فرددا مراراً قال لا تغضب .
واخبر النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، أن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم ، وامتدح الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب حيث قال النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " .
وبناء على هذا ، فإنه ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يستعمل ما يهون عليه ذلك الغضب ، مثل أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، وقد روى البخاري ومسلم استب رجلان عند النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فيجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه ، فنظر إليه النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فقال " إني لأعلم لو قالها لذهب عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، فقال هل تدري ما قال رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، آنفا ؟ قال لا . قال " إني أعوذ كلمة لو قالها لذهب عنه ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " . وعلى هذا فينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب ، وأن لا يتسرع فينفذ ما لا تحمد عقباه ، وقد ذكر أهل العلم أنه للغضب ثلاث حالات
الحالة الأولى أن يذهب بصاحبه حتى لا يعرف ما يقول ولا يدري ما يقول . وفي هذه الحال لا حكم لأقواله سواء أكان ذلك طلاقاً أم ظهاراً أو إيلاء أم غير ذلك ، لأنه في حكم فاقد الشعور والعقل .
الحالة الثانية أن يكون الغضب يسيراً يملك الإنسان فيه نفسه ويملك أن يتصرف كما يريد . وفي هذه الحال يكون ما يقوله نافذاً من طلاق وغيره .
الحالة الثالثة وسط بين هاتين الحالين ، بحيث يدري الإنسان ما يقول ولكنه لقوة السيطرة الغضبية عليه لم يملك نفسه فتكلم بالطلاق أو بغيره كالظهار والإيلاء .
فمن أهل العلم من يرى أن قوله معتبر ، وأنه إذا أوقع الطلاق في هذه الحال فطلاقه واقع نافذ ، ومنهم من يرى أن قوله غير متعتبر وأن طلاقه لا ينفذ ولا يقع ، وهذا القول أقرب إلى الصواب لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " لا طلاق في إغلاق " .
فإذا كان هذا السائل الذي قال لزوجته في حالة غضب ما يقتصي طلاقها فإن طلاقها لا يقع ما دام لا يملك نفسه حينئذ .
وأما قول السائل لها أحسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً ، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية طلاق مستقبلاً للمحكمة ، فإنه إذا وقع ما رتب الطلاق عليه ، وقع الطلاق ، لأن المشروط تابع للشرط فإذا وجد الشرط وجد المشروط .
وأما إذا كان لا ينوي الشرط ، وإنما نوى أن يطلقها في ذلك اليوم المستقبل فإن له أن يدع الطلاق ، فإذا لم يطلقها فلا حرج عليه ، ولا تطلق زوجته بذلك لأنه يفرق بين من نوى الطلاق ، وبين من جعل الطلاق معلقاً على شرط فمن نوى الطلاق فإنها لا تطلق زوجته إلا بالتلفظ به أو بما يكون في حكمه ، وأما إذا علقه على شرط فإنه متى وجد ذلك الشرط وقع الطلاق إلا أن يكون للطلاق حكم اليمين ، فإن الطلاق لا يقع وتلزمه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن لم يجد ما يحصل به ذلك أو لم يجد المساكين أو الرقبة وجب عليه صيام ثلاثة أيام متتابعة لقوله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " . وإنما اشترط في الصوم التتابع لأن ابن مسعود - رضي الله عنه - قرأها " فصيام ثلاثة أيام متتابعة " .
ويكون للطلاق حكم اليمين إذا قصد بالشرط الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ، على أننا ننصح إخواننا المسلمين بالبعد عن الحلف بالطلاق لقول النبي ، - صلى الله عليه وسلم - ، " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " . ولأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم لا يرون للطلاق المعلق حكم اليمين بأي حال من الأحوال ، ويقولون متى وجد الشرط المعلق عليه الطلاق وقع الطلاق سواء قصد بالشرط يميناً أم شرطاً محضا ، والله المستعان .
الشيخ ابن عثيمين
* * *